المحتوى الرئيسى

لا تكونوا فلولاً

05/21 10:53

بقلم: سمير الوسيمي انتشر في الآونة الأخيرة أثناء وبعد الثورات العربية العظيمة الحالية مصطلح "فلول"، والذي يُطلق على أعوان وأتباع وأذناب الأنظمة السابقة، والذين كانوا ولا يزالون يحيكون المؤامرات بما يحقق لهم مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة لأمتنا وأوطاننا، فظهر "فلول مبارك" و"فلول العادلي"، و"فلول النظام السابق"، وهكذا.   وفي الحقيقة أريد أن أطرح هنا معنى هامًّا جدًّا، وهو أن الفلول، وإن كانوا يعملون عن قصد لصالح أنظمة بالية، أو لمصالح شخصية، أو مقابل أموال يحصلون عليها لإثارة الفتنة الطائفية تارة، أو لإشاعة الرعب تارة أخرى فهم معلومون للجميع وينكشفون يومًا بعد يوم، وسوف ينتهون من حياتنا آجلاً أو عاجلاً، فما أخشاه هو أن يتحول البعض إلى فلول أيضًا حتى، ولو بدون قصد بالاشتراك في الهدف الأخير للفلول، وهو الإضرار بصالح مصر ومصالحها.   بمعنى أننا إذا توقفنا عن تشغيل عجلة الإنتاج في مصر حتى، ولو كانت مطالبنا عادلة عبر اعتصامات فئوية تؤثر سلبًا على الاقتصاد، وعلى الدخل القومي بما سيسرع من إهلاك الاحتياطي العام، ويدفعنا لطلب المعونة الخارجية لسد العجز الحالي، والمتوقع في الموازنة التقديرية العامة للدولة، ويدفعنا كذلك للجوء للبنك الدولي نستدين حتى ولو ديونًا ميسرةً، في الوقت الذي نمتلك فيه من الموارد البشرية الهائلة، والعقول المصرية المشهود لها بالكفاءة، وموارد الدولة الطبيعية، فإننا وبلا شك نتحول إلى فلول تضر بصالح مصر ومصالحها.   في الوقت الذي تتحرر فيه مصر وشعبها من سلطة الحاكم المستبد، ومن سلطة من وصفوا شعبها بأنه غير مؤهل للديمقراطية، وليس على درجة كافية من الوعي السياسي العام عبر قيام المصريين بثورة تراكمية شارك فيها كل فئات الشعب وطوائفه دون تميز، أو تمييز لفصيل على آخر، ويخرج الشعب ليعبر عن إرادته في ملحمة وطنية سياسية رائعة أعرب فيها الشعب عن رأيه في وضع الدستور، والمواد التي يستبقيها لمرحلة انتقالية مؤقتة تؤسس لانتقال ديمقراطي حر، وله مدة زمنية محددة يختار فيها الشعب بنفسه من يمثله برلمانيًّا ليؤسسوا لانتخاب هيئة دستورية تضع الدستور المنتظر لمصر، والذي يليق بها ثم يعقبه انتخاب لرئيس جمهورية مدني على أسس ديمقراطية، يسعى البعض لإفشال جو الفرحة الحالي، ويسعى للالتفاف على رأي الشعب ومطالبه ورغباته، وكأنه يفرض وصاية جديدة على الشعب بما سيضر بصالح مصر ومصالحها، وبما يضع البعض من هؤلاء في خانة الفلول التي تضر بمصر.   عندما تعود- من مواطن أكرمك الله عز وجل بالحرية- إلى عهد السلبية، وتترك الشارع ملاذًا آمنًا يسيطر عليه البلطجية يثيرون الرعب بين الناس يضربون هنا، ويخطفون هناك ويعطلون حياتنا العامة، والخاصة ويؤثرون على السياحة، وعلى صورة مصر بوجه عام دون أن تتحرك سواء كنت شرطيًّا، أو عسكريًّا، أو مواطنًا عاديًّا فأنت بذلك تضر بصالح مصر ومصالحها، وبالتالي ستشترك مع الفلول في هذه الصفة المميزة لهم.   عندما تتراجع عن اللُحمة الوطنية المميزة لأم الدنيا مصر التي احتضنت الشرائع السماوية عبر كافة العصور دون تميز، ولا تمييز لأحد على أحد وتسعى لإثارة جبهات عالمية ضد مصر- سواء أكنت مسلمًا أو مسيحيًّا- تارة بطلب فرض الحماية، وتارة أخرى بطلب التدخل الخارجي في شئون مصر لحماية فئة دون فئة فأنت وبلا شك تضر بأمن مصر ومصالحها، وتكون فلولاً باقتدار.   إذا تراجعت عن تلبية نداء الوطن في الوقت الذي احتاجك فيه هذا الوطن سواء أكنت في الداخل أو في الخارج، بأن تمد له يد العون وتساعده في الوقوف على قدميه مرة أخرى بعد مرحلة صراع شديدة مع الاستبداد، بأن تشاركه الرأي والمشورة والأفكار التي تنير للوطن الطريق، وأن تساهم بالعمل الجاد في بناء نهضته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية بكل ما تملك، فأنت بذلك فلول أضررت بمصالح وطنك وتركته يغرق دون إنقاذ.   عندما تسعى للتلاعب بحقوق المصريين لدى الذين قتلوهم ونهبوا ثرواتهم تحت أي مسمى كان متناسيًا حقوق شهداء ثورتنا وحقوق مصرنا العظيمة التي أهانها النظام السابق وأعوانه، وفرضوا أجندات صهيونية عليها لسنوات طويلة؛ وذلك لحماية مصالح قلة من التي لا تزال في أروقة السلطة، أو دوائر صناعة القرار في مصر، فأنت وبلا شك أيضًا فلول.   علينا جميعًا أن نتمايز في هذه المرحلة فإما أن نعلي مصلحة الوطن على مصالحنا، وأن نقلل من الكلام، وأن نكثر من العمل في سبيل تحقيق النهضة واستكمال مكتسبات ثورتنا الرشيدة، وأن نفعل ما فيه الخير لمصرنا الحبيبة محترمين الشعب وإرادته، أو أن نتحول جميعًا إلى فلول يأكلون بعضهم البعض.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل