المحتوى الرئيسى

السودان بين التدويل والحرب الأهلية بقلم: ناصر ستة

05/27 17:20

السودان بين التدويل والحرب الأهلية بقلم: ناصر ستة لم يعد ، الصراع الداخلي في السودان بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والحركة الشعبية مستتراً ، إنما أصبح مبنياً على مصالح كلا الطرفين في منطقة ابيي، التي انقسمت البلاد حولها شمالاً وجنوباُ، والعباد عرباً وأفارقة، لتتحول هذه المنطقة إلى تماس يمتد على برميل باروود فوق نهر من الذهب الأسود، من شأنه أن يشعل القارة السمراء بأسرها. القوات المسلحة السودانية، عززت من انتشارها العسكري في المنطقة بعد اشتباكات عنيفة الأسبوع الماضي اندلعت عقب تعرض قوات من الجيش السوداني والأمم المتحدة إلى كمين نصبه الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية على بعد سبعة كيلومترات شمال أبيي، ما أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح بحسب الناطق باسم الجيش السوداني. .. ألأمر الذي دفع الرئيس عمر البشير، إلى اتخاذ موقفٍ هو الأعنف، بتأكيده أن الجيش لن ينسحب من هذه المنطقة لأنها منطقة شمالية، وأنه أعطى الضوء الأخضر لقواته بالرد على ماوصفه استفزازات قوات الحركة الشعبية المسلحة، واستهدافها للقبيلة الرعوية التي تتنازع السيطرة عليها مع قبائل الجنوب، والمتأصلة في هذه الرقعة الجغرافية منذ منتصف القرن الثامن عشر. واقع جديد تسبب به الهجوم الذي نفذته الحركة الشعبية يأتي ضمن سيناريو يقضي باستدراج الجيش السوداني إلى التدخل في المنطقة، وذلك لنكأ مشكلة أبيي مجدداً، وخصوصاً أن مصيرها لم يحسم بعد. سيناريو، لعلّ من أحد فصوله، مطالبة الحركة بتدخل دولي للبت في قضية وجود هذه القوات التي تنفذ، حسب الحركة، احتلالاً غير قانوني في المنطقة المتنازع عليها والمتداخلة بين شطري السودان مايفتح الباب على تدويل الازمة، ثم التسريع برسم الحدود الجغرافية لمعالم أبيي . ويبدو ان هذا المخطط لاقى رواجاً لدى الولايات المتحدة، التي كان لها اليد الطولى في تقسيم البلاد، وهذا ما أظهرته التصريحات السابقة للرئيس الاميركي باراك أوباما اثناء إجراء ألإستفتاء منذ أشهر، بقوله إن انفصال الجنوب عن الشمال هو مصلحة تخدم الأمن القومي الأميركي. هذا الموقف تدرج الى أروقة الأمم المتحدة، رغم أنها وصفت الهجوم على قواتها في الجنوب بجريمة حرب، لكنها عادت لتكتفي بمطالبة الحركة الشعبية إجراء تحقيقات ليس أكثر، مترافقة مع دعوة تطلب فيها من الخرطوم سحب قواتها فوراً. تعد منطقة أبيي التي تبلغ مساحتها نحو ثمانية عشر ألفاُ، وخمسمئة كيلو مترٍ مربعٍ، ويعيش فيها نحو ثلاثمئة ألف من مختلف القبائل وأكبرها المسيرية ، تعد من اكثر النقاط تعقيدا لتداخلها بين الشمال والجنوب، حيث تقع غرب منطقة كردفان في السودان، وتحدها شمالا المناطق التي تسكنها قبيلة المسيرية العربية، وجنوبا بحر العرب القريب منها. ويعيش فيها مزيج من القبائل الافريقية منها الرزيقات والدينكا، حيث يدعي كل طرف سيادته التاريخية على المنطقة ويصف الآخرين بالدخلاء. عانت قبائل تلك المنطقة من آثار الحروب الأهلية في السودان، والتي امتدت من عام ستة وخمسين إلى عام اثنين وسبعين، ثم عادت لتستأنف فيما بعد حربا أهلية ثانية عام ثلاثة وثمانين. إدارياً، كانت منطقة أبيي تتبعُ إلى الشمال وتنظُرُ إليها الحكومة السودانية منطقة تمازج بين القبائل العربية والأفريقية، نافية كونها خالصة لطرف دون آخر، غير أنّها تحولت إلى منطقة نزاع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية المتحالفة مع الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي الذي ساندها بالاسلحة والتدريب خلال حربها مع النظام، بهدف ضمها إلى الجنوب، بذريعة إنها كانت تابعة له قبل عام الف وتسعمئة وخمسة، قبل أن يصدر الحاكم العام البريطاني قراراً ادارياً يقضي بربطها بمديرية كردفان.. تحاول الحركة تبرير وجهة نظرها بزعمها أن العلاقة بين مجموعة الدينكا والعرب عرفت تغييرا في فترة الرئيس السابق إبراهيم عبود ، بعد محاولته إنهاء مشكلتها عبر عمل عسكري، يهدف الى أسلمة وتعريب القبائل الافريقية التي تقطن فيها، وحينها بدأ عدد من أبناء دينكا في الالتحاق بالحركات المسلحة الجنوبية لتخوض، صراعا امتد لسنوات أدى إلى مقتل وتشريد مئات ألآلآف من أبناء هذه القبائل، قبل التوقيع على اتفاقية السلام في نيفاشا عام ألفين وخمسة، والتي تضمنُ وقفاً لهذه الحرب وإجراء استفتاء حول انفصال الجنوب عن البلاد. حرب عبر عقود من الزمن، اثارت جدلا فسرته الصراعات التى أخذت طابعا قوميا بين قبائل أبيي، لتعيد طرح العلاقة بين الهوية والمواطنية، ماقد يفتح الباب على احتمالات عدة يخشى البعض أن تنذر بحرب أهلية جديدة من شأنها أن تعيد عقارب الساعة الى الوراء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل