المحتوى الرئيسى

التغيير... نحو المجهول!

06/01 00:14

علي الطراح هل لنا أن نفسر ما يحدث في المنطقة العربية؟ وهل لنا أن نشرح النظريات لنعرف كيف حدث ما حدث؟ وهل ما جرى في بعض الدول العربية يختلف عما حدث في الخمسينيات خلال "عصر التحرر من الاستعمار"؟ مازلنا نقف حائرين في تقييمنا لعمق التغير ومداه، لأن ما يحدث لم يكن له مسوغات على أساسها نحلل، فالحدث أبهر بعضنا فسارع للقول إنها انتفاضة الشباب أو "الفيس بوك" وإنه "الشباب يفرض إرادته"... فهل الشباب هو من يقود التغير فعلاً أم أن بلدان الاحتجاجات تسير نحو المجهول؟ التغيير سنّة الحياة، لكن الحدث الذي نعيشه اليوم هو عاصفة فاجأت الجميع، في الداخل والخارج، حتى قال البعض: إنه الشرق الأوسط الجديد، كما قال بعض آخر: إنه الربيع العربي الذي طال انتظاره! والمؤكد أن الكل يدعو للإصلاح والتطور، وأننا جميعاً نحب أن نرى الإنسان العربي في وضع أفضل، وأن ندفع بقيم الإنسانية القائمة على العدالة والمساواة وحكم القانون، كما ندعو لدولة المواطنة والمؤسسات... لكن هل ما يحدث هو التغير المنشود؟ عندما فرحنا بالنصر لخلاصنا من الاستعمار، قلنا: نحن نسير نحو التقدم، لكن الشعارات كانت براقة وسارقة لأحلامنا، فانكسرنا في هزيمة 1967، وشعرنا بمرارة الهزيمة، وجاءت حكومات تحمل في طياتها الاستبداد، فقلنا: كم ضاع من عمرنا ونحن نحلم بالتغيير، لكون الإحباط ولد معنا وهرمنا، حيث عجز الجيل الذي قاد الحرب ضد المستعمر عن تحقيق أحلامنا بل تحطمت مقدرات أوطاننا وانتشر الاستبداد وسالت الدماء، ومات خلال الحرب الأهلية اللبنانية وحدها ضعف من قتلوا في حروبنا مع إسرائيل. وتوالت النكسات، ودخل الخوف في النفوس وقتل فينا روح الحياة وسئمنا فقلنا: عالم العرب مُستثنى من التغيير وقلنا هذا هو مصيرنا، فلعلنا نخسر دنيانا لنكسب آخرتنا! هكذا علمونا في مدارسنا أن نكره الحياة وننتظر الموت لنعيش الحياة من جديد. فإذا ما تخلصنا من استبداد دخل علينا غيره، فالثوب القومي الذي نثر أحلامه الوردية وسرق منا سنوات عمرنا نستبدله بسلطة الدين، وياليته كان الدين السمح الذي عرفناه، بل تشدد يظهر لنا بأنيابه في حركة جهيمان العتيبي، أو يسافر بنا إلى برج التجارة العالمي على يدي بن لادن والظواهري، وقبلهما من قتلوا السادات، ومن سبقوهم إلى إسقاط الشاه! واليوم يحلم الشباب العربي بالتغيير فيقوده ويحتضنه خوفاً عليه من أن يسرقه من تعودوا لعبة القفز وشطارة الفهلوة. لكننا لا نعرف إلى أين تسير مصر وماذا ينتظرها! ولا نعرف من هو البديل لبشار الأسد! ولا نعرف إذا ما كان اليمن سيدخل حرباً أهلية مدمرة... وهكذا نعيش الضياع ونمني أنفسنا بحلم الحرية الذي طال انتظاره. ليس فينا من لا يريد أن يحيى حياة آدمية تحفظ للإنسان قيمته، لكن بعيداً من الخوف وإمكانية الانزلاق نحو الهاوية... فأحداث البحرين حملت معها رياحاً تنذر بإدخالنا في متاهات الطائفية، ونحن في الكويت نمارسها في ظل الديمقراطية، ونعلن الرغبة في التغيير الذي يضمن الكرامة ويحفظ الحق ويقيم العدل، في ظل دولة المؤسسات وليس دولة الطوائف والقبائل. أمامنا متغيرات سريعة وعلينا مواجهتها بحكمة. ولعل دول الخليج العربية تختار الصواب لكونها دول متقاربة في سياساتها، ولعلنا نعيد بناء مجلس التعاون وفق رؤية جديدة تمكننا من تحقيق طموحات شعوبنا. نقلا عن (الاتحاد) الإماراتية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل