المحتوى الرئيسى

زعماء على صدر الأمة بقلم:رشيد شاهين

05/19 19:39

زعماء على صدر الأمة رشيد شاهين من ينظر الى الزعامات التي ابتليت بها أمة العرب، ليشك فيما إذا كانت هذه الأمة تستحق مثل هذه القيادات، وخاصة في السنوات التي تلت ما يسمى مرحلة التحرر الوطني التي سادت قبل عقود ستة ماضية. أمة العرب، هذه الأمة التي علمتنا عنها المناهج الدراسية منذ الصغر، وكذلك ما وفرته لنا كتب التاريخ، من انها امة موغلة في العراقة والأمجاد، ومن انها ساهمت في تطوير العلوم المختلفة من طب وفلك إلى صيدلة وجغرافية ورياضيات وهندسة وقبل أو فوق هذا وذاك، في ربوعها وجدت الأبجدية، التي بدونها لم يكن من الممكن ان يتقدم بنو البشر للوصول إلى هذه الدرجة من العلم والتكنولوجيا التي تفوق الخيال. هل امة العرب التي نحيا هي فعلا الامتداد الحقيقي لتك الأمة التي أشارت إليها الكتب. وهل للقيادات التي تقوم على شأن هذه الأمة أو الأمم كافة، دور في تقدمها أو تراجعها وتخلفها وانحطاطها. ترى هل ان الحديث – برغم ما قيل عن ضعفه- "كما تكونوا يول عليكم"، يصح في حال الأمة العربية، وهل ترى ان أبناء امة العرب من الانحطاط والتخلف، بحيث يسلط الله عليهم مثل هؤلاء الزعماء، الذين يأخذون الأمة بأبنائها ومواردها وكل ما فيها، الى هذه الدرجة من الانحطاط والتخلف. من غير الممكن القبول بهذه الفرضية أو القاعدة، ذلك ان الله لا يمكن ان يبتلي خلقه بمثل هكذا زعامات أو قيادات، هذا عدا ان الله أكثر عدلا ورحمة من ذلك. وحتى لا نذهب بعيدا في الموضوع الغيبي، فإننا سوف نتطرق هنا الى القيادات التي قادت الأقطار العربية خلال العقود الستة الماضية. فإذا ما نظرنا الى بلد كجمهورية مصر العربية على سبيل المثال، لوجدنا انها حكمت من قبل ثلاثة من الرؤساء فقط، أراد آخرهم ان يحولها الى ملكية غير معلنة، أو كما اصطلح احدهم "جملكية"، من خلال توريث ولد له نهب البلاد، وتقلد ارفع المناصب الحزبية من اجل أن يتهيأ لحكم البلاد. وإذا أخذنا العراق أيضا، فلسوف نجد انها ومنذ العام 1968 حكمها رجلان فقط، وكان جليا ان الأخير يعمل على توريث ابنه البكر لاستلام سدة الحكم من بعده، في عملية تحويل أخرى لبلد جمهوري الى ملكية غير معلنة. وأما في المغرب فلقد كان هناك ملكان، حكما البلاد منذ عقود خمسة تقريبا، وكذلك في الأردن، أما عن الجماهيرية الليبية، فحكمها رجل واحد منذ 42 عاما، وكان من الواضح أيضا انه يسعى الى توريث ابنه وتحويلها الى ملكية غير معلنة ثالثة. وهذا ما ينطبق تقريبا على اليمن الذي تم توحيده بطريقة لا تزال محل جدل وخلاف كبيرين، وفي سوريا ، التي تم تحويل اسمها لتصبح "سوريا الأسد"، فهي أيضا حكمت من قبل رجلين اثنين فقط، الأول وكان الأب، والذي أتى من خلال انقلاب على سابقه كما جرت العادة هناك، والثاني وهو الابن، والذي تم تفصيل الدستور على مقاسه في ساعات معدودة، لتصبح بشكل عملي الملكية الأولى غير المعلنة في الوطن العربي. في العراق، شاهد العالم ما جرى لهذا البلد، نتيجة قرارات غلب عليها الغطرسة والشعور بقوة زائفة مصطنعة، وكان بإمكان الرئيس العراقي ان ينقذ البلاد من خلال قرارات عقلانية لا تتأثر بمنطق العناد والنرجسية. وفي السودان، رأينا ماذا حل في البلاد، لقد قسمت وانتزع منها جزء عزيز، نتيجة إصرار الرئيس على البقاء في سدة الحكم، برغم ان هنالك – سوار الذهب - من أتى وحكم البلاد، وتخلى عن الحكم في سبيل الانطلاق بالسودان في تجربة ديمقراطية يمكن ان تقود البلاد الى مراحل من التقدم والتطور والنمو. والآن "البشير" مطلوب "للعدالة الدولية"، بغض النظر عن تلك العدالة. وعن تونس الخضراء، فلقد ظل الزين، حتى اللحظة الأخيرة، محاولا التشبث بالحكم الذي أتى إليه بطريقته، ولم يحاول ان يستجيب للمطالب الشعبية بالحرية والتعددية والديمقراطية، وانتهى به المطاف الى هارب من بلده وشعبه، وقد يطاله أمر ملاحقة من الانتربول في المستقبل. أما في ليبيا، فالأمر كما نشاهده على الفضائيات، حرب بين الأشقاء، وبلد يتم تدمير كل شيء فيه - برغم ان القذافي لم يقم بالكثير خلال سنوات حكمه الطويلة- ومؤامرة في وضح النهار تستهدف البلد وترمي الى تقسيمه، برغم ان الثورة كانت في البداية شعبية غير مسلحة، وكان بإمكان العقيد ان يتجاوب مع مطالب الشعب، إلا انه وبدلا من ذلك، أطلق التهديدات هو وابنه – الذي لا يعلم احد حتى اللحظة بأي حق وبأي صفة-، وهددا بحرق البلد بيت بيت، دار دار، وزنقة زنقة على رأي إمام المسلمين وعميد القادة العرب وملك ملوك إفريقيا، والنتيجة البائسة انه أصبح أيضا الرئيس العربي الثاني على قائمة المطلوبين "للعدالة" الدولية. الرئيس المصري المخلوع، وبرغم الفرص الكثيرة، التي توفرت له من اجل ان يسجل اسمه في التاريخ، كقائد لعملية تغيير ديمقراطية نوعية، تنتقل بمصر الى مصاف الدول الرائدة كما كانت في المنطقة، آثر ان يأخذ مصر الى الحضن الأمريكي والصهيوني، وأصبحت البلاد في عهده عديمة التأثير، كثيرة الفساد، غير مؤثرة، تنهكها الديون وتنهشها البطالة، لا بل ان دولة لا يتعدى سكانها حيا من أحياء قاهرة المعز، صارت تتمتع بدور اكبر من دور مصر ذات الآلاف السبعة من السنين، بعيدا عن أي مواقف أو تحليلات أو رؤى في هذا الشأن. في اليمن السعيد، حدث ولا حرج، للمرة الخامسة يتم تعديل الوساطة الخليجية، والرئيس اليمني يصر على عدم التجاوب مع الشارع، وينشر قواته التي تعمل على قمع الشعب اليمني بطريقة فيها الكثير من القسوة والعنف، وهو الذي كان لديه الكثير من الوقت، وربما لا زال أمامه بعض الوقت، من اجل الاستجابة لمطالب شعبه، ام ترى لا بد من وضعه على القائمة حتى يقر كما اقر الرئيس السوري بان هنالك الكثير من الأخطاء ارتكبت، أو كما قال الزين "الآن فهمتكم" وعندها يكون، سبق السيف العذل. أما في سوريا "الممانعة والمقاومة"، وبعد ان استشعر "الشبل في عرينه"، ان الأمور ليس كما كانت عليه أيام حكم "الأسد"، فقد خرج على الناس مقرا بان هنالك الكثير من الأخطاء، لأنه أدرك ان ما كان من الممكن التستر عليه في مجزرة حماة، لم يعد كذلك في زمن الانترنت والفضائيات. وها هو يتم إدراج اسمه في اللائحة السوداء التي ضمت من قبل 13 من أركان نظامه. والسؤال هنا لماذا كان على الرئيس السوري ان ينتظر كل هذا الوقت ليقر بان هنالك أخطاء خطيرة، ولماذا كل الترويج للبدع والاتهامات الباطلة بالإرهاب وبالسلفية..الخ، ضد أبناء سورية، إذا كان رأس النظام سيخرج بعد ما يزيد على الشهرين من اندلاع الثورة، ليقول بانه كانت هنالك أخطاء، ام انها الخشية من ان يصبح أحد الأسماء المطلوبة على قائمة "العدالة" الدولية. من المؤسف حقا ان تصبح أسماء قادة الأمة العربية على قوائم "الطغاة في العالم"، كما ان من المؤسف ان يكون مصير العديد من زعماء الأمة بهذا الشكل المذل والمهين، ما بين هارب او مطلوب او ملاحق او سجين. علما بأنه كان بإمكان أي من هؤلاء ان يسجل اسمه بأحرف من نور، من خلال الاستجابة الى مطالب الشعب العادلة والمحقة. 19-5-2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل