المحتوى الرئيسى

مراسل رويترز المطرود من البحرين يروي كيف تعيش المملكة في ظل الخوف

05/18 21:53

المنامة-رويترز:حين أتلقى الاتصال الهاتفي المعهود الذي يدعوني للتوجه لوزارة الإعلام البحرينية استعد للاستماع لشكاوى بشأن تغطيتي للحملة التي شنتها السلطات ضد احتجاجات الشيعة على حكومة مملكة البحرين التي يقودها السنة. ومنذ انتقالي للجزيرة الصغيرة استدعيت لمقابلة مسؤولين حكوميين كل أسبوعين تقريبا بسبب تغطية رويترز لما تصفه الأغلبية الشيعية بالتمييز ضدها من جانب الحكومة السنية في البلاد. وفي إحدى المرات تلقيت اتصالا غاضبا في منتصف الليل، وهذه المرة رغم أن الاجواء بدت هادئة وودية نوعا ما إلا أنني فوجئت بنبأ غير متوقع حين توجهت للوزارة يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي. استقبلني مسؤول يرتدي جلبابا ابيض وأجلسني في مكتب على الطراز الحديث به شاشة تلفزيونية ضخمة يتابع من خلالها التغطية الإعلامية للأحداث. ثم جاء النبأ غير المتوقع حين طلب المسؤول الشيخ عبد الله بن نزار آل خليفة مني وقف تغطيتي للأحداث في البحرين وأبلغنى بضرورة مغادرة البلاد في غضون أسبوع مضيفا إن تغطية رويترز للحملة ضد الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية تفتقر للتوازن. لم تستمر المقابلة أكثر من خمس دقائق. وعلى ما يبدو فإن الموضوع الذي نشر في وقت سابق من هذا الشهر عن الخلافات بين المعتدلين والمتشددين داخل الاسرة الحاكمة تجاوز خطا أحمر. وقالت السلطات إن البحرين لن تغلق مكتب رويترز في المنامة وأنها ستعتمد مراسلا أجنبيا آخر ترشحه رويترز.وأضاف فريدريك ريشتر، مراسل رويترز: فيما كنت أستعد لمغادرة البحرين بت لا أعرف الدولة التي جئت إليها عام 2008 بعدما بدلها الخوف. فحين وصلت للجزيرة الصغيرة التي يربط بينها وبين السعودية جسر علوي كانت مركزا تجاريا وماليا نشطا. كانت فنادقها تعج بمصرفيين ومسؤولين تنفيذين جاءوا لبحث صفقات استثمار. ولم يلق أحد بالا لحالة عدم الرضا التي تموج تحت السطح ولم تراود أحد أدنى فكرة عن إمكانية أن تشعل هذه الحالة شرارة احتجاجات شعبية حاشدة في وسط العاصمة المنامة في وقت لاحق.كان عشرات الآلاف يتوافدون كل عام من جميع أنحاء العالم على الجزيرة لمشاهدة سباق جائزة البحرين الكبرى لسيارات فورمولا 1 والتي دشنت عام 2004 . ولبرلمان البحرين سلطات محدودة وشغلت فيه جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيعية المعارضة 18 من مقاعده الأربعين. ورغم ذلك أتاح للمعارضة الشيعية منبرا للنقاش وتحقيقات في الفساد. وتحدث نشطاء بحرية عن شكاواهم من تمييز في الوظائف والخدمات لصالح السنة. وتحدث معي مواطنون. وفي فبراير نزلت حشود غالبيتها من الشيعة إلى الشوارع. واستمرت الاحتجاجات عدة أسابيع للمطالبة بمزيد من الحريات وإنهاء التفرقة الطائفية وإقامة نظام ملكي دستوري، بل بلغ البعض حد المطالبة بإلغاء الملكية من الأساس. واستلهمت الاحتجاجات انتفاضتين شعبيتين اطاحتا برئيسي تونس ومصر وأعلنت المنامة الأحكام العرفية واتهمت إيران بتأجيج الاضطرابات وطلبت قوات من دول خليجية مجاورة في مقدمتها السعودية. وأعقب ذلك حملة واسعة على القرى الشيعية ونشطاء المعارضة وعاملين في الصحة والإعلام. وقالت الحكومة إنها تستهدف فقط من انتهكوا القانون خلال الاحتجاجات. لكن تلفزيون الدولة قام بتكبير لقطات لأوجه العديد من المشاركين في الاحتجاجات وسلط الضوء عليهم وتملك الخوف آخرين. وقتل 29 شخصا على الأقل جميعهم من الشيعة باستثناء ستة في الاحتجاجات التي اندلعت في فبراير. والقتلى من غير الشيعة أجنبيان وأربعة من رجال الشرطة. وربما يكون عدد القتلى قليلا مقارنة بالعنف الذي شهدته دول عربية أخرى مثل سوريا وليبيا. ولكنه ربما بدل إلى الأبد الحالة النفسية في المملكة التي يقل عدد مواطنيها عن 600 ألف نسمة. وبالإضافة للقتلى تعرض المئات للاعتقال أو الفصل من وظائفهم في شركات مملوكة للدولة. وخلت فنادق البحرين من الزائرين لاسابيع وتم تأجيل أو إلغاء مؤتمرات وسباق فورمولا 1 للسيارات. واتهمت الحكومة إيران وحزب الله اللبناني بالتحريض على الاحتجاج. والمتهم الآخر في أعين المسؤولين وسائل الإعلام العالمية التي رأت الحكومة أنها انحازت للمحتجين. وحتي قبل أن يطلب مني مغادرة البلاد لم يكن يسمح للصحفيين بدخول البلاد ويرحلون من المطار أو يرفض طلبهم بالحصول على تأشيرات لدخول البلاد. واحتجز فريق شبكة سي.إن.إن الإخبارية حين حاول إجراء مقابلة مع ناشط بحريني في مجال حقوق الإنسان. ومع استمرار الحملة حل الخوف. توقف المواطنون عن التحدث إلي عبر الهاتف ويوافقون فقط على الحديث وجها لوجه سرا. وقابلت شابا هاربا منذ شهر تملك منه الخوف لدرجة تمنعه من الذهاب للعمل أو الطبيب. واضطررت للبحث عن طرق سرية لمقابلة مصادري بما في ذلك غربيون يعملون كمستشارين للحكومة البحرينية لاعتقادهم أن هواتفهم وبريدهم الإلكتروني يخضع للمراقبة. وكان مطر مطر واحدا من حفنة قليلة من الأشخاص لازالت تتحدث إلي وكان عضوا بارزا في البرلمان عن جمعية الوفاق حتى إعلانها الانسحاب منه في فبراير احتجاجا على تعامل الشرطة بعنف مع المحتجين. واعتذر في رسالة إلكترونية بعد امتناعه عن الرد على مكالمتي يوم 29 أبريل عن تلقي اتصالات هاتفية في ذلك الأسبوع. وقبل ذلك كان التلفزيون قد أذاع ما وصفه باعترافات سجناء زعم بعضهم أن مطر حرضهم على ارتكاب جرائم. وكتب في الرسالة إنه لا يريد الظهور حتى يعرف المدى الذي ستذهب إليه السلطات بعد أن تردد اسمه في تلك الاعترافات التي أذاعها تلفزيون البحرين. وبعد ثلاثة أيام ألقي القبض على مطر شخصيا مع عضو آخر سابق في البرلمان من جمعية الوفاق أيضا. ولم يتمكن زملاؤه من الاتصال به منذ ذلك الحين. وفي الأسبوع الماضي وقبل يومين من إبلاغي بقرار طردي أعلن ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة رفع الاحكام العرفية اعتبارا من أول يونيو في مؤشر على أن الحكومة قد تخفف حملتها ولكن البحرين باتت دولة في حالة صدمة بالفعل.مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل