المحتوى الرئيسى

هل تفرَّغ الإخوان للسياسة وتركوا التربية والدعوة؟!

05/25 12:55

بقلم: عامر شماخ هذا السؤال طُرح علينا كثيرًا من قبل أن يأتينا الحزب ومن بعد ما جاءنا، لكن ازداد طرحه هذه الأيام؛ للزخم الكبير الذي أحدثه (الحرية والعدالة) في أوساط الإخوان، واستنفار الشُعب والمناطق للتخديم عليه والتفرغ له تمهيدًا لإطلاقه.   ورغم يقين الإخوان كافة، أن وجودهم في الساحة السياسية وفي أماكن اتخاذ القرار يصب في صالح الوطن، فوق أنه فرصة لعرض مطالبهم ولبيان تصوراتهم الإصلاحية، وأن المسلم لن يتم إسلامه- كما قال الإمام البنا- إلا إذا كان سياسيًّا بعيد النظر في شئون أمته، مهتمًا بها غيورًا عليها؛ أقول رغم يقين الإخوان بكل هذا، إلا أن هناك تخوفات من التجربة الوليدة، ومن مشهد الأبواب التي انفتحت على مصاريعها تقول للإخوان: هيا ادخلوا جميعًا.. من هذه التخوفات:   1- لقد ضمَّت الهيئة التأسيسية للحزب ما يقرب من تسعة آلاف شخص، غالبيتهم العظمى من الإخوان، من بينهم عدد لا بأس به من المربِّين وأصحاب الرأي والشخصيات ذات التأثير، وهؤلاء وأولئك لا نقول إنهم سوف يتركون الجماعة، لكن سوف ينشغلون- على الأقل- عن أدوارهم القديمة، إن لم يكونوا كلهم، فنسبة كبيرة منهم سوف تتولى موقعًا داخل الحزب.   2- العمل السياسي في الفترة المقبلة لن يقتصر بالتأكيد على الهيئة التأسيسية للحزب، بل سوف يتعداه إلى العضوية، التي ربما استوعبت بقية أعضاء الجماعة، وهذا عبء جديد على القاعدة، ربما تلاه انسلاخ البعض وتفرغه للعمل السياسي، وفوق هذا فإن هناك انتخابات عديدة وحاشدة، وهناك إعلامٌ حزبيٌّ وهناك هياكل إدارية، ووحدات تنظيمية، وندوات ومؤتمرات، ومراسم ومقابلات.. ومن المحتمل المشاركة في الوزارات، وهكذا تمتد اليد كل يوم للسحب من رصيد الجماعة الثمين ومن مخزونها الذي لا يعوض.   3- وإذا كنا نشكو- من الآن- من انصراف عموم الإخوان عن الدعوة وتعطيل أعمال اللجان؛ بسبب كثرة اللقاءات الإدارية والاجتماعات الحزبية، إما التي تعقدها الجماعة أو التي يعقدها مسئولو الحزب لاختيار كوادره وترتيبه من الداخل، ومعلوم أن تلك اللقاءات تستنزف الوقت والجهد؛ فماذا بعد قيام الحزب فعليًّا وانخراطه في الساحة السياسية؟ وهل تستمر مثل هذه اللقاءات التي لا يفضلها كثير من الإخوان، وتختلف- في نظرهم- كليًّا عن اللقاءات الإخوانية (الربانية) التي يبدءونها بالذكر ويختمونها بالشكر.   4- وهناك أمر آخر متعلق بالنقطة السابقة.. فالمتوقع في الفترة المقبلة أن تنشط الحياة السياسية، وأن تزداد المنافسة بين الأحزاب حدة وسخونة، وأن تتغير بالتالي الحكومات كل مدة وجيزة.. فهل هذا سينعكس على الجماعة؟ وهل ستتعطل أعمالها كل فترة لمساندة الحزب؟ ويستنفر أعضاؤها كما هو حادث الآن لإنقاذ إخوانهم الحزبيين؟!   وما سبق يدعونا إلى التذكرة بما يلي: 1- إذا كان قرار الجماعة بأن تكون علاقتها بالحزب تنسيقية، فيجب تأكيد ذلك- من الآن- بشكل عملي؛ بالفصل بين الفريقين، وتحديد مسئوليات كل فريق، وهذا أمر سهل ميسور.   2- كما يجب أن تبتّ الجماعة في أمر التربية، بأن تعيد النظر في برامجها ومناهجها؛ كي تتماشى مع التطورات المهمة المتسارعة، وبأن تسعى لإعداد جيل من المربين، مؤهل لحمل أعباء المرحلة، مسلح بالكتاب والسنة، وبأدوات الربانية المعروفة.   3- إذا كان عصر تضحيات الإخوان مع الأنظمة الحاكمة قد ولّى، وهو ما كان يدعِّم رصيد العمل التربوي، ويزيد في نواحي الإخلاص والتجرد والثبات.. ألا فليعلم الإخوان أنه ربما جاءت الأيام- وهذه سنة الله في عباده المؤمنين بألا يدعهم دون بذل وجهاد وعمل وكفاح- بأعداء خارجيين كالصهاينة مثلاً أو الأمريكان المعتدين، وهذا مما يستدعي ألا يترك الإخوان الثغر، وألا يغادروا الرباط، وأن يكونوا دومًا على أهبة الاستعداد.. ومن للأمة غيرهم، ومن لفريضة الله الماضية سواهم؟!   4- لم يعرف الإخوان ولم يجتمع الخلق عليهم لأنهم حزبيون- وإن كانت الأحزاب والانتخابات وغيرها من أدواتهم- ولكن لأنهم من أهل الله وخاصته، وصحابة النبي الكريم وعترته، وهذا شرفهم وعزهم.. فهل يجوز أن يتخلَّى عاقل عن هذا السؤدد وتلك المكانة؟!.. ألا فليعمل لذلك العاملون، وليكن: الله غايتهم، والرسول زعيمهم، والقرآن دستورهم، والجهاد سبيلهم، والموت في سبيل الله أسمى أمانيهم.   الله أسأل أن يشرح صدور الإخوان لما يحبه ويرضاه، وأن يهديهم سبل السلام، وأن يستعملهم لخدمة دينه وإعلاء كلمته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل