المحتوى الرئيسى

اشغلوا الناس بالفكرة الصحيحة عن الفكرة الباطلة

05/21 17:47

بقلم: د. صفوت حسين لقد نجح النظام البائد في تسليط الأضواء في وسائل الإعلام المختلفة على الجوانب التي اعتقد أنها تنال من الإخوان، مثل النظام الخاص أو التنظيم السري، كما يطلق عليه إعلاميًّا، وحادث مقتل الخازندار والنقراشي، وعلاقة الإخوان بالسراي والإنجليز وأحزاب الأقلية، إلى غير ذلك من الموضوعات التي كان يتم توظفيها لخدمة أهدافه السياسية في تشويه صورة الإخوان وتاريخهم، كما عمل على رسم وترسيخ صورة ذهنية سلبية عنهم بحيث تتداعى وتقفز إلى الذهن عند ذكرهم أو الحديث عنهم؛ ولذلك تجد هذه الأيام وبعد الثورة، وفي ظل أجواء الحرية ومع استضافة بعض رموز الإخوان في الفضائيات بصفة خاصة نجد الست المذيعة وقد فُغِر فوها وارتسمت على وجهها علامات الدهشة وهي تردد معقولة.. إنت من الإخوان؟، ويؤكد لها الضيف ويكاد يقسم على أن ما يقوله هو فكر ونهج الإخوان وليس فكره الشخصي، ومع ذلك تبدو عليها علامات عدم التصديق (الظاهر هي أدرى!!)، لذلك لم أستغرب من حالة الدهشة الشديدة التي صاحبت إعلان د. محمد بديع، المرشد العام للإخوان، عن تكوين نادٍ رياضي والمنافسة على بطولة الدوري والكأس والتعليقات التي صاحبت هذا الخبر على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، والتي تعكس الصورة السلبية التى حاول النظام ترسيخها في الأذهان، وما زلت أذكر المقالة التي هاجم فيها إبراهيم سعدة- أثناء رئاسته لتحرير (أخبار اليوم)- الإخوان وقد صاحب المقالة رسم يصور أحد الملتحين، في إشارة إلى الإخوان وهو يحاول هدم مبنى الإذاعة والتلفزيون، في محاولةٍ لترسيخ فكرة معاداة الإخوان للفنون، وأن وصولهم للسلطة سيجعل حياة الناس جحيمًا لا يُطاق.   لقد عمل حسن البنا على وضع أسس المشروع الحضاري الإسلامي في صورة عملية، من خلال تقديم النموذج العملي على أرض الواقع بدلاً من الدخول في جدال مع أصحاب الاتجاهات الأخرى، مطالبًا بشغل الناس بالفكرة الصحيحة عن الفكرة الباطلة.   وقد رافق الجماعة منذ نشأتها عام 1928م إنشاء المؤسسات والمشاريع المختلفة التي ترسخ الفكر الإسلامي بكل شموله، فقد صاحب إنشاء مسجد الإخوان في الإسماعيلية إنشاء معهد حراء لتعليم البنين ومدرسة أمهات المؤمنين لتعليم البنات، وفي كل شعب الإخوان أنشئت المدارس والمعاهد ولجان المصالحات ولجان الصدقات ولجان الخدمة العامة من تنظيف وإضاءة الشوارع وترميم المساجد، إلى غير ذلك من الخدمات.   ومع نمو وانتشار الجماعة اتسع نشاطها ليشمل جميع الميادين، ففي مجال الصحة تم إنشاء العديد من المستشفيات والمستوصفات على مستوى القطر تحت رعاية القسم الطبي بالجماعة، وفي المجال الرياضي اهتم الإخوان بالكشافة والجوالة وأنشئوا عشرات الفرق الرياضية في الألعاب المختلفة، وشاركوا في البطولات التي تنظمها الاتحادات الرياضية، وحققوا بعض البطولات في الألعاب الفردية، وفي مجال التعليم أنشئوا العديد من المدارس في المراحل التعليمية المختلفة، وكذلك أنشئوا مدارس ليلية لتعليم الفلاحين والعمال وأسهموا في مشاريع محو الأمية.   وفي المجال الاقتصادي أنشئوا العديد من الشركات وعملوا على دعم الاقتصاد الوطني الذي كان يسيطر عليه الأجانب واليهود، وفي المجال الفني كان للإخوان فرقتهم المسرحية التي عرضت العديد من مسرحياتهم، وكان يتولى هذا الملف عبد الرحمن الساعاتي شقيق حسن البنا الذي كان يكتب هذه المسرحيات التي عُرض بعضها في الأوبرا وأذاعتها الإذاعة المصرية، وقد عمل في هذه المسرحيات بعض الفنانين الذين ذاع صيتهم بعد ذلك، ومن أشهرهم عبد المنعم مدبولي، وعبد البديع العربي، ومحمد السبع وغيرهم, كما كان حسن البنا على علاقة بالفنان حسين صدقي الذي عرف بالتزامه وأعماله الهادفة، وقد نصحه سيد قطب بالاستمرار في العمل الفني وتقديم الأعمال الهادفة، وأوضح له حاجة الحركة الإسلامية إلى الفن الإسلامي.   إن هذه مجرد إشارات سريعة إلى بعض نشاطات الإخوان في مختلف المجالات منذ إنشاء الجماعة؛ لذلك فإن الإعلان عن نادٍ للإخوان وتكوين فرق مسرحية، ونشاط الإخوان في خدمة مجتمعهم من حملات نظافة وقوافل طبية وغير ذلك ليس بجديد على الإخوان، بل هو وصل ما انقطع في عصر الظلم والاستبداد، بل إن رسالة الإخوان لم تنقطع في عهد النظام البائد رغم كل التضييق والاضطهاد الذي كان يمارسه ضد الإخوان، والذي كان يحدُّ من نشاطهم ويحاول حصاره في أضيق حدود، فكان للإخوان نشاطهم الطبي من خلال الجمعية الطبية الإسلامية التي تقدم خدماتها الطبية من خلال 22 فرعًا، وقد أقدم النظام البائد على جريمة هدم مستشفى الجمعية في مدينة نصر، والذي تكلف 40 مليون جنيه أواخر عام 2009م؛ بحجة عدم الترخيص بالرغم من أن الموضوع كان مطروحًا على القضاء، كما حارب النظام السابق المدارس التابعة للإخوان، وأقدم على حلِّ مجالس إدارتها، وقد كوَّن الإخوان أيضًا فرقًا للأناشيد، وقدموا بعض المسرحيات من خلال نقابة المهندسين وبالجملة فإن نشاط الإخوان لم يتوقف في حدود المساحة التي كان يمكن العمل من خلالها.   وقد ترجم حزب الحرية والعدالة في برنامجه هذه المعاني، فعلى سبيل المثال وفي مجال الفنون- والتي يعتقد الكثيرون ممن يجهلون فكر ومواقف الإخوان أن الإخوان يعادونها- أكد البرنامج تشجيع صناعة السينما على المستويين المعنوي والمادي وتشجيع وتبني المواهب الشبابية الجديدة والتوسع في إنشاء دور السينما في مختلف محافظات مصر، كما أكد البرنامج الارتقاء بمستوى المسلسلات والأفلام التي تمارس دورها في نشر القيم الرفيعة والامتناع عن الأعمال الهابطة والمثيرة للغرائز.   وأود أن أذكر الإخوة الذين يتحدثون عن حرية الإبداع، وأنه لا ينبغي وجود أي قيود على الفن أن إيران التي تراعي النواحي الأخلاقية (التي يعتبرها البعض قيودًا) في أعمالها الفنية تشارك بقوة في المهرجانات الدولية، وعلى رأسها مهرجان كان السينمائي، وتحصد الجوائز العالمية في الوقت الذي لا تستطيع مصر مجرد المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان.   ----------------------------- * مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية التربية جامعة دمنهور [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل