المحتوى الرئيسى

الزَّوَاجُ بقلم: حسين أحمد سليم

05/31 00:09

الزَّوَاجُ بِقَلَمْ: حُسَيْنْ أَحْمَدْ سَلِيمْ الزَّوَاجُ مُؤَسَّسَةٌ إنْسَانِيَّةٌ, إِجْتِمَاعِيَّةٌ, مُقَدَّسَةٌ وَطَاهِرَةٌ, مُبَارَكَةٌ مِنَ الله فِي كُتُبِ الأَدْيَانِ, وَ فِي نَوَامِيسِ كُلِّ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ... شَاءَهَا الحَقُّ, لِلْتَنَاسُلِ المَشْرُوعِ المُنْتَظِمِ, إِعْمَاراً لِلأَرْضِ, وَاسْتِمْرَراً فِي الحَيَاةِ, لِيُعْرَفَ الله وَيُعْبَدَ, حَقَّ العِبَادَةِ... أَطْرَافُهَا قَدَراً, الرِّجَالُ مِنْ أَبْنَاءَ آدَمَ, وَالنِّسَاءُ مِنْ بَنَاتِ حَوَّاءَ... الّذِينَ نَفَخَ فِي نُفوسِهِمْ سِرَّهُ الأَقْدَسُ, كَيْ يَتَحَابَبُوا وَيَتَعَاشَقُوا, وَيَهْوَى بَعْضَهُمُ البَعْضُ... فَيَتَقَارَبُوا وَيَتَعَارَفُوا, وَيَتَآلَفُوا وَيَتَكَامَلُوا, فَيَتَرَاحَمُوا وَيَتَحَانَنُوا, وَيَتَلاَصَقُوا وَيَتَزَاوَجُوا, وَيَحْمِلُوا وَيُنْجِبُوا, زِيَنَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا... فَالزَّوَاجُ بَيْتٌ لِلْتَّقْوَى, وَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الله, وَصَوْمَعَةٌ فِي جَنَّةٍ مِنْ جِنَانِ الله... نَسِيجُهَا المَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ, تَنْزِيلُ قَدَاسَةٍ مِنْ لَدُنِ الله, أَوْدَعَهَا سُبْحَانُهُ فِي الصُّدُورِ, العَامِرَةِ بِالتَّقْوَى, وَأَسْكَنَهَا فِي القُلُوبِ التّابِضَةِ بالإِيمَانِ, وَاْئِتَمَنَهَا النُّفُوسِ المُطْمَئِنَّةِ لله, وَأَوْكَلَهَا العُقُولِ المُتَفَكِّرَةِ بِالحَقِّ, وَحَمَّلَهَا الوِجْدَانِ العّادِلُ, الّذِي لاَ يَتَخَاطَرُ, إِلاَّ بِالآمَالِ المُرْتَجَاةِ... فَارْحَمُوا أَنْفَسَكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ, وَقَارِعُوا الوَسَاوِسَ فِي نُفُوسِكُمِ, وَاتَّقُوا الله فِي النِّسَاءِ... وَأَنْتُنَّ أَيُّهَا النِّسَاءُ, لِتَكُنَّ نِسَاءً عَظِيمَاتَ بِالرِّجَالِ, كَمَا أَنْتُنَّ مَاهِرَاتَ بِالإِغْوَاءِ... النِّسَاءُ آمَانَاتٌ الله, جَعَلَهَا وَدِيعَةً, تَطْمَئِنُّ فِي عُقُولِ الرِّجَالِ العِظَامِ, وَتَسْكُنُ فِي وِجْدَانِهِمْ, قَبْلَ الأحْتِضَانِ لَهُنَّ إِغْوَاءً, وَمُتْعَةَ إِغْرَاءٍ فِي مَفَاتِنِ الأَجْسَادِ... فَالنِّسَاءُ خَلْقُ الله, أَتَيْنَ مِنْ حَوَّاءَ الأُولَى, وَحَوَّاءُ خُلِقْتْ مِنْ طِينَةِ آدَمَ وَضِلْعِهِ... وَآدَمُ أَبُو البَشَرِ, صَارَ رَجُلاً كَمَا الرِّجَالِ, وَصَارَتْ حَوَّاءُ, إِمْرَأَةً كَمَا النِّسَاءِ... وَالنِّسَاءُ مِنْهُنَّ, الأُمُّ, أُمُّ الحَيَاةِ, الّتِي لاَ مَثِيلَ لَهَا فِي الخَلْقِ, أكْرَمَهَا الله فِي الكِتَابِ المُطَهَّرِ, بِسُورَةٍ النِّسَاءِ... وَمِنْهُنَّ, الشَّقِيقَةُ وَالأُخْتُ, وَهِيَ جَنَاحٌ يَطِيرُ بِهِ المَرْءُ, وَيُحَلِّقُ فِي الأَعَالِي... وَمِنْهُنَّ, القَرِينَةُ وَالزَّوْجَةُ, الّتِي يَرْكُنُ إِلَيْهَا الرَّجُلُ, فَيَذُوبُ بِهَا حُبّاً, وَتَذُوبُ بِهِ عِشْقاً, وَتَأْتِيهِ بِالزِِّينَةِ الّتِي يَتَمَنَّاهَا, اقْتِرَاناً فِي رِضَى الله... وَمِنْهُنَّ, الكَرِيمَةُ الطّاهِرَةُ, الّتِي يُفَاخِرُ بِهَا إِبْنَةً, وَيُعِدُّهَا لِلْغَدِ أُمّاً, كَمَا أُمِّهِ الّتِي أَتَتْ بِهِ... وَمِنْهُنَّ, الصَّدِيقَةُ الوّفِيَّةُ المُخْلِصَةُ, الَّتِي تُهْدِي إِلَيْهِ اسْتِقَامَةَ العِلاَقَاتِ... وَمِنْهُنَّ, الزَّمِيلَةُ وَالرَّفِيقَةُ, الَّتِي تُعّاوِنُهُ فِي مَجَالاَتِ العَمَلِ وَالإِخْتِصَاصِ... وَمِنْهُنَّ, الحَبِيبَةُ الطّاهِرَةُ, رُوحاً وَنَفْساً, وَفِكْراً وَقَوْلاً وَعَمَلاً, الَّتِي تُوْحِي إِلَيْهِ, الخَلْقَ وَالإِبْدَاعَ... وَمِنْهُنَّ مَنْ يَتَفَوَّقْنَ, وَيَبْرُزْنَ عِلْماً عَلَى الرِّجَالِ, وَيَأْتِينَ بِمَا لاَ تَأْتِيهِ عُظَمَاءُ الرِّجَالِ... أَعِدُّوا النِّسَاءَ, مَدَارِسَ عَرَاقَةٍ وَأَصَالَةٍ, وَأُمَّهَاتَ حَيَاةُ مُكَلَّفَاتَ وَمَسْؤُولاَتَ... وَدَعُوا لِلْنِّسَاءِ حُرِّيَتَهُنَّ فِي التَّرْبِيَةِ, وَوَاكِبُهُنَّ فِي الله تَقْوَى إِيمَانٍ... وَأَعْتِقُهُنَّ مِنْ نَيْرِ الذُّكُورَةِ, المُتَسَلِّطَةِ انْتِقَاماً وَاسْتِبْدَادَ, وَعَامِلُوهُنَّ بَالمَعْرُوفِ, كَمَا أَمَرَ الله... وَلاَ تُكَبِّلُونَهُنَّ ظُلْماً, بِقُيُودِ وِصَايَةِ الدَّمِ السَّطْحِيَّةِ, وَلاَ تَسْجِنُوهُنَّ كَيْداً, وَعُهْراً فِي زِنْزَانَةِ القِوَامَةِ القّدّرِيَّةِ... وَلاَ تَؤُدُهُنَّ أَحْيَاءَ, وَأْدَ الجَاهِلِيَّةَ, وَتَظْلِمُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ لاَ تَدْرُونَ, وَتُصْبِحُونَ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ... وَكُونُوا لِلْنِسَاءِ دِرْعَ صِدْقٍ وَحَنَانٍ, فَهُنَّ لآدَمَ, لَطِيفٌ كَثِيفٌ, وَشَطَائِرٌ مِنْ أَضْوَاءَ... فَحَوَّاءُ أَنْجَبَتْ آدَمَ, وَآدَمَ أَنْجَبَها, أَحَبَّتْهُ, وَأَحَبَّهَا, عَشِقَتُهُ وَعَشِقَهَا, فَإِذَا كَرِهَتْهُ دّمَّرَهَا؟!... وَتَبْقَى حَوَّاءُ وَهَجاً آخَرَ لآدَمَ, تُحَرِّرَهُ وَيُكَبِّلُهَا, يَسْتَعْبِدُهَا وَتُعْتِقُهُ, يَكْرَهُهَا وَلا تَزَالُ تُحِبُّهُ أَكْثَرَ... وَيُغْرِقُ آدَمُ, قِوَامَةً وَوِصَايَةً, وَيُمْعِنُ فِي اسْتِبْدَادِهِ وَانْتِقَامِهِ... وَتَهِيمُ حَوَّاءُ, حُبّاً وَعِشْقاً, تَحْمِلُ قَلْبَهَا عَلَى كَفِّهَا, وَتُهْدِيهِ لآدَمَ, احْتِفَاءً بِالحُبِّ وَالعِشْقِ... آدَمُ, آدَمْ, يَا مَنْ أَصْبَحْتَ, كَمَا بَاقِي الرِّجَالَ, وَحَوَّاءُ, حَوَّاءُ, يَا مَنْ أَصْبَحْتِ, كَمَا بَاقِي النِّسَاءَ... أَقّانِيمُ الحَيَاةِ, قَدَاسَةُ الحُبِّ, وَطَهَارَةُ العِشْقِ, وَاحْتِفَاءٌ عَلَى شَاكِلَةِ الذَّوَبَانِ... وَالعِلاَقَاتُ نَأْيٌ وَقُرْبٌ عَلَى مَسْرَحِ الوَاقِعِ, وَرَغَبَاتٌ وَالْتِصَاقٌ حَتَّى الهّذَيَانِ... وَالعِقْدُ أَوْهَامُ, وَسُطُورٌ جَوْفَاءُ, وَطَلاَسِمُ مَخْتُومَةٌ, بِمَجَاهِلِ الأَيَّامِ, نَكْتُبُهَا زُوراً وَبُهْتَاناً, وَنُخّادِعُ الله... نَسْتَبِدُّ وَنَنْتَقِمُ, بِغَرَائِزَ الأَفَاعِي, وَشَرَائِعِ الغَابِ, وَجُمُوحَ الوُحُوشِ وَالحَيَوَانِ... وَنُمَارِسُ الخَطِيئَةَ شَهْوَةً, وَنَتَبَاهَى بِالشَّرَفِ وَالعُنْفُوَانِ, وَنَلُوكُ مَرَارَةَ الأَوْهَامِ... وَتَتَغَيَّرُ المُعَادَلَةُ, وَنَبُولُ عَلَى العِقْدِ, وَنَتَجَرَّأ عَلَى الله... فَيَتَحَوَّلُ الحُبُّ, كُرْهاً وَحِقْداً وَضَجَرَ, وَيَتَحَوَّلُ العِشْقُ خِنْجَراً وَحَجَرَ... وَيَغْدُو الإِقْتِرَانُ بَعْدَ الوَاقِعَةِ, مُغّايِراً لِلإِقْتِرَانِ فِي العَقْدِ, وَيَصِيرُ الزَّوَاجُ, عَصْفُ زِنَى, وَإِعْصَارُ اغْتِصابٍ... وَنَتَلَطَّى وَرَاءَ سَتَائِرِ السَّرَابِ, نَقْضُمُ قُلُوبَنَا عَلَى ذِمَّةِ العِقْدِ, وَنُهَشِّمُهَا عِنْوَةَ قَهْرٍ, وَنَنْتَشِي لِوَقْعِ الأَنْيَابِ وَالمَخَالِبِ... وَتَخْتَمِرُ أَحَاسِيسَنَا, حِقْداً وَكَرَاهِيَّةً, وَنَدُسَّهَا فِي قِفَّةِ النِّفَاقِ... وَنَتَمَلَّقُ الحَيَاةَ دَجَلاً, وَنُقَارِبُ النَّاسَ رِيَاءً, وَنُقِيمُ العِلاَقَاتَ, زُوراً وَبُهْتَاناً, وَنَدَّعِي الإِنْسَانِيَّةَ فِي العِلاَقَاتِ...

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل