المحتوى الرئيسى

من هنا مرّوا ، من هنا عبروا بقلم:خالد محمد الجنابي

05/19 19:10

من هنا مرّوا ، من هنا عبروا خالد محمد الجنابي من هنا مرّوا ، تلك آثار اقدامهم وقد دنست بلدي ، تلك قبور أحبابي من فوقها عبروا ، ذا هو الشيخ وذي عصاه التي كسروا ، وها هي الثكلى التي فجعت بأولادها ، تبكي ، تنتحب ، لعل الطيف مُرجعهم اليها وقد كبروا ، لكن حتى الطيف مبتعدٌ آناً ، وآونة يأبى أن يصلُ ، ياغراب البين متى ترحل عن وطني ؟ ألم تكتفِ ؟ أم أن أهلي كلهم نذروا ؟ من هنا مرّوا يحملون الموت في حقائبهم يابئس ماحملوا ، صاح ، صائح من اهلي ، ماذا يريدون ؟ قلت : القتل ، والترويع ، وسفك الدماء التي من اجلها بهذه ألأرض قد نزلوا ، في تلك الساعة المشؤومة من ذاك الصباح ألأسود كانت طائراتهم تحوم في سماء العراق ، تحوم وترمي بقنابلها على اخطر الاهداف التي حددتها الادارة الاميركية ذات التاريخ الاجرامي ، تلك ألأهداف كانت عبارة عن اطفال آمنين وعوائل مسالمة وشيوخ كبار وصبية تلعب في الشارع ، لكن قدر الموت كان مختبئا خلف الجدار يتحين فرصة الانقضاض عليهم ، في ذات الوقت كانت مجاميع راجلة تحطّم ابواب المنازل وتدخلها دون أن تستأذن من اهلها ، ( أسيل ) فتاة عراقية كانت تبلغ من العمر تسعة سنوات حين تمت مداهمة منزلهم من قبل قوات الاحتلال في عام 2004 ، العائلة كانت تتناول الفطور ، دخل ألأوغاد الى المنزل بعد ان كسروا الباب الرئيسي ، فزع كبير أصاب العائلة ، جعلوهم يقفون صفا واحدا يتقدمهم ألأب ، ثم ألأم ، فألأخوة الصغار ، فتشوا المنزل ، عبثوا بمحتوياته ، لا وجود لأسلحة الدمار الشامل ، لا آثار لمواد محظورة ، تهامس الجنود ألأوغاد في ما بينهم ، قرروا تنفيذ ماجاؤا من أجله ، ألا وهو القتل الجماعي ، فراحوا يطلقون النار على افراد العائلة ويمارسوا هوايتهم الاجرامية في قتل البشر ، أول الشهداء كان ربٌ ألأسرة تلته ألأم التي سقطت فوق الطفلة أسيل ، تساقط الجميع مضرجين بدمائهم الطاهرة وسط قهقهات السفلة أعداء الانسانية في كل زمان ومكان ، الطفلة أسيل وحدها من بين افراد الأسرة لن تصب بطلق ناري ، حيث شكلت جثة والدتها سورا لها حين سقطت فوقها ، مشهد في منتهى درجات الرعب والاجرام ، عملية يندى لها جبين التاريخ ، مجموعة من المجرمين تقتل وتسفك الدماء بحجة البحث عن الأسلحة الممنوعة ، خرج ألأنذال من الدار يقهقهون ويتراقصون ويطلقون النار في الهواء ، بأعتبار انهم نفذوا العملية الموكلة اليهم بنجاح ، شيئا ، فشيئا راحت أسيل تسحب نفسها من تحت الجثث التي ملأت المكان ، الدماء التي سالت من أمها كانت تغطي جسمها كما كان المكان مليء بالدم العراقي الطهور الذي تم سفكه في وضح النهار ، خرجت أسيل من تحت الجثث مجنونة مما رأت ، خرجت تركض في الشارع وهي في حالة من فقدان الوعي وألأدراك ، تصرخ ، أبي ، أمي ، أخوتي ، أسيل فقدت عقلها ، وراحت تجوب الشوارع والطرقات ، تارة تبكي ، واخرى يعلوا منها الصراخ ، ومرة تجلس تقطٍع خصلات شعرها الذهبية التي كانت تتطاير مع نسمات الهواء وألآن صارت خيوط متشابكة مع بعضها فرط ألأتساخ ، هذا هو الحال التي آلت اليه أسيل بعد أستشهاد افراد عائلتها امامها ، المرض والجنون والسير في الطرقات كان هدية من أميركا لواحدة من أطفال العراق ، صاح ، صائح من أهلي ، هل أكتفوا ؟ قلت ، لا ، فهناك المزيد مما أجرموا ومما فعلوا ، في كل شبر من العراق سفكوا الدماء وتركوا جرحا ليس يندملُ ، من هنا مرّوا كأسراب البوم وحقد ألأمس بحقد اليوم يتصلُ ، من هنا عبروا فوق تلك الجماجم ، لايدري اصحابها بأي ذنب قد قتلوا ، صبرا ياعراق ، لعل في الصبر منفرجٌ ، أو ان في بعضه لنا أمل ُ . [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل