المحتوى الرئيسى

محاكمة «آل مبارك»

05/22 08:12

محاكمة «آل مبارك» لا تعنى فقط أسرته إنما أيضا كل أفراد حاشيته ومَنْ استفادوا منه فى النهب والقهر والاستبداد، ومحاكمة مبارك ليست فقط «محاكمة اقتصادية» عن جرائم مالية قوامها الكسب غير المشروع، لكنها يجب أن تكون بالأساس محاكمة عن جرائم سياسية امتدت أكثر من 30 عاما. والسؤال: من يجب أن يحاكم الرئيس المخلوع عن الجرائم السياسية التى ارتكبت فى عهده؟ وهل الأدلة والبراهين التى قدمت للمحكمة تسمح بمحاكمته سياسياً أم أنها ظلت مقتصرة على قضية الكسب غير المشروع؟ الحقيقة أن الرئيس المخلوع يمكن أن يحاكم سياسيا أمام «محكمة ثورية» كما جرى فى إيران مثلا بعد نجاح ثورتها عام 1979، وهنا نكون قد قضينا على أهم إنجاز حققته الثورة المصرية بإسقاط النظام والحفاظ على الدولة (دون أن تتخلى عن طلب إصلاحها وتطهيرها)، وتدخل النفق المظلم لبعض الثورات التى فتحت الباب أمام المحاكمات الاستثنائية فى مواجهة - أولاً - رموز النظام السابق، وامتدت ثانياً إلى حلفاء الأمس من قادة الثورة حتى حولت الخلاف فى الرأى إلى محاكمة على «خيانة الثورة». محاكمة مبارك بمحكمة استثنائية جريمة أكثر ضرراً من محاكمته أمام القضاء العادى، وفى نفس الوقت فإن مطالبة القاضى بأن يتحول إلى ناشط سياسى يحاكم «آل مبارك» بناء على ضغوط الرأى العام جريمة أكبر، لأننا نرغب فى أن يصبح القضاء عادلا ومهنيا ويحكم بالقانون لا بالضغوط السياسية طالما ارتضينا أن يكون هو الحكم بيننا. إن القضاء الذى نريده فى «مصر الجديدة» يجب ألا يكون قضاء سياسياً أو حزبياً، ويجب ألا يصدر أحكامه على ضوء رأى الشارع وإلا سنكون أول الخاسرين، لأن نفس هذا القضاء هو الذى سيفصل فى قضايانا وصراعاتنا السياسية فى مصر الديمقراطية، وإذا كان من البداية سينحاز لرأى الشارع فتوقعوا أن ينحاز للحزب الذى يفوز والرئيس الذى يحكم. إن مطالبة القضاء بمحاسبة مبارك على جرائمه السياسية دون تقديم الأسانيد والأدلة (بالمعنى القانونى للكلمة) أمر يذكرنا بنظام مبارك الذى كان يلفق لخصومه التهم ويحيلهم للقضاء العسكرى، أما فى مصر التى نرغب فى بنائها فـ«آل مبارك» متهمون بتضخم الثروة، وقدمت أدلة على ذلك، واستدعى كاتبنا الكبير الأستاذ هيكل للإدلاء بشهادته أمام الكسب غير المشروع فى هذه القضية، أما عن جرائم مبارك السياسية فلابد أن نقدم للقاضى أدلة قانونية تثبت أنه أصدر أوامره بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وتزوير الانتخابات وتعذيب الناس. ورغم أننى شخصياً متأكد أن «مبارك» فعل أسوأ من ذلك فإن هذا لا يعنى الكثير بالنسبة للقاضى الذى يجب أن يحكم بأدلة وبراهين قانونية، أو ننتظر من ننتخبهم ليحسموا مصيره إما بإغلاق ملفه وطىّ «الحقبة المباركية» بعد رد الأموال والنظر للأمام، أو محاكمته سياسياً عن كل الجرائم التى ارتكبها حتى لو ردَّ الأموال. محاكمة مبارك لا يجب التراجع عنها، لكن وفق القانون الذى نرغب أن يسود فى مصر الجديدة دون تحامل أو مجاملة. [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل