المحتوى الرئيسى

خطاب التوضيح والموقف الأميركي الصريح بقلم:ماجد الشّيخ

05/25 19:11

خطاب التوضيح والموقف الأميركي الصريح ماجد الشّيخ في خطابه الثاني (الأحد 22 أيار/مايو) أعلن الرئيس الأميركي، بل أوضح ما لم يكن في حسبان رئيس الائتلاف الحكومي اليميني الإسرائيلي المتطرف بنيامين نتانياهو، لدى إلقاء خطابه الأول يوم الخميس الماضي (19 أيار/مايو)، وذلك حين أبدى هذا الأخير ارتياحه لخطاب أوباما، الذي حمل توضيحات كان لا بد منها، كي لا يُفهم موقفه على أنه أقرب إلى رؤية المطالب الفلسطينية، لا سيما مطلب إقامة الدولة (الفلسطينية) ضمن حدود عام 1967، ولهذا جاء خطابه الأخير كواحد من خطابات إعلان التأييد لإسرائيل؛ كيانا وأمنا وأهدافا تحالفية ومطالب تفاوضية مع الطرف الفلسطيني، وهنا بالضبط يقع مربط فرس الارتياح الإسرائيلي الذي كان محل التباس الخطاب الأول، وكأن أوباما ينادي بتسوية تقام بموجبها الدولة الفلسطينية في إطار حدود عام 1967، بما تقتضيه تلك التسوية من وجوب إعادة الكتل الاستيطانية إلى الطرف الفلسطيني، بانسحاب وإخلاء القوات والمستوطنين منها، على ما جرى بالنسبة لمستوطنات "غلاف غزة" في العام 2005. وحتى في خطابه الثاني، فقد بقي بعض التباس يحيط بالأغوار، كمسألة يصر نتانياهو على بقائها ضمن حدود كيانه الاحتلالي مع الأردن، وكحاجز بين الكيان الفلسطيني وتواصل حدوده مع الأردن، إلاّ إذا كان يُفهم من ذلك أن تبادل الأراضي قد يحل هذه المسألة، لمصلحة إسرائيل بالطبع، وهذا هو فحوى ما قصده أوباما؛ حين تحدث عن أن عملية تبادل الأراضي يعني أن يكون هناك تعديل في حدود عام 1967، وبالتالي فإن الحدود الجديدة ستختلف بالطبع، عن تلك الحدود التي يراها الفلسطينيون حدودا مؤكدة لدولتهم الموعودة. وبذا كان الخطاب الثاني للرئيس الأميركي بمثابة المذكرة التفسيرية لخطابه الأول، خصوصا في ما خصّ قضية حدود عام 1967، لا سيما أن صحيفة (هآرتس) كانت قد نقلت ما بين الخطابين، عن مسؤول في الخارجية الأميركية، تحذيره حكومة نتانياهو من رفضها مقترحات السلام الخاصة بالرئيس الأميركي، لافتا إلى أن هذا الأمر قد يقود إلى تأييد دول العالم للإعلان عن دولة فلسطينية في إطار الأمم المتحدة، وهو ما يرفضه الجانبان الأميركي والإسرائيلي. وحدها نقطة تقول إن "أي دولة فلسطينية سيكون لها حدود مع الأردن ومصر" يمكن لها أن تشكل نقطة خلافية بين أوباما ونتانياهو، فهذا الأخير لا يريد لدولة الفلسطينيين أن تتواصل حدوديا مع أي من الأشقاء العرب. وفي كل الأحوال هي نقطة خلافية مؤجلة حتى بحث الوضع النهائي في حال جرت مفاوضات لم تتحدد بعد، وطالما أن المفاوضات ستبقى تصطدم بطريق مسدود، وطالما استمر الاستيطان يشكل "بيضة قبان" حكومة المستوطنين الحاكمة، فإن القطع في مسائل التفاوض سيبقى قاطعا لأمزجة لا تعني ما تقول، ولا تقول ما تعني، فالتسوية – أي تسوية – شرط نجاحها أن تكون قابلة للحياة، وذلك على قاعدة الاعتراف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، لا نفيها أو اقتطاعها من سياقاتها الوطنية، وتجزئتها لما يستجيب لمصالح وتطلعات يهود العالم، وداعميهم من صهاينة يهود وغير يهود. إن "استئناف المفاوضات المباشرة حالا" يصطدم بموقف إسرائيلي – أميركي يدعو إلى إلغاء المصالحة الفلسطينية شرطا لذلك، باعتبارهم تلك المصالحة "العقبة أمام السلام" ما لم تعترف حركة "حماس" بإسرائيل وحقها في الوجود، أو الخضوع لاشتراطات الرباعية الدولية، وهي مماحكات ليست جدية؛ إلاّ من حيث كونها عقبات يُراد للمسيرة التفاوضية أن تصطدم بها على الدوام لمنعها من التحرك، إلاّ وفقا لاستجابات فلسطينية واضحة لكامل شروط واشتراطات التسوية، وفق منظورها المشترك الإسرائيلي – الأميركي وتاليا الأوروبي. عموما يعكس الخطاب الثاني للرئيس الأميركي، المأزق الذي يعيشه أوباما وولاياته المتحدة، في ظل ثورات شعبية عربية، يحاول وإدارته ومخابراته المركزية، امتطاؤها ومن ثم تحويلها لخدمة مصالح بلاده، من دون أن يأخذ مصالح الآخرين، وأولهم الشعوب العربية بعين الاعتبار، في وقت تخلق الثورات العربية بتداعياتها وبفعالياتها أفاعيل هامة؛ نحو إحداث واستحداث تغييرات وتحولات في الواقع العربي، وما سوف يتولّد عن ذلك من تغييرات في واقع العلاقات بين الدول عبر العالم. لقد تجلى مأزق أوباما في تراجعه عما هو مطلوب من إسرائيل، فتحولت ضغوطه المفترضة نحو الطرف الفلسطيني والأطراف العربية، ففي الوقت الذي كان ينبغي أن يركّز في خطاباته الرئاسية على الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني، فقد آثر التركيز على الاعتراف بإسرائيل من قبل حماس أو غيرها، بل إنه مضى في اتجاه التأكيد على كون إسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي"، بديلا من تحديد موقف تاريخي نهائي، كون فلسطين الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني. وها هنا يكمن المأزق العميق للولايات المتحدة، وهي تشايع إسرائيل في موقفها اللاغي والنافي للشعب الفلسطيني ولهويته الوطنية، كمكون تاريخي وُجد على أرضه منذ فجر التاريخ، وقبل أن تختلق الروايات التوراتية أزعوماتها وسردياتها الخيالية الخرافية المؤسطرة، عن شعب أو أمة يهودية، لم توجد ولن توجد كذلك على أرض الوطن الفلسطيني، إلاّ إذا انساقت الأطراف جميعها نحو إجراء تلك التسوية المستحيلة على حساب الحق والحقيقة التاريخية الساطعة. من هنا تبدأ الآن حرب الحلفاء الإستراتيجيين على هدف أو محطة أيلول الفلسطينية، قبل أن يحين موعدها، في وقت يعتقد فيه أعداء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، أن زخم التغيير والتحولات في الفضاء العربي العام، بات يقدم للشعب الفلسطيني المزيد من فسحات الأمل، وللشعوب العربية الإيمان بجدوى الانتفاضات والثورات الشعبية السلمية، في مواجهة أنظمة استبداد دموية وقمع بوليسي، وما يخلقه واقع التحرر من أمثال تلك الأنظمة من قلق متزايد داخل الكيان الاحتلالي الإسرائيلي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل