المحتوى الرئيسى

بسَبَب الزعيم عبدالكريم قاسم تمَّ تعذيبي في الكُلِّيَّة العسكريَّة بقلم: حميد الواسطي

05/27 14:14

بِسْمِ اٌللهِ اٌلرَّحمَنِ اٌلرَّحيمِ.. هذِهِ المقالة سوف تستعرض بَعدَ مشيئة اٌلله تعالى جانباً صعباً مِن حياتي العسكرية وَبسَبَب صورة للزعيم العراقي الخالد عبد الكريم قاسم تركت الدورة 54 في الكلية العسكرية.. أما بعد، كانت بدايتي في تلك الدورة (54) صعبة وَمنحوسة وَقاهِرَة وَغير موفقة تماماً وَلَم أستطيع الإستمرار فيها ممّا اضطرتني الظروف للإستقالة مِن تِلكَ الدورة وَأتقدَّم لدورةٍ لاحقة (يأتي ذِكرهَا)!! قبل إلتحاقي في الدورة 54 في شهر ديسمبر 1973 بشهور أو سنة قبلَ ذلِك كُنتُ أحتفظ بصورةٍ جميلة للزعيم العراقي الراحل عبدالكريم قاسم (وَلَكِن في عهَد حُكُومَة البكر وَصدام كانَ مِنَ الممنوع أو الخطر حيازة مثل هذِهِ الصورة) وَكُنتُ قد أخفيتها في أحَد جيوب حقيبة ملابس خاصتي وَيبدوا أني نسيتها وَعِندَ إلتحاقي للكُلِّيَّة العسكريَّة باٌلتأريخ أعلاه فأنَّ إحدى أخواتي قد جهّزت لي حقيبة السفر (وَلَم ترى ضرورة بتفتيش كُلّ جيوبها) سِيَّمَا أنَّ الصورة كانت بحجم صغير، عرضها 10 سنتمِتر تقريباً وَبطول أكثر قليلاً أخفيتها (وَنسيتها) في جيبٍ صغير ذو سحَّابة مِن جيوب الحقيبة. إلتحقتُ إلى الكُلِّيَّة العسكريَّة وَبدون أن أعرف أنَّ حقيبتي الشخصية تحتوي عَلَى صورة عبدالكريم قاسم!! وَلمّا دخلتُ قاعة الفصيل الَّذِي تنسبت إليه كانَ طلاب الفصيل خارِج القاعة في التدريب أو قاعة الدرس وَلَم أجد في القاعةِ سوى نائب عريف (تلميذ) الفصيل (المتقدم) مِن دورة 53 وَإسمه صبّار كاظم الجبوري وَكانَ قاسيّاً وَمكفهر الوجه وَشعرت حينها كأني دخلتُ سجناً وَأمامي سجّاناً؟ ثمَّ أخذني إلى مكاني في القاعة (سرير المنام وَبجانبه دولاب الملابس الحديدي، وَتقريباً في منتصف القاعة) وَقال لي اٌفتح الحقيبة لتنشر كل محتوياتها عَلَى السرير وَقامَ نائب عريف صبّار بتفتيش الملابس وَالحاجيات بدقة بالغة (لَم أكن حينها أعرف) بأنَّ أكثر التدقيق عَلَى السكائِر وَالَّتِي هِيَ ممنوعة عَلَى طلاب الكُلِّيَّة وَعَلَى وَجهِ الخصوص الطلاب المستجد!! وَمَن يجدون بحوزتهِ سكائِر يتعرّض للعقوبة!! عَلَى أيةِ حال لَم أكن مدخناً أو مكترثاً مِن دقة التفتيش؟ كوني (متأكداً) مِن عدم وجود شيئاً ممنوعاً. ثمَّ أخذ ن. ع. صبّار يُفتش في كُلِّ زوايا وَبطانة الحقيبة وَفتح جيوبها وَقد تفاجئت وَصُدمت حينما أخرجَ صورة عبد الكريم قاسم (تذكرت حينها أني وَضعتها وَنسيتها) وَأخذ يهز يَدّه وَيصرخ في وجهي بأعلَى صوته (هاي شنهو.. إنتَّ وين جاي.. منهو قبلك بالكُلِّيَّة.. وَهكذا دواليك!!) وَأخذ يُهدِّد وَيتوعَّد وَيزبد وَيرعد وَيسألني: مِن أينَ أنت؟ وَمِن أيِّ عشيرة وَأينَ تسكن وَأسئلة تحقيقيَّة أُخرى ثمَّ أخذ الصورة وَخرج مُسرعاً وَكأنه عثر (أو إكتشف مُؤامرة) ضِدّ الحزب وَالثورة!! وَبقيت حينها أنتظر لوحدي في القاعةِ وَقلقاً لأني متأكد أنه سيُقدّمهَا للمسؤول الأعلَى وَموقفي سيصبَح صعباً وَبالنتيجة سأخسر مكاني أو فرصتي في الكُلِّيَّة فضلاً عن مصيري أينَ سيكون؟! وَبَعد حوالي رُبع ساعة مِنَ الإنتظار جاءَ ن.ع. صبّار ومعه عريف تلميذ الفصيل وَإسمه جاسم حمادة نامس (إنسان مُحترَم وَفي غايَة الأخلاق وَالإنسانية إلى درجةِ يعجز الإنسان عن وصف تساهله وَرجاحة عقله وَهُوَ في حينها كانَ مِنَ المُمكن أن يؤذيني) جاسم حمادة نامس من أهل بلد / صلاح الدين, تلميذ في الكليَّة العسكريَّة من دورة 53 المتقدم (وقتذاك) بَيدَ أنه يحمل عقلية شيخ كبير وَرشيد وَإنساني سألني أسئلة بسيطة وروتينية أمام النائب العريف المسعور صبّار الجبوري وَاٌكتفى بأن اُمزّق الصورة بيَدي وَأن أرميها في سلةٍ مركونة في زاوية القاعة ففعلت وَنظر لي نظرة إنسان بمعنى الكلمة شعرت بأنه يوحي بأنَّ المسألة قد انتهت وَنساها وَأن لا أقلق وَلَكِن ما أن خرجا وَبقيت وحدي في القاعةِ جمعت الصورة الممزقة لأتخلَّص منها في مكانٍ آخر وَخفي خشية أن يقوم ن. ع. صبّار الجبوري مِن جمعها وَتسليمها أو إخبار جهة أُخرى أو لعدم قناعته بقرار العريف التلميذ جاسم.. وَالطريف أو المُفارَقة في الأمر قد تبيَّن لي فيما بعد إنَّ صبَّار الجبوري هُوَ شيعي مِن أهلِ الكرادة وَأمَّا جاسم نامس فهو سني!! وَالإثنان عَلِمَا بأني شيعي أثناء تحقيقهُمَا لي عن صورة عبدالكريم قاسم وَقبلَ تمزيقها!! وَبينما كان آمر الحظيرة نائب العريف التلميذ (من دورة 53 المتقدم: صبار الجبوري) ينام في أول سرير مِن قاعة الطلاب المستجد (حظيرة كاتب السُطور) وَيشرف عَلَى كُلّ التفاصيل مِن نهوض وَمنام وَإرتداء الملابس بكامل القيافة في 3 دقائق وَمَن يتأخر (فعقوبته ساعة تعليم أضافي) وَكذلِكَ من واجبات نائب العريف التلميذ مرافقة الفصيل إلى ساحة التدريب أو الدرس أو المطعم وَأيضاً يشرف عَلَى عقوبة طلاب الحظيرة أو بما يُعرَف بالتعليم الأضافي (ساعة أو ساعتين أو أكثر حسَب ما يقرر!!) وَهُناكَ عقوبة أُخرى هِيَ ساعة أو ساعتيَن وقوف الطالب باٌلإستعداد.. في ساعات التعليم الأضافي تتضمّن تدريباً قاسياً جداً وَمنها الزحف عَلَى الطين، فضلاً عن ذلِك فأنَّ نائب العريف صبّار الجبوري أخذ يُركّز عَليَّ (أنا كاتب السُطور – التلميذ في الدورة 54) بدقة وَشدَّة مِن تعليم أضافي مُزمن إلى ساعات في الإستعداد متواصلة وَيوميّاً!! وَفي الأغلَب فأنَّ زملائي الطلاب ينامون كُلّهم بينما أنا واقف في الإستعداد وَفي بدلة مبللّة وَفيها طين وَالوقت بارداً في موسم الشتاء وَمِنَ الطبيعي أنَّ مَن يتحرَّك في الإستعداد أو يُحرك يدّه أو يحكّ وجهه فأنَّ العقوبة تتكرَّر أو تتضاعف!؟ أيّ يُعيد الوقت مِن جديد فكنتُ أرى بأنَّ صبّار الجبوري قد تركَ بقيَّة الطلاب في كفةٍ أو جانباً وَصار يتابعني وَيلاحقني في كُلِّ تفاصيل الحياة اليوميَّة وَبشكلٍ خاصّ في كُلّ صغيرة وَكبيرة وَيُركز عَليَّ في كُلِّ شاردةٍ وَ واردة وَإلى درجةِ أني شعرت أنه شيطاناً في جسم إنسان وَبشكل مستمر يهمس في أذني: "ها خو ما نسيت الصورة" (صورة عبدالكريم قاسم) أكول.. أكول..!! (أقول: اَفضحُكَ عَلَى الملأ!!) فأمسيت يوميّاً وَفي الليل مِن ضمن المعاقبين تعليم أضافي.. بقيَّة الطلاب وَعمُوماً يتعرضون لعقوبات التعليم الأضافي مَرة أو مرتيَن في الأُسبوع أو الأُسبوعيَن وَبشكل عادي بينمَا أنا يوميّاً رفيقاً دائماً مَعَ المُعاقبين وَيعاقبني ن. ع. صبّار بشكلٍ خاصّ وَمُركّز وَحاقد وَتعذيب وَيَستمر ساعات بَعد أن ينتهي الطلاب مِن ساعة عقوبتهم وَينامون عِلماً أنَّ المسألة لَيسَت بسيطة أو سهلة في التطبيق وَأن النهوض فجراً بينما أنا أبقى اُنفذ ساعات تعليم أضافي وَالوقوف بالإستعداد حتى منتصف الليل وَبعد يوم قاسي مِن تدريب وَدراسة متواصلتيَن وَرياضة في العصر وَمُذاكرَة مسائيَّة بَعدَ العشاء فصرت لا أستطيع النوم إلاَّ قليلاً وأنا بعد التعليم الأضافي بحاجة إلى إستحمام وَالملابس إلى غسيل وتجفيف بالمكوى لأني أحتاجها في اليوم التالي وَالوقت قصير يعني لا يعطيني وقت للإستحمام أو لغسل الملابس إلاَّ دقائق معدودة يعني يأمرني أو يقول: "إلكَ (عندك) 5 دقائق إتكون جَوَّه (تحت: أو مغطى) بالبطانية – يعني نائم – وَهذا مِن ضرب المستحيلات فتتجدد عليَّ عقوبات أُخرى اُنفذها في اليوم التالي.. فكنتُ عادة ما أتظاهر بأني نائماً وَبالرغم مِن كوني متعباً وَلَكِن أجتهد أن لا يغلبني النعاس حتى أتأكَّد مِن أنَّ آمر الحظيرة قد نام فأحاول في منتهى الهدوء وعدم أثارة أيّ صوت حركة وَالمشي حافياً حتى لا يظهر أي صوت حاملاً معي نعلاي وَبدلتي العسكريَّة المُبللة وَالمليئة بالطين وَبطانية وَمكوى وَأخرج متسللاً مِنَ قاعة المنام لأُغسل البدلة (العسكريَّة) الَّتِي نفذت فيها عقوبة التعليم الأضافي في المغاسل ثمَّ اُجففها بالمكوى (لأني أحتاجها في اليوم التالي) وَمِن نقطةِ كهرباء في ممّر خارج قاعة المنام وَعندما أعود إلى منامي حريصاً بكُلِّ هدوء وَلَكِن أحياناً يشعر آمر الحظيرة وَكأنه قد مسكني متلبساً في جريمة فيصرخ بي وَيوعدني بكذا ساعة تعليم أضافي عقوبة اُنفذها في اليوم التالي وَعِندمَا يصرخ بي يستيقظ بعض الطلاب مذعورين فأشعر بالحرج إتجاههم!! وَهكذا أصبحت أشعر بأني في سجنٍ وَتعذيب مستمر وَقاسي لا أُعامل مِثل الطلاب وَلاَ أنام مثلهم علاوَة عَلَى ذلِك يُهددني بإستمرار في مسألة الصورة (صورة عبد الكريم قاسم) بقيت حوالي ثلاثة أشهر عَلَى ذلِك المنوال مِن التعذيب تحت سِتار التعليم الأضافي وَالوقوف بالإستعداد وَالهمس في اذني كُلّ يوم عدَّة مَرَّات بتذكيري في الصورة!! وَأن صبّار الجبوري لا يُريد أن ينسى أو يُسامح أو يتغاضى عن مسألة صورة قاسم وَأنا بنفسِ الوقت لا أُريد أن تظهر قضية الصورة عَلَى العلَن وَبنفس الوقت لَم أرى في ذلِك النائب العريف (صبّار الجبوري) أيّ إنسانيَّة أو رحمَة!! عَلَى أية حال، فكرت وَكُنتُ أتمنى بأني لَو أستطيع أن أنتقل إلى فصيلٍ آخر!! وَلَكِن مثل هذا الطلب وَكما يَعرف ضبّاط الجيش العِرَاقي خرّيجي الكُلِّيَّة العسكريَّة آنذاك.. إنه طلباً غريباً أو لا يتلقى اذان صاغية وَيفتح مجال لأسئلة أو معرفة أسباب بنفس الوقت لَم أكن أريد أن أفتح موضوعاً ينعكس عليَّ سلباً!! وَهُوَ موضوع صورة الزعيم,, وَإذا ما اُثيرت فلَيسَ أنا وحدي مَن أتعرض للمُحاسَبَة بَل عريف الفصيل جاسم حمادة نامس الَّذِي غلقَ الموضوع عَلَى مسؤوليتهِ وَبدون أن يخبر المسؤول الأعلى أو الجهة الحزبية في الكُلِّيَّة!! فكرت مِن جهةٍ أُخرى أن أطرق باب آمر الفصيل ملازم إبراهيم عبد الطالب وَأثناء التدريب كانَ هناك استراحات بَينَ فترات التدريب يجلس فيها الطلاب، وَكذلِكَ ضباط الفصائل أثناء الإستراحات عادة ما يجتمعون في مكان ما بالساحة لتداول الحديث كزملاء فصرت أبحث عن فرص مُناسبة لألتقي بآمر الفصيل قبلَ أن يلتحق بزملاءه الضباط وَطلبت منه أن يساعدني بأن أستقيل مِنَ الدورة أو الكُلِّيَّة؟ (لأنَّ إستقالة طالب الكُلِّيَّة العسكريَّة لَم تكن سهلة أو لَيسَ كُلّ مَن يُقدِّم إستقالة تقبَل.. ففيها سُؤال وَجَوَاب وَأسباب وَمُبرّرات وَتحقيق...) فكان إبراهيم عبدالطالب إنساناً متفهماً وَلَم يُريد مني أن اَستقيل حرصاً عَلَى مستقبلي فضلاً عن التجربة بأنَّ كُلّ مَن يستقيل مِنَ الكُلِّيَّة يتندم وَيُحاول أو يتمنى أن يعود إليها لأسباب وَمنها نفسيَّة وَإجتماعيَّة وَغير ذلِك.. فأوحيت له بأنَّ العقوبات قد أثقلت كاهلي وَلَكِن مِن دون أن أشتكي مُباشرَة ضِدّ النائب العريف (صبّار الجبوري) وَبنفس الوقت ظننت - خطئاً - بأني سوف اُحرِج ن.ع. صبّار بأنه إذا سَمِعَ بأني عزمت عَلَى الإستقالة مِنَ الكُلِّيَّة سوف يتندم أو يُغيّر تعامله معي أو عسى أن تؤثر فيه أو يستحي وَيتراجع وَيفتح معي صفحة جديدة وَيعاملني بإنصاف وَاُسوة ببقيَّة الطلاب؟! وَأثناء لقائي مَعَ آمر الفصيل أخبرته بأنه إذا كانَ أيضاً مِنَ المُمكن أن يساعدني بالإنتقال إلى فصيل آخر (وَلَو أني إكتشفت فيما بَعد بأنَّ هذا الطلب كانَ مِنَ المفروض أن يُطلَب مِن آمر السرية) لَكِن المسألة لَيسَت سهلة أن أتخطى سلسلة المراجع (آمر الفصيل) ثمَّ حتى آمر السرية يَجب أن ينقل إسمي من فصيل إلى آخر في سجلات عديدة في الجناح الأداري وَفي مقر الكُلِّيَّة أيضاً وَفي كُلّ جهة تسأل عن الأسباب وَلماذا..؟ آمر الفصيل إيراهيم عبد الطالب يعرف عريف تلميذ الفصيل (جاسم حمادة نامس) وَلَكِن لا يعرف مَن هُوَ النائب العريف المسؤول عني؟ لأنَّ في كل فصيل 3 وأحياناً 4 حظائر وَآمر كُلّ حظيرة نائب عريف تلميذ، بَيدَ أنَّ كُلّ آمر حظيرة يستطيع التدخل أو الأشراف وَمحاسبة أيّ طالب في حظيرة أُخرى مِنَ الفصيل فكانَ هُناكَ في الفصيل 3 آمري حظائر سألني آمر فصيل عن آمر حظيرتي؟ فقلت: نائب عريف صبّار كاظم (الجبوري) فقال لي: "روح هسَّة" (إذهب الآن) فعلمت بعدها بأنَّ آمر الفصيل قد أرسل عَلَى نائب عريف صبّار ليوصيه خيراً بي وَأن نائب العريف قد سَمِعَ بأني اُفكّر باٌلإستقالة مِنَ من الدورة وَترك الكُلِّيَّة وَلَكن لَم ينفع أو يؤثر فيه شيئاً بَل إزداد سعيره وَاستشاط غيظه وَضاعفَ حقده عليَّ فاٌلتقيت بآمر الفصيل مرَّة ثانية وَثالثة وَأكثر حتى مللَّت وَلمَّا لَم يقبلوا إستقالتي فتركت الكُلِّيَّة وَلَم ألتحق لبضعة أيام (وَعِندمَا يغيب طالب الكُلِّيَّة فهذا غريب جداً) فالتحقت متردداً وَغير متفائلاً بالرغم مِن حصولي (وبواسطة صديق مسيحي لوالدي إسمه كربيت) عَلَى رِسَالةٍ خاصَّة موقعه مِن سكرتير وزير الدفاع , الرائد الركن محمد إسماعيل طه (أو إسماعيل محمد طه) التكريتي (وكان حينها وزير الدفاع بالوكالة هُوَ رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر , بعد مقتل وزير الدفاع الفريق حماد شهاب في مُؤامَرة ناظم كزار) عِلماً أنَّ الرائد محمد إسماعيل طه هُوَ إبن أُخت حماد شهاب ..وَكانت الرِسَالَة معنونة إلى مُساعد آمر الكلية العسكرية مقدم ركن وَإسمه طالب – لا أتذكر إسم والده وَأمَّا لقبه فعلى الأرجح جبوري – وَيبدوا أنه صديقاً لسكرتير وزير الدفاع فقابلته وَسلمته الرِسَالَة وَقال إلتحق لسريتك (سرية سعد) وَواجهت مباشرة آمر السرية نقيب عبدالستار الحديثي وَكان يلقي محاضرة في أحد صفوف الكُلِّيَّة فوقفت قريباً عن الباب أنتظر إنتهاء المحاضرة لألتقي به وَأنا متشائم فيما إذا كُنتُ أستطيع الإستمرار بوجود ذلِكَ النائب العريف المشؤوم (وَأقول مَعَ نفسي ماذا سيتغيّر أو ما هِيَ المشكلة لو أنتقل إلى فصيل آخر أو حتى سرية أُخرى؟!) كانَ آمر السرية النقيب الحديثي ضابطاً محترماً وَإنساناً في غاية الأخلاق لَم أتصور أن يواجهني كغائب مِنَ الكُلِّيَّة بتِلكَ المواجهة الإعتياديَّة وَالإنسانيَّة فقطعَ الدرس وَخرجَ عليَّ وَكانَ ودوداً معي وَقبلَ أن يعرف بأني جئتُ إليه برسالة مِن مُساعد آمر الكُلِّيَّة!؟ فأخبرته بأنَّ المُساعد آمرني باٌلإلتحاق إلى السرية وَاستفسر الحديثي عن سَبَب غيابي (علماً أنَّ غيابي منشوراً في القسم الثاني وَفي سجلات مقر الكُلِّيَّة: وَلَكِن مساعد آمر الكُلِّيَّة يستطيع تسوية الموضوع) وَأمَّا المصيبة أنَّ ضبّاط الكُلِّيَّة وَمنهم عَلَى سبيلِ المِثال لا الحصر ملازم إبراهيم عبدالطالب أو نقيب عبدالستار الحديثي وَغيرهُمَا كانوا لا يتدخلون بواجبات أو سلوكيات نواب عرفاء أو عرفاء تلاميذ الدورة المتقدمة (53) بصدد إشرافهم عَلَى الدورة المستجدة (54) .. إلتحقت مرَّة أُخرى للكُلِّيَّة واعتبرتها الفرصة أو المحاولة الأخيرة بَيدَ أنَّ الأمر لَم يتغيّر وَأنَّ نائب العريف صبّار الجبوري قد أخبر بَعضَ زملاءه بموضوع صورة (عبد الكريم قاسم) وَصاروا يهمسون ضدي وَصارَ أكثر مِن نائب عريف يركز في سُوء معاملتي وَقساوة العقوبات المُبرَّرة وَغير المُبرَّرة ضدي ممّا جعلني أشعر باٌلعزوف وَتركت الكُلِّيَّة بَعد إستقالة مرَّت بصعوبات. فكرت فيما بعد أن أعود إلى كُلِّيَّة العلوم في الجامعة المستنصرية (التي تركتها بعد قبولي في الكُلِّيَّة العسكريَّة) فرأيت أنَّ الطلاب قد قطعوا شوطاً وَفصلاً كاملاً ممّا جعلني أن اُفكر بالإلتحاق في الدورة القادِمَة في الكُلِّيَّة العسكريَّة وَلِحَد تِلكَ اللحظة فأنا لَم أنتمي لحزب البعث وَصرت اَنتظر نهاية السنة بفارق الصبر لأتسلل في الكُلِّيَّة العسكريَّة دورة 55 قدمت وَنجحت في كُلِّ الفحوصات الطبيَّة وَإمتحان اللياقة البدنيَّة. وَفي المُقابلَة الَّتِي جرت في نوفمبر مِن عام 1974 أيضاً كانَ السَيِّد كامل ياسين التكريتي كممثل عن المكتب العسكري ضِمن لجنة المُقابلَة وَلَهُ القرار الأخير وَمِن حُسن الحظّ لَم يسألني كثيراً أو يدقق في مقابلتي؟ وَكذلِكَ مِن الطبيعي أنهم لم يتذكروا هو أو غيره مِن أعضاء اللجنة أني قابلتهم في السنة الماضية أو أني تلميذ كُلِّيَّة سابقاً وَمستقيل من دورة 54 وَلَو علموا فيكون مِنَ الصعوبة أو المستحيل قبولي مَرَّة أُخرى.. أيّ أني كُنتُ أُدرك بأنَّ مسألة قبولي مَرَّة ثانية في الكُلِّيَّة لَيسَ إلاَّ فرصة محدودة جداً وَقد جئتُ متسللاً أملي باٌلله القادر عَلَى كُلِّ شيء.. وَهذِهِ المُقابَلَة هِيَ المَرَّة الثانية الَّتِي ألتقي فيها كامل ياسين وَكعادته أنه رَجُل موزون وَهادئ وَرشيد وَإنساني وَيُحب تسهيل وَمساعدة الآخرين كمَا يثبت موقف (يأتي ذِكره) وَلَم ألقى أيّ مشكلة أو صعوبة في المقابلة وَقلت مَعَ نفسي مَا لَم يدققون إسمي بأني مستقيل مِنَ الدورة السابقة فهناك إن شاءَ اٌللهُ أملاً وَإمكانيَّة في قبولي باٌلكُلِّيَّة مَرَّة أُخرى.. وَكانت المقابلة أيضاً في غرفة أو مكتب آمر الكُلِّيَّة العسكريَّة وَلَكِن الآمر السابق العميد الركن محمود العرس قد إنتقلَ وَالَّذِي قابلته باٌلمَرَّة الثانية هُوَ آمر الكُلِّيَّة الجديد العميد الركن داوُد الجنابي وَأتذكر أنَّ مِن ضمن أعضاء اللجنة بالمقابلة الثانية كانَ السَيِّد طاهر توفيق العاني وَكان لطيفاً وَمبتسماً وَمُرحباً عِندمَا دخلت المكتب للمقابلة.. فكانَ عدد أعضاء اللجنة سبعة أو ثمانية. بَيدَ أنَّ إسمي لَم يظهر مَعَ المقبولين في الكُلِّيَّة العسكريَّة / الدورة 55 وَلمّا كانت أسماء المقبولين تعلق في قوائم عَلَى جدار غرفة إستعلامات أو قرب الباب الخارجي أو المدخل الرئيسي للكُلِّيَّة فكانت تظهر أسماء أو قوائم جديدة فكُنتُ في كُلِّ يوم أذهب للكُلِّيَّة العسكريَّة في مِنطقةِ الرستمية وَلَم اَجد إسمي في القوائم الجديدة فكانَ في كُلِّ يوم أو يَوميَن تأتي قائمة أو أكثر وَلَكِن لَم يظهر إسمي وَهناك عشرات مِنَ الطلاب المتقدمين أيضاً يأتون للكُلِّيَّة لمُراقبَة ظهور أسماءهُم.. حصلت بَعد ذلِكَ صدفة لا أجد لهَا عِلَّة أو تفسير إلاَّ أنها سَبَب مِن مُسبِّب الأسباب وَالَّذِي يهيئ سُبحانه الأسباب إلى المستضعفين الَّذِين لايستطيعون إليه سبيلاً، كُنتُ كُلّ يوم أذهب وَلَم أرى إسمي مِن بَينِ المقبولين وَذات يوم جاء عن طريق الصدفة عضو المكتب العسكري كامل ياسين التكريتي وَمعه اثنين أو ثلاثة مِن رفاقهِ لا أعرفهم وَوقفوا عَلَى مسافة حوالي 100 متر قبل باب الدخول الرئيسي إلى الكُلِّيَّة العسكريَّة وكأنَّ اٌلله سبحانه قد بعثه أو أرسله وَاختارهُ سَبَباً لمساعدة الطلاب المتقدمين الَّذِينَ لَم تظهر أسماءهم أو في حُكم غير المقبولين – وَأنا كاتب السُطور مِن ضمنهم – كانَ كامل ياسين إنساناً بسيطاً لَم يأتي معه أيّ حرس أو بهرجة سوى إثنين أو ثلاثة يظهر أنهم موظفين او رفاقه مِنَ المكتب العسكري أو جهة أخرى,, فكانَ يتفقد عشرات الطلاب اليائسين مِنَ القبول وَهُوَ يوجههم فتقدمّت إليه بَعدَ السَلام عليه وَمَن معه أخبرته بأنَّ إسمي لَم يظهر في قوائم المقبولين فشعرت وقتها كأنه أخ كبير أو أب حنون وَبكل ترحيب وَمودَّة وَتشجيع قالَ لي : "إذهب إلى الرفيق طه (الدوري)" ليُسجِّل إسمّك مَعَ الآخرين وَكانَ السَيِّد طه الدوري (مِنَ المكتب العسكري) جالساً عَلَى كرسي بسيط وَأمامهُ منضدة خشبية عادية قريباً مِن باب الحرس الرئيسي للكُلِّيَّة فسلمت عليه وَأخبرته بأنَّ الرفيق كامل ياسين أرسلني عليه فسجَّل عَلَى الفور إسمي: حميد جبر صبر سألني هل أنت بعثي؟ قلت: نعم وَبدرجَة مؤيد (!) كتبَ أمَامَ إسمي يدعي أنه مُؤيد في الحزب... (علماً أني لَم أكن حينها حتى بدرجة صديق في الحزب) وَبينمَا تأكدت مِن أنَّ طه الدوري قد سجَّل إسمي وَأخذ يُسجِّل أسماء طلاب أخرين شكرته وَتوجهت إلى السَيِّد كامل ياسين لأشكره أيضاً وَودعته وَذهبت إلى البيت وَأنا مُطمئناً بأنَّ اٌلله جلت قدرته وَراء ذلِك فجئت باٌليوم التالي وَهناك قوائم جديدة باٌلمقبولين (أو الَّذِينَ أمر كامل ياسين بقبولهم وَسجَّلهُم طه الدوري في اليوم الماضي) وَإسمي مِن بَينَ القوائم فاٌلتحقت في اليوم التالي بالدورة 55 وَكانَ ذلِكَ في شهر ديسمبر 1974 إلاَّ أني حرصت بنفسي في تفتيش الحقيبة وَأن لا يكون فيها شيئاً ممنوعاً!! وَكانَ تنسيبي عَلَى الفصيل الثاني مِن سرية خالد بن الوليد,, آمر الفصيل كانَ ملازم أول خضر علي نصار العامري وَآمر السرية كانَ الرائد براء محمد نجيب الربيعي وَقد تجاوزت الدورة بنجاح وَتخرّجت برتبة ملازم ثان في 6 كانون الثاني 1977 . وَختاماً، عِندمَا إلتحقتُ في الدورة 55 وَكمَا أسلفت في ديسمبر 1974 لَم أجد ضبّاط صف تلاميذ مِنَ الدورة التي أصبحت متقدمة (54: التي تركتها) يشرفون عَلَى طلاب المستجد في الدورة 55 بَل تفاجئت بأنَّ طلاب الدورة 54 يتهيّأون للتخرُّج وَلَم يمضي عليهم سوى عام واحد فقط وَيبدوا أنَّ القيادة كانت بحاجة إلى ضباط في حرب الشمال.. وقد نسبني آمر الفصيل خضر العامري كمُراقب عَلَى الفصيل ينوب عن عريف تلميذ الفصيل بَيدَ أنَّ هناك دورة أدارية كانت قد إلتحقت للكلية قبلَ 6 أشهر مِن دورة 55 تعيَّنَ منهم فيما بعد ضبّاط صف مشرفين عَلَى الدورة 55 وَصَارَ العريف تلميذ (مِنَ الدورة الأدارية) فتاح الدوري عريفاً عَلَى الفصيل الثاني وَقد كانَ الدوري مُحترماً وَمهذباً وَخلوقاً وَحتى أنه كانَ يعتبرني نائباً عنه وَمساعداً له للإشراف عَلَى الفصيل وَبعدَ أن تخرَّجت الدورة الأدارية برتبة (ن ض ت أ): نائب ضابط تلميذ أداري – المُتخرّج في هذِهِ الرتبة يبقى سنة واحدة – ثمَّ يترقى إلى رتبة ملازم ثان. وَبَعد تخرّجهم تمّ تعييني رسمياً عريف تلميذ للفصيل الثاني سرية خالد. الدورة 54 تخرَّجت في نيسان 1975 وَلَكِن تمَّ حساب تخرجهم عَلَى كانون الثاني 1975 بصلاحية وزير الدفاع.. وَأمَّا الدورة 55 فتخرّجتُ في 6 كانون الثاني 1977 وَبذلِكَ أكون قد خسرت الدورة 54 أو قدماً لمُدَّة سنتيَن وَتعذيبي في الكُلَيَّة العسكريَّة بَسبَب صُورَة عبد الكريم قاسم!!. كولونيل حميد الواسطي استراليا – العراق [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل