المحتوى الرئيسى

الإعلام والإخوان.. الإصرار على سياسة المخلوع

05/28 08:45

- محسن راضي: اندثار وسائل الإعلام المشبوهة مسألة وقت - السيد الغضبان: الإعلام المرئي والمسموع يسير "حسب التساهيل" - د. حسن عماد: الإعلام المصري تحكمه العشوائية - د. صفوت العالم: نقل معلومات غير دقيقة لإثارة الجدل   تحقيق: أحمد جمال قبل ثورة 25 يناير استغل النظام السابق وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في الهجوم على التيار الإسلامي، وخاصةً الإخوان المسلمين، الذي حاول النظام استخدامهم من خلال وسائل إعلامه فزاعة للداخل والخارج، وخلال أحداث الثورة واصل نفس الإعلام نفس المنهج، ولكنه استخدم الشعب المصري كله فزاعة، ونجحت الثورة وحاول هؤلاء تغيير جلدهم طبقًا للمستجدات الجديدة، ووجدنا مساحات مختلفة في وسائل الإعلام إلا أنه بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية عادت ريمة لعادتها القديمة، وواصل الإعلام هجومه وتجنيه وتجاوزه في حقِّ الإخوان المسلمين، وقام بتحريف مواقف واختلاق أخرى، بل وصل الموضوع في بعض الأحيان إلى محاولة الوقيعة، وحتى لا نكون مثلهم نتحدث دون حقائق فقد رصدنا خلال الأيام الماضية بعض التغطيات التي نشتم من ورائها أهدافًا مريبة تعيدنا إلى عهد مبارك.   البداية كانت بجريدة (الأهرام) التي نشرت في عددها الصادر يوم الأحد 15 من مايو الجاري، تقريرًا بعنوان: "زيارة بديع لبيروت غير بعيدة عن صعود الحركات الإسلامية وحوارها مع واشنطن"، ويتضح من خلال العنوان أن كاتب الخبر تجاهل سبب زيارة فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع إلى لبنان، وهو تقديم واجب العزاء في وفاة المستشار الشيخ فيصل مولوي الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان؛ مدعيًا أن هذه الزيارة كان الهدف منها تعزيز صعود التيارات الإسلامية وحوارها المزعوم مع الولايات المتحدة الأمريكية.   كما ذكر الكاتب أن هناك دورًا تلعبه الجماعة من خلال هذه الزيارة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين حول تشكيل الحكومة اللبنانية المتعثرة، وربط بين هذا التحرك وما سماه نجاحًا للإخوان في تحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، وكل هذا الكلام لا أساسَ له من الصحة، ونفاه الإخوان جملة وتفصيلاً ولا يتعدى كونه ادعاءً الهدف منه قلب الحقيقة، وإظهار الإخوان وكأنهم يأخذون مهمة الدولة المصرية في العلاقات الخارجية، وهذا ما لم تقم به جماعة الإخوان أو تدعيه.   كما نشر موقع (اليوم السابع) في الرابع عشر من الشهر الجاري خبرًا تحت عنوان "شباب الإخوان يعلنون تأييدهم لأبو الفتوح، رغم رفض الجماعة"؛ حيث قال الكاتب إن شباب الإخوان يؤيدون ترشيح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لرئاسة الجمهورية، مستندًا إلى رأي شاب يدعى محمد شمس متجاهلاً في الوقت ذاته الصفحات التي أنشأها شباب الإخوان، والتي تحوي الآلاف من شباب الجماعة على موقع (الفيس بوك) للتعبير عن رفضهم لهذا الأمر، ولأي خروج على مبدأ الشورى، وفي حادثة أخرى نشر الموقع قبل هذا التاريخ بعدة أيام خبرًا عن اشتباكات بين شباب الإخوان وشباب الجماعات الإسلامية في جامعة المنيا، وهو ما اتضح أنه محض افتراء.   وفي خطأ مهني كبير نشرت (المصري اليوم) بتاريخ الخميس 19/5/2011م مقالاً يهاجم شعار الإسلام هو الحل، مذيلاً بتوقيع الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، والذي اتضح فيما بعد أنه مقال الدكتور مصطفى السعداوي ولا علاقة لفضيلة المفتي به؛ ما اعتبره إبراهيم نجم مستشار المفتي سقطة كبيرة من الصحيفة.   واتهم الدكتور صفوت حجازي، عضو مجلس أمناء الثورة في أحد المؤتمرات، بعض وسائل الإعلام المصرية بالوقوف وراء الثورة المضادة، وعلى رأسها صحيفة (المصري اليوم) التي وصفها بـ"الحجري اليوم" لدورها في إرهاب المجتمع، ونشر الفوضى، وبثِّ روح اليأس ببيانات كاذبة عن الحالة الاقتصادية.   كل هذه السقطات الإعلامية الأخيرة ليست جديدة على العديد من وسائل الإعلام التي عرف عنها تعمد قلب الحقائق، ولي الوقائع لأغراض خاصة، لا تراعي مهنية ولا أعرافًا إعلامية، لكن هذه الأحداث الأخيرة فتحت جرحًا غائرًا في جبين الصحافة المصرية.   (إخوان أون لاين) ناقش أبعاد المشكلة وسبل مواجهتها في هذا التحقيق: إعلام بلا مهنية أو أخلاق   محسن راضيبدايةً يوضح محسن راضي، عضو البرلمان الشعبي وعضو مجلس أمناء الثورة، أن المهنة الإعلامية رسالة تتحلى بالأخلاق ينبغي على كلِّ إعلامي أن يتحلى بها، وتضبطها مواثيق الشرف الإعلامي التي تنظم عملها.   ويؤكد أنه ورغم هذه المبادئ فإن الكثير من المؤسسات الصحفية المصرية بعيدة عن المهنية والحياد الصحفي المطلوب بشكل فاضح، وهناك الكثير من الحملات غير موضوعية يقف وراءها فلول النظام البائد في الصحافة، الذين تربوا على النفاق، وزرع الفتن بين أبناء الشعب، والكثير منهم لا يتحلون بمبادئ وأخلاق المهنة.   ويشير إلى أن هدف هؤلاء الصحفيين من هذه التصرفات إثارة الرأي العام والبلبلة في المجتمع، وإشاعة جو من الفوضى الأمنية بين المواطنين، والإضرار بتماسك المجتمع المصري، وهذا ما بدى جليًّا في الأحداث الأخيرة؛ حيث لعب الإعلام دورًا مهمًّا في تفاقم الخلافات الطائفية، والإضرار بالاقتصاد الوطني.   ويضيف أن بعض الصحفيين يتعاملون بفكر محاكم التفتيش، فيبحثون في نوايا المتحدث حتى يُخرجوا كلامه عن سياقه؛ ليثبتوا أفكارًا مسبقة في عقولهم، ولا صلة لها بالواقع أو برأي الشخص، مؤكدًا أن المشكلة ليست خاصة بالإخوان فقط بل هي وسيلة بعض الصحفيين للإيقاع بين القوى الوطنية وضربها بعضها ببعض، كما كان لهم دور في نشر فكرة العفو عن الرئيس المخلوع، ونسيان الجرائم التي قام بها مبارك وتابعوه، معتبرًا أن ذلك يأتي في إطار ردِّ الجميل للنظام البائد الذي حماهم وأغدق عليهم.   ويشدد على ضرورة الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامي وبالقوانين المنظمة للعمل الصحفي، مؤكدًا أن ذلك يتطلب عملاً وجهدًا من نقابة الصحفيين، كما يجب أن تظهر وسائل إعلام بديلة تتحلى بالمصداقية، خصوصًا أن الصحف ووسائل الإعلام المشبوهة في طريقها إلى السقوط لكنها مسألة وقت.   إعلام خارج الزمن   السيد الغضبانيشير الإعلامي السيد الغضبان إلى أن الإعلام المرئي والمسموع في مصر يمرُّ بمرحلة من أسوأ مراحله، وفي بعض الأحيان يكون أسوأ من مرحلة ما قبل الثورة؛ حيث كان له منهج ورؤية يسير عليها حتى لو كانت خاطئةً أو مرفوضةً إلا أنها أفضل من العمل بلا رؤية أو هدف، كما هو الحال في الوقت الراهن؛ ما يسبب الكثير من التناقضات، ولا يعكس وجهة النظر الرسمية أو حتى الشعبية.   ويؤكد أن التلفزيون الرسمي يعمل بـ"البركة"؛ حيث يتم التعامل مع الأحداث حسب إمكانيات وقدرات وتصورات الإعلاميين القائمين على العمل وقت الحدث، بدلاً من العمل على أساس إستراتيجية واضحة وثابتة للمؤسسة الإعلامية للتعامل مع الأحداث من خلالها، كما هو الحال في أي مؤسسة إعلامية مهنية.   أما القنوات الخاصة فيرى الغضبان أنها تنقسم إلى قسمين، القسم الأول وهو التابع لرجال أعمال لهم أجندات سياسية، ومتداخلين مع الحياة العامة، وربما لهم مطامع أو أغراض في العملية السياسية؛ ما يجعل القنوات المملوكة لهم تنتهج خطًّا واحدًا لدعم توجه أصحابها، وتأييد الأجندة السياسية التي يتبعونها، كالقنوات المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، باعتباره مؤسس حزب "المصريين الأحرار".   والقسم الثاني من وجهة نظره هي القنوات التابعة لرجال أعمال بلا أجندة سياسية واحدة، وهذه القنوات تتعامل "حسب التساهيل"، بلا هدف ولا رؤية ولا منهج محدد سوى تقديم إعلام يجلب الربح المادي وحسب؛ ما يجعل البرامج غير متجانسة، وتبعث برسائل متناقضة، وبالتالي لا توصل معلومة إلى المتلقي سوى مجموعة من الأفكار المتناقضة.   ويشير إلى أن القنوات الوحيدة التي تعمل من خلال منهج ورؤية محددة وتوصل رسالتها إلى الجمهور هي القنوات الموجهة من الخارج باللغة العربية، مثل (الجزيرة)، و(الحرة)، و(روسيا اليوم).   أما الراديو فيقول إنه خارج إطار التقييم من الأساس، فيعمل بعشوائية واضطراب شديدين دون أي محاولة للتقييم أو المراجعة من أجل التصحيح، ما جعله يصل إلى حالة مزرية للغاية.   ويضيف أن هذه العشوائية في كثير من الأحيان تؤدي إلى تلويث الفكر، وإثارة البلبلة، أو حتى الإساءة إلى الثورة وتشويهها، فالمواطن يتلقى عشرات الرسائل المتناقضة في ذات الوقت؛ ما يشتت الرأي العام، ويوتر المجتمع، ويخلق جوًّا من اللا وعي، وغياب الثقة لدى المواطنين.   رؤية إعلامية موحدة ويصف الدكتور حسن عماد، وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة، الوضع الإعلامي المصري في المرحلة الحالية بأنه يتسم بالكثير من العشوائية، فبعد نجاح الثورة المصرية اتسعت دائرة الحرية بشكل كبير، وهذا شيء إيجابي، إلا أن البعض استغلوا أجواء الحرية بطريقة خاطئة، كما أن غياب الرؤية والهدف ساهم في انتشار العشوائية بصورة أكبر.   ويضيف أن هذا المناخ ينطبع بشكل سيئ على مهنية الصحافة، وعلى المجتمع المصري في ذات الوقت، فيؤدي إلى ظهور أخبار وتغطيات صحفية تساهم في إثارة البلبلة، وتمزق المجتمع، والتشرذم الذي يؤدي بدوره إلى نشوب الخلافات والتناحر والفتن بين طوائف المجتمع وتياراته وأفكاره المختلفة، وكل ذلك يعوق جهود البناء والنهوض بالبلاد في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها.   ويوضح أن البيئة الحالية في المجتمع المصري وزيادة نسبة الحرية بلا ضوابط تسمح لكلِّ الأطراف باللعب في الداخل المصري؛ حتى لو كانت جهات خارجية أو جهات داخلية ذات أغراض مشبوهة، مشيرًا إلى أن ذلك ظهر في الآونة الأخيرة من خلال بعض وسائل الإعلام التي تحاول إصابة المجتمع بحالة من الخوف والفزع، وتعميق فكرة الخوف لدى المواطنين للإضرار بالثورة.   ويؤكد أن قانون العقوبات الحالي به العديد من المواد الخاصة بالإعلام والنشر التي تحتاج إلى إعادة نظر لمسايرة الأوضاع الجديدة في البلاد بعد الثورة؛ لتكون مساحة الحرية واسعة لكن بحدود تحفظ الوطن، وتحافظ على المجتمع، مطالبًا في الوقت ذاته أن يتم وضع ميثاق شرف إعلامي حقيقي يمكنه أن يتعامل مع هذه الحالات، خصوصًا وأن الميثاق الحالي عبارة عن مجموعة من العبارات المطاطية، والنصوص غير الواضحة التي تحتمل التأويل.   ويدعو الدكتور عماد إلى تبني رؤية إعلامية وطنية موحدة تجمع كلَّ وسائل الإعلام، وترضي الجميع؛ بحيث تتفق جميع الجهات والمؤسسات الإعلامية على نقاط أساسية ملزمة، تراعي مصالح البلاد مع أحقية كل وسيلة إعلامية أن تتخذ الوسائل التي تريدها، ففي الولايات المتحدة يمنع على أي وسيلة إعلام أن تتبنى الفكر الشيوعي أو تدافع عنه؛ لأن توجه البلد رأسمالي.   مرحلة انتقالية    د. صفوت العالممن جانبه، يرى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن المرحلة الحالية تشهد تعددًا في الوسائل الإعلامية، كل وسيلة تعكس رؤية مختلفة عن الأخرى باختلاف الزاوية التي تتناول من خلالها المعلومة أو الحدث، خصوصًا مع تشابك المعلومات واختلاف زوايا الرؤية لكلِّ قضية، واختلاف السياسات الإعلامية وهدف النشر لكلِّ وسيلة.   ويضيف أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد بعد الثورة المصرية واكتشاف حالات كثيرة من الفساد الذي لم يكن متوقعًا في السابق دفع كلَّ وسائل الإعلام إلى التسابق في نقل المعلومات، بغضِّ النظر عن صحتها في كثير من الأحيان، ما يثير جدلاً واسعًا في المجتمع، ويسبب حالة تخبط بسبب معلومات غير دقيقة.   ويشير إلى أن مرحلة ما قبل الثورة شهدت تدخلاً كبيرًا لرجال الأعمال في المجال الإعلامي، خصوصًا مع اقتران المال بالسلطة الذي كان يتطلب أدوات إعلامية للتأثير على الرأي العام وصانع القرار، معتبرًا أنه من الطبيعي بعد هذه الفترة أن تشهد البلاد هذه الأخطاء الإعلامية خلال الفترة الانتقالية، فالاستقرار الإعلامي يتطلب استقرارًا سياسيًّا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل