المحتوى الرئيسى

أفول السيادات ومنطق التقسيم المحتمل

05/31 13:07

صباح ناهي من المسؤول عن الخراب الحالي في العلاقات الدولية؟ من يتحمل كل هذا القتل اليومي لآلاف البشر بالرصاص حينا، والتجويع أحيانا، والتهجير والاستلاب والملاحقة في أكثر الاحيان؟ ومن وراء الغزو والمداهمة لسيادات الدول وتحويل المنظمات الدولية إلى واجهات وعصي غليظة تستخدم لتنفيذ السياسات الكونية والاستراتيجيات الدولية؟ وكيف يفسر الفلاسفة والخبراء والمثقفون ورجال السياسة والقانون الدولي هذا الخراب الدولي لكيانات العالم القديم، والرفاه الفاحش للعالم الجديد، والغرب المترف حد التخمة والشرق المأزوم حد استخدام الجيوش الوطنية للدفاع عن السلطة والبقاء في الحكم؟ ألا تشطب الأنظمة و يعتقل الرؤساء ويعلقون على المشانق، وتقسم الدول بلا رحمة وتتجرأ أقليات على أخذ الإتاوات من الأغلبيات المقموعة والمتورطة بمشاريع طائفية حينا وإثنية أحيانا، وتجزأ الدول والكيانات إلى ما لانهاية من التصنيفات والتجنيسات والتشظي، وتصبح أنظمة الحكم والمناهج والديانات من اختصاصات السلطة الناعمة المسلطة على بعض الشعوب دون سواها، المسماة بـ( المجتمع الدولي) الذي ينظر لمشاكل وأزمات العالم من زوايا مصالح الدول الكبرى والعظمى، وفرض إرادتها وتسخير المنظمات الدولية صغيرة ومتوسطة وكبيرة مع اللوبيات والكارتلات والاحتكارات التي تنظر للعالم كرقع شطرنج يمكن التلاعب بها أينما تشاء وحيث تشاء، من أجل مصالحها وأجندتها، وفق أهداف تتوافق مع صفقة يحددها هذا اللوبي أو ذاك. بل ماهي إلا أراض لموارد أولية تخدم عجلة الصناعات الحربية والتحويلية كما هو حال النفط الذي يعاد إلينا كمنتوجات بتروكيماوية وبأسعار مضاعفة. إنها مصالح واستراتيجيات كبرى تلعب بمقدرات العالم وتتحكم بجوعه أوشبعه أو تخمته أو جبروته أو نزع عضلاته أو منحه دورا أونزعه منه أو وضعه شرطيا حينا أو إحالته على التقاعد و(تفنيشه) متى تشاء إرادة الاحتكار أو اللوبي أو الكارتل الدولي دون أي اعتبار للسيادة أو الخصوصية أو القواعد الدولية أو الأعراف والخبرة الدولية التي خلصت إلى سياقات ينبغي احترامها، أو اعتبارها عند اتخاذ القرارات في التعامل الدولي. هل هذه الفوضى والتشابك والاستجابات والتحولات الكبرى وغيرها مقننة أو مخطط لها؟ ومن المخطط الماهر لهذه الفوضى في العلاقات الدولية؟ التي وصلت مرحلة التدخل السافر بمصالح وحياة الشعوب إلى حد المطالبة برحيلها أو بقائها أو تعديل مناهجها أو اتساقها مع هذا الطرف أو ذاك، وكأن سيادات الدول إدارات صغيرة في إدارة دولية كبيرة تأتمر بأمرها وتستجيب لها صاغرة كما يريد الغرب. والتساؤل الأهم لماذا تحدث هذه الأمور في عالمنا العربي دون غيره، وإذا كان التفسير وجود الدكتاتوريات فهناك عشرات الدكتاتوريات في آسيا وأمريكا اللاتينية وفي أوربا الشرقية وهي أكثر قسوة ونهبا من حالاتنا التي باتت معروفة ومكشوفة ولاتحتاج لمن يتحدث عنها أو يدافع عليها، حيث أدركت شعوبنا العربية ضرورات تغيرها مع الإبقاء على الكيان والوجود الوطني التاريخي لها، المُعرض إلى تحدي كارثي يعم الجميع وليس الحاكم فقط. أيا كان الأمر فإن هذا نتاج تجربة إنسانية لملايين، لاسيما أن بعض المدن والدول دول قومية حقيقية فيها ذاكرة الشعوب وبواكير الحضارات كمصر والعراق والسعودية واليمن وإيران وتركيا وسواها، حيث مهبط الانبياء والرسالات والحضارات التي لم تغرب عنها الشمس وعواصم العالم القديم وقبلة ملايين البشر ومركز العالم الروحي للبشرية وفيها تعلمت البشرية الكتابة وصنعت العجلة وسنت القوانين، وأنا مدرك أن الكثيرين سيسألون معترضين أو ناقمين وما بعد؟! إنها كيانات وتجارب ينبغي أن يحترمها العالم ويمنحها فرص النمو والتطور والتفاعل، لأن بعضها نهضت للتو من كبوة الاستعمار والاحتلال وشرعت بأخذ دور حضاري معتمدة على مواردها الذاتية وجهود أبنائها الذين يواصلون الليل بالنهار في التعلم والتحضر، لكنها أيضا مسؤولة عن التفاعل الإيجابي مع تلك الماكنة الرهيبة القادمة التي تسحق كل شيء وتبلط الأخضر واليابس دون رحمة، وأن نخوض حوارا معها على كل الجبهات. أن نمنحها ما تريد ونأخذ منها ما نريد نحن، نحتاج إليها شئنا أم أبينا وعلى وفق مصالحنا ومصالحهم فهم لاثوابت لهم في السياسة التي يعرفونها (فن الممكن) أو (لاتوجد عداوات دائمة او صداقات دائمة) وهم الذين درسونا (أن أصدقاء اليوم أعداء الغد)، أوعلى وفق نظرية خذ وطالب، والعمل بدأب على منع تسرب الروائح القذرة التي تزكم الأنوف التي تحدث عنها الرئيس التركي عند لقائنا به مع نخبة من الصحفيين العرب الشهر الماضي، حين أكد أنه نبه بإخلاص وحرص بعض الحكام العرب، وقال لهم أوقفوا الروائح المتسربة من بلدانكم دون جدوى إلى أن انفجرت تلك الروائح واقتتلت في الشوارع معطية فرصة لاتفوت للغرب بضربها في مناطق القلب، وأخذت تنُصب اتباعا جددا لها يوفرون أدوات جديدة ويهيؤون لسايكس بيكو جديد قطعا لآيات هذه المرة وفق إرادة أوربا الاستعمارية العظمى وإن كان لها دور في التخطيط والتنفيذ بل من العم سام الذي يفُصل العالم برؤية أخرى تماما يمكن التعامل معه من منطق معرفي آخر، لأنه لايصلح كاستعمار كولنيالي بل اقتصادي ثقافي معرفي قادم إلينا كسحابة ثقيلة، لكنها تنقشع حين نعرف تخطيها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل