المحتوى الرئيسى

جريمة سوف تتم!

05/20 08:08

نحن الآن على أبواب إجازات الصيف فـى المدارس والجامعات، ومن الطبيعى أن ينشغل كل رب أسرة منذ هذه اللحظة، وربما من قبل اللحظة الحالية بكثير، بما إذا كان سوف يذهب مع أولاده، ليقضى إجازة صيف على شاطئ من الشواطئ، أم أنه لن يذهب! وسوف يكون عليه، منذ الآن أيضاً، أن يدبر ميزانية كافية لهذه العملية، فإذا انتهى من تدبير الميزانية، فإن الذهاب، أو عدم الذهاب، هو السؤال الثانى، وليس السؤال الأول! وسوف نفترض أن «س» من أولياء الأمور، قد نجح فى تدبير الميزانية فعلاً، ثم بدأ يفكر ويختار بين المصايف والشواطئ، ليستقر على واحد منها، فيذهب وأمره لله! ولكن.. بينما كان هو يستعرض الشواطئ المتاحة، والمناسبة لميزانيته، اكتشف فجأة أن عليه قسطاً فى مدارس أولاده، لابد أن يدفعه، وإلا فإن الأولاد سوف يكونون مهددين بعدم الذهاب إلى مدارسهم، والانتقال إلى أخرى أقل فى مستواها! ماذا يفعل الرجل فى هذه الحالة؟!.. فالذهاب إلى المصيف من حقه، وحق أولاده، كما أنه خطوة صحيحة، ومطلوبة، وفى المقابل فإن دفع مصاريف المدارس خطوة صحيحة، ومطلوبة أيضاً.. فأيهما، إذن، يختار إذا كان لابد أن يختار؟! هنا، سوف يكون الذهاب إلى المصيف جريمة، لو كان الثمن هو حرمان الأبناء من المدارس، وبالتالى، فإن المطلوب منه فى حالة كهذه، أن يعمل وفق مبدأ الأولويات، بمعنى أنه أمام شيئين مطلوبين، وصحيحين، ولكن لا مفر من أن يكون هناك شىء منهما، سابق على شىء آخر.. لابد! هذا بالضبط، ما نجد أنفسنا إزاءه، فى لحظتنا هذه، عندما نتكلم عن الخطوات الثلاث للمرحلة الانتقالية التى علينا أن نقطعها، من يوم قرار الرئيس السابق تخليه عن منصبه إلى يوم تسليم البلاد إلى رئيس مدنى منتخب، كما وعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى أول بيان له بعد التنحى. إننا فى وضع مماثل تماماً لوضع «ولى الأمر» إياه، والمعنى أن علينا أن نضع دستوراً جديداً للبلاد، وأن ننظم انتخابات رئاسية وبرلمانية معاً، وفى الوقت الذى لا يختلف فيه اثنان بيننا، على أهمية كل خطوة من الخطوات الثلاث، فى حد ذاتها، نجد أننا مختلفون حول أولوية الخطوات الثلاث، وأيها بالضبط يأتى أولاً، ثم أيها يأتى ثانيا، وثالثاً فيما بعد! وإذا كان الكلام يدور الآن حول احتمال تأجيل انتخابات البرلمان، المقرر لها أن تجرى فى سبتمبر المقبل، إلى موعد آخر، فالقصد يجب ألا يكون التأجيل أبداً، وإنما إعادة الترتيب، لأن بقاء الخطوات الثلاث على ترتيبها الحالى، الذى يقول بانتخابات برلمان، أولاً، ثم دستور ثانياً، فانتخابات رئاسية ثالثاً، إنما هو جريمة تشبه الجريمة التى سوف يرتكبها الأب مع أولاده، لو أنه رأى أن الذهاب إلى المصيف، كأولوية، يجب أن يسبق ذهاب الأولاد للمدارس! نحن بالتالى أمام ترتيب طبيعى يجب أن يكون هكذا: دستور جديد للبلاد، فانتخابات رئاسة، فبرلمان يقوم على أرض مستقرة، لا أرض مهتزة من تحته.. وإذا كان هناك تصميم غير مفهوم على أن يكون الترتيب هو العكس، فإن الذين يصممون على ذلك، لأسباب تثير الشك، إنما سوف يدفعون الثمن، ولكن المشكلة أنهم لن يدفعوه وحدهم، وإنما سوف يدفعه معهم المجتمع بكامله.. فلا تخلطوا بين الأولويات، وأعيدوا ترتيب الخطوات الثلاث، حتى لا تكونوا كالأب الذى يمكن أن يرتكب جريمة فى حق أولاده، وهو يقصد إدخال البهجة فى قلوبهم.. فالطريق إلى جهنم، كما قيل، مفروش بالنوايا الحسنة!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل