المحتوى الرئيسى

هيبة الدولة.. مقومات استعادة الثقة

05/24 10:53

- أبو طالب: الانفلات الأمني يؤثر سلبًا في هيبة الدولة - الخضيري: تصرفات المواطنين هي المسئولة عن إهدارها - المشاط: روح التضحية أول طريق لاستعادة الهيبة واحترامها   تحقيق: محمود شعبان "هيبة الدولة" مصطلح طالما استخدمه النظام البائد أمام كل ما سولت له نفسه معارضة النظام، أو الوقوف في تظاهرة تدعو إلى تغيير السياسات التي ينتهجها النظام, ذهب النظام بكل تفاصيله، وبقى مصطلح "هيبة الدولة".   مرة أخرى تخرج الأصوات من هنا وهناك تطالب بالعمل الجاد من أجل استعادة هيبة الدولة المهدرة التي تكاد تكون قد انتهت نتيجة للانفلات الأمني في البلاد وعدم وجود اقتصاد قوي.   (إخوان أون لاين) حاور الخبراء في محاولة للوصول إلى طبيعة مصطلح هيبة الدولة وحول مقومات هيبة الدولة ومواطن عثرتها، فإلى تفاصيل التحقيق: في البداية يرى الدكتور حسن أبو طالب، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمركز الأهرام، أن هيبة الدولة لا تسقط بمجرد بعض الأفعال التي تنمُّ عن انعدام الأمن في الشارع المصري، وإنما هيبة الدولة تتعلق بقدرة الدولة على إدارة شئونها الداخلية والخارجية، والعمل على التنسيق مع الدول الخارجية، وإنشاء شراكات سياسية واقتصادية دون الانتقاص من سيادة الدولة.   د. حسن أبو طالب  ويتناول أبو طالب جملة الأحداث التي حدثت في الفترة الماضية، مثل إحراق كنيسة إمبابة واعتراض المسلمين على افتتاح كنيسة عين شمس، وانتشار البلطجية في الشارع المصري دون رادع يردعهم بشيء من التوضيح, قائلاً إن حدوث مثل تلك الخروقات الأمنية إنما يعود إلى عدم قدرة الآلة الأمنية على ردع هؤلاء البلطجية، وعدم قدرة الأمن على العودة مرة أخرى إلى وضعه الطبيعي داخل المجتمع نتيجة لما يعانيه من انكسار وذلك بعد إحداث الثورة, موضحًا أن كل ذلك راجع في النهاية إلى الانفلات الأمني وليس لسقوط هيبة الدولة، مشيرًا إلى أن الانفلات الأمني له مدلوله السلبي على كافة المجالات ليس على هيبة الدولة فقط وإنما على حالة الاستقرار الموجودة في البلاد، وعلى الوضع الاقتصادي، وعلى الوضع الاجتماعي وغيرها من الجوانب الأخرى التي تتأثر بشكل مباشر جراء فقدان المواطنين للأمن داخل المجتمع.   ويشرح أبو طالب جانب هيبة الدولة بشيء من التفصيل، موضحًا أن هيبة الدولة ربما تتعرض للاهتزاز والضعف ولكنها لا تسقط أبدًا حتى في حالة الحروب والانهزام التام لأي دولة فإن هيبتها تظل قائمة في ممارساتها على مواطنيها لأنه في النهاية ليس للمواطن سوى دولته التي يحتمي فيها.   موضحًا أن احتماء المواطن بدولته كان في الماضي متمثلاً في اللجوء إلى القضاء إذا تعرض المواطن لأي ظلم، أو معاناة وقعت عليه من أي طرف آخر, وحتى في أشد حالات ضعف الدولة المصرية في الفترة الماضية حيث كان الناس يعانون الظلم والاعتقال وغيرها من أنماط وأشكال المعاناة المختلفة ظل الناس يلجئون إلى الدولة متمثلة في القضاء الشامخ محاولين الوصول إلى حقوقهم حتى وهم غاضبون على دولتهم وتصرفاتها ضدهم.   ويؤكد الدكتور أبو طالب على الدور المنوط بالمواطنين من أجل مساعدة الدولة استعادة دورها المرجو منها، والعمل على مساعدة الدولة في استعادة هيبتها مرة أخرى، قائلاً إنه يجب التوقف في الحال عن المطالب الفئوية حيث تعمل تلك المطالب على إضعاف الوضع الاقتصادي للبلاد في الوقت الذي تعاني فيه البلاد أزمة اقتصادية طاحنة.   ويطالب الدكتور أبو طالب المواطنين بتكوين اللجان الشعبية من أجل استعادة الأمن مرة أخرى في الشوارع، وغيرها من الأمان التي تعاني الانفلات الأمني، وأن يتحمل المواطنون المسئولية الكاملة من أجل إعادة مصر إلى مكانتها مرة أخرى.   ومن ناحية أخرى يطالب بأن تقوم الدولة بتحمل مسئوليتها كاملة تجاه الشعب، والمواطنين من خلال عودة الأمن بكامل قوته إلى الشارع مرة أخرى، والتعامل بكل حزم مع أشكال الخروقات المختلفة للقانون ومعاقبة الجناة.   طرق المواجهة   المستشار محمود الخضيري من جانبه يرى المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض سابقًا أنه بطبيعة الحال يؤثر غياب الأمن بشكل سلبي على هيبة الدولة حيث تنهار كل المرافق في الدولة، ويقل الإنتاج نتيجة لعدم شعور الناس بالأمن وبالتالي تبدأ الدولة في الانهيار.   وأشار الخضيري إلى أن المواطن هو المسئول في المقام الأول عن إهدار هيبة الدولة، وذلك في حالة عدم انصياعه للقانون، ومحاولاته الالتفاف حول أحكام القضاء وأن يقوم بمخالفة القانون.   وطالب الخضيري الدولة بالعمل الجاد على عودة الشرطة مرة أخرى إلى الشارع من خلال تخريج دفعات كثيرة وقبول أضعاف الدفعات السابقة، أو عقد دورات لخريجي الحقوق والتجارة من أجل القدرة على عودة الأمن مرة أخرى.   وشدد على ضرورة إعادة الثقة بين المواطنين والأمن حتى يستطيع المواطن أن يساهم في إعادة هيبة الدولة مرة أخرى من خلال انصياعه للقانون، وأشار إلى ضرورة تغيير شعار الشرطة، والشعب في خدمة الوطن.   مرحلة جديدة   د. عبد المنعم المشاطويوضح الدكتور عبد المنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز البحوث والدراسات السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن مكانة الدولة وهيبتها داخليًّا بين المواطنين وخارجيًّا بين الدول المختلفة؛ إنما تعتمد على أمرين جوهريين؛ وهما: الموارد التي تمتلكها الدولة من الاحتياطي الأجنبي والموارد الاقتصادية المختلفة، والأمر الآخر هو مدى التزام المواطنين بالقانون وعدم تعديهم عليه.   ويرى أن قدرة المواطنين على العمل من المقومات الرئيسية التي تؤثر على هيبة الدولة ويؤكد أن المواطنين غير قادرين الآن على الإنتاج بشكل قوي كما كان في السابق نتيجة للأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد ومن ثم بهيبة الدولة في وضع غير مستقر أو مطمئن.   ويبدي المشاط تعجبه من قدرة الناس على الالتزام والإنتاج المعنوي والمادي خلال الفترة التي تمت خلالها الثورة ونكوصهم بعد ذلك وعودتهم مرة أخرى إلى ما كانوا عليه قبل أيام الثورة، ويتساءل عن الأسباب التي أدت إلى عودة المواطنين مرة أخرى إلى الأداء الاقتصادي الباهت الذي يؤثر بشكل سيئ على هيبة الدولة.   الأمر الآخر الذي يشير إليه المشاط، وهو غياب تطبيق القانون؛ حيث يرى أن دلالة غياب تطبيق القانون على هيبة الدولة أنها تصدر صورة سلبية للعالم عن وضع الدولة وتصويرها على أنها عاجزة عن حماية مواطنيها وتطبيق القانون على الخارجين منهم.   وأضاف المشاط أن تفاقم المشكلة ينبع من أن المواطن لا يدرك حجم الأزمة الحقيقية حيث لا يقوم المواطنون بالإنتاج الجيد في المجال الاقتصادي في الوقت الذي قلت فيه التحولات الخارجية للمصريين، وقلت موارد السياحة والاستثمار والصادرات وبالتالي أدى ذلك إلى اهتزاز هيبة الدولة.   وطالب المشاط الدولة بعودة دورها الحيادي مرة أخرى بين المواطنين حتى تستطيع استرداد هيبتها مرة أخرى لدى المواطنين، ويجب أن تعمل على عودة الأمن الداخلي بشكل سريع لأن تماسك الأمن الداخلي مقوم مهم من مقومات الأمن الخارجي، واستقراره وبالتالي عودة هيبة الدولة للأمن الخارجي للدولة.   ويرى محمد السروجي مدير مركز الفجر للدراسات السياسية أن ما يحدث الآن في مصر من حالات انفلات للأمن، وضعف الأداء الاقتصادي إنما هو مؤشر طبيعي يعقب أي ثورة تحدث في العالم.   وأشار إلى أن نظام مبارك حاول بكل الطرق تدمير البلاد بعد رحيله وخاصة بعدما اختزل البلد في شخص مبارك، وبالتالي في حالة سقوط نظام مبارك فسقوط الدولة هو النتيجة الطبيعية والمحتومة لذلك. إلا أن ما يحدث في مصر إنما هو أعراض سقوط الدولة، وليس سقوطًا للدولة, موضحًا أن الله حفظ البلاد من سقوطها بشكل كامل، وإنما يحدث هو أعراض الاضطراب في استقرار البلاد، وليس مظاهر سقوط البلاد.   وذكر السروجي أعراض المرض التي تنال من هيبة الدولة وتسعى إلى ضعفها، وهي التشابك الاجتماعي الحاصل في مصر بين المسلمين والأقباط بأيادٍ خفية تريد جر البلاد إلى فتنة طائفية لا يعلم مداها إلا الله, والاضطراب في أداء الدولة الاقتصادي نتيجة لتوقف المصانع عن العمل لأسباب داخلية منها إضراب العمال وخارجية نتيجة لعدم توفر السيولة الكافية في الدولة، ومن ثم عدم قدرة المصانع والشركات الإنتاجية عن العمل بكل قوتها.   وتناول السروجي ضعف هيبة الدولة من زاوية أخرى، موضحًا أن ضعف هيبة الدولة يأتي مباشرة نتيجة لغياب القيادات والكوادر التي تعمل على إنقاذ الدولة في حالة ضعفها، وسقوطها وذلك لنجاح مبارك في تجريف الحياة السياسية من الرموز والقيادات السياسية.   محمد السروجي  وأشار السروجي إلى وجود شبكات فساد قوية تعمل على إسقاط هيبة الدولة وإضعافها بشتى الطرق مثل شبكات المخدرات التي تعمل ليل نهار على ذلك وشبكات تهريب الآثار والاتجار في السلاح وشبكات تصدير البلطجية إلى المجتمع لترويع الناس, فكل تلك الشبكات المتشابكة تعمل على إضعاف وإسقاط هيبة الدولة.   ويلقي السروجي باللوم على طوائف من الشعب المصري، مشيرًا إلى وجود بعض طوائف من الشعب المصري التي تعمل دون قصد منها على إضعاف هيبة الدولة، وذلك مثل القائمين على الاعتصامات الطائفية التي يقومون بها في توقيت غير مناسب.   وأشار إلى ضرورة وجود عقد اجتماعي جديد بين طوائف المجتمع المختلفة والعمل على وجود شراكات بين طوائف المجتمع المدنية المختلفة حتى يستطيعوا النهوض بالدولة من عثرتها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل