المحتوى الرئيسى

حصاد 2010: كرة القدم علم بلا حدود

05/24 14:10

  لا يتعامل الغرب مع كرة القدم على أنها مجرد «لعبة»  تُرْكَل طوال (90 دقيقة) من أجل أن يسكن شباكا لها مقاييس محددة وينتهى الأمر عند هذا الحد. ولم يقتصر فكر تحويل كرة القدم إلى احتراف حقيقى من أجل الأموال والشهرة فقط  بل تجاوز الأمر كثيرا ليصل إلى حد «العلم» الحقيقى، ودراسة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بهذه اللعبة، التى صارت عملا جادا وكبيرا له قواعد ثابتة وواضحة. والعجيب أن أمر كرة القدم وصل إلى أن يشغل بال وكالة الفضاء الامريكية الشهيرة (ناسا)  لتقوم بعمل دراسة علمية على كرة  «جابولاني» التى تم صنعها خصيصا لبطولة كأس العالم الماضية  ودراسات أخرى عديدة جعلت من كرة القدم علما بلا حدود. خلال 2010، ظهر العديد من الدراسات العلمية المتعلقة بكرة القدم، ومع كثرة الموضوعات العلمية والنتائج الحديثة خلال هذا العام، ربما يمكن أن نطلق على عام 2010 «عام كرة القدم والعلم». كانت أولى الدراسات فى مايو 2010 وهي دراسة أسترالية  حول كرة كأس العالم «جابولانى». كشفت الدراسة  أن كرة القدم الجديدة التي ابتكرت لاستخدامها في مباريات كأس العالم بجنوب أفريقيا أسرع من الكرات السابقة كما أنها غير منتظمة الشكل وتطابقت الدراسة مع شكاوى عدد كبير من حراس المرمى في العالم من الكرة الجديدة التي أنتجتها شركة «أديداس» للملابس والأدوات الرياضية. وأظهرت تجربة المحاكاة التي أجراها «البروفيسور لينويبر» على جهاز الكمبيوترأن سطح الكرة  غير المستو يساعد في عدم انتظامها. وأكد أن حدس حراس المرمي لمعرفة اتجاه الكرة سيكون أقل حيث يمكن أن ترى الكرة القادمة باتجاهك وتتصرف على هذا الأساس ولكن يحدث فجأة شيء مخالف، حيث إن نوع النسيج المصنوعة منه الكرة بالإضافة للتجاويف الصغيرة لها تأثير كبير على طبيعة تدفق واحتكاك الهواء. وكان رد فريق الخبراء الإنجليزي المسؤول عن تصميم الكرة «جابولاني» وقالوا إنها أكثر كرة قدم ثباتا ودقة على الإطلاق. وأوضح العالم «آندي هارلاند» الذي ترأس الفريق المختص بتجربة وتصميم الكرة الجديدة أنه إذا حادت الكرة عن هدفها لعدة مرات فذلك ليس لأنها «غير متوقعة» ولكن لأنها تسير بسرعة أكبر بمقدار 5 في المائة عن الكرات السابقة، وأن الكرة لديها قدرة أكبر على التحليق في الجو لأطول فترة مع إمكانية السيطرة عليها بشكل تام في ظل كل الظروف بسبب التجاويف الموجودة على السطح الخارجي للكرة. وكان لوكالة «ناسا» رأي آخر حيث أجرت عدة دراسات علمية وعملية حول تلك الكرة التى أثارت الجدل حولها، لتخرج في النهاية بدراسة وُصِفَت بالطريفة حول «جابولانى» مؤكدة أنه لا يمكن التنبؤ باتجاهها مع التسديدات القوية. وأفادت الدراسة أن التسديدات القوية والمباشرة لهذه الكرة يصعب التكهن باتجاهاتها ويمكن أن تغير مسارها بسهولة، وأثبتت أن جابولاني «لا يمكن التنبؤ باتجاهها» بعد أن تتجاوز سرعتها 72 كلم فى ساعة. ومن أطرف الدراسات، دراسة جامعة «شيستر» الإنجليزية حول معدل تصدى الحراس لركلات الجزاء، وخلصت إلى أن الحارس الذي يرتدي رداء أحمر يتصدى لركلات جزاء أكثر. وتمت الدراسة التى كانت تحت إشراف عالم النفس «إيان جرينليس» التى جاءت عبر  تسديد (40 لاعبا) ركلات جزاء على ذات الحارس مرتدياً ألوانا مختلفة.  وتبين أنه تصدى لـ (46%) من الكرات عندما يرتدي أحمر و(31%) عندما يرتدي أصفر و(28%) مع الأزرق و (25% ) مع اللون الأخضر.  وعلل العالم هذا الأمر بقوله إن «اللون الأحمر يعني الخطر ويشتت انتباه الشخص المقابل، وأثناء التوتر فالإنسان ينتبه أكثر للأمور المحيطة». والطريف أن أهداف الدراسة وقتها كانت محاولة مساعدة إنجلترا فى الفوز بكأس العالم، إلا أن خروجها المبكر لم يمكنهم من تطبيق تلك النظرية مع الفريق. وحول الطب الرياضى والإصابات تم إثبات أن  الركبة هي أكثر مناطق الجسم عرضة للإصابات جراء ممارسة الرياضة. فقد أثبتت دراسة أجريت في جامعة «جلاسكو» الأمريكية فى أكتوبر 2010،  أن الركبة هي أكثر مناطق الجسم عرضة للإصابات جراء ممارسة الرياضة وخاصة كرة القدم، وأطلقت عليها مسمى «ركبة العدّاء» حيث يتمزق ويتآكل الجانب الخلفي من الغضروف الماص للصدمات في مفصل الركبة نتيجة زيادة الضغط عليه ويترافق مع الإصابة ألم حاد أسفل صابونه الركبة مع صوت طقطقة أو احتكاك خشن. أما إصابات أربطة المفاصل فهي شائعة أيضا، ليس فقط في مفصل الركبة وحسب وإنما تصيب أيضا أربطة الكاحل فتتعرض الأخيرة للتمزق وخاصة الأربطة الكبيرة منها، وغالبا ما تكون مصحوبة بتمزق الألياف العضلية والنسيج الضام المحيط بها، الذي يمثل ثاني أكثر إصابات الملاعب شيوعا. وتتحدد درجة تمزق أربطة المفصل بدرجة التلف الحاصل في تلك الأربطة، فقد يكون من الدرجة الأولى وهي البسيطة أو المتوسطة أو الشديدة التي يكون فيها المفصل في حالة عدم ثبات. وأشارت نتائج دراسة أخرى أشرف عليها الدكتور «إيفان إيجمان» إخصائي طب العظام في الولايات المتحدة الأميركية إلى أنه يمكن لـ %40 من حالات التواء الكاحل أن تتطور إلى مشاكل مزمنة وتلقي بمزيد من العبء على كاهل نسبة كبيرة من اللاعبين. وفى واحدة من أقوى الدراسات الشاملة للعبة، فى يونيو 2010، كشفت دراسة عن عدة نقاط هامة للغاية  خاصة بظواهر فى كرة القدم مثل التظاهر بالسقوط. فكيف نكشف مثلا إن كان اللاعب وقع فعلا بسبب خطأ ارتكبه الخصم، أم أنه يتظاهر بالسقوط؟ أجاب عن هذا التساؤل عالم النفس البريطاني «بل موريس» بأن أحد الأمور التي تفضح اللاعب تسمي «بقوس الرامي» عندما يسقط اللاعب وذراعاه في الهواء، فيما راحتا يديه مفتوحتين، وصدره بارز ورجلاه مطويتان عند مستوي الركبة، مثل قوس الرماية عندما يكون جاهزا للإطلاق. وأوضح موريس «هذا الأمر يحصل في كثير من السقطات، لكن من الناحية الميكانيكية البيولوجية هذا لا يحصل عندما تكون السقطة طبيعية» مشيرا إلى أن «الذراعين عندها تكونان باتجاه الأرض في محاولة للتخفيف من السقطة، أو إلي الجسم في محاولة للتوازن. ولكن هل يمكن لعلم الأحياء أن يفسر الأفضلية التي يحظي بها الفريق عندما يلعب علي أرضه؟ بالتأكيد نعم، فقد فحص الباحثان البريطانيان «ساندي ولفسون» و«نيك نيف» مستويات التستيرون (الهرمون الذكري) عند لاعبين قبل مباراة يخوضونها علي أرضهم وقبل مباراة خارج أرضهم وخلال حصة تدريبية. وكانت المستويات أعلى بكثير قبل المباراة التي يخوضونها علي أرضهم. ولأن الهرمون الذكري مرتبط عادة بالهيمنة والثقة والعدوانية، مما يعني أن اللاعبين كانت لديهم التعبئة الكافية للدفاع عن أرضهم.  أما عن مستوى اللاعبين عند  الارتفاع عن سطح البحر فمعروف أن الفرق والمنتخبات الواقعة بلادها على ارتفاع عال عن سطح الأرض لديها أفضلية عندما تلعب علي أرضها، حيث إن أفراد الفريق الخصم لا يكونون معتادين على اللعب في منطقة، يكون فيها الأوكسجين منخفضا. لكن ما هو غير معروف هو أن لديهم الأفضلية عندما يلعبون أيضا خارج أرضهم. وفي هذا الشأن، حللت الدراسة العلمية نتائج المباريات الدولية علي مدي قرن في 10 دول أمريكية جنوبية. وإذا كان بلدا المنتخبين علي الارتفاع ذاته، بلغت أرجحية ان يفوز الفريق الذي يلعب علي أرضه 53 %. وهذه النسبة تصل إلى 82 % إذا كان الفرق في الارتفاع عن سطح البحر 3695 مترا لكن هذه الأرجحية تراجعت إلي 21 % عندما كان الفرق 3696 مترا. وبخصوص تسجيل الأهداف تبين  أن هناك معتقدات خاطئة حول تسجيل الأهداف، حسب ما أفاد خبراء إحصاءات كرة قدم خلال اجتماعهم في ورشة عمل في جامعة «ماينهام» في ألمانيا.  فقد دحض هؤلاء الاعتقاد السائد بأن الهدف الذي يسجل قبيل نهاية الشوط الأول له تأثير أكبر علي نتيجة المباراة من هدف يسجل في وقت مبكر من الشوط الأول. أما الخطأ الثالث، فهو أن الفرق التي سجلت هدفا لتوها تكون  أكثر عرضة ليدخل هدف مرماها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل