المحتوى الرئيسى

التصنيفات العالمية للجامعات في منتدى عالمي بمنظمة اليونيسكو

05/26 09:13

التصنيفات العالمية للجامعات باتت محط اهتمام وأنظار الدول والمؤسسات التعليمية والأكاديميين والباحثين والطلاب وكل المهتمين بالشأن التعليمي، إذ أصبحت تشكل أداة مهمة ومؤثرة، حيث تعزز المنافسة بين مؤسسات التعليم العالي، وتؤثر على وضع وصنع السياسات والقرارات التعليمية على المستويات العالمية والوطنية والإقليمية. ولكن: هل ما زالت هذه التصنيفات معيارا ذا قيمة للمقارنة بين مؤسسات التعليم العالي؟ وهل تأثيرها الذي يمارس اليوم على سياسة المؤسسات مبالغ فيه؟، وهل المعايير المستخدمة في نظم التصنيف مناسبة للطلاب في كل مكان؟ هذه الأسئلة المهمة وغيرها، كانت محور نقاش خلال المنتدى العالمي الذي أقيم تحت عنوان «التصنيفات والمساءلة في مجال التعليم العالي: الأعراف الجيدة والسيئة»، ونظمته مؤخرا منظمة اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، في مقر اليونيسكو بباريس، بحضور ما يزيد على 250 خبيرا في مجال التعليم العالي، بالإضافة إلى مسؤولين وممثلين عن مؤسسات التعليم الجامعي في العالم والمؤسسات العالمية المعنية بتصنيف الجامعات، بهدف إثارة منهجية هذه التصنيفات وأسباب تأثيرها وتبعاتها على سياسة المؤسسات والبحث في الأشكال الأخرى للمساءلة في مجال التعليم العالي. قالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونيسكو: «إذا كانت في البداية، قد استخدمت التصنيفات العالمية للجامعات كأداة بحث تستجيب لمطالب الشفافية، وكضمان للجودة، باتت تميل اليوم إلى تعزيز المنافسة بين المؤسسات، وفي جو العولمة، حيث أصبح التعليم العالي صناعة تصديرية مهمة، وحيث يزيد تنقل الطلاب في شكل مطرد، تتخذ هذه التصنيفات أهمية سياسية متزايدة، وباتت تؤثر في قرارات المؤسسات والمعلمين والباحثين والطلاب والمقررين». وخلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، ألقت بوكوفا كلمة قالت فيها إن «هناك تساؤلات كثيرة بخصوص التصنيفات العالمية للجامعات والمساءلة، من بينها: ما هي الدوافع من وراء انتشار مثل هذه التصنيفات؟ وهل تقيس التصنيفات ما تحتاج إلى قياسه؟ وما الذي لا يمكن قياسه؟ وهل الهدف من المساءلة تمت خدمته بصورة تامة؟ وما هو وما يجب أن يكون فيما يتعلق بتأثير هذه التقييمات على السياسة العامة؟». وأضافت أن «صعود أنظمة التصنيفات يعكس عمق الاتجاهات الجارية في مجال التعليم العالي في جميع أنحاء العالم». وكان من بين المتحدثات في المنتدى البروفسورة شريفة حفصة شهاب الدين، نائبة رئيس الجامعة الوطنية في ماليزيا، والكاتبة والناشطة الاجتماعية، والتي طورت إطار لضمان الجودة لجميع المؤهلات في ماليزيا، وفي حوار معها، أجرته منظمة اليونيسكو على هامش أعمال المنتدى، وبسؤالها عن الذي يجب أن تقيسه مؤشرات التقييم والقياس في التصنيفات العالمية للجامعات، قالت: «ينبغي تقييم أثر الجامعة على الابتكار في مجال الأعمال، وتعزيز التنمية الاجتماعية والثقافية والبيئية في الإقليم أو المنطقة. ويجب أن يستخدم التصنيف العالمي للمساعدة في تخصيص الموارد لبناء القدرات، مثل توفير التمويل الكافي للبحث والتدريس، أو صياغة سياسات منح مزيد من الاستقلال الذاتي للمؤسسة التعليمية، والحرية الأكاديمية، أو لإعادة هيكلة التعليم العالي للقدرة التنافسية الوطنية في الاقتصاد العالمي. في هذه الحالات تصبح التصنيفات العالمية للجامعات أداة لها قيمة لقيادة التميز». وبسؤالها عن رأيها في اختيار معايير التصنيفات، قالت إن «معيار الطلاب الدوليين غير مناسب للجامعات في البلدان النامية، التي من المتوقع أن تفي بالمتطلبات المحلية، كما أن معيار مراجعات النظراء (Peer reviews)، يتأثر بعوامل مثل التقليد، والتي قد تمنح مزايا لأقدم المؤسسات التعليمية، فالجامعات الأعلى مرتبة في التصنيفات، عمرها في المتوسط 200 عام، ولديها نحو 2500 هيئة تدريس أكاديمية، وعدد طلابها يقرب إلى نحو 24000 طالب». وتشير في النهاية بالقول إلى أن «التصنيفات العالمية للجامعات لا تزال توفر بيانات مفيدة، ولكن ستكون هذه التصنيفات أكثر فائدة إذا كانت منهجية تقييم الجامعات على مستوى أعمق، فهذا من شأنه تمكين المؤسسات من السير قدما إلى الأمام والتخطيط لتغييرات تضمن تحسنا حقيقيا ومستداما في نوعية الجامعات». جدير بالذكر، أن هناك الكثير من التصنيفات العالمية للجامعات، من بينها: تصنيف جامعة جياو جونغ شنغهاي الصينية (تصنيف شنغهاي) وموقعه الإلكتروني (www.arwu.org)، ويقوم في الخطوة الأولى على فحص 2000 جامعة في العالم من أصل ما يقرب من 10000 جامعة مسجلة في اليونيسكو، ولديها المؤهلات الأولية للمنافسة، وفي الخطوة الثانية يتم تصنيف 1000 جامعة منها، وتخضع مرة أخرى للمنافسة على مركز ضمن أفضل 500 جامعة، ويستند إلى جملة من المعايير الأساسية ذات أوزان نسبية، هي: جودة التعليم، وجودة أعضاء هيئة التدريس، والإنتاج البحثي، والإنجاز الأكاديمي مقارنة بحجم المؤسسة التعليمية. وتصنيف «التايمز البريطانية»، وموقعه الإلكتروني (www.timeshighereducation.co.uk)، ويعتمد في تقييمه للجامعات على معايير: جودة التعليم، والبحث، والاقتباسات وتأثير البحوث، والدخل الصناعي/ الإبداع، واستقطاب كوادر علمية وطلاب من دول العالم. وتصنيف «ويبومتريكس الإسباني»، وموقعه الإلكتروني (www.webometrics.info)، ويقيس أداء الجامعات من خلال مواقعها الإلكترونية وشهرتها على شبكة الإنترنت ومدى تمثيلها للنشاط الأكاديمي للجامعة، من خلال معايير: حجم صفحات موقع الجامعة الإلكتروني، ومعيار الرؤية ويقصد به عدد الروابط الخارجية ومنها البحوث العلمية التي لها رابط على موقع الجامعة، ومعيار الملفات الغنية ويقصد به عدد الملفات الإلكترونية بمختلف أنواعها والمنتمية لموقع الجامعة عبر محركات البحث، ومعيار الأبحاث ويقصد به عدد الأبحاث والدراسات والتقارير المنشورة إلكترونيا تحت موقع الجامعة. ويبقى التأكيد على أنه إذا كانت التصنيفات العالمية للجامعات وسيلة مهمة لإعطاء تصور عن موقع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، فإنه قد لا يعكس مستوى الجامعات وموقعها الحقيقي من جميع المجالات والأبعاد، وينبغي ألا يكون الغاية والهدف الأساسي للجامعات هو الحصول على مواقع متقدمة في هذه التصنيفات، فقط يمكن الاستفادة من هذه التصنيفات ومعاييرها الأساسية كأحد أساليب القياس والتعرف على مستوى جودة أداء المؤسسة التعليمية وجوانب القصور والنقص التي في حاجة إلى مزيد من التطوير في ضوء رسالتها وأهدافها وأولوياتها الأساسية. وأخيرا، يبقى سؤال مهم: هل هذه التصنيفات العالمية للجامعات تصلح لجعلها معيارا لتقييم مؤسسات التعليم العالي في عالمنا العربي وتصلح أيضا لتقييم كل أنواع الدراسات والتخصصات؟، وهل يمكن تصميم نظام أو نظم عربية لتصنيف جامعاتنا يمكن من خلالها تجاوز بعض المسائل المنهجية في التصنيفات العالمية الأخرى؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل