المحتوى الرئيسى

> لا يوجد سطر واحد يجمع جيفارا وبن لادن

05/23 21:22

كتب : رامى يحيى طبيب أرجنتيني عاش فترة طويلة في صراع مع الربو، طاف قارته بأكملها - أمريكا الجنوبية - علي ظهر دراجة بخارية، شارك في قيادة أكثر من ثورة مسلحة ضد أنظمة لم تكن بها واحدة في الأرجنتين، وأشهرها الثورة الكوبية، كما شارك لفترة في الثورة المسلحة في زائير (الكنغو الديمقراطية) علاوة علي تقديم يد العون للعديد من الثورات في القارة السوداء، كل هذا قبل أن يلقي مصرعه علي يد قوات أمريكية وذلك أثناء نضاله من أجل تحرر بوليفيا من سلطة الحكومة الموالية تمامًا للولايات المتحدة الأمريكية، هذا الرجل الذي صار رمزًا للثورة ضد الظلم والقهر حمل اسم أرنستو تشي جيفارا. مات هذا المناضل الشيوعي الأسطوري عام 1967م أي قبل قرابة الـ 12 عاما من الحرب السوفيتية علي أفغانستان، وهزيمة الجيش الأحمر أمام المجاهدين الأفغان المدعومين بمجاهدين عرب وجدوا في مساندتهم لشركائهم في الدين متنفسا لهم بعد فشلهم في الوقوف في وجه أنظمة بلدانهم العربية البوليسية الموالية والمدعومة من الأمريكان، لينضموا إلي المجاهدين الأفغان الذين كانوا يتلقون الدعم من عدة مصادر كالسعودية وإنجلترا وبالطبع الولايات المتحدة تحت مظلة عدو عدوي صديقي، لتكتمل هنا المفارقة السياسية التاريخية العجيبة، ومن أهم موارد الدعم التي تلقاها المجاهدون الأفغان في ذاك الوقت هو انضمام الملياردير السعودي أسامة بن لادن لهم ثم تأسيسه لتنظيم القاعدة علي أراضيهم مستعينًا بأمواله الطائلة ونفوذ عائلته ودعم المخابرات الأمريكية، وبالفعل نجح تنظيمه في فترة وجيزة أن يكون هو المسئول الأول عن سحب أغلب الكوادر الإسلامية التي تنتهج الفكر الجهادي من بلادهم الأصلية وإعادة تنظيمهم ودفعهم للحرب ضد السوفييت في معركة تحقق معادلة رابحة لأغلب الأطراف، الأفغان يجدون من يساعدهم ضد أضخم جيوش العالم والأنظمة العربية الفاسدة تتخلص من صداع الجهاد المسلح والأمريكان يوجهون صفعة قوية في حرب "ساخنة" لعدوهم اللدود والتنظيمات الجهادية المقموعة في بلادها تحصل علي بعض السماح بالنشاط الدعوي والتواجد علي الساحة، علي أن يكون التفريخ للخارج، والاستفادة بالطبع من المبالغ الكبيرة التي تصرف في هذه العملية التاريخية المتعددة الأطراف.. والتي انتهت بانسحاب القوات السوفيتية في بداية عام 1989م، لتكون هذه آخر لكمة يوجهها المعسكر الأمريكي لنظيره السوفيتي الذي صارع بإلقاء الفوطة وإعلان نهاية الحرب الباردة.. بل غروب شمس إحدي القوتين العظميين في العالم والمسمي بالاتحاد السوفيتي، لتشرق عام 1990م علي العالم وقد صار نظامه أحادي القطب.. وعلي بعض المؤسسات الحساسة في الولايات المتحدة أن تبحث عن عدو يبرر حصتها الرهيبة من أموال دافعي الضرائب.. وعلي وحشها الصغير أن يبحث بدوره عن عدو يحافظ له علي بقاء مصالحه واستثماراته والعديد من التبرعات التي تصله بداعي مساعدته في رفع لواء الإسلام، لتلتقي للمرة الثانية مصالح البيت الأبيض مع مصلحة تنظيم القاعدة لكن في صورة نفيضة، فتحول بن لادن لإرهابي في الخطاب الأمريكي وتنبه المجاهد أن مموليه صليبيون يساندون إسرائيل، التي لم يقم بأي عملية ضدها، فصار حلفاء الأمس أعداء اليوم.. لكن الأهم أن كليهما حافظ علي مبررات لتواجده ولتمويله بمبالغ ضخمة بخلاف طبعًا المكاسب السياسية للطرف الأول. فقد أرنستو تشي جيفارا حياته في أدغال بوليفيا برصاص القوات الأمريكية، ولله الحمد، قبل أن يفقد أعصابه علي يد إحدي الجرائد التي نشرت صورة ضخمة لأسامة بن لادن، بعد مقتله برصاص حلفائه القدامي، وكُتب علي الصورة "جيفارا العرب"، في تحد واضح لن أقول لمحبي جيفارا ولا حتي لمحبي السلام وإنما في تحد صارخ للتاريخ والعقل الإنساني.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل