المحتوى الرئيسى

لفحة انتقام تشوب ربيع العرب

06/01 08:34

بقلم: دافيد إجناشيوس 1 يونيو 2011 08:18:18 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; لفحة انتقام تشوب ربيع العرب «يبدو الانتقام فى البداية حلوا، لكنه يجر المر طويلا على صاحبه».. تمتد هذه الحكمة التى يعكسها هذا البيت من قصيدة جون ميلتون «الفردوس المفقود» فى العديد من الاتجاهات. ولكن لنتأمل سياق الربيع العربى والتحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية. حيث يمكن أن تنحرف الثورات عن مسارها لأسباب عديدة. لكن التاريخ يوضح أن الرغبة فى تصفية الحسابات مع النظام المخلوع، من أخطر الأخطاء، وإن كان يمكن تفهمها أيضا. وقد هبت فى جو مصر مؤخرا هذه اللفحة من الانتقام، وهى تمثل خطرا على ثورة التحرير وغيرها من الحركات التى تحاكيها.•••وفى الأسبوع الماضى، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المجلس العسكرى الانتقالى يعتزم محاكمة المخلوع حسنى مبارك بتهمة التآمر لقتل المتظاهرين العزل. وربما تعنى الإدانة عقوبة الإعدام. ويعتزم النظام الجديد أيضا محاكمة مبارك وولديه، مع مجموعة من رجال الأعمال المقربين لهم، بتهم الفساد. وقد أثار هذا الحماس للمحاكمات خوف الأنظمة العربية المحافظة مثل السعودية، التى حذرت من أنها لن تقدم مساعدة اقتصادية لمصر، إذا تعرض مبارك للإهانة. ولكن الخطر الأكبر أن يبتعد المستثمرون الأجانب والمصريون إذا ظنوا أن ممارسة النشاط فى مصر ربما يعرضهم لمخاطر قانونية.وكان السيناتور جون كيرى محقا عندما قال الأسبوع الماضى، أمام جمع من أمناء مركز وودرو ويلسون الدولى للباحثين، إن الهجوم القانونى على مبارك سيكون «خطأ هائلا». وأضاف أن التكلفة الأكبر يتمثل فى تقويض إستراتيجية الابتكار الاقتصادى، والاستثمار، وروح المبادرة، وهذا أهم ما غاب عن خطاب الرئيس أوباما عن الشرق الأوسط.•••والأمر المطلوب فى مصر وغيرها من البلدان العربية التى عانت من الديكتاتورية، هو الإحساس بأن القانون سوف يسود، مع ضمانات ضد المحاكمات الانتقامية. وهذا الإطار القانونى الواقى يماثل فى أهميته الديمقراطية نفسها، التى يمكن كما حذر الكساندر هاميلتون وغيره من المؤسسين الأمريكيين قبل أكثر من مائتى عام، أن تصبح إرادة الغوغاء المستبدة. وعند زياراتى لمصر منذ ثورة التحرير، أذهلنى تزايد الاستقطاب بين المسيحيين والمسلمين، والمشاعر الانتقامية ضد أسرة مبارك وأصدقائه. صحيح أنه من الجميل أن ترى المصريين يصطفون أمام أكشاك الصحف (لشراء صحف حقيقية، وليس أكاذيب رسمية معلبة)، غير أن أصدقائى فى القاهرة يقولون إنها تحمل عناوين كثيرة مضمون رسالتها «اقطعوا رءوسهم»!.وهناك فارق بين المساءلة عن جرائم الماضى، وهو أمر صحى، وروح الانتقام هى ليست كذلك. وقد سعت جنوب أفريقيا لتحقيق هذا التوازن من خلال «لجنة الحقيقة والمصالحة» التى أدانت التمييز العنصرى، لكنها حاولت أيضا طمأنة البيض إلى أن لديهم مستقبلا فى ديمقراطية متعددة الأعراق. وتسعى رواندا لصياغة عملية مماثلة تصالح الهوتو الذين اقترفوا الإبادة الجماعية عام 1994 مع الضحايا التوتسى (الذين يحكمون البلاد الآن).ولم تحقق أى من جنوب أفريقيا أو رواندا نجاحا كاملا. ولكن كليهما أسست قواعد قانونية للعدالة كانت المصالحة هدفها الواضح، وهى تدقق فى دوافع الانتقام.ويمكن أن يصبح لعدم طرح مثل هذا الإطار عواقب كارثية. فالثورة الفرنسية عام 1789 ألهبتها «لجنة السلامة العامة» وممارستها للتطهير الوطنى عبر المقصلة؛ والثورة الإيرانية عام 1979 تلاعب بها المتعصبون الذين بدأوا منذ الشهور الأولى فى التخلص من أولئك الذين اعتبروا ولاءهم غير كاف لآية الله الخومينى.•••ويمثل إيجاد سبيل للمصالحة ما بعد الثورة أهمية خاصة فى الشرق الأوسط، التى تتألف دولها من عناصر من أديان وقبائل وعشائر مختلفة. وما لم يتم تعزيز روح شاملة من «الحقيقة والمصالحة»، سوف تتمزق هذه الدول إلى ولاءات ما قبل العصر الحديث، كما حدث فى العراق بعد صدام حسين.وهذه العملية الانتقالية تتسم بالهشاشة على نحو خاص فى سوريا، حيث يتراكم الثأر بين الأقلية العلوية الحاكمة والغالبية السنية منذ السبعينيات. ويعمل التوتر الإقليمى بين شيعة إيران وسنة السعودية على زيادة حدة هذا التشظى الدينى.وكمثال على الطريقة التى تؤدى بها النزاعات الدموية فى الماضى إلى تسميم الحاضر، علينا أن نتأمل على نحو أكبر الخلاف الإسرائيلى الفلسطينى. حيث يظهر من اطروحات كل من الجانبين أنهما لا يستطيعان كتابة الوثيقة المشتركة لاتفاقية سلام. ويمكنهم أيضا استخدام قليل من الحقيقة والمصالحة أيضا.وبينما يمضى الربيع العربى فى طريقه إلى الأمام، على الثوار الجدد بناء مسارات لمستقبل مستقر ومتسامح، حتى وهم يتخذون موقفا ملائما مع الماضى. ومن دون ذلك «سيكون هناك دم» كما يقول عنوان الفيلم. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل