المحتوى الرئيسى

الدكتور سلام فياض "رئيس وزراء باستفتاء شعبي"

05/24 00:56

لقد طوى توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة بين فتح وحماس أربع سنوات عجاف مرت على الشعب الفلسطيني بما حملته من انقسام سياسي واجتماعي ، أربع سنوات كانت الأسوأ في تاريخ الشعب الفلسطيني , فقال عنها الكثيرين أنها النكبة الفلسطينية الثانية . اتفاق المصالحة وبعيداً عن ذكر الأسباب التي مهدت الظروف لتوقيعه رغم اختلاف المحللين والمهتمين حول تلك الأسباب , فمنهم من قال أنها دوافع فلسطينية بحتة لتغليب المصلحة الوطنية , ومنهم من ذهب ليقول أنه اتفاق الضرورة نتيجة المتغيرات الإقليمية والثورات العربية وما رافقها من تغيير أنظمة وأخرى على الطريق ، بغض النظر عن كل الأسباب نأمل أن يشكل الاتفاق فتح صفحة جديدة في العلاقات الفلسطينية البينية تقوم على أسس وطنية جديدة أقوى وأصلب من تلك التي سبقت الانقسام . الملفات التي تم الاتفاق حولها تحتاج إلى التوقف ملياً عند كل التفاصيل حتى لا يبقى أي منفذ يعيد الوضع الفلسطيني لانتكاسة أخرى لا يحتملها , فهي تمثل النهاية للمشروع الوطني برمته ، والتوقف هنا يعني الاتفاق على كل الملفات حتى لو أخذت وقتاً وجهداً أكثر . ومن أهم الملفات التي تتداولها المحافل الرسمية والشعبية ملف تشكيل الحكومة التي انتشرت حولها الكثير من الإشاعات والأقاويل حول العديد من الأسماء التي لا يعلم من رشحها سوى من سربها للإعلام بهدف التسويق الشخصي تارة ومحاولة فرضها على الرأي العام مرة أخرى , وأحياناً بهدف قياس رد الفعل الشعبي والمجتمع الدولي حول بعض الأسماء ، فمعظم الأسماء التي تم تداولها شعبياً لم ترقى إلى مستوى القبول والرضا ، لأن شرائح واسعة من الجمهور لها أهداف وتطلعات وأحلام كبيرة تجاه الحكومة القادمة ، ففي غزة ينتظر الناس حكومة تأخذ على عاتقها انجاز الكثير من الحاجات العامة والشخصية التي فقدوها طيلة السنوات الأربع الماضية ، فلقد تجمدت الأوضاع في غزة إن لم نقل تراجعت سنوات للوراء ، فالناس بحاجة إلى مؤسسات حكومية تحل مشاكل تكدست طيلة هذه الفترة وبحاجة إلى إعادة بناء البنية التحتيــة المدمرة بالكامل ، بحاجة إلـــى إعادة إنعاش الاقتصاد وتخفيض نسبة البطالة ، بحاجة إلى إعادة تأهيل المرافق الصحية التي تراجعت سنوات للوراء , بحاجة لمدارس لتستوعب الكم الهائل والمتكدس من الطلاب ، بحاجة إلى تعبيد الشوارع وإعادة تشييد الميناء والمطار , والأهم الناس بحاجة إلى إعادة بناء الإنسان الفلسطيني الذي تقع عليه مسؤولية الصمود والمقاومة ، فالجائع والفقير والمحتاج لا يمكن أن يكون محارباً أو مقاوماً أو صامداً ، الإنسان بحاجة إلى إعادة بناء ثقته بنظامه السياسي وبقيادته ، تلك الثقة التي فقدها أمام تعرضه للإذلال والتجويع والقمع ، الناس في غزة كانت – وهي محقة – كانت تنظر بعين الحاسد للبناء والتطوير الذي شهدته محافظات الوطن الشمالية "الضفة الغربية" ، فلقد شاهد المواطن الغزي حجم التطور فــي البناء والاقتصاد ، فلقد سمع الناس عــن مشاريع الصحة والتعليم والبنية التحتية وبناء المناطق الصناعية وخلق فرص العمل . أمام هذه الحاجات والتطلعات المحقة والشرعية يستحق الناس حكومة قادرة على حمل هذه الأعباء ويستحقوا قبل كل شيء أن تستمع القيادات المتحاورة والمكلفة بتشكيل الحكومة لمطالب الناس ومعرفة احتياجاتهم ويضعوا المعايير المهنية والمدروسة والبعيدة عن المناكفات التي رافقت الانقسام وتجاوز الاتهامات المتبادلة ومراعاة الظروف الإقليمية والدولية عند اختيار الحكومة ورئيسها ، السنة التي ستقود فيه هذه الحكومة الوضع الفلسطيني بحاجة إلى السرعة في العمل والانجاز , فالناس ليسوا بحاجة إلى رئيس وزراء لا يمتلك التجربة ولا يهمهم إن كان ناجحاً في مشاريعه الخاصة ، ما يهم الناس رئيس وزراء وطني ومجرب وعملي ولديه القدرات والعلاقات التي تمكنه من العمل ، رئيس وزراء نظيف يحارب الفساد يبني مؤسسات تتسم بالشفافية والمهنية ، وعليه فإن الدكتور سلام فياض هو المؤهل الذي يمتلك كــل المؤهلات والمواصفات التـي مـن الممكن أن تمنحه الدعم والإسناد الشعبي ، فالناس يتهامسوا فيما بينهم في غزة في أحاديث الشارع في السيارة في المحل في الأفراح وكل المناسبات التي تجمع الناس يتهامسوا ويتمنوا أن يكلف الدكتور سلام فياض بمهمة رئيس الحكومة ، ومن لديه أدنى شك في ذلك فليقوم بعمل استبيان شعبي في غزة ليعرف اتجاهات الناس وميولهم ومن يرشحوا لرئاسة الحكومة في هذه الفترة الهامة والحساسة ، إذا أرادت القوى والفصائل أن تنال ثقة الناس عليها أن تستمع لمطالبهم وتنزل عند رغباتهم ويتجردوا من الأنانية الحزبية والفئوية . الحديث عن تكليف الدكتور فياض لا يمكن أن يكون محلاً لتوجيه سهام الانتقادات , ولا يبرر تحليل هذه المطالبات ووصفها بالأنانية والانتهازية ، فيكفي أن اتفاق الفصائل على تشكيل حكومة تكنوقراط من الشخصيات المستقلة دليلاً على أهمية المرحلة القادمة وإقراراً واضحاً وجلياً بأن حاجات الناس أهم من المواقف الحزبية ، وكذلك دليلاً على نجاح تجربة الدكتور فياض في رئاسة الحكومة في الضفة الغربية ومحاولة تعميم التجربة وتكرارها ، فليس عيباً ولا تنازلاً الخضوع لمطالب الناس ، وعلى القوى السياسية أن تهتم بتقييم أوضاعها الداخلية وتصويب علاقاتها بالجماهير وتعد نفسها لتعود مرة أخرى لقيادة الناس من خلال صناديق الاقتراع التي من المحتمل إجرائها بعد عام من الاتفاق . أعطوا فرصة للدكتور سلام فياض لإنجاز المشروع الوطني في قيام مؤسسات الدولة الفلسطينية , ونعتقد بأن الانتخابات قريبة , أي بعد عام , وهذه فرصة يمكن الإنجاز خلالها , ولتتفرغ الفصائل لحل مشاكلها الداخلية ولتستعد للانتخابات , وليكن مهمة الحكومة الحالية (الانتقالية) عملية بناء غزة .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل