المحتوى الرئيسى

حمدى رسلان يكتب: ماما حلوة!

05/19 19:43

قُمت باقتباس عنوان المقال من حوار للفنان علاء مرسى مع الفنان محمد هنيدى فى أحد مشاهد فيلم (عندليب الدقى) عندما كانت والدة هنيدى على فراش الموت، وأتوا بطبيب لكى يعالجها فقال الطبيب لهنيدى (ماما حلوة) رغم أنها تعانى من سكرات الموت. وهذا الحال ينطبق على بلدنا مصر التى تعانى من نفس السكرات، ولكنها إن ماتت ستموت مقتولة بأيدى أبناءها الذين لم يفهموا لماذا قامت الثورة، فلو قامت لتحقيق أهداف شخصية لفشلت من أول يومٍ لها كما فشلت من قبل اعتصامات وإضرابات كثيرة لفئات مختلفة من فئات المجتمع المصرى، كل فئة كانت تعتصم لتحقيق مطالب ومصالح شخصية لنفسها فقط. ولكن الثورة نجحت عندما تخلينا عن المطالب الذاتية وتوحدنا حول أهداف ومطالب محدّدة تخص بلدنا مصر، ورفعنا علم مصر ولم نرفع الصليب أو القرآن، وخرج خير شبابنا يهتف لإسقاط الظلم والظالمين، ولم يبالوا برصاص حى أو مطاطى أو قنابل دخان أو الاعتقال، لأن الموت بالنسبة لهم كان شرفا وهم يدافعون عن كيان بلد بأكمله ويطالبون باسترجاعه من الذين اغتصبوه. ولكن ما يحدث اليوم شىء مغاير تماما لما كان يحدث أثناء الثورة، توارى أصحاب الإنجاز خلف ستائر الأحداث وانخفض صوتهم كثيراً، وعلت أصوات أصحاب المصالح الشخصية، الذين يسمعون ما يسمعون من تحذيرات من خطورة موقف الاقتصاد المصرى وأنه على شفا الانهيار، وأن الأمن القومى المصرى فى خطر بل وكيان مصر جميعه فى خطر ولا يستجيبون لأحد. فـ قوات الجيش والشرطة التى تحرس الاعتصامات والإضرابات أولى بها أن تطارد البلطجية والسجناء الهاربين الذين يروّعون الناس، وأولى بها أن تنتشر فى كل شوارع مصر لعودة الأمن والأمان، والمصالح المعطّلة والمصانع المغلقة.. أليس من الأفضل لنا أن تفتح وتدار عجلة الإنتاج لتقليل الخسائر والحد منها قدر المستطاع. كيف نطلب من سائح زيارة مصر وهى على تلك الحالة من التفكك والوضع الأمنى السيئ، ومظاهرات يومية فى كل مكان، وتشاجرات وتقاتل بالأسلحة البيضاء والنارية وزجاجات المولوتوف، وكيف نطلب من الحكومة تحقيق إنجازات على أرض الواقع ونحن نقيد يداها وقدميها ونشل حركتها. أليس فيكم رجلُُ رشيد يا أهل مصر، لماذا تضعون أياديكم فى وقتٍ واحد حول رقبة أمكم الغالية مصر؟ من بعدها سيحميكم إن وقعت هى؟ هل ترضون أن تعيشوا على أطلال بلد لم يتبق منه إلا الخراب والدمار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى أيضاً؟ لماذا تريدون قطف ثمار الثورة قبل أن تنضج وتصبح صالحة للطعام. كنا نخشى على الثورة من أصحاب المطامع والنفوذ من رجال النظام السابق، ولكنا اليوم نخاف عليها من أنفسنا ومن مطامعنا نحن، أصبحنا نتكلم من مليارات منهوبة وتوقفت حياتنا على هذه المليارات وعودتها، ودمّرنا الاقتصاد وصرفنا من احتياطى الأمان المالى للبنك المركزى حتى أصبح على وشك النفاذ. فعلنا مثل شخص منتظر أن يكسب قضية لفك أوقاف له بالمليارات، فصرف ما بحوزته من أموال وباع ما لديه من أملاك على تلك القضية، حتى أصبح من المفلسين، وظل فى انتظار حكم القاضى الذى قد يطول، وقد يحكم فى صالحه أو قد يحكم فى غير صالحه. إن الجميع تناسى عمداً تحت تأثير الأمانى القريبة والسهلة والحق المكتسب، أن هذه الأموال خارج مصر فى كثير من الدول الغربية التى قد تسمح لنا باستردادها أو لا تسمح لنا، وهذا يتوقف على نواياها ومصالحها معنا وأوراق الضغط التى ستمارسها علينا حتى تضمن وجود نظام حاكم جديد يحمى جارتنا المصونة ولا يهدد أمنها. ماذا حدث لكم يا أهل مصر؟ البلد تنهار والاقتصاد يدّمر والأحوال من حولنا مضطربة والقوات المسلحة مشغولة بما يحدث فى الداخل، وعين عدونا الماكرة مازالت فى انتظار الفرصة المناسبة للقضاء على مصر عندما يصيب رأسها دوّار وتقع على الأرض مغشى عليها. حق مصر الذى يضيع فى رقبتكم أنتم أهل مصر، من قام بالثورة ومن لم يقم بها، من هو صامت أو متكلم، من يدّبر الدسائس ومن ينفذها ومن يساعد على إشعالها، ماذا ستأخذون من مصر لو أصبحت جثة لا تتحرك وانقطعت أنفاسها عن جسدها، أعتقد أن وقتها لن يكون معكم حتى ثمن كفنها، ولن ينفعها ندمكم أو بكاءكم عليها أو لطم خدودكم ندماً على ما اقترفتموه فى حقها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل