المحتوى الرئيسى

سحر النادى تكتب: من أنتم؟

05/28 22:06

سحر النادى تكتب: من أنتم؟28 مايو 2011 |(خاص) الجريدة – كتبت سحر النادى“تغيير، تحرير، ديمقراطي، شباب، ثورة” هذه ليست آخر خطابات القذافي على فكرة، بل هي الموضة الجديدة في مصر بعد الثورة : يمكنك أن تضع أي من هذه الكلمات معا في جملة وتسمي نفسك “إئتلاف” أو “تجمع” أو “جبهة” ثم تبدأ في التصريحات على فيس بوك، ثم في الصحافة، ثم في التليفزيون وراقب أتباعك يتكاثرون ذاتيا دون أن يعرفوا عنك سوى الدعاية الموجودة على صفحتك على “فيس بوك” والفيديو المتداول لتصريحاتك الثورية على “يوتيوب”.أتفهم تعطش الناس -وخاصة الشباب- للمشاركة السياسية والتعبير عن همومهم وآرائهم بعد خروجهم من قمقم المنع والقهر، ولكن آن الأوان لنعرف من يكلمنا ومن يعطي لنفسه الحق ليتكلم باسمنا؟ فأنت حينما تختار اسما يحتوي كلمة “الثورة” تعطي انطباعا أنك تتكلم باسم كل من يؤيد الثورة أو ينتمي إليها، وهذا بالطبع غير صحيح. فمثلا، أنا لا أوافق على تعيين مجلس رئاسي وتأجيل الانتخابات، فهل تعني عدم موافقتي أنني لست من شباب الثورة؟ أم تعني أنني لا أملك حق رفض هذه الطلبات لو أردت الانتساب لشباب لثورة؟أريد أن أعرف أنا وغيري: ما هي المقومات التي تؤهلك أن تطلق هذا المسمى على نفسك أو أن لا ينطبق عليك الوصف؟ فهل أنت لست من “شباب الثورة” لو كنت “فوق السن” مثلا، مع أننا لا نعرف ما هو السن الرسمي لشباب الثورة؟ وكيف نحدد أنك من أتباع “الثورة”؟ أن تكون مساندا لمبادئها؟ أن تكون وقفت في التحرير ولو ليوم واحد؟ أم أن تكون قضيت عدة ليال مع المعتصمين؟ أن تكون أصبت في موقعة الجمل؟ أم أن تكون من مجاهدي الميكروفونات والفضائيات، أم ماذا بالضبط؟وبالمثل، من هم “أقباط ماسبيرو” الذين بدأوا في إطلاق التصريحات تحت هذا المسمى؟ هل هم يختلفون عن بقية الأقباط في مصر وهذا شهادة منهم بذلك؟ أم هل هم يمثلون جميع أقباط مصر وعندهم تفويض رسمي بذلك؟ نفس الكلام ينطبق على مسمى “التيار الإسلامي” فعلى اعتبار أن أغلبية المصريين من المسلمين، هل كل مسلم هو بالضرورة “إسلامي” أم أن هناك مسلم “إسلامي” ومسلم “تايواني”؟ وهل كل من يتبع السلف “سلفي” حتى ولو كان توجهه السياسي يساري أو يميني أو ليبرالي؟من حقنا الآن أن نسأل أصحاب الصوت العالي على الساحة سؤالا عبقريا سأله حكيم الزمان القذافي بعلو صوته : “من أنتم؟؟”ففي ظل وجود أكثر من 65 مجموعة شبابية ثورية -كما كتب أحد المدونين- فإنه من الصعب أن يعرف بقية الشعب من هم هؤلاء الناس وماذا يطلبون بالتحديد؟ ولماذا يتشرذمون مثل “شلل النوادي” ولا ينضمون في كيانات كبيرة جادة تعمل معا من أجل مصر كما كانوا وكنا جميعا في التحرير؟ هل يعني ذلك اختلافهم الكامل عن بعضهم في الأفكار والآليات مما يحتم ان ينفصلوا، أم يعني أنهم هم أنفسهم لا يعرفون بعضهم البعض ولاتهمهم المعرفة ، فيستسهلون إعادة اختراع العجلة عن جمع ٤ عجلات ليصنعوا منها سيارة سريعة؟ وأين يذهب من يريد أن يتعرف عليهم جميعا ويدرس توجهاتهم وإنجازاتهم ليفاضل فيما بينها؟والأهم من ذلك : ماذا تستفيد مصر من كل هذه المجموعات المتشرذمة في وقت هي أحوج ما تكون فيه للوحدة؟ وماذا يستفيد المواطن العادي من الانضمام لأحد هذه “الكيانات” دون غيره؟ هل لهم برنامج محدد نخدم مصر معهم من خلاله؟ أم هم مجموعات من الشباب الثورجية المشحونين، جاهزين للخروج للتحرير في أي وقت ولأي سبب لأن ميدان التحرير “وحشهم وصعبان عليهم فراقه”؟ فالثائر الناجح يعرف متى يثور ومتى يتوقف عن الهدم ويبدأ في البناء، وإلا تحول إلى “ثورجي” محترف، مهنته الهتاف والاعتصام والاعتراض المستمر ، بدون أن تكون له خطة واضحة توصله لأهداف محددة، وإنما الهدف هو الاستمتاع ب”نشوة” الثورة في حد ذاتها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.هذه الحالة السياسية الهلامية تشبه حالة الخوف من الارتباط التي تسيطر على الشباب الآن، فهم يهيمون ويسهرون ويحبون لمجرد الاستمتاع بالحب، ولكن يهربون عند أول مطالبة بتحويل هذا الحب إلى زواج مقنن له أصول وقواع، وعليهم فيه مسئوليات قبل أن تكون لهم فيه حقوق.وحتى لا تفهمني خطأ، أنا لا أهاجم أو أشكك في شباب الثورة على الإطلاق، بل بالعكس، أتفهم تماما قلة خبرتهم، وأقدر وأحترم وطنيتهم وحماستهم وتضحيتهم من أجلنا جميعا أثناء الثورة، ولكن أحاول أن أنبه أن هناك مرحلة انتهت وأخرى بدأت، وآن لنا أن نستعد لمرحلة أصعب وأهم كثيرا، لا يكفي فيها التظاهر وتوزيع المنشورات. مرحلة تستدعي عمل جاد منظم ومقنن، يضع مصلحة مصر فوق كل الاعتبارات الأخرى، ويسير وفق منهج واضح مرسوم بعناية وله أهداف محددة ومعلنة، قابلة للنقاش والنقد والإضافة والتعديل، على أسس علمية، هدفها أولا وأخيرا بناء مصر كما نريدها كلنا.ولذلك، لم يعد مقبولا أن تبقى هذه “الكيانات” هكذا هلامية مستعصية على التعريف والتصنيف، ومطاطة بحيث تتلون وتتغير بتغير الظروف، ومنتسبيها مجموعة من الناس المتباينين في الفكر والتوجهات، والمختلفين فيما بينهم حتى على الخطوط العريضة.كل هذه الإئتلافات والجبهات والتجمعات يجب أن تتحول بسرعة لكيانات قانونية محددة كالأحزاب والجمعيات الأهلية، وعليها أن توضح لنا اتجاهها السياسي والمجتمعي ومصادر تمويلها وقياداتها الفكرية ليمكننا محاسبتها على أساس ذلك والعمل معها من خلاله. وكل هذا يسبقه أن يَعرف كل فصيل نفسه أولا ويحدد أهدافه ويرسم خطته وينتخب قياداته.لو أردنا لثورتنا النجاح والاستمرار، فيجب أن نعترف أن حالة انعدام القيادة وافتقاد التوجه والافتقار للآليات التنفيذية لا محل لها من الإعراب من الآن، ولا مكان لها في مستقبل مصر السياسي الذي نتمنى جميعا أن يعكس احترافية عالية وقيم راقية تليق بمصرنا الحبيبة.—– * سحر النادي مستشارة ومدربة وكاتبة متخصصة في مهارات التواصل الفعال والحوار بين الثقافات، تمتد خبرتها لأكثر من 20 عاما من المشاركة في الفعاليات الدولية والإعلام المرئي والمكتوب والإلكتروني. وقد قامت بتدريس العديد من البرامج التدريبية وورش العمل والمحاضرات للجماهير متعددة الجنسيات في 25 بلدا حول العالم واستضافتها وسائل الإعلام الدولية وظهرت على أغلفة مجلات أوروبية كنموذج للمرأة القائدة وتم اختيارها من بين القيادات النسائية في العالم من جامعة سانتا كلارا بكاليفورنياالرابط المختصر:: http://www.algareda.com/?p=14001بإمكانكم دومًا متابعة آخر أخبار الجريدة عبر خدماتها على موقع تويتر أو عبر موقع فيسبوك. google_ad_client="ca-pub-7029814275648674";google_ad_slot="7714684894";google_ad_width=336;google_ad_height=280; اقرأ أيضًا:سحر النادى تكتب: المول السياسي المصريسحر النادى تكتب: وأد الفتنة فريضةسحر النادى تكتب: أنت كنز مصر (١ من ٢)

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل