المحتوى الرئيسى

> المستشار محمد حامد الجمل الرئيس الأسبق لمجلس الدولة: دولة «مبارك»كان هدفها الوحيد جمع الأموال

05/23 21:28

تعجب المستشار محمد حامد الجمل ـ الرئيس الأسبق لمجلس الدولة ـ من اهتمام الرئيس المخلوع حسني مبارك بجمع الأموال ونهب الثروات هو «ومراكز القوي» حوله دون التفكير في أمن وحرية ورخاء المواطن المصري.. منتقدا وجود الفساد بهذا الحكم الذي استمر 30 عاما. وفي حواره مع «روزاليوسف» تطرق إلي عدد من القضايا من بينها التعديلات الدستورية التي أجراها الرئيس الراحل أنور السادات عام 1980 وهي التعديلات التي كان مشرفا عليها وإلي أهم الخلافات بينه وبين النظام السابق في التدخل والمصادرة لأحكام القضاء ومحاولة تمرير القوانين.. متحدثا عن الفتنة الطائفية، ودور الحكومة في تهدئة الأمن وإعادة الأمن مرة أخري مبديا توجسه من المستقبل في حالة استمرار الحال علي ما هو عليه الآن وإلي نص الحوار. بداية كيف تقرأ الوضع الراهن في مصر الآن بعد انقضاء عصر طويل من الفساد الذي استشري في المجتمع؟ ـ لكي نفهم الوضع الراهن لابد من تشكيل صورة ومحاور عامة للوضع الذي استمر لمدة 30 سنة والذي تضخم فيه حجم الفساد والمفسدين ووجود مراكز القوي في نظام مبارك التي كان همها الأول هو نهب ثروات الشعب المصري وقمعه من خلال فرض نظام الطوارئ منذ عام 1981 وحتي الآن من أجل ضمان عدم ثورة الشعب علي هذا النهب. حيث عكفت مراكز القوي علي إصلاح أحوالهم الاقتصادية وتحويل أنفسهم من محدودي الدخل الي مليارديرات، ولذلك كان نظام مبارك يؤمن بضرورة قمع المعارضة وتعطيل الحريات الدستورية، وفرض شرعية الارادة المنفردة في شكل جديد للديكتاتورية غير معروف في العالم.فالرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان ديكتاتورا، لكنه سعي لأهداف استراتيجية عامة كتأميم قناة السويس وإنشاء السد العالي، والخديو محمد علي كان ديكتاتورا ولكنه كان يريد أن يحل مكان الدولة العثمانية وجعل مصر دولة عظمي وأدخل صناعات متطورة للأسلحة والذخيرة وغيرهما، أما ديكتاتورية مبارك فلم يكن وراءها أهداف قومية. الديكتاتورية التي انفرد بها مبارك كانت لا مثيل لها، فإلي أي الأنظمة كان ينتمي الرئيس المخلوع؟ ـ ينتمي لأنظمة شخصانية، فالدولة عنده عبارة عن عزبة يدير شئونها بمفرده، فهو القائد الأعلي لكل شيء للقوات المسلحة والشرطة والهيئات القضائية وغيرها، بل وامتدت سيطرته إلي التعيينات في الدولة فهي إما مباشرة بقرار جمهوري صادر منه أو غير مباشرة من خلال تحريات أمن الدولة. فهو لم يعمل علي أساس القومية المصرية داخليا وخارجيا ولكن لمصلحته ومصلحة أسرته ومراكز القوي ومنهم صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور ومجموعة رجال الأعمال من الوزراء والساسة، وخارجيا كان يتبع أهداف ومصالح أمريكا وإسرائيل دون مراعاة مصالح الأمة العربية أو مصر، وتم تهميش دور إفريقيا والعالم الذي تحولت مصر في عينه إلي دولة تعيش علي المعونات والرشاوي من الدول الأخري. ما أهم مخالفات احتكار تفويض مبارك في شراء السلاح؟ ـ بدأها الرئيس الراحل أنور السادات عندما حصل علي تفويض بشراء السلاح منذ قبل عام 1973، وعمل علي حماية أسرار نوعيات وأحجام السلاح للصالح القومي، واستمر مبارك في تجديد هذا التفويض سنويا حتي يوم تنحيه عن الحكم في فبراير الماضي، وكان من المفترض أن يقدم بيانا حسابيا وسياسيا للبرلمان كل عام ويقدم فيه نتائج ما حدث في هذا التفويض، إلا أنه لم يتقدم بذلك علي مدار الـ30 عاما الماضية لأنه يعتبر نفسه فوق القانون.  أشرفت علي تعديل الدستور المصري عام 1980 وحدثت هناك خلافات علي بعض النصوص والتعديلات فما أهمها؟ ـ أهمها ما يتعلق برغبة الرئيس الراحل السادات في تغيير نص تحديد مدة الرئاسة بـ6 سنوات تجدد لمرة أخري بأن تكون لمدد أخري بما يضمن له البقاء في الحكم طوال حياته.. وكان راغبا في إضعاف فكر الاشتراكية التي رسخها جمال عبدالناصر وضعف التيارات الناصري والاشتراكي والماركسي والاتحاد الاشتراكي من أجل تمرير بقائه في السلطة. كما غير في المادة الثانية الخاصة بـ«اللغة العربية هي الرسمية والإسلام هو الدين الرسمي والشريعة هي مصدر رئيسي للتشريع» فأضاف حرف «آل» إلي مصدر فأصبحت هي المصدر الرئيسي، وهنا توجد خلافات كثيرة بين المسلمين من سنة يتبعها 4 مذاهب وشيعة 12 مذهبا وليست جوهرية، وكان لابد قبل التعديل من الرجوع للشعب واختيار ما يتوافق مع حال الأسرة المصرية وحال البلد.. كما أن ذلك ولد حساسية شديدة لدي الاقباط ولذلك فهم يخافون من عمليات البلطجة تحت ستار الدين رغم عدم وجود ذلك في أي دين. كيف تعامل معك مبارك أثناء توليك مجلس الدولة بين عامي 1990 و1993؟ ـ كان مهتماً في البداية بتطوير مجلس الدولة خاصة بعد أن عرضت عليه خطة كاملة في ظل وجود عشرات الآلاف من القضايا المتعلقة بسوء الإدارة في الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة ما تسبب في فساد وظلم إداري فادح، وأن عدد أعضاء مجلس الدولة لم يتعد ألف عضو بينهم 200 منتدبون في المصالح الحكومية داخل مصر و300 معارون في دول الخليج، إلا أن مراكز القوي المتمثلة في زكريا عزمي وفتحي سرور وكمال الشاذلي ووزير العدل الاسبق فاروق سيف النصر توافقوا ضدي وحاربوني وقطعوا جميع الاتصالات بيني وبين مبارك واحتكروا عملية الاتصال والرد علي استفساراته القانونية والدستورية ومن ثم عدم اهتمامه.  هل كان مبارك ينفذ الأحكام القضائية الصادرة بشأن قضايا قومية أو عامة أم لا؟ لم ينفذ الكثير منها هو ومراكز القوي خاصة فيما يتعلق ببطلان عضويات في مجلس الشعب وإلغاء القرارات الجمهورية المهمة أو شغل المناصب العليا في الدولة، وكانوا يحرضون علي عدم تنفيذها بحجة أن المجلس سيد قراره وأن التنفيذ يعطل مصالح الدولة، ولكنه في الواقع يعطل مصالحهم الخاصة.  ما أهم القضايا الخلافية التي تدخل فيها مبارك للمصادرة علي أحكام القضاء؟ - أهمها مشروع قطاع الأعمال العام الذي أعده وزير قطاع الأعمال الأسبق عاطف عبيد وأحاله رئيس الوزراء وقتها د.عاطف صدقي الذي طلب مني تولي أمر رئاسة قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعة القانون، وتم رفضه لعدم دستوريته من جهة ولأنه لا يتضمن الأحكام الواجب توافرها في قضية الخصخصة ومنها تحديد الشركات المطلوب خصخصتها أو أسلوب بيعها أو كيفية تحديد الثمن المقدر لها أو سداد الثمن أو مصير العمال والمنشآت، وما إذا كانت ستستمر في الإنتاج من عدمه بعد البيع.. إلا أنه رغم كل ذلك صدر القانون دون تعديل بعد أن شكاني صدقي وعبيد إلي الرئيس المخلوع وبأنني يساري فأعارض الخصخصة وهذا يضر بصالح البلد، ونتج عنه الكوارث التي نتجت عن عمليات الخصخصة في السنوات الماضية.  مؤخراً ظهرت تيارات دينية إسلامية تشتبك مع الأقباط فكيف تقرأ ملف الاحتقان الطائفي في مصر؟ - إذا عدنا إلي التاريخ في أي موضوع نستطيع الحكم علي الأمور بشكل أفضل، فعند تعديل المادة الثانية عام 1980 كان عدد من الأقباط موجوداً منهم وزير الدولة لشئون مجلس الشعب ألبيرت برسوم وآخر يدعي حمزة ناروز وثالث لا أتذكره، واعترضوا علي التعديل بعد أن اطلعوا علي مراجع إسلامية قديمة لابن تيمية وغيره وتوصلوا إلي أن هذا التعديل معناه أن الأقباط يدفعون الجزية، وأنه لا ولاية لغير المسلم علي المسلم وحرمانهم من الطوائف العامة وهذا غير مقبول لأننا في دولة ديمقراطية. وقتها قال لهم صوفي أبوطالب رئيس مجلس الشعب إن للأقباط ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، إلا أنهم لم يتقبلوا ذلك، فتصاعد الخلاف حتي وصل للرئيس السادات، فأوفد وزير الداخلية النبوي إسماعيل لمجلس الشعب وجمع المعلومات وسألني فأجبته بأن للأقباط الحق في الخوف لأن آراء علماء الدين الإسلامي مقلقة لهم وهذا لا يستقيم مع الدولة المدنية خاصة في حالة عدم تعديل مواد أخري تتعلق بالتمييز وغيره، وعاد الأقباط للحوار بعد أن قبلوا ذلك.  ما رأيك فيما يحدث الآن في الفتنة ومحاولات الوقيعة بين المسلمين والأقباط؟ - ما يحدث الآن من حرق كنائس وحصار أخري أو إطلاق أعيرة نارية أو غيرها ليس فتنة طائفية بقدر ما هو فتنة زواجية، لأن معني الفتنة الطائفية الاصطدام بين عقيدتين، ولكن ما حدث هو أن مسيحية متزوجة من قسيس ولا تريد الحياة معه، أو مسيحية أسلمت للزواج من مسلم، وذلك لأن الأقباط يطبقون القاعدة الإنجيلية «ما جمعه الرب لا يفرقه إنسان» «ولا يجوز الطلاق إلا للزني»، وهنا نظمت اللائحة الصادرة عام 1929 والمفصلة لقانون تنظيم معاملات غير المسلمين خاصة الأقباط الأرثوذكس بأن للقبطية اللجوء للمحكمة وطلب الطلاق للضرر من زوجها في حالة عدم قدرته علي معاشرتها أو الإنفاق علي أولادها وكانت تمكنهن من الطلاق في محاكم الأحوال الشخصية لغير المسلمين، إلا أن الكنيسة رفضت، ولذلك فلا حل أمام المرأة سوي الخروج من دينها وهو ما يفسر العنف الشديد بين الطرفين مؤخراً.  كيف تقرأ أحداث ثورة 25 يناير الماضية وتواصل اشتعال الأمور حتي الآن؟ - كانت هناك مبادئ معلنة لثورة 25 يناير وهي إسقاط النظام، وهذا يقتضي بناء نظام جديد، وكانت مطالب الشباب ضمان الحرية والعدالة الاجتماعية ومستوي المعيشة الكريمة للأغلبية ومنهم 40% من الشباب الذين يعانون من البطالة والزواج والسكن والاعتقالات وغيرها، وينطوي علي شعار إسقاط النظام علي أهداف أخري منها أن يتقدم المجتمع ويرتقي مستوي المعيشة وحل تلك المشاكل الجوهرية، واستمرار الأحداث يرجع إلي أن المواطن المصري لم يشعر حتي الآن بهذا الرخاء أو الارتقاء بمستواه.  ما رأيك في عشوائية المظاهرات الحالية وتعطيل المرور والإنتاج وغيرهما؟ - لا تعارض، من حق كل مصري إبداء رأيه والتظاهر والاعتصام، ولكن يتم ذلك بشكل سليم وكامل، وضرورة إخطار جهات الأمن لتنظيم المظاهرة أو المسيرة وتأمينها، وللأسف فإن المظاهرات مؤخراً عشوائية بشكل كبير وتعطل المرور والقطارات وتقطع الطرق علي الناس وتؤدي إلي الصدام بين الأطراف المتعارضة، وهذه جناية يعاقب عليها القانون.  ما تقييمك لنشاط حكومة د.عصام شرف الحالية؟ -زادت الفوضي والبلطجة وانعدام الأمان.. ولذلك فهي فشلت في إعادة الأمور لنصابها، فلابد من أن يكون الأمن مستتباً، وأقترح سحب 20% من قوات الأمن المركزي وتوزيعهم في الشوارع للمرور والدوريات وغيرهما. في تصورك مصر رايحة علي فين؟ - الأمن مختل رغم مرور أكثر من 100 يوم علي ثورة 25 يناير والمطالبة بسقوط النظام ليس بفرد فقط ولكن 45 ألف عضو بالمحليات وعمد ومشايخ القري وعدد كبير من رجال الأعمال، وكان من المفترض إسقاطهم منذ بداية الثورة إلا أن ذلك لم يحدث بسبب عدم وجود قائد محدد لها، ومطلوب فرز هؤلاء ومعاقبة من يثبت مخالفته للقانون.. فحتي الآن مازال جسم النظام الفاسد المستبد كما هو، ومبارك مازال موجوداً في شرم الشيخ ولم يحدث ما يدعو للتفاؤل، وتحقيق أهداف الثورة مرهون بهذا.  هل أنت متوجس أم خائف أم متشائم من المستقبل؟ - أنا متوجس جداً إذا لم تقم الحكومة الحالية بإعادة الأمن بشكل كامل ومستمر خلال 10 أيام. إذا طلب منك توجيه رسالة للرئيس المخلوع الآن ماذا تقول؟ - أقول له أتعجب من رئيس دولة مثلك لا يكون له هدف إلا جمع الأموال بطريقة غير مشروعة ويعمل علي قمع المصريين وتجويعهم وإذلالهم ومصادرة حرياتهم وإيداع الكثير في السجون دون أن يفكر في أدني حق لهم في توفير الحرية والرخاء والرفاهية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل