المحتوى الرئيسى

مصر فى دائرة السولار الجهنمية (3-3) .. النقل الثقيل برىء من ارتفاع الأسعار

06/01 14:38

غادة علي وسامية صفان -  تصوير: أحمد عبد اللطيف Share var addthis_pub = "mohamedtanna"; اطبع الصفحة var addthis_localize = { share_caption: "شارك", email_caption: "أرسل إلى صديق", email: "أرسل إلى صديق", favorites: "المفضلة", more: "المزيد..." }; var addthis_options = 'email, favorites, digg, delicious, google, facebook, myspace, live';  ضربت أزمة السولار كل قطاعات الإنتاج فى مصر، وكان قطاع النقل الثقيل هو المؤشر لتوابع الأزمة: وصل الركود فى القطاع إلى 50% فى بعض الأحيان، ووصلت خسائره إلى نحو 20 مليون جنيه خلال الأزمة.مصادر فى جمعية النقل البرى قالت إن النقل الثقيل كان أحد ضحايا الأزمة، لكنه لا يساهم فى إشعال أزمة الأسعار، التالية لأزمة السولار.«الشروق» تواصل فى الحلقة الثالثة من هذا التحقيق الميدانى رصد ما فعلته أزمة السولار فى أسواق مصر ومجالاتها الاقتصادية المختلفة.مدينة 6 أكتوبر .. خناقات السائقين من أجل (جركن جاز)أزمة السولار الأخيرة، التى بدأت فى منتصف شهر مايو وامتدت ما يقرب من أسبوعين، كعادتها الموسمية، تسببت فى حالة زحام غير عادية وشلل مرورى تام فى كل شوارع 6 أكتوبر التى توجد بها محطات بنزين السولار خاصة على طرق السفر. جلس السائق محمد فريد، بجوار سيارته النقل المحملة بالطوب الأحمر، مستندا إلى عجلتها العملاقة، ليحتمى من الشمس الحارقة بميدان الحصرى بمدينة 6 أكتوبر. «أنا عارف أنهم عاملين الحوار ده كله علشان الناس تتلهى وما تفكرش فى السياسة». قالها محمد السائق، 25 عاما، بيأس مع رشفة من كوب الشاى. محمد متخصص فى نقل الطوب الأحمر من المصانع بأسيوط، بعد أن يحصل على الحمولة من المصنع التى يصل سعرها إلى 1300 جنيه، يذهب ليقف بميدان الحصرى، وينتظر الزبائن لبيع الحمولة، التى تحتوى على 7 آلاف طوبة.«ساعات ربنا بيكرم بزبون عايز كام طوبة بس كل فين وفين»، محمد وقف فى الميدان حوالى 7 أيام، ولم يبع من الحمولة الأخيرة غير 12 طوبة فقط، ويتذكر أنه قبل الثورة كان «ممكن أبيع الحمولة كلها فى نفس اليوم».على بعد 100 متر، من موقف سيارات الطوب الأحمر المتراصة بميدان الحصرى، توجد محطة البنزين، ويظل السائقون فى انتظار زبائنهم أو وصول السولار إلى المحطة. نشاط سوق العقارات بمدينة 6 أكتوبر سببه أن بعض أحياء المدينة ما زالت تحت الإنشاء، لكن بعد الثورة توقفت عجلات النقل، التى تتاجر فى الطوب الأحمر الخاص بالبنى.يترجمها محمد بأن الحالة نايمة وكل واحد معاه قرشين خايف عليهم لأننا مش عارفين البلد رايحة فين.لحظات الحديث مع محمد لم تطل أكثر من دقيقتين، قبل أن يتجمع عشرات من سائقى العربات النقل المتوقفة فى بجانب الرصيف ومحملة بالطوب الأحمر.وعلت الأصوات الجميع يشكو»: مين المسئول، مش لاقين حد نشتكى له، وتعجب عادل حظ سائق من تكرار أزمة السولار سنويا فى هذا الموعد، «خلاص احنا اتعودنا على موسم وقف الحال دا كل سنة».الموقف الذى يعمل به نحو 200 سائق، طبقا لتقديرهم كان أكثر نشاطا فى حركة البيع قبل الثورة، لكن أزمة السولار تنذر بخطر أكبر اسمه بالنسبة لهم «أنا حالى واقف ومش عارف اتحرك».بخطوات مسرعة اقترب سيد سائق آخر للتجمع الكبير، «حضرتك جيتى فى وقتك كنت لسه بتخانق مع ابنى عمى على جركن جاز».سيد رفض إعطاء ابن عمه، جركن الجاز الاحتياطى الذى وقف فى محطة البنزين ما يقرب من 5 ساعات حتى حصل عليه، «يعنى هو راح نام فى وسط عياله، وجاى ياخد الجركن اللى انا شقيت علشانه».توجد أسباب عديدة لتلك الأزمة فى نقاش السائقين قال محمد إنه سمع فى التليفزيون وقرأ بعضها فى الجرائد، أهمها موسم حصاد القمح وزراعة الأرز، «وطبعا الماكينات ومعدات الحصاد والرى تحتاج جاز ولازم يكون فى سوق سوداء علشان يستفادوا من بيع كميات أكبر بأسعار أعلى».لحظة وصول السولار لمحطة البنزين تعنى «كل واحد ياخد الجركن بتاعه ويقف فى الطابور»، وتبدأ المعارك والاشتباكات.سعيد السائق قال إنه «بالعافية باخد 50 لترا للعربية والمفروض أن التانك بياخد 100 لتر».لكن سائقا آخر قاطعه، وقال «ممكن تاخد 50 لترا تانين لو غمزت العامل بـ20 جنيها».مرت سيارة ميكروباص بجوار تجمع السائقين، وهتف سعيد وهو يشير أربعة جراكن مربوطة بحبل على سقف السيارة، «السواقين بقوا داخلين سباق على جركن جاز وبيجمعوا جراكن كتير، يعنى ممكن يوقف جماعة قرايبه بالجراكن علشان ياخد احتياطى يروحوا من وقفة البنزينة يومين».مشكلة الاختفاء السنوى للسولار فى رأى سعيد الذى يعيش فى منطقة 15 مايو، إن أخلاق الناس فى عصر مبارك انعدمت «وجارك لو شافك قرش هياخدك، وطبعا بعد الثورة الناس مش عارفة تنضف».وتابع سعيد فى عصبية: «بس كل واحد بيقول الثورة هى السبب لازم يعرف أن أزمة الجاز من زمان لكن هما عايزين يعلقوا أى أخطاء على شماعة الثورة».أحد السائقين قال إن أزمة السولار «لو استمرت أكتر من كده ممكن البلد تخرب، لأن الأسعار هتغلى، ومصنع الطوب هيغلى عليا وأنا هغلى على الزبائن ومش هلاقى حد يشترى منى».نظر محمد فريد للسائقين المتجمعين، وقال إن الحكومة «لازم تكون مجهزة نفسها للأزمة مش كل سنة يقولوا نفس الكلام وتفضل الأزمة موجودة».تصريحات وزير البترول خلال الأزمة لم تختلف عن نظيره الأعوام الماضية، حيث أعلن المهندس عبدالله غراب، وزير البترول، فى بداية الأزمة يوم 18 مايو أن الأزمة ستنتهى خلال يومين، واستمرت ما يقرب من أسبوعين. وفى يوم 10 مارس من العام الماضى، قال وزير البترول السابق سامح فهمى إن أزمة السولار ستنتهى وتعود الأوضاع إلى طبيعتها خلال الساعات الثمانى والأربعين المقبلة.وفى اندهاش قلب سعيد حاجبيه، وقال: «يعنى الحكومة بجلالة قدرها مش عارفة تلاقى المتسبب فى أزمة السولار، ومال هما قاعدين بيعملوا ايه، واحنا عملنا الثورة ليه؟».نقل الركاب .. الميكروباص فى السوق السوداءيحصل كل سائق بالكاد على 20 لترا بأكثر من ثمنها، ويعود سعيدا، وهو يعرف جيدا أنها مخلوطة بالمياه.بين الأبراج العالية فى كفر طهرمس، تنتشر المراكز الصغيرة لبيع البنزين.أمام أحد الأبراج، يقف الشاب الصغير، أمامه «أكثر من برميل» يعرض البضاعة التى حصلوا عليها من صاحب المحطة.«والله ما عندنا سولار»رد البائع على إلحاح سائق ميكروباص قديم، يعمل فى كفر طهرمس التابعة لمنطقة فيصل.يحكى صاحب «الميكروباص» عن جولة 4 ساعات للحصول على البنزين، ويكرر السؤال عن السولار مضيفا، «وبالثمن اللى انت عاوزه». السوق السوداء، دائما هى المصدر الأساسى لصاحب السيارة التى لا تحمل ترخيصا، «لكن اليومين دول مش لاقى عندهم»، كما يحكى السائق للبايع بحذر وبعد وصف قصير من السائق لرحلة المعاناة فى البحث والنتائج المترتبة على وقوف السيارة.بحذر يخبره التاجر عن مكان مضمون للحصول على «الجاز».يدير السائق العربة، يتأرجح فى الشوارع غير الممهدة، يصل إلى تقاطع شارع المطبعة فيصل مع طريق المنشية.صف مزدوج من «جراكن» البنزين والسولار، يخترق وسط الطريق، على بعد مترين تفترش سيدة الأرض، بملابسها السوداء، ويجلس خمسة شباب فى دائرة.يتذكر السائق كلام التاجر، «امبارح كانت خناقة بالسنج، تأخذ الكمية اللى يدوهالك، وبالسعر اللى عاوزينه من غير كلام». ينزل السائق، يحصل على 20 لترا بسعر 30 جنيها، «عارف إن نصفهم مياه»، ينطلق لموقف كفر طهرمس حيث توقفت خمس عربات عن العمل فى خامس يوم الأزمة.النقل الثقيل .. محطات الطريق الصحراوىانقطاع السولار يعنى أن 60 ألف عربة نقل ثقيل، تنقل 500 مليون طن من البضائع سنويا، ستتوقف عن نقل البضائع فى المحافظات، مما يفتح سوقا سوداء فى كل البضائع.«فى اليوم الثانى عشر لأزمة السولار، اعتقدت أنها اتحلت بنسبة 80%».أحمد الزينى، عضو مجلس إدارة جمعية النقل البرى، ورئيس الجمعية التعاونية لنقل البضائع فى دمياط، يقول إن الشاحنات المتوقفة فى أنحاء الجمهورية بدأت فى التحرك منذ يوم الثلاثاء الماضى. مجرد تصور توقف حركة أسطول النقل الثقيل بسبب أزمة السولار، يعنى بالنسبة للزينى بسبب أزمة السولار، «انهيار جزئى لا بأس به من أمن الاقتصاد القومى المصرى».الزينى يمتلك أسطولا من شاحنات النقل الثقيل، مع بداية الأزمة السابقة ولمدة أربعة أيام كاملة، كان بعض أسطول متوقف فى الفرافرة، والبعض فى الطريق بين المنصورة ودمياط، والآخر فى الإسماعيلية، وتتنوع البضائع التى تحملها العربات بين مواد بناء وقمح وغيرها.بالمصادفة وأثناء سفر الزينى إلى الإسماعيلية اكتشف حلا للخروج من أزمة السولار، «لقيت محطات التموين على الطرق الصحراوى مش زحمة أوى، لا توجد طوابير الجراكن». أعطى الزينى الأوامر لأسطول السيارات الراكدة عنده، أن تسافر إلى محطات الوقود على الطرق الصحراوية البعيدة عن التجمعات السكنية، تحصل على «الجاز»، وتنقذ به الشاحنات المتوقفة فى أقرب مكان. خسائر الزينى والقطاع تشمل رأس مال متوقفا عن العمل، ورواتب للعمال بدون عمل، وعربات مخصوصة تدور على محطات البنزين، واحتمالات سرقة البضائع من الشاحنات.«خسائر قطاع النقل الثقيل لا تقل عن 20 مليون جنيه خلال أزمة الجاز».أحمد الزينى، عضو مجلس إدارة جمعية النقل البرى، ورئيس الجمعية التعاونية لنقل البضائع فى دمياط، يقدر خسائر قطاع النقل الثقيل، ثانى أكبر قطاع بعد المصانع، استهلاكا للسولار.الزينى يقول إن نسبة الخسارة السابقة «قليلة بالنسبة لما كان متوقعا»، ويضع سببين لذلك، الأول هو حالة الركود فى حركة البضائع داخل المحافظات. القطاع هذه الأيام يعانى حالة ركود تصل إلى 50% فى بعض الأحيان.يشرح الزينى أن حركة نقل البضائع بين المحافظات قليلة، هو نفسه يملك أسطولا من عربات النقل، يقف نصفه فارغا، والنصف الآخر كان يقف على الطرقات السريعة بين المحافظات لمدة 4 أيام متواصلة مع بداية أزمة السولار.أما السبب الثانى فى تقليل الخسارة، فهو ضعف حركة الواردات إلى مصر، الزينى اتصل بأصحابه فى ميناء دمياط للسؤال عن حركة الشحن والتفريغ فى الميناء. «لا توجد شحنات محجوزة فى الميناء»، كما جاوبه المسئولون فى الميناء، يقول الزينى إن غرامة التأخير فى تفريغ الشحنة، «تبدأ من 4 آلاف دولار لليوم الواحد وقد تصل إلى 40 ألف دولار»، على حسب شروط التعاقد.سوق الأسمنت .. التجار يجلسون على المقاهى الليليةخلال أزمة السولار الأخيرة، يعمل أسطول نقل الأسمنت بنصف الطاقة تقريبا، ويرفض السائقون المشاوير البعيدة خارج القاهرة، لتوفير الطاقة.مرت أزمة السولار بخسارة على الحاج محمد أبو عيطة، صاحب توكيل الشركة القومية للأسمنت، حتى أنه رفض أن يحسب نسبة الخسارة، «يلا بجملة اللى الخساير السنة دى».بداية الخسائر كانت طفيفة قبل الثورة، «السوق كان نايم والحالة مش ولابد بس ما كنتش عارف ليه»، أبوعيطة لم يجد تفسيرا منطقيا ولكنه وقتها توقع فرج قريب، واعتبرها أزمة من بين عشرات الأزمات اعتاد عليها فى عمله بالأسمنت منذ ورث المهنة «أبا عن جد» فى الثمانينيات. «الثورة قامت والشغلانة نامت»، أبوعيطة الذى يعمل فى الشركة مع أخواته وأبناء عمومته، لديهم ثمانى سيارات نقل ثقيل، تنقل الأسمنت من الشركة بحلوان، إلى التجار والمقاولين. وعلى الرغم من أنه توقف تماما وقت الثورة عن البيع، ووضع العربات فى جراج شركته بالبدرشين، لكن «مش زعلان لأن الحال دا كان على الكل».والحزن الحقيقى كان يوم الاستفتاء على الدستور 20 مارس الماضى، عندما تلقى خبر وفاة أحد أبناء عمومته، فى اشتباكات مع مجموعة من البلطجية فى منطقة التبين، بحلوان. «إخواتى وابن عمى كانوا رايحين يدفعوا فلوس فى الشركة»، كانت الساعة التاسعة صباحا، واستطاع مجموعة من البلطجية اعتراض طريقهم، وسرقوا منهم 52 ألف جنيه، وقتلوا ابن عم الحاج أبوعيطة.«الشعب اتعود يصرف أموره فى الأزمات»، أبوعيطة يتذكر جلسات المقهى الليلية مع تجار آخرين فى السوق، «كل واحد يقول حل علشان نمشى أمورنا».خلال أزمة السولار الأخيرة، قام أبوعيطة بالعمل بنصف طاقة النقل الخاصة به 4 سيارات فقط، لتوفير الجاز، «على قد لحافك مد رجليك».خطة أبوعيطة فى طابو السولار، كانت مختلفة، ولأنه صاحب أسطول سيارات، اختار أكبر سيارتين سعة خزان الوقود للواحدة ألف لتر.«احجز بيهم مكان فى الطابور»، ولأن شركة أبوعيطة متعاقدة مع محطة الوقود، كان يحصل على الكمية كلها، «من غير ما أدفع مليم زيادة».مع عودة السيارتين من محطة البنزين، يتم تفريغ الجاز، فى جراكن، وتقسيمهما على أربع سيارات، «ولو مش محتاج أركنهما فى الجراج علشان يبقى عندى احتياطى». بعض الخسارة فى أزمة السولار تمثلت فى رفض أبوعيطة وشركاه، «المشاوير البعيدة»، وفضلت إدارة الشركة، العمل داخل القاهرة، «يعنى أكبر مشوار 150 كيلو»، خوفا من نفاد السولار على طريق سريع، «ما كنتش ناقصة مخلفات كمان».حمولة السيارة الواحدة 50 طنا من الأسمنت، سعرها من الشركة طبقا لأبوعيطة 500 جنيه، لكن وقت الثورة بسبب الطلب الزائد على الأسمنت، «كل الناس كانت بتبنى بسرعة علشان ما فيش حكومة ومش بيطلعوا تراخيص»، وصل سعر الطن 700 جنيه.ولا يقلق أبوعيطة من ارتفاع أسعار الأسمنت بسبب قلة السولار، لأن مصانع الأسمنت تعمل بالغاز الطبيعى، «وأنا عمرى ما أغلى على الزبون، علشان مش لاقى جاز، ومش هبيع بذمتين».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل