المحتوى الرئيسى

عبدالله هنداوي يكتب: أخي المواطن المتطرف الجالس بجواري

05/18 18:00

مترو القاهرة، اتجاة حلون الساعه 9 وربع مساء، يصعد بائع "ولاعات" ويوزع على الناس الولاعات بغرض بيعاها قائلا" لو أنت سلفي و لع في اخوك المسيحي، ولو انت مسيحي ولو في اخوك الاخواني، يالا يا سلفي يالا يا مسحيي و لع في البلد بجنية واحد بس يا بية".ينظر اليه الناس بين غاضبا و ضاحكا بينما يتبرع اخى المواطن المتطرف الجالس بجواري بأن يسقي الناس من معرفتة و علمة ويبداء في شرح اهمية وقوف المسلمين يد واحده مع الجيش ضد المخطط الامريكي الماسوني لغزو مصر و تقسيمها و تحويلها الي منتجع مسيحي في الشرق الأوسط ثم بداء يتحدث عن انه بنفسة رأى أسحلة من طراز "ميج 29" مخبأة بمخازن أحدى الكنائس في صعيد مصر (ملاحظة: ميج 29 اللي بيتكلم عليها دي مش نوع اسلحه، دي طائره مقاتلة روسية ضخمة) و بغض النظر عن كيف اكتشفها و اين يمكن ان يخفي المسيحين طائرة بهذا الحجم في مخزن الكنيسة الا ان هذا الموقف ارجعني الي مشهد من مسرحية "الزعيم" لعادل امام عندما قال لمصطفى متولي "انه مستعد ان يعترف انه يخفي طائرة عندة في حمام المنزل و انه السبب الرئيسي وراء خروج السعودية من كأس العالم" و صراحة انتابني شعور مقزع بين هيستريا الضحك و التيكاريا الاشمئزاز ليس من كذبة البين فحسب و لكن ايضا من مستوى جهله فهذا الشخص ظل يستمتع بأفراز سمومة في اذن الناس او بمعنى اخر (قعد يعمل بي بي في ودن الناس) و عندما حاولت ان اساعد (كما كنت اتخيل) اخى المواطن المتطرف الجالس بجواري على فهم حقيقة انه قد يكون مخدوع لأن ببساطة ميج 29 دي طائرة روسية ضخمة، كان ردة عليا مثير للشفقة و الترجيع في نفس ذات الوقت حيث قال لي (وكمان روسيا بقت علينا! لا حول و لا قوة الا بالله)! هنا ادركت ان الرجل لا يفهم اساسا ما يقول وانه انسان جاهل ومتطرف او في احسن الظروف ربما يكون مغيب.و في اثناء هذا، لاحظت وجود اسرة مسيحية وسط الركاب، كان الصليب ظاهر في السلسلة الذهبية للسيدة و كذلك صليب صغير على يد الرجل و ما ان بدأ الركاب في الحديث  مع اخي المواطن المتطرف الجالس بجواري عن الاسلحة المخبئة في الكنائس و ما هي اقتراحاتة لصد هذا الخطر المسيحي الماسوني الامريكي الروسي الرهيب المتربص بأهل مصر بدأت علامات الخوف و القلق تبدو واضحة على الأسرة المسيحية و بدأ الرجل و زوجتة في محاولة اخفاء الصليب بشكل عفوى و ما لبث ان قام بمغادرة المترو مسرعين في المحطة التاليه و لا اعتقد ابدا انهم قصدوا من البداية هذه المحطة و لكنهم فعلا هربوا من المترو تحسبا ان يتهور اخي المواطن المتطرف الجالس بجواري و يقرر ان يفتش الركاب باحثا عن اي مسيحي يحمل ميج 29 في جيب البنطالون اللي ورا..........اتعلم ماذا يعني ان يضطر انسان ان يخفي هويتة في بلدة؟ اتعلم ماذا يعني ان تشعر بعدم الأمن او الامان و انت بين بني وطنك ؟ اتعلم ماذا يعني ان تكون انت و اسرتك في حاله من الهلع و الفزع؟ اتعلم بماذذا تشعر اي بنت محجبة في اوروبا عندما تضطر ان تخفي انها مسلمة خوفا من البطش بها؟ هذا كله لمجرد ان هناك شخص جاهل لا يعي بماذا يتفوه قرر انك و كل اهل دينك بدون استثناء تتبعون "اجندة اجنبية"، هو نفس هذا الجاهل شرب من نفس السم من قبل عندما اتهمنا جميعا نظام مبارك بأننا نتبع اجندات اجنبية!... عندما غادر الرجل و اسرتة المترو شعرت بألم شديد في نفسي لأني كدت أرى في بلدي مصر ما كنت اقرأ عنه في رواندا في تسعينات القرن الماضي فيما حدث بين الاغلبية الهوتو و الاقلية التوتسي و ما يحدث في نيجيريا بين المسلمين و المسيحين و غيرها.هل هذه اعراض الازدواجية الفكرية؟ فمن ناحية نقول ان الدول الغربية الظالمة تعامل المسلمين بأسواء ما يكون (نعم، و احنا يعني بناخد المسيحين في احضنا ؟) فمثلا نشكو انهم لا يتيحون حرية بناء المساجد في اوروبا (هل يمكن ان تحدثني عن حرية بناء الكنائس في مصر؟)  اعلم ان الصورة ليست بهذا القتامة و اعلم بالطبع ان هناك من يوقع بين مسلمي مصر و مسيحيها و ان ليست كل مشكلة بين مسلم و مسيحي هي مشكلة طائفية بالعكس انا مؤمن تماما ان هناك من يستفيد بهذه الوقيعة سواء بالداخل او بالخارج و لكن علينا ايضا ان نعترف ان هناك مشكلة ما بين المسلمين و المسيحين في مصر و و علينا ان ندرك خطورة هذه المشكلة قبل ان تتفاقم  و بعيدا عن سر وجود الفتنة في بلد لم تعرف معنى الفتنة الطائفية اساسا فالاسباب عديدة و متواترة و متلاحقه و قد نتكلم عنا في وقت لاحق ولكن الاهم هو انه علينا فهم ان حل هذة المشكلة هو حل من ناحية اجتماعي سياسي و من ناحية اخرى هو تطبيق العداله و سيادة القانون.يجب ان نصارح كل منا الاخر، مسلم و مسيحي و صعيدي و بدوي، ملحد و ازهري، عامل و فلاح و طبيب و علينا  التوقف الفوري عن ممارسة النفاق الاجتماعي الزائف و كفى (ارجوكم) عرض اغنية "ماشربتس من نيلها" بعد كل حادثة طائفية حيث ثبت فشل نظرية القناة الاولى في محاربة الطائفية بهذة الانشودة الجليله. لقد ادمنا استخدام النفاق الاجتماعي على سبيل البنج الموضعي، نستخدمة للتخلص من سماجة شخص عن طريق وضع ابتسامة شديدة الصفار على وجهنا لضمان التخلص منه في اسرع وقت ممكن فتضحك في وجة المسيحي و انت من داخلك مؤمن بأنه من ابناء امريكا و كنائسة مليئة بالاسلحة و كذلك المسيحي يضحك في وجه المسلم و هو يعلم انه يمكن ان يقتله و يحل دمه في اي لحظة فابتسامة صفراء على وجه اخونا المسلم تسرع من التخلص من اخونا المسيحي و العكس صحيح و مع تركم صفار الابتسامة على وجه كل منهما و كبت كل منهما لمصراحة الاخر لما يسمعه من شائعات عن الاخر في المسجد و الكنيسة  و مع استنباط و استخيال (اي تخيل) كل منهما لوجود اسلحة في كنائس مصرمن العتداد الامريكي و كذلك تسليح السلفيين من دول اسلامية متشددة و غيره من خيلات عالم "والط ديزني" ننتقل الي حاله اخرى و هى الشحن الطائفي و زيادة الموروث الثقافي من الخيالات و احلام اليقظة التي ادت جميعا إلى زرع اافكار مسمومه في عقول سكان هذا الارض الطيبة لذلك علينا اولا ان نعترف بوجود هذه السموم حتى نتمكن من معالجتها و القضاء عليها.عندما يدرك المواطن البسيط في شوارع الريف المصري ان الدين لا ينتقص ولا يزيد من وطنييتك و لا يضعك في مرتبة مفضلة عن مواطن اخر ولا يدنيك و ان دور الدين هو ان تتقارب الشعوب و الناس لتعرف عن بعضها البعض و تتعايش سلميا دون ان يفرض اي منهما وجه نظره عن الاخر، و عندما يدرك عم احمد بتاع الفول ان المسيحي يؤدي الخدمة العسكرية و يموت فداء الوطن كما يفعل احمد بالضبط و عندما يدرك بائع الجرائد في الدرب الاحمر ان المسيحي كان ينكل به من شرطة البلدية مثلما كانت تفعل الشرطة معه بالضبط و عندما تدرك ربة المنزل ان جارتها المسيحية تأكل من نفس الطعام المسرطن مثلها بالضبط، عندئذ فقط يمكن ان نطبق نظرية القناة الاولى و نسمع كل اغنية مشربتش من نيلها و نقنع اخى المواطن المتطرف الجالس بجواري ان يغنيها معنا ايضا.مصر ليست ملك للمسيحيين فقط لأنهم عاشو في مصر قبل المسلمين و هي ايضا ليست ملك المسلمين فقط لأنهم الاغلبية الأن و لا ملك للأهلاوية لأنهم يفوزون بالدوري منذ عصر الاسرات الفرعونية، بل ان مصر ارض مسجلة في الشهر العقاري ملك لك المصريين.نقطة انا خلصت.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل