المحتوى الرئيسى

تأثير الحصار والحرب على الثقافة الفلسطينية .. بقلم د.مازن صافي

05/25 23:09

تأثير الحصار والحرب على الثقافة الفلسطينية .. بقلم د.مازن صافي حصار .. اغلاق .. عجز .. نقص .. اجتياح .. قصف .. تهديد .. عدوان .. اعتقال .. حرب .. كلها مفاهيم ترتبط بالبنية الأساسية للوعي الإنساني .. هذا الوعي الذي يقسم إلى عدة أجزاء منها الوعي الثقافي الذي هو جزء أساس من التطور الحضاري والثقافي للمجتمع .. ولأن كل المفردات السابقة تشكل عوامل سلبية تعيق عوامل التطور الإنساني العام والثقافي تحديدا .. لذلك تعتبر تحديات يتوجب أن يتم التفاعل معها لقراءة ودراسة واقع الثقافة الفلسطينية والثقافة الفلسطينية ليست النثر والأدب والقصص فقط بل هي الثقافة المجتمعية والسياسية والإعلامية والتعليمية وأبعاد الدبلوماسية وطرق اتخاذ القرار وتأثيرات والتأثير عليه .. ان سطوة الحصار السياسي والثقافي له التأثير المدمر على عملية البناء والتطور والتنمية الثقافية في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خاصة .. والأمر وصل الى المعاناة وفي فترة من الفترات ظهر التأثير حتى على رياض الأطفال وعدم توفر الكتب والكراسات والأقلام المدرسية وافتقاد وسائل العرض والمواد الالكترونية .. الحرب والعدوان الإسرائيلي كما اثر على النفسية الفلسطينية فقد تركت آثار ثقافية كونت فكرة الموت والحياة وكيف أن تكون في دائرة الاستهداف دون أن تعرف متى يتم لحظة الاستهداف .. هناك يصبح مفهوم الثقافة هو ثقافة النجاة بأقل الخسائر .. واقل الخسائر لا يعني أن يتم حرق كل مقومات الثقافة بل نجاة العامل البشري الذي تقوم على أساسه أي ثقافة أو تنمية ثقافية .. إنه الإنسان الفلسطيني .. وهنا يمكن أن نقرأ ما ما أقرته اليونسكو في مؤتمرها الذي عقدته في المكسيك عام 1982م وكرسته للثقافة، تعريف الثقافة على النحو الآتي: " الثقافة بمعناها الواسع يمكن أن ينظر إليها اليوم على أنها جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها. وهي تشمل الفنون، والآداب، وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم، والتقاليد، والمعتقدات". ان من أهداف العدوان على قطاع غزة هو استكمال حلقة الحصار والتجويع لتصل الى الفكر والثقافة وبذلك يتم إرهاق الذاكرة الفلسطينية بما هو عليه من تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية .. والمحصلة تكون دائما على حساب الكل الفلسطيني والكل الثقافي .. هذا الاستكمال السلبي يؤدي الى احتلال مساحات واسعة من الوعي الجماهيري ووعي ومقدرة الطبقة المثقفة " النخبة " خاصة .. مما يوجد فراغ " مأزق " يحتاج إلى تفريع لكي لا يملأ مساحات الإبداع بالسلبية والعجز والتوقف والتمزق والتواصل بين الداخل المحاصر والخارج المثقف .. فحين يتم حصار الثقافة يتولد التشنج المجتمعي ووسائل تعزيز الابداع وترتيب الطاقات الثقافية .. فتتحول الثقافة الى استهلاك محلي ومحطة لسد الفراغ وسلوكا متعدد الزوايا هدفه عن الوصول الى حالة الإفراغ الكلي الثقافي .. وهذا الإفراغ في الوعي والمعرفة والمعلومة الثقافية بأنواعها هو هدف أساسي للاستعمار ، بحيث يصبح دور الثقافة والإعلام محصور في خيارات محدودة ومقزمة ترقيعية محكومة بإرادة المحتل ومخططاته التدميرية وممارساته التعسفية ومنعه لعملية تنقل المثقفين ..؟! .. الاحتلال السياسي والاحتلال الثقافي هدف احتلالي لمنع كشف المشروع الصهيوني وتوسيع فارق المساحات الثقافية بين المجتمع الفلسطيني من جهة والمحتلين من جهة أخرى وكذلك لإفشال المشروع التنموي الفلسطيني وإخضاعه قسرا لضيق الأفق .. وهنا لابد لنا من النظر وبعمق لمراحل التدمير المنهجي الذي تقوم به دولة الاحتلال لكل مقومات الثقافة من حيث الهدم والحرق والمصادرة أو التهويد وخاصة في ما يتعلق بالمقدسات ،وكذلك تدمير مبنى الإذاعة التلفزيون في انتفاضة الأقصى وقصف الكثير من المقرات والمباني والمؤسسات الإعلامية في الحرب الخيرة على قطاع غزة .. وكذلك قصف المدارس والجامعات والمراكز التعليمية والثقافية .. هذا كله جعل المثقف الفلسطيني أكثر ميلا للثقافة السياسية وربما هذا واضح تماما في مسيرة الثورة الفلسطينية ومسيرة المثقفين حتى في عناوين الندوات والمؤتمرات الثقافية العامة والخاصة .. وهنا لابد من أن نلفت النظر إلى أهمية استخدام واستغلال وحسن إدارة ثورة الاتصالات والتقدم التكنولوجي بحيث تساهم بشكل فاعل وحقيقي غير روتيني بل متطور وبنائي في كسر الحواجز الجغرافية والسير بخطى حثيثة ومتقدمة نحو إبراز الهوية الثقافية الفلسطينية .. وكذلك يتوجب على جميع الجهات المسئولة العمل على معالجة آثار الحصار والعدوان والإغلاق بان يتم الرقي بالواقع الثقافي الفلسطيني ومعالجة مواطن الضعف والخلل ووضع البرامج الثقافية التفعيلية والتعويضية والتكميلية وبناء الإنسان الفلسطيني المثقف . * كاتب فلسطيني _ قطاع غزة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل