المحتوى الرئيسى

خطايا جمعة الغضب الثانية

05/24 18:33

فراج إسماعيل سيكون من الأخطاء الكبيرة أو الخطايا أن تحمل مليونية ما يسمى بالثورة الثانية أو جمعة الغضب الثانية، رغبات الأقلية لتفرضها على الأغلبية، على نحو نفهم منه أن الذين لم يرضهم تصويت الأغلبية في استفتاء مارس الماضي على التعديلات الدستورية، قرروا الانقلاب عليه من خلال ميدان التحرير. ليس معقولا أن تكون ثورة يناير داعية للديمقراطية ثم ترتد عنها عند أول اختبار جدي، وإلا نصبح أمام ديكتاتورية جديدة أشد وطأة من ديكتاتورية النظام السابق، لأنها تحتمي بالميدان وتخل بالنظام وقد تسبب فتنة ضد الجيش الذي كان وسيظل الملاذ الأخير لكل المصريين. لقد استمعت إلى آراء الداعين لنبذ ما صوتت عليه الأغلبية، ومطالبهم بتكوين مجلس رئاسي ووضع دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية، وكلها للأسف الشديد تضعنا في نقطة "الصفر" وتجعلنا ندور حوله. أحمد السكري المنسق العام لإتحاد شباب الثورة الذي يضم أحزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة والشيوعي والعمل وحركة كفاية قال أمس إنهم لا يعتدون بنتيجة الاستفتاء لأن التيارات الإسلامية حولته إلى معركة هوية، فانقلبت إلى مسلمين يقولون "نعم"، ومسيحيين يقولون "لا" وتم تغييب العقول في تعمد ففاز المسلمون بقوتهم العددية. وأضاف أن الإخوان هم الجهة الوحيدة الرابحة من الثورة بعد أن خرجوا من السجون إلى القصور. هذه الأطياف كلها التي يمثلها السكري تستكثر على الشعب أن يصوت بإرادته، كأنه ينبغي أن ينحاز إلى فسطاطها حتى تكون كلمته مقدرة وناضجة، وغير ذلك فهو منقاد وتم التأثير عليه، وللأقلية أن تسلبه حقه الديمقراطي في الاختيار. قلنا مرات إن نتيجة الاستفتاء ازعجت الأطياف التي تقاتل من أجل دولة منزوعة من هويتها المسلمة ولن تستسلم بسهولة. وقد بدأتها فور حسم النتيجة بمعارك مفتعلة مع السلفيين بدءا من "غزوة الصناديق" ثم قطع الأذن وهدم الأضرحة والهجوم على استعانة الجيش بهم في تهدئة نزاعات لها طابع عشائري أو قبلي كالاستعانة بالشيخين محمد حسان وصفوت حجازي في حادثة أطفيح واعتصام قنا. شعب مصر 85 مليون نسمة، فكم تساوي نسبة تلك الأطياف؟!.. هل من العدل أن نحطم إرادة أمة أمام نزق فئة حتى لو وصل عددهم في ميدان التحرير يوم الجمعة القادم إلى مليون شاب، وأشك أنهم سيصلون لهذا الرقم إذا قاطعهم الإخوان والسلفيون والمسلمون المعتدلون. الخطورة أن هذه الفئة وضعت نفسها في موضع العداء مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمجرد أن أعضاءه جلسوا مع التيارات الإسلامية وأطلقوا سراح الذين ظلوا سنوات طويلة حبيسي السجون. أثيروا وغضبوا عندما نقل التلفزيون المصري ذات جمعة الصلاة من مسجد يجلس في الصفوف الأولى منه المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان وكبار قادة القوات المسلحة، وأشاعوا عنهم إنهم إسلاميون ينتمون للإخوان أو السلفيين، كأن التدين والعبادة سواء من مسلم أو مسيحي يستوجبان الثورة والغضب الثاني أو الثالث!.. منذ أيام استمعت إلى من يهاجم عصام شرف رئيس الوزراء بعنف وقسوة، وظننت أنه مثلي ناقم عليه لأنه "طيب" أكثر من اللزوم وينتهج الطبطة مع الفلتان الأمني والفوضى، فيتعامل بلطف مع الاعتصامات الفئوية في وقت يجب أن توجه فيه الطاقات للانتاج. لم يكن ذلك للأسف دافعه إلى النقد والهجوم. كل ما يؤرقه أن شقيق عصام شرف من كبار السلفيين المصريين، ولعب دورا في الوساطة خلال اعتصام قنا. فهل نرهن مصير وطن وشعب بإرادة أقلية لا تريد لهما سوى فكرها وأسلوبها للحياة.. أي ديمقراطية وعدالة هذه؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل