المحتوى الرئيسى

> «عزبة المهاجرين».. 5 آلاف نسمة يعيشون فوق ترعة مردومة!

05/29 21:06

مأساة متواصلة يعيشها أكثر من 5 آلاف نسمة في عشش عزبة المهاجرين في حي المرج.. يعيشون حياة غير آدمية، وغرفهم تنخفض عن سطح الأرض بما يشبه القبور.. بعضهم يعيش بين الحيوانات في حظائر.. والبعض الآخر يتعرض لأضرار كثيرة نتيجة هجوم الزواحف والثعابين.. الفتيات يتعرضن للاغتصاب من البلطجية.. والشباب أدمنوا المخدرات.. المآسي والحالات الإنسانية كثيرة.. صغارهم مرضي.. وكبارهم يرون الموت أكرم لهم من الحياة. «روزاليوسف» رصدت أحوال هؤلاء الناس ونقلت الصورة كما هي في السطور التالية. فور وصولنا إلي عشش المهاجرين بالمرج بادر إلي ذهننا سؤال هو كيف يعيش أناس في تلك المنطقة؟ خاصة أن بوادر اللقطات الأولي توحي بالواقع المرير الذي يعيشه 5 آلاف نسمة في أكثر من ألف غرفة في العشش التي انشأها الأهالي فوق ترعة مؤسسة الزكاة بعد ردمها منذ سنوات. العشة الواحدة تضم من غرفتين إلي 4 غرف يعيش في كل منها أسرة يتراوح عدد أفرادها بين 3 و6 أفراد وبها كل متطلبات الحياة الأساسية والمنقولات الزوجية من أسرة وبوتاجازات وغسالات وغيرها. أما دورات المياه فهي مشتركة وتشبه المراحيض العامة، وتنبعث منها روائح كريهة بشكل متواصل، وغالبيتها مفتوحة ولا يوجد سوي قطعة من القماش يعلقها السكان كستارة تستر من بالداخل، ولذلك يوجد قلق مستمر ليل نهار من الأسر علي فتياتهم اللائي يتعرضن للاغتصاب أو التحرش الجنسي من غالبية شباب المنطقة الذي يتعاطي عدد كبير منهم المخدرات والخمور.العشش موجودة فوق ترعة مؤسسة الزكاة من عند مساكن عثمان في عزبة النخل وحتي مستشفي اليوم الواحد بالمرج بمسافة تربو علي 3 كيلومترات وعرضها يصل إلي 50 مترا ويقع بين طريقي مؤسسة الزكاة ذهابا وإيابا. ومن اللافت أن تلك العشش تقع في مستوي منخفض عن سطح الطريقين القريبين بمسافات تتراوح بين 1 و2 متر، ويضطر سكانها إلي النزول إليها عبر انحدارات أو قطع حجرية تم إعدادها علي شكل سلالم بشكل عشوائي في مشهد يشبه القبور. كما أن ملابسهم معلقة علي الأحبال في الشوارع ويمارسون حياتهم بشكل عادي أمام تلك العشش في إعداد الأطعمة والغسيل والجلوس والحركة وغيرها، وتوجد فتحات ونوافذ خلفية في غالبية العشش بحيث تكون نافذة علي الشارع الخلفي. مع بدايات العشش كان الحاج سيد محمد 70 سنة جالسا أمام عشته التي يعيش فيها مع أولاده الخمسة وأسرهم كاملة في 4 غرف منخفضة عن سطح الأرض بما يقارب المترين، وكان معه عدد من أحفاده الأطفال يحتسون الشاي بعد أن أعده لهم علي موقد بدائي يعرفه كبار السن بالكانون «وهو عبارة عن عدد من قوالب الطوب التي يتم رصها بشكل محكم بحيث توقد بعض أعواد الحطب في وسطها». الحاج سيد يقيم في عزبة المهاجرين في تلك العشش منذ 35 سنة في المنطقة المواجهة لمستشفي اليوم الواحد بالمرج بعد أن وفد من جزيرة بلي بنها قليوبية ويقول نعيش حياة غير آدمية تشبه حياة القوارض والحشرات في جحورها، ونستخدم دورة مياه واحدة لأكثر من 25 فردا، وننقل مياه الشرب من حنفية مياه عمومية أمام حي المرج منذ انتخابات مجلس الشعب عام 2005، وهي علي بعد 200 متر وغير نقية وتزيد فيها نسب الملوثات. الحاج سيد يمتلك عربة «كارو» ينقل عليها الأخشاب وأي شيء مقابل مبالغ زهيدة من طالب الخدمة منه ورغم ذلك يحمد الله ويقول «العيشة ميه ميه والحمد لله». في عشة أخري تقع علي بعد أمتار يصل انحدارها عن سطح الأرض إلي متر ونصف المتر كانت زينات عطية - 40 سنة - تقوم بتجهيز الغذاء لأطفالها الأربعة علي البوتاجاز الموجود في مساحة بسيطة بأحد أركان الغرفة التي تنبعث منها رائحة الصرف الصحي الذي يغرق حوائطها نتيجة الرشح المستمر الأمر الذي أصاب أطفالها بالحساسية والأمراض الجلدية. تقول «زينات» زوجي «سامح محمد» يعمل «شيال» باليومية وغير قادر علي استئجار شقة نعيش فيها مما اضطررنا إلي الاقامة في هذا القبر «علي حد وصفها».. ونواجه أزمات كثيرة في المياه خاصة في فصل الصيف الذي نحن علي أعتابه الآن بسبب تعطل حنفية المياه العمومية التي تشرب منها لمدة تصل إلي 5 أيام ونضطر لتجميع الأموال من سكان العشش لإصلاحها من الأعطال المتكررة، وخلال تلك الفترة نعيش في عطش وجفاف. وتلفت إلي أن مسئولي محافظة القاهرة يحضرون للعزبة كل فترة مع مندوبين من حي المرج لحصر أعداد السكان من أجل إزالة المنطقة والعشش الموجودة بها ونقل سكانها إلي شقق أخري بديلة علي أن تدفع كل أسرة 50 جنيهًا شهريا.. إلا أن الشقة الموعودة التي تحلم بها كل أسرة في مساكن المهاجرين لا تزال مجرد سراب. وعلي بعد أمتار تعيش سعاد حمدان - 28 سنة - مع زوجها جمعة محمد أحمد - 30 سنة - وأولادها الثلاثة منذ «10 سنوات» في غرفة لا تختلف كثيرا عن نظيراتها، ولم يستطع زوجها الذي يعمل «ميكانيكي» توفير مسكن مناسب للأسرة نظرا لارتفاع قيمة الايجارات الجديدة وعدم قدرته علي توفير مقابل الايجار القديم أو التمليك. الحاج عبدالله علي مكرم الله - 74 سنة - حضر من مركز ابشواي بالفيوم منذ أن كان شابًا للبحث عن لقمة عيشه في القاهرة وعمل في المعمار وعاش في منطقة العصارة الجديدة في عزبة النخل لمدة 28 سنة ثم انتقل منها إلي عزبة المهاجرين منذ 20 سنة ليسكن في غرفة يدفع لها إيجارا شهريا 50 جنيهًا ويعيش فيها مع أسرته المكونة من 8 أفراد، واستأجرها من شخص يدعي «محمد حسنين»، وهو أحد سكان المرج، وأنشأ تلك العشة في تلك المنطقة منذ سنوات وذلك أمام العمارة التي يملكها هو وأشقاؤه. ويلفت الحاج عبدالله إلي أن المعيشة غير الآدمية أصبحت صعبة جدًا في المنطقة، ويأمل في أن تتغير الأمور بعد ثورة 25 يناير المباركة وأن يفي المسئولون بوعودهم في تسليمهم الشقق ليعيش فيها ما تبقي من عمره، مشيرًا إلي أن ما يربحه هو وأولاده من العمل لا يكفي للطعام والشراب أو توفير مسكن آدمي للأسرة. ليلي حفني جمعة - 36 سنة - حالها أشد قسوة من باقي سكان العشش حيث يعيش مع 5 أيتام في غرفة واحدة بعد وفاة زوجها منذ 5 سنوات، وتتقاضي 120 جنيهًا كمساعدة شهرية من الشئون الاجتماعية بالمرج. دورة المياه الخاصة بتلك الأسرة موجودة خارج العشة وهي عبارة عن قبو من الطوب وبابه عبارة عن ستارة لمن بالداخل، وتضطر «ليلي» إلي الوقوف أمامه لعدم تهجم المدمنين والبلطجية علي فتياتها أو التحرش بهن. وتشير إلي أنها كانت تستخدم لمبة الجاز في إنارة العشة حتي وقت قريب حتي وافق حي المرج علي إدخال عدادات كهرباء لغرف تم إنشاؤها حديثًا ومجاورة للعشش ويتم توصيل التيار الكهربائي منها للغرف، ويتم دفع الفاتورة مشتركة، وتلفت إلي أن حلول فصل الصيف يكون بمثابة المأساة علي سكان عزبة المهاجرين حيث تخرج عليهم الحشرات والزواحف والثعابين مختلفة الأشكال والأحجام من الأسقف المعرشة بالبوص والخشب والقمامة. ليلي اضطرت إلي عدم استكمال تعليم ابنتها الكبري - 15 سنة - بسبب ظروف المعيشة الصعبة وعدم وجود معاش لأسرتها تغنيها عن الحاجة طوال الوقت. هالة محمد طه - 31 سنة - تعيش مع زوجها عادل عيد - 36 سنة - وأولادها الستة في عشة بمنطقة المهاجرين منذ 12 سنة بعد أن وفدوا جميعًا من مركز اطسا بالفيوم ليعمل زوجها عاملا باليومية، وتشبه «هالة» الحياة بالموت بل هي أقسي منه حسب تعبيرها وتري أن الحياة ليست لها فائدة علي الإطلاق فهم يعيشون كالأموات، وتدفع إيجارا شهريا لسيدة تدعي «فاطمة حسنين» بقيمة 50 جنيهًا كإيجار للعشة إضافة إلي ما يسمي بالعوايد بقيمة 30 جنيهًا كل شهرين، رغم أنها من الطبيعي أن تدفع لمرة واحدة فقط في العام. لكن السكان عندما يسألون صاحبة العشة عن سبب دفع تلك الأموال تطلب منهم مغادرتها لأن هناك سكانًا آخرين سيدفعون أكثر منهم.. ومع ذلك لا تمنحهم إيصالات دفـع العوايد للدولة لعدم إثبات أحقيتهم في الحصول علي شقق الحكومة بحجة أنهم ليسوا أصحاب ملك.. مما يعني تشرد سكان العشش في الشـارع بعد استيلاء ملاك العــشش علي شقق الدولة بدلاً من توزيعها علي السكان. الحاج محمدي علي عبداللطيف - 68 سنة - من شبين القناطر قليوبية، ويعيش مع أسرته المكونة من 15 فردًا في عشش عزبة المهاجرين منذ 20 سنة في المنطقة القريبة من عدد من المنشآت الحيوية بالمرج، وينتقد عدم اهتمام الدولة بهم خاصة أن قرب مستشفي اليوم الواحد بالمرج، ومركز طبي يطلق عليه اسم الأندلس، وشركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، ومرفق المياه، ومبني حي المرج الرئيسي. وفي عشة حمدي جمعة فرحات - 48 سنة - الذي يعمل نقاشًا وجدنا شيئًا غريبًا، وهو أنه قد خصص جزءًا من عشته التي يعيش فيها مع زوجته وأولاده لكي يربي فيها عددًا من الأغنام والطيور، أي أنهم يعيشون في حظيرة مع الحيوانات.. وأكد أن مسئولي الحصر بمحافظة القاهرة كانوا قد أكدوا للأهــالي علي نقلهم إلي الوحدات السكنية الجــديدة قبل يوليو المقبل. نقلنا مأساة تلك الأسر إلي المهندس مختار الحملاوي ونائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية والمسئول عن تلك المنطقة فأكد أن ظهور تلك العشش العشوائية فوق ترعة مؤسسة الزكاة ساهم في تأخير تنفيذ خطة محافظة القاهرة في إنشاء شارع مؤسسة الزكاة بتكلفة 50 مليون جنيه إضافة إلي أعمال صناعية عبارة عن كباري وغيرها بتكلفة 120 مليون جنيه. ولفت إلي أن محافظة القاهرة اشترت 8 أفدنة بالمؤسسة العقابية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي وأنشأت فوقها 31 عمارة من الإسكان القومي تضم 744 وحدة سكنية، وجار إنشاء 8 عمارات أخري ليصبح الإجمالي 39 عمارة تضم 936 وحدة سكنية، وربط بين إخلاء المنطقة ونقل السكان وبين استلام المرافق كاملة من صرف صحي وكـهرباء ومياه، وكان مقررا الانتهاء منها من فـــبراير الماضي إلا أن الظروف التـــي مرت بهــا الـــدولة مؤخرًا أحالت دون ذلك، مؤكدًا أنه سوف تنــتهي كـــافة الأعـــمال ونقــل سكان العشش إلي المساكن الجديدة قبل نهاية العام الجاري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل