المحتوى الرئيسى

الأستاذ و كشك أم عبده بقلم:محمد محمود عمارة

05/25 23:09

مع كم الأوراق التي يبرزها الأستاذ أمام مشاهديه و هو يلوح بها مؤكداً أنها الوثائق الرسمية التي حصل عليها من كل الملوك و الرؤساء ومن مصادره الخاصة في كل أنحاء العالم ، خُلق لدى العامة اعتقاد جازم لا يدانيه شك في كل كلمة يقولها ، بل و أصبحت كلماته حقائق لا تقبل نقاشاً ، و ذكرياته تاريخ موثق لا يأتيه الباطل و الزيف من بين يديه و لا من خلفه ، و أرقامه ثوابت الحقيقة التي لا يجوز الاقتراب منها. لكن العبد لله لا تستريح نفسه لهذا المسرحيات الهزلية ، سيما و أنه من غير المعقول أن كل ملك أو رئيس سيرسل صبيه لكشك " أم عبده " لتصوير نسختين من أي وثيقة تخص الدولة ، أحدهما له و الأخرى للأستاذ حتى يظهرها في برامجه. لا يعنيني ما مضى من وثائق تخص في معظمها شخصيات رحلت عن عالمنا و لا تملك حق الدفاع عن نفسها أو تكذيب الأستاذ فيما قال و ادعى عليهم حقاً أو باطلاً ، كما لا يعنيني في هذه اللحظة تاريخ الأستاذ مع أنظمة سابقة كركن من أركانها و أحد المسئولين أو المشاركين فيها لتزييف وعي المواطن و قيادته عبر خطاب إعلامي قومي زين له واقع مرير و أخفى عنه كوارث هزيمة و هون من شأنها و سماها بغير مسمياتها، لكن يعنيني موقفين يخصان الأحداث الجارية بما تحمله من مرارة نتيجة حالة التخبط الواضحة في الشارع المصري بشقيه الشعبي و الحكومي الموقف الأول كان بعد إعلان التنحي و فرحة الشباب و عودة الكل إلى بيوتهم و قواعدهم لتبدأ حركة إعادة تدوير للمجتمع المصري شاهدناها جميعاً فيما فعله الشباب من النزول إلى الشوارع في مجموعات بكت لها العيون فرحاً و هي تراهم يطلقون حملات تنظيف و تجميل مدن مصر استبشر بها الكل خيراً و توقع مستقبلاً زاهراً لهذا البلد إن سارت على نفس الدرب بنفس الحماس و نفس المنهج. لكن كل ذلك انقلب رأساً على عقب بعد خروج الأستاذ و الأستاذ الآخر الملقب بالكاتب الإسلامي بقصة الثورة المضادة و إعلانهما ذلك في برامج تلفزيونية لها ثقلها . نعم انقلب الحال و تحولت الفرحة إلى خوف و ترقب ، ثم إلى تشكك و تشكيك ثم إلى تخوين و تفرق ثم إلى تشرذم ، ثم إلى ما نحن عليه الآن من حالة ضبابية لا نستطيع أن نبصر حقيقة الأحداث خلفها لندرك هل مصر لازالت على الطريق الصحيح ، أم أنها فقدته ؟ هل مازالت الثورة بكر ، أم أن هناك هناك أيد لوثتها لتفرغها من أهدافها و محتواها ؟ مشكلة المصريين الآن كثرة الإشاعات التي ينطلقون خلفها بغير وعي و دون فحص أو تمحيص لمدى صحتها ، و لعل آخرها حوار الأستاذ مع صحيفة كبرى و تأكيده على وجود وثائق تحت يده تبين حقيقة ثروة الرئيس السابق بالأرقام و الأماكن ، وهذا هو الموقف الثاني لأن ما قيل أنه وثائق بكل ثقة اتضح أنه لا يخرج عن كونه دوريات و أخبار في صحف أجنبية. إذاً الأمر لا يتعدى " كشك أم عبده " الذي يستطيع أي مراهق صحفي أن يذهب إليه لتصوير أي أوراق ثم التلويح بها أمام الكاميرات على أنها وثائق دون مراعاة لظروف البلد و الالتفات إلى ما تتحمله أو لا تتحمله من أخبار أو إشاعات. أصبح هم البعض الآن حديث الشهرة دون التفات إلى حديث العقل ، لذلك كثرت الإشاعات و تشابكت المواضيع إلى درجة ضياع المواطن و تشتته و حيرته بين التصديق و التكذيب لكثرة المعروض. أرجو أن يكون الدرس الذي تلقاه الأستاذ في النيابة درساً لنا جميعاً ، ألا نصدق كل ما يُقال و ألا نلتفت إلى الأقوال ، لأن الأقوال لا تبني بلداً و لكن الأفعال هي التي تنهض بها و تقيلها من عثرتها و تندفع بها إلى الأمام في طريق النهضة. كفانا كلاماً و ليعد كل منا إلى ميدانه من أجل مصر إن كان يحب مصر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل