المحتوى الرئيسى

أصدقاء الثورة

05/26 08:05

علينا أن ننتبه جيداً إلى أن الثورة المضادة، التى نتحدث عنها، لا تتجسد فقط كما قد نتصور فى بعض من بقايا الحزب الوطنى، ولا حتى فى بعض من بقايا جهاز أمن الدولة القديم، فهؤلاء معروفون للناس، كما أنهم أضعف من أن يقودوا ثورة من هذا النوع.. وإلا.. لو كانوا أقوياء إلى هذه الدرجة التى تصوّرهم بها أغلب وسائل الإعلام، لكانوا قد استطاعوا حماية النظام الحاكم السابق من السقوط السريع، وهو ما لم يحدث، كما رأينا جميعاً، عندما راحت أركان ذلك النظام تتداعى فى 18 يوماً.. لا أكثر.. فالسؤال، إذن، هو: أين كان هؤلاء الأقوياء جداً، وقتها، وأين كانت ثورتهم المضادة، وأين اختبأوا، ثم ظهروا فجأة هكذا؟! الثورة المضادة، بالتالى، ليست هؤلاء فقط، فى ظنى.. وإذا كانت هناك ثورة مضادة حقاً، تعمل فى اتجاه سرقة ثورة 25 يناير، وتقوم بتفريغها من محتواها، ومضمونها، يوماً بعد يوم، ربما عن غير قصد، وعن غير وعى، فهى ثورة الذين يتجاوزون، الآن، فى كل مكان، وفى كل موقع، تحت راية 25 يناير، وباسمها، وكأن الثورة، والحال هكذا، قد قامت لتمنح ترخيصاً لكل تجاوز، على أى مستوى، وهى مسألة غير صحيحة طبعاً بالمرة، وليس أدل على ذلك إلا أن الـ18 يوماً، فترة الثورة، لم تشهد حادث تحرش واحداً، فى ميدان التحرير، ولا فى غيره من الميادين، ولم تكن هناك أى أحداث سلبية أخرى، كأن تكون فتنة طائفية، أو سرقة، مثلاً، أو نهباً، أو.. أو.. فإذا بكل ذلك يظهر بعد الثورة، وإذا بالذين يمارسونه ينطلقون من أرضية تقول - ما معناه - إنهم، وإننا، فى زمن ثورة، بما يبرر، من وجهة نظر المتجاوزين، أى شىء! إن هناك، الآن، مَنْ يكسر إشارة المرور، علناً، باسم الثورة، وهى كثورة أنيقة - كما كنت قد وصفتها منذ بدايتها - لا علاقة لها بطبيعة الحال بمثل هذا السلوك، فى عرض الشارع، ولا بغيره مما يماثله! الثورة التى قامت فى 25 يناير لم تكن قد قامت ليخرج بلطجى باسمها، فيطارد الناس فى الشارع، ولا ليدخل مجموعة من العمال على رئيسهم، فى إحدى الشركات، ويهاجموه، حتى يموت بين أيديهم، ولا ليذهب الدكتور البرادعى، ليدلى بصوته، فى استفتاء 19 مارس، فيهاجمه الذين لا نعرف مَنْ هم، إلى الآن، ولا ليقف بعض الشباب يصرخون فى وجه انضمام عمرو موسى إلى هذا الكيان الشبابى، أو ذاك، ولا ليتطاول طالب على أستاذه فى الجامعة، ولا ليتجاوز شاب فى حق الحاضرين فى قاعة إحدى الندوات، لمجرد أنه شاب، ولمجرد أنهم ليسوا شباباً.. ولا.. ولا.. إلى آخره.. هذه ليست الثورة قطعاً، ومن المؤكد أنها لم تشتعل لتكون هذه هى حصيلتها الأخيرة، فى الشارع، وفى غير الشارع! الثورة هى كرامة - وهنا أعنى الكلمة تماماً - وهى أيضاً عدالة، وهى انطلاق لبلد بكامله، وليست تجاوزاً، ولا انحرافاً، ولا تطاولاً! أنقذوا الثورة من أصدقائها، أو الذين يتصرفون على أنهم أصدقاؤها.. أما أعداؤها فهى كفيلة بهم!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل