المحتوى الرئيسى

الثورة‏..‏ هل تنهض بالحرف التراثية التقليدية؟

05/30 01:12

المؤتمر الذي أقامته جمعية أصالة لرعاية الفنون التراثية والمعاصرة منذ أيام بعنوان‏(‏ الحرف التقليدية والثورة‏..‏ الواقع والمستقبل‏)‏ كشف لنا عن أمور تثير الدهشة والحيرة في وقت واحد‏. فالحرف التقليدية في مصر التي تمثل تراثها الشعبي من الفنون الحرفية اليدوية لا يوجد لها متحف حتي الآن أو محميات ثقافية يرتادها الزائرون ويرجع إليها الباحثون! المؤتمر القومي الأول لـ زأصالةس فتح عيوننا علي واقع غريب يجب تصحيحه ونحن نري أن الإسراع بإقامة متحف أو متاحف في كل إقليم يتميز بحرف تقليدية تختلف عن غيره بخاماتها وزخارفها وتصميماتها وبصمات فنانيها, وإقامة محميات تراثية وثقافية سيؤدي إلي الحفاظ علي تراثنا وهويتنا الثقافية ويمكن أن يدر دخلا عظيما ويروج السياحة الداخلية والواردة من الخارج ويفتح آفاقا رحبة لتسويق منتجات هذه المحميات إذا كنا نسعي لأن تكون لنا منتجات تميزنا وسط العالم وداخل بلدنا الذي أصبح الفانوس الذي استقبل به المصريون المعز لدين الله الفاطمي في أول ظهور للفانوس لكنهم أصبحوا يستوردونه من الصين بأشكال لم تعد تمت له بصلة! الناقد الفنان عز الدين نجيب رئيس مجلس إدارة جمعية أصالة ورئيس المؤتمر نبهنا في ورقة العمل التي أعدها بعنوان( الحرف التقليدية في مصر الواقع- الأزمة- النهضة) إلي أبعاد الأزمة باندثار أو انزواء الحرف التقليدية التي يحمل كل منتج منها تاريخا عريقا من القيم الحضارية والدلالات الرمزية, وشبه نجيب ما حدث ذ ولمازال للأسف يحدث ذ بأنه يعكس حالة من التجريف الثقافي لهوية الأمة المصرية, والخلخلة للبنية الحضارية الممتدة للمصريين عبر الزمن: وامتد ذلك الأثر السلبي إلي الحياة الاجتماعية والاقتصادية, فالحرف التقليدية كانت تستوعب شريحة واسعة من الأيدي العاملة وتؤسس لعلاقات اجتماعية وروابط عميقة بين أبناء كل حرفة لكن ما حدث من تجريف ثقافي تسبب في انكماش قاعدة العمالة وتدني نظرة المجتمع إلي هؤلاء الحرفيين فخسر الاقتصاد والمجتمع بينما انتعشت اقتصادات دول آسيوية وأفريقية بحرفها التقليدية التي نظرت إليها كعامل أساسي للتنمية وتعدتها بالتخطيط والرعاية بينما خلت برامج حكوماتنا علي مدي العقود الأخيرة من أي قوانين ترعي العاملين بهذه الحرف أو مشروعات اقتصادية تدعمهم أو إعفاءات ضريبية أو تسهيلات جمركية أو معارض داخلية أو خارجية للنهوض بهم.. وإن كانت هناك فترة شهدت اهتماما بهم وهي التي تولي فيها الدكتور ثروت عكاشة وزارة الثقافة والتي لم تستمر لأكثر من أربع سنوات, وفيما عدا ذلك فإن ما حدث كان مهزلة بكل المقاييس فمركز الفنون الشعبية كان عبارة عن شقة محرومة من الإمكانات أو الرعاية رغم أنها في قلب العاصمة, ومتحف الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون ظل هيكلا خرسانيا بلا صاحب! والمقتنيات النادرة التي تم جمعها كنواة لمتحف قومي اختفت أو تلفت بفعل تخزينها بطريقة عشوائية أو نقلها بطريقة غامضة ومريبة من وكالة الغوري. ولم ينس نجيب أن يشير إلي فترة صحوة محدودة أخري لهذا القطاع خلال التسعينات عندما تم وضع أساس لنهضة الحرف التقليدية بمشروع قومي رائد لبناء مدينة متكاملة للحرف بمدينة الفسطاط علي مساحة60 ألف متر مربع, لكن المشروع توقف عام2001 بعد وضع حجر الأساس واعتماد التصميمات!! ومع أن المشروع اختزل إلي مبني صغير يضم عددا لا يتجاوز أصابع اليدين من الحرفيين بدون تمويل كاف فإن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني أجهز علي المشروع عندما ألحقه بصندوق التنمية الثقافية بدلا من قطاع الفنون التشكيلية, ومع إدانة مدير الصندوق بالفساد والحكم عليه بالسجن تحول مركز الحرف التقليدية ومركز الخزف بالفسطاط إلي مبنيين خاليين من الروح والعجيب أن الذين يقومون بالتدريب علي أصول الحرف التقليدية به خبراء إنجليز!! وذلك تنفيذا لاتفاقية غامضة أبرمها فاروق حسني مع الأمير تشارلز لا نعرف أسبابها وأبعادها إلي اليوم غير أن المعلن أن تشارلز خصص للمشروع5 ملايين جنيه استرليني! الخطر الآخر الذي نبه إليه عز الدين نجيب هو أن مشروعات الصندوق الاجتماعي للتنمية قدمت قروضا صغيرة لعدد من الحرفيين الشباب عجزوا عن تسديد أقساطها فوقعوا تحت طائلة القانون وتعثروا في تسويق منتجاتهم بينما وجهت وزارة الصناعة تمويلها لتدريب شباب الخريجين علي الحرف, وفي المقابل تم منع الدعم عن الجمعيات الأهلية التي تعني بالحرف التقليدية. يقدم الناقد الفنان عز الدين نجيب عدة حلول يطالب بها شباب الثورة ومنها تبني مشروع ثقافي يشمل تغييرا جذريا للبنية التحتية بوزارة الثقافة وخاصة في الحرف التقليدية واعتبارها مكونا رئيسيا للبنيان الثقافي, وإنشاء مؤسسة وطنية تتبع مجلس الوزراء مباشرة لها صندوق تنموي قادر علي وضع البنية الأساسية لتنمية الحرف مع إحصاء دقيق للمشتغلين بهذه الحرف وتفعيل مشروع مدينة الحرف التقليدية بالفسطاط وإدخال الحرف ضمن المناهج الدراسية وتفعيل دور الجمعيات الأهلية المعنية بالتراث وإقامة منظمات مهنية وروابط ونقابات للحرفيين والتأمين الصحي والاجتماعي لهم وإقرار مزايا ملموسة في النظام الضريبي والجمركي, وتبني وسائل الإعلام الأنشطة الفنية والثقافية الشعبية وتبني قصور الثقافة إقامة وحدات للتدريب والإنتاج الحرفي, وإقامة معارض لتسويق هذه المنتجات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل