المحتوى الرئيسى

وما خَفْضُ الفائدة بالتمني..

05/31 09:39

صلاح صبح لا أعتقد أن الظرف الاقتصادي الراهن يسمح لـ«مصرف الإمارات المركزي» باستخدام أسلوب المطالبة أو الحث عند تعامله مع ملف أسعار الفائدة المرتفعة التي تفرضها البنوك على القروض المقدمة للقطاع الخاص. «المركزي» بإمكانه خفض الفائدة بشكل تلقائي، ليس عن طريق «التسعير الإجباري»، كما قد يفهم البعض خطأً، لكن عبر السياسات والآليات المتاحة لديه، وبما لا يتعارض مع مبادئ الاقتصاد الحر المفتوح. مناسبة هذا الكلام تصريحات سلطان بن ناصر السويدي، محافظ «المركزي»، التي دعا فيها -حسب ما ورد في الصحف- «البنوك العاملة في الدولة إلى بذل مزيد من الجهود من أجل تقليص تكلفة الاقتراض، خصوصاً للتجار ورجال الأعمال». السويدي، الذي كان يتحدث أول من أمس في الاجتماع التشاوري السنوي الثاني للسنة الجارية مع المسؤولين التنفيذيين الرئيسين للبنوك، قال إن «أسعار الفائدة التي يدفعها المقترضون للبنوك مرتفعة، ولا توجد مبررات لذلك». وتأتي هذه التصريحات لتصف الواقع الملتبس الذي تعاني منه قطاعات الاقتصاد في الوقت الراهن.. بنوك تعاني من وفرة في السيولة وطفرة في الودائع بما يقدر بنحو 1105 مليارات بنهاية الربع الأول، وبنمو نسبته 5.3 بالمئة عن الفترة المثيلة من العام 2010، فيما يعاني قطاع الأعمال من نقص حاد في التمويل، لا يتجلى فقط في التراجع الحاد في نشاط التعاملات في الأسواق المالية التي ضربها نقص السيولة في مقتل، وبما يهدد بإفلاس عشرات من شركات الوساطة، لكنه يظهر جلياً أيضاً في القطاع العقاري وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وليس خفياً على أحد أن البنوك المحلية لجأت إلى سياسة متحفظة في الإقراض منذ صيف 2008، وبالتزامن مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، بعد سنوات طويلة من التوسع -غير المنضبط أحياناً- في الإقراض خلال سنوات سابقة، أو ما يحلو للبعض تسميته بسنوات الطفرة. وما من شك أن هذه السياسة المتحفظة لعبت دوراً -حينها- في الحفاظ على عدد من الكيانات المصرفية المحلية، خصوصاً مع اتساع رقعة وحجم الانكشاف على شركات ومؤسسات مالية كبرى -محلية وإقليمية- تعثرت في السداد، ومازالت تكافح حتى الآن لإتمام عمليات لإعادة الهيكلة. لكن هذه السياسة الآن، وبعد ظهور مؤشرات واضحة للعيان على بدء تعافي الاقتصاد المحلي بعد سنوات الأزمة الثلاث السابقة، لم يعد لها محل من الإعراب، وأقصد هنا تلك الأيدي المرتعشة المترددة في منح القروض، أو هؤلاء المسؤولون التنفيذيون الذين يلجأون إلى التشدد في الحصول على ضمانات، أو الذين يتمسكون بمعدلات فائدة عالية، على حساب تراكم الودائع لديها، بما يمثله ذلك من عبء. إن الأرقام المتاحة تكشف أن أوصال القطاع الخاص شهدت في 2009 و2010 نزوحاً غير مسبوق للسيولة باتجاه البنوك، التي لم تقم بإعادة إقراض الجزء الأكبر منها، وتقدر بعض الدراسات حجم الأموال التي سددها القطاع الخاص خلال هذين العامين بنحو 132.6 مليار درهم، إذ تكشف الأرقام المتاحة أن قروض هذا القطاع كانت بالسالب في الفترة المشار إليها، وبقيمة 23.7 و25.8 مليار على التوالي، وهو ما يعني أن القطاع الخاص الذي كان يحظى بقروض هائلة بلغت في الأعوام 2008 و2007 و2006 ما قيمته 184.7 و134 و48.4 على التوالي، قد سدد في عامي الأزمة قرابة الـ50 ملياراً من ديونه للمصارف، إضافة إلى الفوائد المستحقة عليه، والتي تقدر بـ42.5 في 2008 و40.8 في 2009، حسب ما ورد في دراسة لـ«شركة الفجر للأوراق المالية». إن هذا الوضع يتطلب من «المركزي» أن ينتقل في تعامله مع البنوك المحلية من سياسة الحث والمطالبة إلى استخدام أدوات السياسة النقدية، وعلى رأسها «الاحتياط الإلزامي» و«شهادات الإيداع» في إجبارها على خفض الفائدة، بشكل تنافسي في ما بينها، بما يحفز الاقتصاد، وبالتالي يصب في صالحها لاحقاً، وعلى المديين المتوسط والطويل. * نقلا عن "الرؤية الاقتصادية" الاماراتية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل