المحتوى الرئيسى

شكوك تونسية بقروض ووصفات البنك الدولي للنهوض بالاقتصاد

05/31 09:49

تونس – منذر بالضيافي تصاعدت في تونس التحركات الاحتجاجية الرافضة للاقتراض الأجنبي، خاصة من المؤسسات المالية الدولية، وتحديدا البنك الدولي، الذي زار مديره روبرت زوليك منذ أيام البلاد، وأعرب عن "دعم البنك لثورة تونس". وتعهد البنك الدولي بتقديم قروض لمصر وتونس بقيمة 6 مليارات دولار، في خطوة ظاهرها يهدف "لدعم الربيع العربي"، وباطنها تدركه جيدا شعوب المنطقة، التي "اكتوت" من وصفات هذا البنك، الذي أملى عليها أجندات زادت في تفقيرها، وجعلت الأزمة فيها مستدامة. مؤسسة تفكر نيابة عنا وأكد الباحث في علاقات المؤسسات النقدية الدولية بالدول النامية، المحلل الاقتصادي خميس الكريمي لـ"العربية.نت" أن هناك مبررات نفسية، وأخرى واقعية لرفض التونسيين تدخلات البنك الدولي في اقتصاد بلادهم، مضيفا أن هذه المؤسسة التي تفكر بالنيابة عنا قد أثبتت فشلها في تمكين تونس من وصفة مثالية للتنمية بل أنها فاقمت أزماتها، من خلال قصة فشل انطلقت سنة 1986 من خلال ما عرف حينها ببرنامج الإصلاح الهيكلي. وأضاف أن "تنوع الدراسات التي أعدها هذا البنك بحجة النهوض بمختلف القطاعات الاقتصادية، لم تساعد أبدا الاقتصاد المحلي، على النهوض، رغم تقديم نفسه بمثابة منقذ ومساعد عبر توفير تحليلات للمشاكل المطروحة". وتابع أن "البنك الدولي يحرص دائما على فرض إعداد دراسات استراتيجية ترافق المشاريع التي يمولها. وهنا نتساءل بكل موضوعية عن جدوى هذه الدراسات القطاعية، التي أعدها، فهي في الأساس فرضت لتمكين مكاتب الدراسات الغربية والأمريكية من الاستفادة من نصيب وافر من القروض الممنوحة، وبهذا فان ما يمنح باليمين يؤخذ بالشمال". قروض بشروط مجحفة وأوضح الكريمي أن "سياسة البنك الدولي، في السابق واليوم أيضا، تشترط منح القروض بفرض "إصلاحات"، وهذا ما يجعل التونسيين ينظرون بعين الريبة والتوجس إلى هذه الإصلاحات المقترحة ومنها الدعوة إلى خصخصة المؤسسات العمومية، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وتوجيه المشاريع إلى المناطق الساحلية، وبالتالي إعادة إنتاج الأزمة". ويشترط البنك الدولي لتقديم القروض تحقيق تقدما في تحديث الاقتصاد، وينتظر أن تتلقى تونس، مبلغ 1.5 مليار دولار من البنك الدولي، نصف مليار منها كجزء من حزمة بمبلغ 1.2 مليار دولار كان قد أعلن عنها سابقا، ورتبت بالتنسيق مع بنك التنمية الإفريقي ومانحين أوروبيين. وفي استعادة للتاريخ، أعاد ناشطون تونسيون على شبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، التذكير بالسبب المباشر وراء استعمار تونس سنة 1881، والذي يرجع إلى إغراق البلاد في الديون . ووصل مبلغ خدمة الدين إلى 250 دينار عن كل تونسي، ويمثل هذا الرقم 5 مرات ميزانية الدولة المخصصة للصحة، كما بلغت قيمة الدين الخارجي 20 مليار دولار، التي كانت في حدود 12 مليار دولار سنة 2000، ويمثل 54% من الناتج الداخلي الخام. والملفت للانتباه أن البلاد تقترض لتسديد الديون، وليس للاستثمار في مشاريع جديدة. والاقتراض لتصريف الشؤون الدولة، ومنها أساسا تسديد الأجور التي تصل إلى 400 مليون دينار شهريا. الاقتراض شر لابد منه وأشار الكريمي إلى أن الحكومة التونسية يجب أن تركز جهودها على المطالبة بإعادة جدولة الديون، وتخفيض أو إعفاء البعض منها، وجلب الاستثمارات الخارجية، وليس التركيز على المزيد من الاقتراض. وأعرب الكثير من خبراء الاقتصاد عن تفاؤلهم بأنه إذا أحسنت الحكومة الجديدة استغلال أصول مثل بنيتها الأساسية المتطورة بشكل جيد وموقعها القريب من أوروبا واستغلال القوة العاملة المتعلمة فإنه يمكن لتونس أن تكون واحدة من قصص النجاح في شمال إفريقيا. وعن الآليات التي سيقع اعتمادها لتنفيذ سؤال الدعم الذي وعدت به مؤخرا قمة الثمانية، أشار محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي، أثناء لقاء جمعه بمفكرين وجامعيين، "إلى أنه سيقع الدخول في المدة القادمة في نقاشات مع المؤسسات الداعمة، وهي أساسا البنوك التنموية، وكذلك مع البلدان بشكل فردي أو في مجموعات، إذ أبدت كل من فرنسا وألمانيا رغبة في التنسيق المباشر مع تونس". وأوضح أن "مجموعة الثماني، تصدر بيانا وليس قرارا، ويرجع تجسيمه بصفة عملية للمؤسسات المعنية بالأمر، وسيتم في المدة القادمة الدخول في التفاصيل. ويمكن أن تكون تلك المنح في شكل قروض ميسرة وهبات وتمويل للقطاع الخاص". ودافع النابلي عن لجوء الحكومة الانتقالية إلى الاقتراض، مؤكدا أن "هذه الحكومة مجبرة على الاقتراض، وإن لم تفعل ذلك فإن اقتصاد البلاد سينهار كليا". و قال "إن الحكومة المؤقتة لها شرعية، وطبقا للقانون يسمح لها باللجوء للاقتراض وهو أمر ضروري ليتواصل النظام الاقتصادي". ولاحظ أن قيمة عجز ميزان الدفوعات بلغ نحو 3.5 مليار دينار وإذا لم يقع اللجوء للاقتراض فمن أين سيتم تمويل العجز".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل