المحتوى الرئيسى

باسل رمسيس : اعتذار محمود سعد أو محاسبته

06/01 16:37

ليس هناك جديد لإضافته إلي كل ما يقال حول مسألة استدعاء حسام الحملاوي،و ريم ماجد، وآخرين للنيابة العسكرية . إلا أنني أعتقد أن حلقة ريم ماجد، التي تحدث خلالها حسام الحملاوي عن ممارسات الشرطة العسكرية، لم تكن السبب الوحيد للاستدعاء الذي تحول لجلسة ودية  . هناك سبب إضافي لكل منهما، ومختلف في الحالتين:حسام الحملاوي ليس مجرد مدون، قام بنشر بعض المعلومات والآراء السياسية التي تمس المجلس العسكري. إنما هو أيضا، وبالأساس، ناشط سياسي منذ أعوام. هو واحد من الآلاف الذين هيئوا الطريق لثورة يناير. ينتمي لفئة النشطاء الذين يريدون استكمال ثورتنا، ولا يريدون الاكتفاء بتجميل وجه النظام . من هنا تنبع أهمية تخويفه، وتخويف الآخرين، ممن علي شاكلته.أما عن ريم ماجد، فإن المجلس العسكري وبقايا نظام مبارك لا يسامحونها عن تجاوزها الدائم لخطوطهم الحمراء. لا تكتفي بكونها مذيعة لبرنامج واسع الإنتشار، إنما أيضا شاركت بفاعلية، وبشكل مباشر في معركة إسقاط نظام. تخرج لميدان التحرير، لتشاركنا رصيفه. وحين ينتهي المولد، لا تتنازل عن حلمها، وحلم الملايين، بمجتمع أفضل، وأكثر عدلا. هذه هي الخطوط الحمراء التي تتخطاها ريم ماجد طوال الوقت.لن يتملك الخوف حسام الحملاوي أو ريم ماجد. ولن يتملكنا نحن أيضا. ولم يتم عقابهما عن “جرائمهما” المزعومة. ليس لكرم المجلس العسكري، بل لأن الآلاف منا يمارسون نفس “الجريمة”، ونحن كشعب قادرون علي حمايتهما.لكن، ماذا عن محمود سعد والحوار الذي أجراه علي الهواء مع حسام الحملاوي؟الإعلامي الشهير لا يعرف من هو حسام الحملاوي أصلا، برغم ادعائه بالعكس. يبدأ الحوار معه ناظرا مباشرة للكاميرا، أي ناظرا إلينا كمشاهدين. فهو يتصور أن هذا المدعو حسام الحملاوي هو أحد (العيال الهبلة بتوع الثورة وممكن ناكله ونستخف بيه في دقيقتين). إلا أن الإعلامي يكتشف “الكارثة” سريعا، ليس لحنكته أو ذكائه، بل لتمرسه في كواليس الإعلام المصري خلال سنين طويلة، وهي الكواليس التي لا نعرف عنها الكثير حتي الآن. “الكارثة” التي يكتشفها محمود سعد هي أن حسام الحملاوي ليس من (العيال الهبلة)، بل هو يتحدث جيدا، لديه معلومات، لم يرتعب من مسألة التحقيق معه من قبل النيابة العسكرية، لم يرتبك من حواره مع محمود سعد، والأخطر من كل هذا، هو إحساسه البالغ بالحق والكرامة والثقة. في هذه اللحظة، يبدأ محمود سعد في النظر (للسقف)، لا ينظر للكاميرا، ويفقد قدرته علي مواجهتنا كمشاهدين. بينما يدور في ذهنه تساؤل: (هم جابوللي منين الواد ده).بينما كان حسام الحملاوي، غير المتمرس علي وسائل الإعلام، التي يعرفها جيدا محمود سعد، يجيب بوضوح وبأدب علي أسئلة الإعلامي، وبلغة أكثر رقيا ومنطقية من لغة المحاور، كان هذا المحاور يثير التساؤلات المبتذلة. للدرجة التي جعلتني أتصور في بعض اللحظات، أن الإعلامي قد تلبس شخصية عادل إمام في أسوأ أفلامه . علي سبيل المثال وليس الحصر، يسأل الحملاوي إن كان المقدم الذي اتصل به قال له: (هات ريم ماجد معاك وأنت جاى!!!) يتابع متسائلا عن احتمالية أن يكون التحقيق نابعا من رغبة المجلس العسكري في الحصول علي معلومات ليحقق فيها!!! بينما يكرر حسام الحملاوي، بصبر، حقيقة أن النائب العام – الذي بالمناسبة ينتمي لنفس سلطة العسكر – لديه الكثير من البلاغات، وبالتالي المعلومات. كان المشهد العبثي سيكتمل إن أضاف محمود سعد جملة: (إفرض يا سيدي أن النائب العام مبلغش المجلس العسكري بالبلاغات!!!.)إلا أن النقطة الحساسة تأتي عندما يتحدث حسام الحملاوي عن حقنا جميعا، كشعب، في محاسبة ومساءلة الجيش والقيادة العسكرية. هنا يجن محمود سعد، ويفكر: (دا الواد ده كمان عايز يحاسب الأسياد)، وتبدأ الهستيرية، قائلا: (وقف عندك!!!) هل هناك صحفي أو محاور يقول لضيفه وقف عندك؟ ويواصل الإعلامي الكلام المرسل، وكأنه يتحدث باسم الشعب المصري، بأننا نثق في الجيش ومينفعش نحاسبه، ويضيف مغالطة أن الجيوش وقيادتها لا تتم محاسبتهم في أي مكان.لا يا سيدي الإعلامي، أولا: لم يطالب حسام الحملاوي، ولم يطالب أحد، بأن تتم مساءلة الجيش بمعني (من فين أشتريت الصاروخ ده؟ بخمسة وعشرين قرش؟ طب ليه؟ ماكنت أشتريته من الدكانة اللي علي الناصية، هناك بيبيعوا الاتنين بأربعين قرش وبيدوك واحد هدية فوقيهم!!!.)ثانيا: وهو الكلام الجاد، يا سيدي الإعلامي، الذي يتحدث بثقة من يعرف كل ما يحدث في العالم، في كل الدول الديمقراطية، أو بكلمات أخري: في أي نظام بيحترم نفسه وبيحترم شعبه، تتم محاسبة الجيوش، علي كل التفاصيل، بداية بالميزانية والمصروفات ، وصولا لكل ما يتعلق بسياستها. هذه السياسة والميزانية وطرق صرفها، يحددها البرلمان، ولا تقرر في الغرف المغلقة. ومن حين لآخر يتم استدعاء قادة الجيوش لمسائلتهم علانية في البرلمانات (المحترمة). وأحيانا لتوبيخهم، ونزع الثقة عنهم.هذه هي أحد عناصر الديمقراطية التي لا تعجبكم. فتبعا لمحمود سعد الجنرالات هم الأسياد، الذين لا يحاسبون. من المتاح فقط أن (ناخد وندي معاهم في السياسة) مثلما قال.الحوار تحول إلي تحقيق أو ابتزاز، ما بين محقق ومتهم. المحقق (محمود سعد) يحاول إجبار المتهم (حسام الحملاوي) علي التراجع. حين يفشل، ينهي المكالمة بطريقة أقل ما يقال عنها هي افتقادها للياقة. ملقيا في سلة القمامة كل الادعاءات الفارغة عن الديمقراطية، بجملته التي ستدخل تاريخ الإعلام المصري: (وجهة نظرك تقولها عالفيس بووك بتاعك، مش هنا!!!) ليكتمل المشهد السيريالي، ألم تتصلوا أنتم بحسام الحملاوي لحواره؟ هل عليه أن يكون جبانا فيقول كلامكم أو يصمت؟يتم إنهاء المكالمة، إعدام المتهم، وينظر إلينا محمود سعد، باحثا عن فريسة جديدة بيننا، يوبخنا، ويهيننا مرة أخري، بابتسامة لن أصفها، كي لا أقع تحت طائلة القانون.ليست المرة الأولي التي يهين محمود سعد وأمثاله الشعب المصري، ويستخفون بعقولنا. هو مارس هذه الجريمة كثيرا. أذكر له إهانتنا، وإهانة دماء المصريين، حين ذهب بعد ساعات قليلة من تفجير كنيسة القديسين، ليقدم برنامجه المسائي من أمام الكنيسة. في شارع تم تنظيفه من دماء الضحايا. مرتديا هو وضيوفه الثياب غالية الثمن، جالسين علي أنتريه أبيض فاخر، مانحين مبارك ورجاله صك البراءة.كرامة المصريين واحترامهم هي الخط الأحمر الوحيد. بالتالي فالاعتذار واجب، علي إهانة الإعلامي لكرامتنا وعقولنا. ليس فقط اعتذاره لحسام الحملاوي، بل للشعب المصري كاملا. إن لم يعتذر، فهو يستحق المحاكمة، لإهانته واستخفافه بشعب قام بثورة، أسقط نظاما، وهو مصدر كل السلطات.هذه المحاكمة ينبغي أن تكون أمام القاضى الطبيعي، لكل مواطن يهين ويزيف وعي هذا الشعب. سواء كانت الإهانة تأتي من إعلامي مثل محمود سعد، أو أتت من الجنرال الذي يدعي أن  نتائج الاستفتاء كانت “نعم” لحكم العسكر . حسب معلوماتي، في هذه الحالة الأخيرة، القاضي الطبيعي هو القضاء العسكري. لكننا كرماء، ونري بأن الصلح خير، ولا نريد الوصول للقضاء. لذلك نكررها مرة أخري: فرص الخروج الآمن من السلطة، سواء كانت لقيادات العسكر أو لقيادات الإعلام المباركي تتضاءل، لماذا لا تنتهزون هذه الفرص الآن قبل ضياعها؟. مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل