المحتوى الرئيسى

السفيرة الأمريكية الجديدة.. تبديل الوجوه لا يكفي

05/30 23:02

- السفير شاكر: محاولة لملاءمة العهد الجديد - د. الأشعل: محاولة لاحتواء الثورة المصرية - د. الصفار: أمريكا تواصل البحث عن مصالحها   تحقيق: يارا نجاتي جاء خبر تعيين (آن باترسون) كسفيرة جديدة لواشنطن في مصر خلفًا لـ(مارجريت سكوبي)، ليضع العديد من علامات الاستفهام حول التغيير المفاجئ وأسبابه ودوافعه على الجانب الأمريكي، ومدى تأثيره على تغير العلاقات بين البلدين في تلك الفترة التالية للثورة المصرية، بعد سنوات من التبعية الكاملة للنظام الأمريكي.   كان البيت الأبيض أعلن الأسبوع الماضي أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عيَّن "آن باترسون" السفيرة الأمريكية السابقة في باكستان، في منصب سفيرة للولايات المتحدة لدى القاهرة.   وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الصهيونية أعلنت في مارس الماضي أن (باترسون) في طريقها لخلافة مارجريت سكوبي في القاهرة، نظرًا لخبرتها في التعامل مع الدول التي يكون الجيش فيها هو المسيطر على مقاليد الأمور، وأضافت الصحيفة أن مصر تتغير ولذلك فالولايات المتحدة تتكيف مع الظروف، فعل فعلاً تريد أمريكا أن تتغير أم أنها تحاول اختراق الثورة المصرية من خلال تغيير وجوه ممثليها في القاهرة؟ هذا ما تناولناه في هذا التحقيق:   في البداية يؤكد السفير محمد شاكر، رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، أن مصر دخلت حقبةً جديدةً بعد ثورة 25 يناير، لذلك فكَّرت الولايات المتحدة الأمريكية أنها في حاجة إلى تغيير الشخصيات؛ لتكون معبرةً عن الجو الجديد، والنظام الجديد الذي سيتكَّون بعد الثورة في مصر، مشيرًا إلى أن تعيين السفيرة الجديدة يعتبر جزءًا من التنقلات الطبيعية التي تجريها الدول لسفرائها كل فترة بشكل مفاجئ.   ويضيف أن خلفية (آن باترسون) كممثلة لواشنطن في باكستان، تجعلها ملمة بالأوضاع والقضايا على الساحة السياسية الدائرة في الشرق الأوسط، موضحًا أنه لا يمكن أن نقول إن ما تقوم به الولايات المتحدة حتى الآن يمثل تحركًا إيجابيًّا، أو يشير إلى تحرك إيجابي من جهتها، بل هو تحرك بسيط قد يصل إلى الوضع المُرضي في حال قمنا باستغلالها، والحصول على مصالح من خلالها، ويوضح أن دور السفير في مرحلة ما بعد الثورة يكون في التعرف على المناخ والظروف التي تعيشها البلد، بالإضافة إلى الاتجاهات المختلفة التي تتشكل بعد الثورة، مع العمل على توثيق صلتها بكلِّ الأطراف.   ويتوقع أن تكون العلاقات الثنائية هادئة بشكل عام، لكن قد يتخللها صعوبات أو إساءات في فهم بعض المواقف، مشيرًا إلى أن خطاب أوباما لم يكن ملبيًا للآمال أو التطلعات العربية في تغيير المواقف بعد الثورات الديمقراطية التي تجتاح المنطقة.   أهداف ثابتة ويؤكد الدكتور محمد صفار، أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة مؤسسات، وصاحبة مصالح إستراتيجية في مصر والمنطقة العربية، لذلك لا يعبِّر تعيين سفير مكان الآخر تغير في مصالحها بتغييرها للأشخاص.   ويبين أن خطاب أوباما الأخير أكد على حرص الولايات المتحدة على البحث عن ثلاثة مصالح في المنطقة العربية، وهي المساعدة في الحرب ضد الإرهاب، ومنع انتشار الأسلحة النووية، بالإضافة إلى تشجيع ونشر استثماراتها وأرباحها الاقتصادية في المنطقة، وآخرها التأكيد التام على حماية أمن الكيان الصهيوني.   ويشير إلى عدم وجود اختلاف في العلاقات بين البلدين ما بعد الثورة المصرية، بدليل التصريحات التي ألقاها الرئيس الأمريكي مؤخرًا، وأكد فيها النظرة الأمريكية الثابتة لمصر، إلى جانب أنهم ما زالوا يتعاملون بحذر شديد مع التغييرات التي تحدث في مصر، موضحًا أن السياسة الأمريكية ما تزال واقعة تحت تأثير أوهام النظام السابق، وأهمها الخوف من الإسلاميين، وتفضيل الأنظمة المستبدة عن صعودهم للحكم.   ويقول: إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تفكر في تغيير علاقتها مع مصر فإنه كان من باب أفضل أن تعيد إلينا أموالنا المهربة على يد النظام السابق ورجاله، أو إسقاط الديون المصرية لديها لا أن تقرضنا مليار دولار، مؤكدًا أن مصر مستمرة في تبعيتها الاقتصادية والسياسية لأمريكا في فترة الحكومة الانتقالية، التي ربما لا تود فتح جبهات جديدة الآن أو تغير في التوجهات الإستراتيجية، كالعلاقات مع أمريكا أو الكيان الصهيوني أو دول الخليج.   ويوضح أن وضع أسس جديدة للعلاقات مع الولايات المتحدة سيحدده أول رئيس مصري منتخب بعد وضع الدستور الجديد للبلاد؛ حيث يمكنه طي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مضيفًا أن السياسة ليست مجموعة من المواقف الحادة تنحصر بين التبعية أو الانفصال التام عن أمريكا، إنما تقوم على إرسال رسائل إلى الولايات المتحدة تؤكد على الغضب الشعبي والرسمي من التبعية.   ويقول: ربما يكون الحلُّ في إعادة التوازن للعلاقات هو إرسال رسائل مشابهة إلى تلك التي يرسلها لنا أوباما تفيد أن تحقيق المصالح المشتركة هو الهدف المصري، طالما أنها لا تتعارض مع المصالح الأمريكية، ووقتها سيعمل كل طرف على مراجعة حساباته، وتحديد أولوياته وواجباته.   لا جديد وتنفي الدكتورة نورهان الشيخ، مديرة وحدة الدراسات الأمريكية في جامعة القاهرة، أن يكون تعيين سفيرة جديدة لأمريكا في مصر تعبير عن اختلاف في التوجه الأمريكي نحو مصر؛ نظرًا لأن السياسية الخارجية الأمريكية تتميز بثوابت في الشرق الأوسط، ولا يوجد ما يشير إلى حدوث انقلاب جذري في تلك الثوابت.   وتؤكد أن التفاؤل من الخطاب الأمريكي وتقديم المساعدات لمصر أمر مبالغ فيه، مبررة ذلك بأن تلك المساعدات مشروطة بقيام حكومة ديمقراطية في مصر، وهي عملية نسبية وليست ذات قواعد ثابتة، ومعاييرها ضبابية، فقد تصل حكومة ديمقراطية للسلطة ولا تَرْضَى عنها الولايات المتحدة، أو يحدث كما حدث مع صعود حماس للسلطة الفلسطينية من انتخابات ديمقراطية، وبعدها رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بها، واتهمتها بأنها حكومة إرهابية!   وترجح أن تكون حركة التنقلات في السفراء الأمريكان بداية لتدشين الحملة الانتخابية لرئاسة أوباما لفترة ثانية للولايات المتحدة، قائلة: إنها قضية تتعلق بالداخل الأمريكي أكثر من تعلقها بمصر والثورة، والتغيرات التي قامت بها.   وتؤكد أن حدوث نقلة في مسار العلاقات يرتبط بمصر ومدى استقلالية قرار الحكومة القادمة، المتمثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المصري، مفسرة الاستقلالية بالتحدث من موقع النِّدِّية، وإعلاء المصالح المصرية الوطنية، على أساس من الشراكة، وفي حال تعارض الآراء يتم إدارتها بطرق سليمة وعقلانية.   وتضيف: كل المؤشرات الموضوعية والملموسة على أرض الواقع لا تدل على وجود تغير في السياسة الأمريكية، ومنها استمرار سحب الاستثمارات الأمريكية من مصر منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم، وكذلك عدم عودة السياحة إلى وضعها الطبيعي، بالرغم من الوعود بإعادة التدفق السياحي على مصر.   احتواء الثورة   د. عبد الله الأشعل "لا يوجد سفير لكلِّ العصور" هكذا عبَّر الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عن تعيين سفيرة جديدة للولايات المتحدة في مصر بدلاً من سكوبي، موضحًا أن العصر أصبح مختلفًا بعد الثورة، لذلك يحتاج إلى تغيير للوجوه للتعامل بطريقة مختلفة مع الوضع الذي صارت مصر إليه.   ويضيف أن أحد أسباب التغيير هو المجيء بسفير جديد يتمكن من السيطرة على الثورات العربية، واحتواء الدولة المصرية مرة أخرى، خاصة أن التحول الديمقراطي قد يغير من الخضوع والتبعية التي عاشتها مصر طوال السنوات الماضية، قائلاً: إن شكل العلاقات في المرحلة الجديدة لم يتحدد بعد، لكنه سيتحدد بناءً على مدى توافر الإرادة المصرية والقوة لإثبات مواقفها والدفاع عنها.   ويوضح أن العامل الثاني الذي سيحدد شكل العلاقات الثنائية هو الإصرار الأمريكي على إخضاع مصر مرة أخرى لها، مؤكدًا أن العلاقات ما زالت في مرحلة هلامية غير محددة بالمرة؛ لأن مصر لم يتشكل بها نظام جديد؛ لتقوم بناءً على تحركاته العلاقات من جديد.   وفيما يتعلق بما هو المطلوب من السفيرة الجديدة في المرحلة القادمة يقول: إنها مطالبة بتحديد شكل العلاقات مع مصر، مع العمل على توفير شكل مناسب لها؛ لتقوم على أسس سليمة، من خلال التوصيات التي يعطيها السفير للولايات للتعامل مع الشعب المصري الجديد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل