المحتوى الرئيسى

ثورات ام ردات بقلم:صلاح المختار

05/19 22:49

ثورات ام ردات صلاح المختار اجلس حيث يُؤْخَذُ بيدك وَتُبَرُّ ولا تجلس حيث يؤخذ برجلك وتُجَرُّ مثل عربي ملاحظة : وردتني رسائل عديدة من اصدقاء وغير اصدقاء تستفسر عما ورد فيما كتبت منذ انطلاق انتفاضة تونس ومصر ، ورفضي فكرة ان ما يجري هو ( ثورات عربية ) يطلبون فيها توضيح بعض المواضيع وكانت رسالة من صديق قديم لي يقيم في اوربا هي التي دفعتني لكتابة هذا المقال الذي يوضح بعض الافكار المحورية . حينما ارادت هيلاري كلنتون ان تصف الوضع الحالي في الوطن العربي اطلقت عليه وصفا موحيا بقولها ان الوضع الحالي هو ( ربيع العرب ) – ( الوكالات يوم 13/4/2011 ) – بينما صاغت اجهزة الاعلام الامريكية وصفا اخطر استخدمه الرئيس الامريكي اوباما وغيره من المسؤولين والخبراء الامريكيين ومنهم استعارت اجهزة الاعلام العربية نفس الوصف ، وهو ان ما ما يجري في الوطن العربي هو ( ثورات عربية ) ! وهذا الوصف يفرض طرح السؤال التالي الذي لا يمكن تجنبه او الهروب منه باي شكل وحال وهو : هل يمكن لامريكا ، بارثها الاستعماري والامبريالي الدموي والبشع وبواقعها الاكثر دموية وبشاعة كما يتجلى في العراق وفلسطين وافغانستان ، ان ترى في زمنا ما ربيعا ووضعا ما ثورة ويكون الزمن زمن ربيع حقا والوضع وضع ثورة حقا ؟ ويستتبع هذا السؤال سؤال اخر توأم له وهو : هل حقا ان ما يجري هو ربيع عربي و( ثورات عربية ) ام انه اصبح بعد اربعة شهور كوارث دموية جديدة تهدد باندلاع حروب اهلية عربية بدأت بوادها تظهر واضحة في مصر وسوريا واليمن تضاف الى الحرب الاهلية في ليبيا ؟ ان الاجابة على هذين السؤالين البسيطين جدا والواضحين جدا سهل جدا بنفس القدر ايضا لمن يعرف امريكا واكتشف طبيعتها وقرأ تاريخها وجربها وعانى من الكوارث التي سببتها لشعوب العالم وفي مقدمتها الشعب العربي خصوصا في فلسطين والعراق . ان كلنتون وهي تصف الوضع العربي بانه ( ربيع العرب ) لاتفعل شيئا اكثر من التعبير عن موقف الاستعمار الكلاسيكي ، الذي عرفته الشعوب التي استعمرها وحددت طبيعته بدقة وهو انه عملية غزو بلدان الشعوب الاخرى من اجل النهب والسيطرة على القارات مستخدما اثناءها وربما قبلها في مرحلة الاعداد اخس واقسى الاساليب العسكرية والمخابراتية ، فهل نستطيع القيام بانقلاب مفهومي الان يصور امريكا كنصيرة للحرية ولحقوق الانسان وكداعم لثورات حقيقية ومع ذلك نبقى في الصف الوطني ؟ ماذا يجري : ثورات ام ردات ؟ منذ تفجرت الانتفاضة التونسية الوطنية العفوية واعقبتها انتفاضة مصر ، التي تعد اعظم انتفاضة في تاريخ الشعوب قاطبة نظرا للدور التاريخي للشعب في اسقاط احد اكثر النظم خيانة وفسادا وقسوة ، بدأنا في تسليط الضوء على حقيقة ما يجري في الاقطار العربية ، خصوصا وان ما حصل في تونس ومصر جاء مباشرة وبسرعة بعد انفصال جنوب السودان وهي خطوة خطيرة جدا تهدد بامكانية تواصل عملية تقسيم السودان والانتقال لتقسيم مصر في اطار مخطط امريكي صهيوني معروف ، لاننا كنا نرى الاحداث كما هي بكامل خصوصياتها و( جيناتها ) التي تحدد بصرامة تامة مسارات نموها وتطورها ومستقبلها ، وشرحنا الوضع بتفاصيل دقيقة وواسعة جدا محذرين من الالغام المبثوثة في كل خطوة في تحركات الجماهير العربية ، ولكن البعض – والبعض هذا ليس من العملاء بل من الوطنيين العرب – لم يستيقظ من سكرة الانتفاضات ودويها وتواليها وسحقها لنظامين اذلا الشعب العربي ونهبا ثرواته وسلما قطريهما للاستعمار والصهيونية ، فلقد تغلبت عليه عواطف التغيير ، وهي عواطف مشروعة ، على عقلانية التفكير وما بعد التغيير ، وهي عقلانية لا يمكن بدونها مواصلة طريق التغيير ودفعه ليتحول الى ثورة جذرية حقيقية لا تخلصنا فقط من الانظمة الديكتاتورية والفاسدة والتابعة بل ايضا تقيم البديل الوطني الحقيقي بقوتها وبزخم انتفاضاتها الواعية لخط تطور الاحداث . كانت الاكثرية مندفعة بقوة العاطفة مع شعار اسقاط النظم ولكن هذه الاكثرية لم تكن تعرف كيف تقيم البديل ببساطة لانها لم تكن تملك التصور او التخطيط الستراتيجي وكل زادها كان الرفض المشروع للنظم بالاضافة الى انها لم تكن تملك ادوات القوة التي بها تفرض بديلها ولا خبرات التجربة العميقة التي تمكنها من مواصلة التغيير وتجنب الوقوع في فخاخ العدو او النظام السابق باشكال مموهة . وكان قلقنا شديدا على الشباب الوطني المنتفض لاننا كنا نعرف منذ مطلع الثمانينيات بان ثمة مخطط غربي صهيوني ينفذ لاجل تقسيم الاقطار العربية كلها وبلا اي استثناء لاجل اعادة تشكيل انقاض الاقطار العربية التي قسمت وفككت فيما اسميناه بوضوح تام ب ( سايكس بيكو الثانية ) . ووصلت ماسأة هذا البعض انه اغلق عينيه وتبنى شعارا عاما يلغي دور الطليعة وهو ( ان الجماهير دائما على حق ولذلك فنحن معها ) ، وهذا الشعار الشعبوي الساذج المتلفع برداء الشعب كشف عن بؤس وفقر هذا البعض ليس ستراتيجيا فحسب بل ايضا على مستوى المنطق العادي الذي دفن في مقابر اليأس العتيق لهذا البعض من التغيير الحقيقي ، فاستبدل عقلانية الثورة بعدمية اليأس حينما رفع شعارا قاتلا وهو ( التغيير ثم التفكير ) ، لذلك وجد في التغييرات الحالية ( ربيع العرب ) كما وصفته هيلاري مع ان امريكا تلعب الدورا الاساسي في تحديد مسارها ونتائجها ، وانجر جرا واضحا الى التماهي مع امريكا في الخطوات والمطاليب والمواقف في اندفاع عاطفي خطير تجاوز في خطورته السياقة والسائق في اشد حالات السكر ! وهنا تكمن مأساة هذا البعض : لقد مزق قيود المنطق السليم والانضباط الستراتيجي والالتزام العقائدي وراح يروج ل( ربيع العرب ) كما وصفته هيلاري او ( ثورات العرب ) كما روج الاعلام الامريكي واوباما ، ويتهم من يتخذ موقفا نقديا بانه يقف ضد خط الجماهير او انه يتراجع عن تمثيله لها ، في فهم ساذج ومشوه لمعنى الالتصاق بالجماهير والتعبير عن مصالحها ! ولاننا ثوريون نناضل منذ عقود فاننا ملزمون بتوضيح هذه المسألة بلا كلل وتحمل اصدقائنا ! من اجل الوطنيين العرب اكتب ومن اجلهم اناضل لتوضيح الصورة لهم ولغيرهم لانني احترمهم وارغب في رؤيتهم يصحون من سكرة العواطف والتفكير الذاتي الرغائبي ويعودون الى طريق النضال المنظم الخاضع بصرامة لخط ستراتيجي وخط عقائدي من المستحيل ان تضمن وقوفك مع الثورة بدونهما وبدون مرجعيتهما . امريكا والحرية لنجيب بدقة وصواب على التساؤلات المطروحة علينا ان نعيد التذكير بطبيعة امريكا كما رأيناها في الواقع وليس كما تصور نفسها هي او كما يريد البعض ان يراها ، فرغم ان امريكا دولة لم يتجاوز عمرها اكثر من مائتي عام وقليل فانها اكثر الدول والامبراطوريات استخداما للحرب والغزو والعدوان في التاريخ الانساني بالمقارنات الزمنية ، فلقد شنت اكثر من اربعين حربا عدوانية وغزوا مسلحا لجيرانها وللابعدين عنها ، واظهرت قسوة ووحشية لم تمارسهما اي قوة استعمارية او امبراطورية او قوة غازية قبلها خلال التاريخ المعروف للبشرية كله ، لان امريكا كانت ومازالت لا تكتفي بالغزو ونهب الثروات علنا بل انها تتعمد ابادة الالاف والملايين ليس فقط قتلا جماعيا او فرديا وانما ايضا بتعريضهم للتعذيب الطويل المدى والبطئ باكثر اشكالة بشاعة حتى الموت من خلال تدمير البيئة الطبيعية للحياة الانسانية باستخدام اسلحة محرمة يستمر مفعولها ملايين السنين فتدمر الجينات البشرية وتظهر التشوهات جيلا بعد اخر . وذكر هذه الحقيقة ليست نزعة عداء لامريكا او نشر دعاية ضدها في حرب باردة بل هي وقائع نعيشها نحن في العراق ونواجه كوارثها البشعة والتي نتجت عن استخدام اليوارنيوم المنضب في الحربين الامريكيتين ضد العراق في عامي 1991 و2003 بالاضافة لاسلحة مازالت مجهولة حتى الان تطلق اشعاعات مميتة لم يسبق استخدامها في حروب امريكا السابقة كالسلاح الغامض الذي استخدم في معركة احتلال مطار صدام الدولي في غزو عام 2003 ، ولدينا الكثير من الادلة والشواهد عليها ، كما انها واقعة حية تتمثل في ان امريكا اول من استخدم السلاح النووي في تاريح البشر ضد اليابان رغم ان استخدامه لم يكن مبررا عسكريا . وفيما يلي بعض الوقائع التي تثبت بلا اي شك ان امريكا عدوة للشعوب وانها لا يمكن ان تدعم حركة تحرر وطني حقيقية ولا ان تحترم حقوق الانسان وفي مقدمتها اهم الحقوق قاطبة وهو حق الحياة : 1 – شنت امريكا على فيتنام حربا مدمرة مات بسببها ثلاثة ملايين فيتنامي وتشوه اكثر من سبعة ملايين اخرين وحرم ملايين اخرين من حق الولادة الطبيعية نتيجة استخدام سلاح كيمياوي يغير الجينات ويشوه الاجنة وهو العنصر البرتقالي ، مع انها بعيدة عنها الاف الاميال ولا تشكل تهديدا لها . 2 – وحينما ادركت امريكا ان حربها ضد الشعب الفيتنامي لن تنجح وسعت نطاق الحرب لتشمل لاوس وكمبوديا فاصبحت حربا اقليمية خسر خلالها الشعبين الكمبودي واللاوسي مئات الالاف من ابناءه الابرياء . - شنت امريكا حربا عدوانية على العراق في عام 1991 استمرت 41 يوما تحت غطاء اخراج العراق من الكويت رغم ان العراق قرر الانسحاب منها قبل شن الحرب بزمن كاف لتجنب الحرب بعد قبوله المبادرة العربية لانهاء ازمة الكويت سلميا ، فكانت حربا مدمرة ذهب ضحيتها مئات الالاف من العراقيين ودمرت البنية التحتية في العراق ومارست امريكا وحلفاءها كبريطانيا وفرنسا اشنع اساليب القتل تجاه العراقيين ومنها دفن عشرات الالاف من الجنود العراقيين وهم احياء واستخدام اسلحة محرمة كاليورانيوم المنضب ، ومواصلة الابادة حتى بعد وقف اطلاق النار يوم 28/2/1991 حيث قصف الجيش العراقي المنسحب بالاضافة لقصف الاف المدنيين الفارين من الكويت فيما سمي ب ( طريق الموت ) . لقد كان القتل عبارة عن ( لعبة ) تلذذ يموت الاف البشر وكان قسما منهم مدنيين هاربين من الكويت . 3 – بعد وقف اطلاق النار وبالنظر لعدم تحقيق هدف ذلك العدوان وهو غزو العراق فان امريكا فرضت حظرا جويا شاملا وقسمت العراق الى مناطق حظر جوي ، وطبق نوع من الحرب يسمى ( الحرب المنخفضة الحدة ) لتدمير الامكانات العسكرية للعراق تدريجيا بالاضافة لفرض حصار شامل الحق بالعراق اضرارا اكثر مما الحقت به الحرب العداونية في عام 1991 حيث استشهد اكثر من مليوني عراقي نتيجة لنقص الدواء والغذاء والتلويث المتعمد للبيئة العراقية وتنفيذ خطة القضاء على الزراعة العراقية بقتل ملايين اشجار النخيل وبقية انواع المزروعات باستخدام مايكروبات القيت من الجو . 4 – في عام 2003 وبعد حصار كارثي لمدة 13 عاما شنت امريكا عملية غزو العراق وكانت النتيجة وخلال ثمانية اعوام هي قتل اكثر من مليوني عراقي وتدمير الدولة العراقية بالكامل خصوصا البنية التحتية والخدمات ، ويواجه العراق الان كوارث عديدة منها استخدام مفرط لاسلحة محرمة كالفسفور الابيض واليورانيوم المنضب والقتل العشوائي للعراقيين واستخدام اساليب تعذيب بشعة كما حصل في ابو غريب ، ونهب ثروات العراق وجلب فرق الموت تحت غطاء الشركات الامنية ، وتشكيل اجهزة تقوم بقتل العلماء والضباط والاكاديميين العراقيين ، وتنفيذ خطط خطرة لاشعال حرب اهلية طائفية عرقية ، وبدء عملية تقسيم العراق تحت غطاء الفدرالية والمحاصصة . وكانت نتيجة ذلك هي تهجير سبعة ملايين عراقي من عرب العراق فقط من ديارهم ، وهي اكبر عملية تهجير منظم معروفة في التاريخ الحديث ، وللتذكير فقط انها اكبر عدديا من تهجير الشعب الفلسطيني من دياره ، ووجود اكثر من خمسة ملايين يتيم ومليون ارملة ، واقامة اسوأ نظام فساد في العالم نهب ثروات الشعب العراقي علنا . 5 – دعمت امريكا ومازالت تدعم الكيان الصهيوني الذي احتل فلسطين وشرد اكثر من اربعة ملايين فلسطيني من ديارهم وقتل مئات الالاف منهم ، وقام على شن الحرب على العرب والفلسطينيين بصورة دورية ونهب المياه العربية واحتلال اراضي من اقطار عربية اخرى مثل سورياة ومصر ...الخ ، وهذا الدعم الامريكي للكيان الصهيوني هو العامل الاول في استكلابة مواصلته لسياسة الابادة ضد الشعب الفلسطيني ورفضه تنفيذ قرارات الامم المتحدة . واخر حروب امريكا هو دعمها لحرب الكيان الصهيوني على غزة 2008- 2009 والتي كانت عبارة عن خرق صريح لكافة القوانين الدولية . 6 – قامت المخابرات الامريكية بسحق كل من فاز بانتخابات ديمقراطية من خصومها ورافضي سياساتها الاستعمارية ، كما حصل في عملية اسقاط حكومة مصدق في ايران واعادة الشاه ، وكما حصل في تشيلي حينما فاز في الانتخابات الرئيس سلفادور الليندي لكن المخابرات الامريكية دبرت انقلابا عسكريا قام بقتل الرئيس المنتخب ونصب حكما عسكريا فاشيا وديكتاتوريا اباد الاف التشيليين علنا وبحماية امريكية كاملة . 7- حينما ظهرت بوادر فوز الحزب الشيوعي الاندونيسي في الانتخابات بعد ان اصبح الحزب الاكبر جماهيريا نظمت مذبحة بشعة بتنظيم انقلاب عسكري قام بعد نجاحه بذبح اكثر من مليون منتم للحزب الشيوعي علنا بتوجيه مباشر من قبل المخابرات الامريكية . 8 – اما اكبر الادلة على استعمارية امريكا فهو موقفها من النظم العربية فهي التي احتضنت كل النظم الرجعية والفاشية والمستبدة بعد انتهاء عهد الاستعمارين البريطاني والفرنسي ، وهي التي زرعت الفاسدين والمرتشين حكاما للعرب وحمتهم وعلمتهم كيفية ممارسة التعذيب في معاهدها الخاصة بالتحقيق والتعذيب ، وهي التي زودتهم بادوات التعذيب المتطورة ، وهي التي حمت عروشهم الملكية وجمهورياتهم من السقوط بثورات شعبية حقيقية ، وهي التي رفضت الديمقراطية في الوطن العربي لانها كانت وسيلة وصول الوطنيين للسلطة . هذه حقائق معاشة وهي ليست قصص تحتمل التصديق والتكذيب بنفس الوقت ، ويكفي ان نذكّر بان اخر الحكام الذين اوصلتهم المخابرات الامريكية للسلطة كانا بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر وهي التي وفرت لهما ولغيرهما كل عوامل الفساد والافساد المنظمين للنخب المتحلقة حولهما في السلطة . 9 – وغياب الديمقراطية او ضعفها في الاقطار العربية خصوصا التي حكمتها قوى وطنية ، كما في مصر عبدالناصر وعراق البعث ، ظاهرة نتجت عن التغييب الغربي – الصهيوني المتعمد للبيئة التي تنمو فيها الديمقراطية وهي بيئة الاستقرار والامن وبناء دولة المؤسسات ، فقد افتقد الاستقرار وبرزت تحديات خارجية كالحروب والتوترات الحادة مع اطراف اقليمية ودولية . كانت امريكا وبقية القوى الاستعمارية القديمة مثل بريطانيا وفرنسا تدرك ان الديمقراطية ان اقيمت بصورة صحيحة فانها ستؤمن قيام حكم الشعب المستقر والعادل والذي يحل مشاكل الناس الاقتصادية والتعليمية والتربوية والعلمية ...الخ ، كما انها كفيلة بتحقيق وحدة العرب على اسس ديمقراطية توافقية ، لذلك اختار الغرب الاستعماري اغراق الاقطار العربية بالازمات المفتعلة غالبا من اجل منع التطور الطبيعي وتحقيق تقدم العرب علميا وتكنولوجيا وثقافيا واجتماعيا وابقاءهم اسرى نظم الطوارئ وهي نظم لا يمكن الا ان تكون استبدادية ، فتغيب الجماهير ويحول المجتمع الى بؤرة صراعات حادة وعدائية . ان تذكر هذه الحقيقة يضعنا في قلب الحقيقة ويوفر لنا صورة متكاملة عن الاسباب المختلفة – وليس السبب الواحد - لغياب او ضعف الديمقراطية في الوطن العربي ويمنع النظرة الاحادية القاصرة والخطيرة في فهم هذه المسالة ، فالديمقراطية لا يمكن ان تقوم في اي مكان في العالم في بيئة الطوارئ والحروب والازمات الحادة والمشاكل الاجتماعية غير القابلة للحل السريع ، ووقوع الاقطار العربية تحت حكم الاستعمارين البريطاني والفرنسي واقامة الكيان الصهيوني اقترن بوجود خطط غربية وصهيونية لاحلال الاضطرابات وعدم الاستقرار محل الاستقرار في الوطن العربي من اجل منع التطور نحو الديمقراطية وحكم الشعب ، وهذه الحالة دعمت بوجود ثقافة الاستبداد في المجتمع العربي منذ الاف السنين لذلك وجدت هذه الثقافة في بيئة عدم الاستقرار والازمات مبررا لاقامة انظمة استبداد قاسية وطنية وغير وطنية . اذن الحكم الاستبدادي في الوطن العربي لم يكن ثمرة عوامل داخلية فقط بل هي نتاج خطط خارجية استعمارية وصهيونية لابقاء العرب يواجهون ازمات متواصلة ومتناسلة ما ان تنتهي واحدة حتى تتفجر اخرى او اكثر وتعيد الحكم الى دوامة الاضطراب وعدم الاستقرار ، وتلك من صنع امريكا ومن سبقها من قوى الاستعمار . يتبع ...

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل