المحتوى الرئيسى

مهرجان كان السينمائي الدولي (10)

05/22 09:41

* محور هذا العالم * نحن في نهاية الأمر متلقون. أقصد بـ(نحن) الناقد والقارئ وكل من يأتي إلى مهرجان «كان» للمشاهدة وليس لتقديم عمل. والمتلقي لا يمكن له أن يكون محورا. الحديث ليس عنه. ربما موجه في بعضه إليه، لكنه ليس عنه هو. لا يمكن أن يكون. تستطيع أن تتخيل أن مهرجان «كان» يفرش البساط الأحمر لمارتن سكورسيزي أو وودي ألن أو بينيلوبي كروز أو لارس فون تراير، لكن هل يمكن أن تعتقد أنه فرشه لأي من الأربعة آلاف صحافي؟ تستطيع أن تتصور أن الحفلة التي تشهد عرض فيلم ما، يمكن لها أن تتأخر عن موعد البدء خمس دقائق لأن المخرج ما زال على الطريق (وهو أمر نادر الحدوث)، لكن هل تستطيع أن تتصور أن الفيلم يمكن أن يتأخر عن العرض نصف دقيقة لأن عددا من النقاد لم يصل بعد، أو لأن هناك صفا في الصالة لا بد من تعبئته بالمشاهدين؟ على الرغم من ذلك، هناك من الصحافة والنقاد من يؤخذ بما يراه وبما يكتبه وبما يعيشه لدرجة نسيانه هذه الأمور البدهية، واعتبار نفسه قمة تحضر مؤتمرا للقمم. وفي حين أننا، في كل مكان، طلقنا التواضع وصرنا من أصحاب الوجاهات، استحوذنا أسبابها أم لا، فإن الحقيقة لا تتغير: المهرجان يستخدم الإعلام لأغراضه كما يستخدمه الصحافيون للحضور ومشاهدة الأفلام وإجراء اللقاءات أو حضور الحفلات الليلية إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. لكن عند حدود هذه المنفعة تنتهي العلاقة أو تكاد. لقد اضطر هذا الناقد للغياب عن مهرجان «كان» عاما واحدا منذ أن أمه صغير السن والاحتراف سنة 1974. في البداية، كان هذا الغياب، سنة 2009، مؤرقا وسببا لألم عاطفي ونفسي، ثم بعد أيام تصالحت مع الواقع، وقبل أن تنتهي أيام تلك الدورة كنت قد أصبحت راضيا بما قسم لي. بعد شهر واحد، بدأت أشاهد الأفلام التي عرضت في المسابقة. مع نهاية العام، كنت شاهدت ثلثيها (نحو ثلاثة عشر) والعديد خارجها بما في ذلك كل فيلم فاز بجائزة. وفي اعتقادي أن وجود الناقد اليوم في «كان» غرضه واحد ويتيم: نقل «كان» ونشاطاته وأحداثه وأفلامه إلى القارئ العربي أو الإنجليزي أو النرويجي أو الأرجنتيني القابع في مكانه. هذا كل شيء. كون العلاقة بين «كان» والمتلقي تمت هندستها بميزان «أنت تستفيد ونحن نستفيد»، لا تمنح مهرجان «كان» الحق في التعامل مع الصحافة كما يشاء. ومن أقساها إيقاف الرتل الصحافي عند الشارع لأكثر من نصف ساعة قبل موعد فتح باب الصالة لكي يهرع هؤلاء كثيران إسبانية تركض في الشوارع، بغية السباق إلى مقاعدها. لكن الصحافيين الفرنسيين والأوروبيين المتذمرين لا يكتبون منتقدين هذه الممارسة الغريبة، لخوف معظمهم من أن يفقد بطاقته ومزاياها في العام المقبل، مما يعني أن الأمر سيبقى على ما هو لحين إشعار آخر. * في يوم إعلان الجوائز.. كيف نقيم هذه الدورة؟ * كان من الممكن طبعا سبر غور هذا الموضوع عبر مقال تقليدي يتم فيه التطرق إلى خلاصات ما قدمه مهرجان «كان» من أفلام في هذه الدورة. لكن هذا سوف لن يكون أكثر تحديدا من الشكل أدناه، حيث تم الاستغناء عن الأسلوب الإنشائي واستبداله بقوائم تعكس الفكرة وتقسم حصيلة المهرجان إلى نقاط محددة. أفضل 5 أفلام في المسابقة 1. The Tree of Life فيلم ترنس مالك الفاخر حول تاريخ وحاضر الحياة على الأرض. ينطلق سابرا غور الخلق والكون ثم يتمحور عند عائلة تكساسية في الخمسينات ونزوع الأب (براد بت) إلى الصرامة مع ابنه الأكبر الذي سيصبح لاحقا شون بن والذي لا يزال متأزما من ذكرياته وفي عالم اليوم الأشبه بالغابات المعدنية. 2. Hara Kiri: The Death of a Samurai «موت الساموراي» كما يترجمه المخرج الياباني تاكاشي ماييك، موت بطيء وجميل على عنفه. إنه ترجمة لكرامة ترفض أن تذوب ولثقافة لا تنضوي. الحكاية تنطلق في حاضر ومنه إلى أكثر من «فلاش باك»، وفي ذلك كثير من «راشامون» أكيرا كوروساوا. تنفيذ صارم، وبطء جميل في مكانه يكثف الدراما على نحو غير قابل للتعديل. 3. Le Harve المخرج الفنلندي آكي كوريسماكي يواصل طرح قضايا اجتماعية تنطلق من الفرد وتتفاعل مع محيطه الاجتماعي ككل. وهو يفعل ذلك مستفيدا من نظرته ورؤيته إلى عناصر مواضيعه. هنا يتناول حياة المهاجرين. العنوان هو لمدينة لي هارفر، حيث يرصد المخرج تبعات الحياة على وضع الناس العاديين والمهاجرين معا. 4. Once Upon a Time in Anadolia فيلم صعب يكاد يفلت من بين يدي صانعه التركي نوري بيلج جيلان حول قافلة من المحققين ورجال الشرطة تجوب البرية الأناضولية مع متهم بقتل رجل ودفنه. مع اعتراف المتهم بجريمته، فإن المشاهد تبدي ما كنا نجهله حول الدوافع متمحورة حول دور طبيب. دراما تأملية جيدة في العموم وتحمل ضعفا في الجزئيات. 5. Police بالكاد تنجو المخرجة مايون من مغبة السقوط في الميلودراما التلفزيونية، لكن ذلك كافيا لإيجاد مسافة كبيرة بين ما تطرحه وما نراه عادة من مسلسلات تلفزيونية مشابهة. هنا تصور حياة أفراد جهاز شرطة متخصص بالسهر على مصالح الأحداث. تتبع بكاميرا راصدة شخصياتها في قوتها وضعفها. * أفضل 5 رسمية خارج المسابقة 1. Midnight in Paris وودي ألن يطرح جديدا في قديمه متناولا حكاية الأميركي الذي يكتشف أن الزمن الذي يحب العيش فيه، أي الثلاثينات بفنها وأسلوب حياتها، بات في متناوله. أفضل ما عند وودي على الرغم من شخصيات غير مبتكرة. 2. Goodbye الفيلم الإيراني لمحمد رسولوف يحمل رسالته المناوئة في طيات معالجة لا تخشى من تسليط بؤرتها على الواقع من دون تجميل. حكاية تلك المرأة الممنوعة من مزاولة عملها، وزوجها الغائب هربا من تعسف النظام. 3. Oslo, August 31st فيلم نرويجي لترايير آخر غير لارس فون، هو قريبه واكيم الذي يسرد هنا قصة شاب خرج من المصحة بعد الإدمان وتتابعه الكاميرا وهو يحاول شق طريقه الجديد. المعالجة الأسلوبية والفنية مثيرة للاهتمام دوما. 4. Miss Bala يلقي المخرج الشاب جيراردو نيرارجو نظرة واقعية على طموحات فتاة مكسيكية انطلقت في الحياة آملة أن تصبح ملكة جمال ومنتهية إلى بلدة على الحدود مع أميركا حيث تموت طموحاتها. 5. The Yellow Sea «البحر الأصفر» دراما اجتماعية رصينة وقوية الإيحاءات للمخرج الكوري ناهونك جين. ما يجعل الفيلم خاصا صدق تعامله مع واقع بطله سائق التاكسي ويوميات حياته في مدينة داكنة يعيش فيها مهاجرون. * اكتشافات مهمة 1. تورا بورا (الكويت). المخرج الكويتي وليد العوضي يقدم عملا يحمل نضجه الفني وانطلاقته بعيدا عن المواضيع التقليدية في العالم العربي: يصاحب رجلا مسنا وزوجته إلى أفغانستان بحثا عن ابنهما المخطوف. واقعي وجيد الصنعة. 2- القصة الحقيقية لهوية مزورة (لبنان). الفيلم الأول لمخرج لبناني «غير شكل» اسمه سليم الترك. يكفي أنه بالأبعاد الثلاثة، ولو أن هذه ليست حسنة بحد ذاتها، لكن المخرج يوظفها في عمل فني تجريبي ذي عناصر إنتاجية وفنية مناسبة. Sur la Planche -3 (المغرب). إطلالة مخرجة مغربية شابة hسمها ليلى كيلاني على السينما تحمل تجديدا مهما. فيلم نوار على الطريقة الأميركية ضمن موضوع اجتماعي تقع أحداثه في طنجة من خلال أربع فتيات يعكسن حالهن وحال المكان. 4- هذا ليس فيلما (إيران) جعفر باناهي، الممنوع من الإخراج، يبتكر طريقة لخرق هذا الحصار عليه. ليس بالنتيجة الفنية التي يمكن التعامل معها بنفس معايير الكتابة النقدية، لكنه فعل عناد يمارس فيه المخرج حقه في التعبير والمناهضة. 5- Tatsumi (اليابان) احتفاء بعالم الرسام الكرتوني الياباني يوشيهيرو تاتسومي عبر فيلم وثائقي الشكل متحرر الأسلوب، ينقل معا حياة المبدع وحياة شخصياته وإبداعاته. * خيبات الأمل 1- هلق لوين؟ (لبنان) الحكاية الفانتازية المشدودة إلى أوتاد الواقعية لا تجد لنفسها سبيلا فنيا لكي تتجسد وتوفر للمشاهد ما تبحث عنه المخرجة من ضم شمل الوضع التراجيدي إلى الفكرة الخيالية الملونة بالتمنيات. 2. The Kid With the Bike لا جيد تماما ولا رديء مطلقا، بل «ألمانيو» نفسه من الشقيقين جان - بيير ولوك داردان. الفكرة والبنية الاجتماعية ذاتها إنما في إطار قصة جديدة للموضوع نفسه ويزاولاها حسنا إنما من دون إبداعات. 3. The Skin We Live In الإسباني بدرو ألمودوار على «لايت» في هذا الفيلم الساعي للبحث عن أزمة (تبدو مفتعلة) لطبيب يبتكر جلدا بشريا بعد 12 سنة من البحث، لأن زوجته ماتت بداء جلدي. الباقي نزوع نحو شخصياته التقليدية. 4. Restless غس فان سانت من دون بارقة فنية حقيقية من تلك التي شيدت مجده السابق. حكاية مغمسة بالإخفاقات البشرية، يحوم الفيلم حول شخصياته الآيلة للموت من دون كثير تشويق أو اهتمام بحالها. 5. The Beaver فيلم جودي فوستر حول شخص فقد رجاحة عقله ودخل رحلة تغييب عن الواقع بعدما خسر جهده وتركته زوجته. الموضوع صعب والانتقال من الكوميديا إلى التراجيديا لا ينفع ولو أن التمثيل يبقى جيدا على الدوام.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل