المحتوى الرئيسى

مجلس التعاون يشتبك مع القضية

05/24 09:02

محمد الرميحي ما زالت علامات الاستفهام حول دعوة مجلس التعاون المغرب للانضمام إليه وقبول طلب الأردن، عالقة، لم يُجَب عن كثير منها، وما زالت تلك الخطوة تحظى بعدد غير قليل من التعليقات. ومع مرور الوقت تتضح الرؤية أكثر. الفكرة الرئيسية هنا أن هناك شيئا يعد عربيا فيما بعد انجلاء القضية الليبية ودخول ليبيا نادي الدول المتحضرة، بعد حكم غير عقلاني وغير مفهوم بل وعشوائي. المرحلة التي يعد لها عربيا ودوليا، ما بعد ليبيا، تنبئ عن مرحلة تشابه مرحلة ما بعد تحرير الكويت. وقتها، أي بعد تحرير الكويت، كان هناك دول إعلان دمشق، ثم الذهاب إلى مدريد في إطار البحث عن حل للقضية الأهم في الشرق الأوسط، فلسطين. لم تسر مياه مدريد كما قُدر لها من البداية، وتعثرت المسيرة الفلسطينية، ثم جاء بعد مخاض عسير، إعلان مشروع السلام العربي، الذي وافق عليه اجتماع قمة عربي في بيروت عام 2002 بعد أن تبناه الملك عبد الله بن عبد العزيز ثم أصبح مشروعا لكل العرب. مرحلة ما بعد ليبيا، وكل التغيرات الحادثة في البلاد العربية، وهي تغيرات عميقة، تنبئ أن هناك مسارا جديدا يبدأ، تكون المبادرة فيه أو القاطرة دول مجلس التعاون. وهي دول كانت المبادرة في اتخاذ خطوات تبناها مجلس الجامعة العربية وهي خطوات غير مسبوقة لحماية المدنيين الليبيين، والتي اعتُمد عليها دوليا، وجاءت قرارات مجلس الأمن تعضدها، كما أن مجلس التعاون كان الكتلة السياسية الأساس في تطوير موقف لوضع اليمن على طريق السلام الأهلي والاجتماعي، والخليج من جانب آخر هو المتضرر الأكبر من جراء اختطاف القضية الفلسطينية من قبل دولة إقليمية كإيران، لتمرير أجندتها الخاصة. لماذا إذن الأردن والمغرب؟ ببساطة هذا يعني فلسطين والقدس. بدخول الأردن إلى مجلس التعاون، بأية صيغة، تضع دول المجلس، النشيطة سياسيا والقادرة اقتصاديا، نفسها بمحاذاة إسرائيل فتصبح دول مواجهة من أجل شن عملية السلام التي يعمل لها المجتمع الدولي. وبالتالي فإن نشاطها السياسي وقدرتها الاقتصادية، ستكون موجهة للدفع بعجلة السلام بأسرع مما سارت عليه حتى الآن، أما المغرب فهذا يعني القدس، ليس فقط لأن المغرب هي رئيسة لجنة القدس العربية، ولكن أيضا لأن المغرب لها أكبر قسم من الأوقاف في المدينة القديمة، القدس، التي تستطيع بجهد سياسي أن تحافظ عليها من الضياع وعدم تجاهل عروبة القدس في أية تسوية قادمة. وهل التسوية قادمة؟ انظروا إلى مفردات خطاب أوباما الخميس الماضي 19 الشهر الحالي، والذي هو ثاني خطاب يلقيه، بعد خطاب مايو (أيار) 2009 في القاهرة، ومخصص بشكل كامل للشرق الأوسط. مع تفهم مقولاته حول دعم الأنظمة الجديدة في مصر وتونس، وأيضا تفهم توقعاته أن ما حدث هناك قد يحدث في عدد من الدول العربية المقاومة للإصلاح السياسي والاجتماعي. مع تفهم ذلك، فإن حديثه عن دولة فلسطينية على الأرض المحتلة عام 1967 (مع بعض التغييرات الثانوية في الحدود) هو تبني مبادرة السلام العربية تقريبا بمعظم تفاصيلها، بصرف النظر عن مناورات الحكم الإسرائيلي القائم أو معارضة بعض مستشاري الرئيس الأميركي. ما بعد ليبيا، المسار الدولي هو باتجاه الدولة الفلسطينية وهو ما سوف تنصب عليه الجهود، بعد انقضاء العملية الليبية، التي يرى المراقبون أنها لن تطول، وأيضا ما سوف يسفر عنه الحراك الشعبي السوري من احتمالات، أدناها أن النظام السوري لن يعود كما كان قبل الحراك الأخير. إذن التحرك الإقليمي الخليجي، هو عملية استباقية، ليس من أجل الخليج فقط، بل من أجل تقدم القضية العربية، التي كانت وما زالت هي المركز في جل الحراك العربي والإقليمي الإيجابي منه والسلبي. بعض هذا الحراك كان بنية صادقة، لم يوفق لأسباب مختلفة، وبعضه كان مواقف انتهازية من أجل اختطاف والتحكم في رأي عام عربي يتوق إلى حل مشرف لهذه القضية التي استهلكت الكثير من الجهد واستنزفت الكثير من الطاقة، وباسمها أيضا استبيح كثير من المحرمات، على رأسها إجهاض الحلم العربي في اللحاق بالشعوب المتقدمة. موازين القوى تتغير والملفات تعد لحراك شرق أوسطي، هذا هو ما يجب أن يقرأ من الصورة التي بدأت في 13 الشهر الحالي غامضة من الرياض، بالترحيب من قبل القمة الخليجية بالأردن والمغرب. الكثير من التحليلات العجلى لم تنظر إلى الغابة، استغرقت وقتا طويلا لتفحص الشجرة القريبة، أما الغابة الكبيرة فهي، أن ينصب جهد خليجي جدي في الجهود العالمية الرامية إلى إعلان دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف. لن أقول إن هذا الهدف قاب قوسين أو أدنى، ولكنه مسار ينتصر إلى الحقوق العربية وفي الوقت نفسه يجرد البعض من سلاح استخدم إقليميا من أجل الدفع بأجندة توسعية على حساب القضية العربية الأم، كما يحقق طموحا استنزفت أجيال جهدها للوصول إليه. وما المصالحة الفلسطينية التي تمت في القاهرة مؤخرا، والجهد الدبلوماسي المبذول من دول الخليج باتجاهين، اتجاه ليبيا واليمن، إلا جزء من المسيرة التي يرجى لها النجاح. هذه هي الأجندة الدولية المطروحة والتي إن تحققت سوف تحقق ثلاث نتائج، تراجع العنف، تراجع أجندة اختطاف القضية من أجل توسع إقليمي، ثم تحقيق التنمية التي تشتاق لها شعوب المنطقة. آخر الكلام: مهما كانت النتيجة التي سوف تصل إليها القضية اليمنية المستعصية، فالمطلوب من الحكم الجديد أن يمنع تناول القات، على الأقل في العلن، لأن منظر بعض الإخوة اليمنيين، التي تطيّر صورهم الصحافة العالمية، وخدودهم منتفخة من مضع القات، منظر لا يسر!! *نقلاً عن "الشرق الأوسط" اللندنية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل