المحتوى الرئيسى

الزحف إلى القدس

05/19 21:17

بقلم: د. عماد صديق الأقصى له مكانة سامية عند المسلمين، أكدت ذلك آيات القرآن وأحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- وأحداث السيرة ووقائع التاريخ وأقوال العظماء.   يقول تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)) (الإسراء).   ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أهلَّ بعمرة من بيت المقدس ُغِفَر له"، ويقول أيضًا: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".   ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "وما القدس عند الله إلا كمكة".   ويقول عز الدين القسَّام رحمه الله: "ليست القدس مدينة إنما القدس عقيدة".   تاريخ القدس - بنى القدس العرب الكنعانيون الذين نزلوا إليها من الجزيرة العربية عام 4000 ق.م، أي قبل ظهور اليهود في فلسطين بـ1500 عام.   - ودخلها اليهود مع نبي الله يوشع بن نون بعدما رفضوا دخولها قبل ذلك مع موسى عليه السلام: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)) (المائدة).   - ثم تسللت الوثنية إلى ديانة اليهود، وعاثوا في الأرض فسادًا، فأرسل الله عليهم "سنجاريب" القائد الآشوري الذي هزمهم وفرض عليهم الجزية 721 ق.م، ثم غزاهم القائد البابلي "بختنصر" الذي دمر المدينة، وقتل منهم من قتل وسبى منهم مَن سبى.   - ثم هاجم الرومان المدينة ودمروها وحرّموا على اليهود دخولها، واشتد غضب الرومان على اليهود، خاصة بعدما اعتنق الرومان النصرانية، وظل الوضع هكذا، القدس في أيدي الرومان وَيحرمُ على اليهود دخولها.   - ثم دخلها عمر بن الخطاب في الفتح الإسلامي للقدس 13هـ، وصالح أهلها بعد استسلامهم، وطلبوا من عمر عند تسلمه المدينة ألا يساكنهم فيها اليهود فوافقهم عمر.   - وظلت القدس هادئة يعيش أهلها في أمان بعدما أظلهم عدل الإسلام الذي اعتنقه معظم أهلها.   - وفي أواخر الدولة العباسية بدأت الحروب الصليبية على القدس، واحتلها الصليبيون وظلوا فيها 90 عامًا، إلى أن حررها صلاح الدين الأيوبي رحمه الله عام 1187م، 583هـ.   - وظلت القدس في كنف المسلمين حتى حاول أحد الصهاينة أن ينتزع من الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد الثاني موافقة بإقامة اليهود في فلسطين، فرفض السلطان، وأمر بعدم منح أي أراضٍ في فلسطين لليهود، فما كان من اليهود إلا أن تآمروا حتى عزلوا هذا السلطان الشجاع.   - بعد الحرب العالمية الأولى 1916م، وهزيمة تركيا العثمانية، وقعت فلسطين تحت الاحتلال البريطاني الذي أعطى لليهود وعدًا بإقامة وطن لهم في فلسطين يعرف باسم وعد بلفور 1917م، وبدأ اليهود يتجمعون من شتى دول العالم يكونون المغتصبات (المستوطنات) والعصابات الإجرامية.   - ثم انسحبت بريطانيا من فلسطين وصدر قرار من مجلس الأمن بتقسيم فلسطين عام 1947م بين العرب واليهود، واندلعت الحرب في عام 1948م، بين العصابات الصهيونية والمجاهدين الفلسطينيين، ومجاهدي الإخوان المسلمين الذين كادوا أن يقضوا على تلك العصابات.   - ثم تدخلت الجيوش العربية للدفاع عن فلسطين، وكادت ُتحَرِز النصر، فأصدر مجلس الأمن قرارًا بالهدنة ووقف القتال التي استغلتها العصابات الصهيونية في استقدام المال والعتاد والرجال، ثم خرقوا الهدنة كعادتهم، وانقضوا على الجيوش العربية التي انسحبت، لتقوم دولة إسرائيل في 15 مايو 1948م.   - في عام 1967م احتل اليهود ما تبقى من فلسطين، فاحتلوا الضفة الغربية، وقطاع غزة والقدس الشرقية والمسجد الأقصى.   - في عام 1969م، حاول اليهود إحراق المسجد الأقصى الذي أنقذه الأهالي بعد تدمير نصفه بالحريق.   - في عام 1987م انطلقت الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت بالحجارة، وانتهت بالصواريخ، وتلتها انتفاضة الأقصى عام 2000م، دفاعًا عن المسجد الأقصى.   - في ديسمبر 2009م، شنت إسرائيل حربًا همجيةً على الفئة المرابطة في قطاع غزة التي ترفض التفريط في القدس وحقوق فلسطين؛ ولكن الله ردهم خاسئين منهزمين بعد 23 يومًا.   - وما زال الصراع قائمًا بين ذاك الكيان الغاصب والمجاهدين من حماس والجهاد، وتتوالى الانتفاضات وتستمر المقاومة، واليهود يحاولون جاهدين تدمير الأقصى بالحفريات تحته، وتهويد مدينة القدس بطمس معالمها الإسلامية، ولا يزال أهل القدس صامدين يصرون على النصر والتحرير.   الطريق إلى القدس أولاً- الإيمان: لكي تعود القدس لا بدَّ أن نعود نحن أولاً إلى الإسلام، كما قال عمر عندما دخل يتسلم مفاتيح المدينة: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمتى ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله"، ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)) (محمد).   ثانيًا- الوحدة: لا بدَّ من الوحدة بين المسلمين، فاليهود تمكنوا، وبقوا بسبب تفرق المسلمين، يقول تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (المائدة: من الآية 103)، ويقول تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)) (الأنفال).   ثالثًا- إعداد القوة: لا بدَّ من إعداد القوة اللازمة لتحرير القدس وطرد المغتصب منها ماديًّا ومعنويًّا، وتربية الشعوب على روح الجهاد واسترجاع الحق المغتصب، ولا يضيع حق وراءه مطالِب، يقول تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (الأنفال).   الحق التاريخي لنا وليس لهم هذه هي القدس التي أقامها العرب وحررها المسلمون، ولا يهمنا كثيرًا عروبة القدس بقدر إسلاميتها، ولكن المؤكد أنها ليست من بلاد اليهود، ولا حق لهم فيها، ولا يعني أن أجدادهم، أو أنبياءهم ساروا عليها فهي لهم، فأنبياؤهم أنبياؤنا ونحن أحق بهم منهم؛ لأننا أكثر بهم إيمانًا، وأشد لهم تعظيمًا واحترامًا، وهل لنا الآن المطالبة بإسبانيا؛ لأن أجدادنا عاشوا فيها ثمانية قرون؟، وهل لنا أن نطالب بجنوب فرنسا؛ لأن قادتنا فتحوها يومًا من الأيام؟، وهل لنا أن نطالب بالهند لأن ملوكنا حكموها باسم الإسلام، وأقاموا فيها حضارة زاهرة من عجائب الدنيا، شاهدة على مر الزمان أن هنا كان مسلمون.   أخيرًا.. الأمل قائم روى أحمد عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، لعدوهم قاهرين، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، قيل: يا رسول الله أين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".   ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا: "لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، فيختبئ اليهودي وراء الشجر والحجر ويقول: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعالى فاقتله".   يوم النكبة ويوم الاستقلال اعتاد الناس أن يسموا 15 مايو بيوم النكبة، ذلك اليوم الذي ضاعت فيه فلسطين، ويسمي اليهود ذلك اليوم عندهم بيوم الاستقلال أو عيد قيام إسرائيل، وجاء هذا اليوم في هذا العام 2011م، مختلفًا عن غيره، جاء بعد ثورة 25 يناير 2011م، التي أطاحت بنظام صديق "إسرائيل" حسني مبارك، فتحررت الشعوب وتمَّت المصالحة الفلسطينية وتاقت النفوس للشهادة، وقرر شباب العالم الإسلامي أن تنطلق الانتفاضة الثالثة في نفس يوم النكبة ليكون يوم استقلال فلسطين إن شاء الله، وزحف الشباب نحو فلسطين من كل الأقطار العربية حولها هتافهم واحد (على القدس رايحين.. شهداء بالملايين)، هذه الأقطار التي ظلت خامدة مستكينة تحت حكم عملاء "إسرائيل" الذين يوفرون لها الحماية، ولم يصل الشباب هذا العام لمبتغاهم بعدما منعتهم الجيوش العربية؛ ولكنهم العام المقبل، أو الذي بعده سيصلون بإذن الله، فقد بدأ الزحف في النفوس، ولن توقفه قوة حتى يصل مداه، وسيكون يوم 15 مايو هو عيد استقلال فلسطين، ويوم نكبة للصهاينة المحتلين عاجلاً أو آجلاً، فاليوم كانت البروفة، وغدًا ستكون المعركة الفاصلة، وسيكون النصر بإذن الله تعالى (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)) (الإسراء: من الآية 51)، (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف: من الآية 21).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل