المحتوى الرئيسى

تجاوزنا المسلم والقبطى

05/25 08:05

فجأة.. دبّ الخلاف داخل جلسات الحوار الوطنى، الذى بدأ صباح الأحد، تحت إشراف الدكتور عبدالعزيز حجازى، واستيقظ المجتمع كله على صوت فصيل مشارك فى الحوار، وهو يصرخ، مطالباً بإبعاد فصيل آخر، وإخراجه من القاعة، لا لشىء إلا لأن هذا الفصيل الآخر ينتمى إلى تيار سياسى معين، ولم يعد له وجود رسمى فى البلد، أو فى حياتنا السياسية عموماً! وكان الشىء المحزن حقاً أن يحدث هذا فى جلسات تنعقد تحت مسمى «الحوار» الذى من شأنه، ومن طبيعته، أن يكون بين أطراف عدة، شركاء فى مجتمع واحد، وليس بين طرف ونفسه، أو حتى بين طرفين اثنين.. فالحوار، أى حوار، هو فى النهاية «ديالوج» وليس «مونولوج» يدور داخل صاحبه، وبينه وبين ذاته! وربما يكون الفصيل الرافض معذوراً، بل هو معذور فعلاً بمنطق اللحظة، لأنه، ولأننا جميعاً قد نشأنا، ثم تربينا على مدى 30 عاماً مضت، فى ظل نظام كان يمارس هذه اللعبة، طول الوقت، وكان يستبعد طرفاً، ويقصى طرفاً آخر، وينفى طرفاً ثالثاً، ويقرّب طرفاً رابعاً.. وهكذا.. وهكذا.. وكان يجد متعة فى هذا كله، حتى تسربت ثقافة الإقصاء والاستبعاد فى خلايا عقولنا، وحتى صارت جزءاً لا ينفصل عن طبيعتنا، ثم امتزجت بالدم فى شرايينه، ولم يعد الذى يمارسها يجد حرجاً، ولا غرابة، وهو يفعلها! معذورون طبعاً، الذين ارتكبوا فعل الاستبعاد البغيض، على مرأى ومسمع من الدنيا، ثم على مرأى ومسمع من الدكتور حجازى، الذى وقف مذهولاً، ولم يكن يدرى ماذا عليه أن يفعل، لدرجة أنه هدد بطرد الرافضين إلى خارج قاعة الحوار، ولو فعلها لكان على حق، لأن أى شىء لابد أن يكون له نظام يحكمه، وإلا تحولت الدنيا إلى فوضى!.. فأنت لو كنت فى طائرة، مثلاً، ثم خرجت على نظامها، فإن المسؤول عنها يخرجك منها على الفور، حتى لا يختل نظام جاء إليها، واستقر فيها قبلك، ويجب أن يبقى بعدك، وكذلك الحال لو كنت حتى فى سينما ولم تحترم قواعد الجلوس فيها.. وهكذا.. وهكذا! وسوف تكون المفارقة المدهشة، التى نخرج بها من هذا المشهد كله، أن مبدأ المواطنة الذى ينص عليه الدستور أصبح فى حاجة لتطبيقه، والأخذ به، بين المصرى والمصرى، وليس فقط بين المسلم والقبطى، كما تصورنا فى البداية، ونحن نضعه نصاً فى دستور! المصرى، والحال هكذا، صار فى أشد الحاجة إلى التشبث بمبدأ المواطنة، فى مواجهة مصرى آخر، يشاركه وطنه، ولكنه ينكر عليه أن يكون مواطناً كامل الحقوق، بقدر كمال واجباته.. ولابد أنه شىء مؤسف، أن يصل الحال ببعضنا إلى هذا الحد، وأن نستدعى مبدأ مهماً، من هذا النوع، من الدستور، لا لأن مسلماً متشدداً قد أنكر حقاً على قبطى، أو العكس، ولكن لأن مصرياً يزاحم مصرياً آخر، ويستبعده، ويقصيه، وينفيه، بدلاً من أن يستقبل أفكاره، ويناقشها، ويحاوره حولها، ويجادله، ثم يرى فى آخر الأمر ما إذا كانت أفكاراً تصلح للتوافق حولها، أم أنها أفكار خارجة على الإجماع، أو شبه الإجماع، ومع ذلك يبقى لها، ولصاحبها، احترامه، واحترامها! هذه هى الروح الراقية، التى قامت بها، وعليها، ثورة 25 يناير، طوال فكرة اشتعالها، ابتداء من هذا التاريخ، إلى 11 فبراير.. فماذا جرى بعد ذلك؟!.. سوف أقول لكم، غداً بإذن الله، ماذا جرى!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل