المحتوى الرئيسى

اعتذاركم غير مقبول!

05/21 20:34

بقلم: م. صبري عامر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَن أتاه أخوه متنصلاً- أي معتذرًا- فلم يقبل منه محقًّا كان أو مبطلاً لم يرد على الحوض".   ونجد في هذا الحديث العظيم أن صاحب الحق إذا تم تقديم الاعتذار إليه ولم يقبل هذا الاعتذار؛ فسيتعرَّض لعقوبة لا يستطيع أن يقدر عليها أحد، وهي الحرمان من المرور على الحوض.   وإذا تم تطبيق هذا الحديث تجد آثار التآلف والتراحم والتواد موجودة بين أبناء الوطن، لا خصومة ولا شجار ولا قتال، وذلك بمجرد أن يتقدم المعتذر باعتذاره ويُفرض على المعتذر إليه أن يقبل ذلك راضيًا ابتغاء مرضاة الله، وتنفيذًا لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكن إذا كان المعتذر مغتصبًا لحق من حقوق المعتذر إليه، فلا بدَّ أن يرد إليه هذا الحق وإلا يصبح الاعتذار ناقصًا، وبالتالي لا يُفرض على الآخر قبوله إلا إذا تم رد الحق إليه.   وهذه الشروط تنطبق على الصغير والكبير والغني والفقير والرئيس والمرءوس، وبمناسبة ما نسمع عنه الآن عن تفكير الرئيس السابق في تقديم اعتذار للشعب، والتنازل عن ممتلكاته نقول: لا بدَّ من تنفيذ الشروط الأساسية حتى يتم قبول الاعتذار. أولاً: رد الحقوق لأصحابها   ثانيًا: ذلك يستلزم سؤال كل فرد في الشعب صغيرًا كان أو كبيرًا، هل لك حق عند هذا الرجل الذي حكم البلاد ثلاثين عامًا؟   بالنسبة للشرط الأول، رد الحقوق إلى أصحابها، فلا بدَّ من حصرها وسؤال أفراد الشعب، ثم بعد ذلك رد هذه الحقوق، ثم بعد ذلك العفو وقبول الاعتذار، ولو فرضنا جدلاً أننا نستطيع حصر المظالم، وهذا نوع من الخيال والمستحيل.   فهيا بنا نحاول أن نفعل ما علينا ونسمع إجابات أصحاب الحقوق: الإجابة الأولى: من أسر الشهداء والشباب الذين فقدوا أعينهم في ثورة 25 يناير، ويقولون: نريد إعدام مَن قتل أبناءنا والعين بالعين والسن بالسن، نريد تعويضًا عن عيون الشباب التي فقدوها برصاص الشرطة، وليس هنا تعويض إلا العين بالعين.   الإجابة الثانية: من كل المرضى في مصر، مرضى الأورام والفشل الكلوي والكبد وغيرها، يقولون: أعيدوا إلينا صحتنا مرةً أخرى حتى نقبل الاعتذار؛ ولكن الذين ماتوا مَن الذي يعيدهم إلى الحياة؟   الآلاف من مرضى الكبد والفشل الكلوي والأورام السرطانية ماتوا بغير سبب إلا أنهم من الشعب المصري الذي حكمه مبارك ثلاثين عامًا، فلم يهتم بصحة ولا بتعليم؛ ولكن كان اهتمامه: متى يأتي جمال؟ وكيف ترضى سوزان؟!   الإجابة الثالثة: من كلِّ مَن تخرَّج في مدرسة أو كلية في مصر، يقولون: لقد تخرجنا ونحن أكثر جهلاً فلا تعليم في مصر، وتخرجنا ووجدنا طوابير البطالة في انتظارنا، أما أبناء السادة الأثرياء والمميزون من الصفوة فهم يجدون وظائفهم بسرعة البرق، فخريج الحقوق صاحب تقدير المقبول يصبح وكيلاً للنيابة وابن فلان أصبح ضابطًا للشرطة، وغيره تم تعيينه معيدًا بإحدى الكليات والآخر بالسلك الدبلوماسي، وذلك محاسب مدلل بالقرية الذكية براتب خيالي ويقولون جميعًا: حتى نقبل الاعتذار أعيدوا الحق إلينا كل من كان منَّا متميزًا عن غيره وأصبح عاطلاً، وليس له ذنب إلا أنه فقير وأبوه فقير، لا بدَّ أن تعيدوا الحق إليه.   الإجابة الرابعة: من كل الفلاحين والمزارعين في مصر، ويقولون: أعيدوا إلينا حقوقنا وأموالنا، ومن الذي تسبب في حرمان بلادنا من القطن المصري وباع شركات الغزل والنسيج؟ ومن الذي أضاع مياه النيل؟ ومن الذي جعلنا نستورد قمحًا فاسدًا؟ حرمتمونا من زراعة ما نريد ثم استوردتم لنا ما يسبب لنا الأمراض السرطانية، ونحن فقراء غلابة فمن الذي يعيد الحق إلينا؟.   الإجابة الخامسة: من كل المصريين الذي ضاعت أوقاتهم ونفد صبرهم بسبب الطرق غير الممهدة في أنحاء البلاد، فكل شيء فاسد والإدارة فاشلة والسرقات مستمرة، ونحن لا نجد طريقًا واحدًا محترمًا، فمن الذي يعيد إلينا حقوقنا؟   الإجابة السادسة: من أبناء الشعب المصري نحن نريد حقوقنا في بيع أصول مصر كلها، وأن تتم إعادة كل الأصول إلينا، فمن الذي يعيدها؟.   الإجابة السابعة: من أسر الشهداء في حوادث العبارات والقطارات والسيارات، وهم يقولون: أين دماء الشهداء ومَن الذي يعيدهم إلينا؟   الإجابة الثامنة: من الذين تم تعذيبهم بالسجون وأقسام الشرطة، من المظلومين في السجون ومن الذين تم اعتقالهم وتشريد أسرهم ومصادرة أموالهم وإغلاق شركاتهم، وهم يقولون: مَن يستطيع دفع ثمن كرامتنا التي أهدروها وأموالنا التي سلبوها؟، ومن الذي يستطيع أن يعيد إلينا ثمن ترويع أبنائنا ونسائنا؟   الإجابة التاسعة: من أعضاء مجلس الشعب الذين انتخبهم الشعب بإرادته في 2005م، وهم يقولون: مَن الذي يستطيع أن يعيد حقوق الشعب المصري بعد خيانته وتصدير الغاز للكيان الصهيوني بالملاليم ووقف المصالحة بين فصائل فلسطين، وهذه الخيانة كانت لصالح أمريكا و"إسرائيل، فما هو حكم الخائن عندما يريد الاعتذار؟!   الإجابة العاشرة: من أبناء مصر المتميزين في كلِّ المجالات الذين تم إقصاؤهم من كل المناصب، ويقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من استعمل رجلاً على عصابة من المسلمين وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين" أي من وظف أو عين أحدًا في أي منصب ومنهم من هو أكفأ منه فتلك خيانة، من الذي يستطيع أن يعيد كل الخسارة والدمار؛ بسبب إعطاء المناصب للمقربين والأحبة؟!   وفي النهاية.. تجمَّع كل أبناء الشعب في صعيد واحد وقالوا: يا حسني يا سوزان يا جمال يا علاء وإلى جميع الخونة ويا جميع الظالمين والمفسدين: اعتذاركم غير مقبول. -------------- * عضو مجلس الشعب السابق 2005-2010م عن دائرة بركة السبع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل