المحتوى الرئيسى

بعد ثلاثة وستين عاما هل حققت الصهيونية حلمها بالدولة بقلم: عبد الغفور عويضة

05/22 22:01

بقلم: عبد الغفور عويضة تم الاعلان عن دولة اسرائيل و اعترف بها المجتمع الدولي وضع اسمها على خارطة الوطن العربي بالرغم من انها عنصر غريب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فتحت لها سفارات وممثليات و مكاتب تجارية في دول العالم ومن بينها بعض الدول العربية منح مواطنوها الجنسية الاسرائيلية و جوازات السفر الاسرائيلية و ظهر للعالم ان هناك لغة قومية واحدة و ديانة واحدة و مجتمع واحد ذو ثقافة واحدة و اصبح لها قوة عسكرية و جيش نظامي بعد ان اعتمدت على العصابات و باتت في مصافي الدول ذات الترسانة النووية تعتز بصهيونيتها و بقادتها المؤسسين، غير ان بالرغم من كل هذا لا يعني ان الحلم قد تحقق ذلك الحلم الذي حلم به هرتزل فاسرائيل لم تبلغ مرادها في هذه الارض قديما من عصر القضاة و الملوك و حديثا في عصر الصهيونية و رؤساء الوزراء على العكس من الازدهار الذي حققته دولتها و التي عرفت بدولة الخزر على نهر الفوغا التي قامت في مرحلة متقدمة من بعد النفي البابلي و الآشوري، كل هذا من الهشاشة بمكان ان يقلب الامور رأسا على عقب بعد ثلاث و ستين عاما على اعلان قيام دولة اسرائيل ، واعتقد ان ما وصلت اليه اسرائيل في ثلاث و ستين عاما سيكون بمثابة "كعب أخيل" الذي يتخوف منه القادة الاسرائيليون و يصارعون من اجل تجاوزه بكل الوسائل و السبل المتاحة و كانهم يعلمون قدرهم المحتوم و يحاولون التملص منه الا ان القدر يعاندهم و يجره شيئا فشيئا الى ذلك المصير المحتوم فقبل ثلاث سنوات و في مؤتمر هرتسيليا السنوي الذي يختص بشؤون الامن الاسرائيلي وُجه السؤال التالي للقائد التاريخي و المخضرم في اسرائيل شمعون بيريس هل تعتقد ان اسرائيل ستدون ستين سنة اخرى؟ فكانت اجابته اسالوني عن اذا ما كانت اسرائيل ستدوم خمسة عشر سنه اخرى،. و هذا يعكس عدم ثقة في قدرة الدولة على الاستمرار و مواجهة التحديات التي تعصف بها داخليا اكثر منها خارجيا، و يعكس التخوف من المتغيرات على المستوى الدولي الذي قد يؤدي الى الى تراجع مكانة و دور الولايات المتحدة الامريكية المدافعة الاولى عن المصلحة الاسرائيلية اكثر من دفاعها عن مصلحتها الشخصية اذا اخذنا بعين الاعتبار ما تعرضت و تتعرض له الولايات المتحدة الامريكية من هزات عسكرية و مالية و اذا اخذنا بعين الاعتبار من جهة اخرى توجه اسرائيل حديثا الى آسيا او ما يعرف "بالنمور الاسيوية" خاصة الصين، و كعب أخيل او نقطة الضعف و عدم الثقة نابعة من المحيط الاسرائيلي و التغيرات الجذرية التي تحدث في دول الجوار العربي لا سيما مصر و الاردن الحاميان الرئيسيان لأمن اسرائيل في المنطقة من خلال معاهدتي كامب ديفيد و وادي عربية و هو امر جعل هناك ارتباط سياسي بين البلدين بشكل او باخر حيث تراجعت قبضة الاردن الامنية و سياسته القمعية المعتادة بما يختص بإسرائيل بعد انهيار نظام مبارك و باتت اسرائيل تتخوف من الهشاشة التي وصلت اليها قدرة الانظمة على حماية المعاهدات الموقعة بينها وبين هذه الدول، و نقطة ثالثة تعتبر تهديدا للحلم الاسرائيلي هي العنصرية الاسرائيلية الاسرائيلية و لنكون اكثر دقة _اذا استثنينا الفلسطينيين المجنسين اسرائيليا في الداخل_ اليهودية اليهودية و هذا خلق حالة من الانتماء للدولة بما تقدمه من محفزات مادية و هذا يكسر مفهوم القومية الاسرائيلية التي حاولت الصهيونية العالمية ان تبقيها نبضا حيا لايمانها بانها القوة الكامنة لمواجهة التحديات، و هذه القومية لا تكاد تكون موجودة في اسرائيل وسط تعدد الثقافات الاجتماعية فيها بين شرقي و غربي و افريقي و اوروبي و روسي و امريكي كذلك تعدد اللغات المحكية لدرجة ان هناك محطات اذاعية تبث بلغات غير العبرية لطبقة واسعة من الجمهور و خاصة اللغة الروسية، و هذا الجو يكون دائما مشحونا بالعنصرية و التمييز ليس فقط من جانب الافراد في هذه المجموعات بل من قبل الحكومة ايضا فيما يتعلق بمستوى المعيشة و الضمان الاجتماعي و الوظائف ، كل هذا وضع الكثير من علامات السؤال التي لا يستطيع الصهيوني الاجابة عليها ، و هذا فقط جانب من الجوانب التي تضع شكوكا حول تحقيق الحلم الصهيوني، اما الجانب الثاني فهو الذي يتعلق بالاساطير الدينية التاريخية التي تأسست بموجبها دولة اسرائيل ، هذه الاساطير قائمة على كتاب اسطوري الا وهو التوراة و شرحه المعروف بالتلمود و ما نقله عنها المؤرخون في الجامعات الغربية و الشرقية وما نشروه من بحوث المؤيدة توراتيا لتصبح كحقيقة غي الغرب الذي تعمل فيه الصهيونية بجد، فقمت على اساس الارض الموعودة و وعد الرب لشعب الله المختار ، هذه العقيدة زادت من عنصرية اسرائيل الامر الذي قد يضعها في عزلة من قبل شعوب و دول العالم، اما اسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض فهي لن تتحقق ابدا على الرغم من انها اساسية في تحقيق الحلم الصهيوني و دولة النقاء اليهودي فالشعب الفلسطيني بعد 63 عاما من النكبة و النكسة و القتل و التدمير و الصادرة للارض و الارهاب ما زال يعيش على ارضه وقد صد الحلم بكل ما يملك من امكانات فتهاوى حلم صهيون بدولة النقاء اليهودي، و هذا الامر يقودنا الى الحديث عن الجانب الثالث و الذي اعتقد انه الاكثر اهمية في تحقيق الحلم الصهيوني الا و هو انحسار الحلم الصهيوني بشكل متناهي في تحقيق حلم دولة اسرائيل الكبرى ليس هذا و حسب بل انحسار حلم اسرائيل الصغرى ايضا فالحلم الصهيوني بدولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات هو ضرب من الهلوسة او الهذيان في ظل المعطيات التاريخية اذا سلمنا بان هناك علاقة بين يهود دولة اسرائيل اليوم و الموسويون و بني اسرائيل او حتى ابناء اسحاق و هو امر غير ممكن في الوقت الحالي لطبيعة المعادلة الدولية و العلاقات الاسرائيلية بالمحيط ايضا و محاولات اسرائيل لذلك لم تفلح فقد احتلت سيناء وتم استعادتها و احتل الجنوب اللبناني و تم استعادته و الان فالجولان محتل و يجري الحديث عن استعادته سلميا بالمفاوضات او الاتفاقات ، كذلك فان حلم اسرائيل الصغرى لم يتحقق و اقصد باسرائيل الصغرى تجاوزا " دولة اسرائيل على فلسطين التاريخية من البحر المتوسط لنهر الاردن لم تتحقق ايضا فغزة عادت الى الفلسطينيين بعد ان احتلتها اسرائيل في العام 1967 و قد انسحب منها الجيش الاسرائيلي و رحل مستوطنوها في العام 2005 ، و المواطنين الاسرائيليين من اصل فلسطيني ما زالوا منتشرين في المدن الرئيسة التي احتلتها اسرائيل في العام 1948 فهم في حيفا و طبريا و في اللد و الرملة و يافا و عكا و هذه المدن الرئيسية تعتبرها اسرائيل مدنا يهودية بامتياز عدا عن وجودهم في الناصرة و الجليل و المثلث و بئر السبع ليشكلوا ما نسبته 20% من مجموع سكان اسرائيل، كما ان الضفة الغربية لا زالت فلسطينية على الرغم من وجود ما يقارب الـ"220 " تجمع استيطاني بين مستوطنة كاملة الخدمات و نقاط عشوائية في طور التاسيس و التي شكلت 42% من مساحة الضفة الغربية. المكون الداخلي لدولة الحلم الصهيوني يعج بالاساطير التي يؤمنون بها ايمانا راسخا دون ان يؤمنوا بالجوانب المتغيرة التي تحيط بها رغم انها في جوانب اخرى تؤمن بالتغيير غير ان الجانب لا تؤمن به هو الذي يؤثر على وجودها و حلمها ، و هي بذلك سارت وراء دعاية اعلامية صنعتها بنفسها في وقت من الاوقات و ظلت متمسكة بها لسبب او لاخر على الرغم من المتغيرات الواقعية و على راسها هذه الاساطير اسطورة "الجيش الذي لا يقهر" الجيش الذي ترجع اصوله الى عصابات شتيرن و الهجاناة التي صنعت النكبة الفلسطينية، هذا الجيش الذي لا يقهر كان سببا من الاسباب التي ادت الى افشال حلم ثيودور هرتزل فهو لم يستطع حسم معركة من المعارك التي خاضها في العقدين الاخيرين و هذه المعارك لم تحقق حتى الهدف المعلن لها و خاصة معركته الاخيرة في غزة و التي عرفت بالرصاص المصبوب التي هدفت للقضاء على حماس و المعلوم ان حماس اصبحت اكثر قوة من ذي قبل كذلك الحال معركة او حرب تموز مع حزب الله في الجنوب اللبناني. مهما كان تصنيف القوة الاسرائيلية عالميا و مهام كان مقدار التقدم العسكري التي تتمتع به فان هذه الدولة تنتقل من فشل الى اخر دون ان تعترف بذلك يمنعها من ذلك حالة السكر الدائم بانتصارات الماضي، و مطمئنة للدعم الامريكي الذي يمنحها القوة و التي يتخيل لها انها بسببها يمكنها ان تواجه العالم باسرة ناسية او متناسية انه ليس كل الامور يمكنها ان تحل بالحسم العسكري في هذا العصر و حتى الحسم العسكري لم تصل اليه اسرائيل لاسباب تتعلق بطبيعة العقيدة القتالية عند الجنود الاسرائيليين و حرص اليهود على الحياة ... و الحياة فقط و نحن شاهدنا ذلك الهجرة العكسية التي حصلت في اسرائيل ابان سلسلة العمليات التي كان ينفذها مقاومون فلسطينيون داخل اراضي العام 1948 حيث خرجت الكثير من العائلات الى الولايات المتحدة و دول اوروبا بسبب عدم استتباب الامن، تلك هي دولة الحلم التي تخيف العالم دوله كرتونية يحميها فولاذ الحلفاء و الدفق المادي من الخارج " وضربت عليهم الذلة و المسكنة أينما ثقفوا الا بحبل من الله و حبل من الناس" و حبل الله انقطع من قرون كثيرة و قد اقترب حبل الناس من الانقطاع ليتداعي الحلم الكرتوني بشكل نهائي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل