المحتوى الرئيسى

مسيرا العودة ..اذكاء للصراع بقلم:أسعد العزوني

05/17 22:58

مسيرات العودة اذكاء للصراع بقلم : أسعد العزوني قلت في مقال قبل الخامس عشر من آيار الجاري أن مسيرة العودة هي أنبل فكرة لكنها أسوأ تداعيات ، وذلك استشرافا للمستقبل ، انطلاقا من الموقف الرسمي العربي الذي أثبت نفسه بجدارة يوم 15 آيار وجرى ما جرى ،حتى أن العسكر في مصر والذي يفترض فيهم احداث نقلة نوعية في الموقف المصري منعوا مسيرات العودة وتصرفوا كما جرت العادة . كما أن الجيش الاسرائيلي أطلق النار على العائدين وهم في الأراضي اللبنانية ، وقتل أربعة عبروا الحدود الى الجولان ، ووصلت حصيلة الشهداء 13 شهيدا وأصاب 400 بجروح ، خارج اطار حصيلة مواجهات الضفة وغزة . هذا المقال يعالج تداعيات ما حصل ، اضافة الى تسليط الأضواء على الواقع المعاش في المنطقة ،وأعني بذلك حالة التراخي على الحدود العربية – الاسرائيلية ، الى درجة أن سكان المناطق الحدودية العربية لا يدخلون أراضيهم الا بتصاريح أمنية ! مسيرات العودة المدروسة جيدا ، هي ضرب من ضروب المقاومة ، وهذه التحركات تعمل على اذكاء جذوة المقاومة وانتشال النشىء العربي الجديد من الضياع . وعلاوة على ذلك ، فانها تكبد اسرائيل خسائر مادية كبيرة واقتصادية باهظة ، خاصة في ظل ارتفقاع أسعار النفط ، واضطرارها للاستنفار الدائم الذي يعني استدعاء الآلاف من عمال المصانع ، ناهيك عن ادخال الرعب في قلوب المستوطنين وفي مقدمتهم سكان المستوطنات الحدودية ، الذين سيهجرون مستوطناتهم ليلا كما حدث ابان فترة الكفاح المسلح . هذه المسيرات ستقض أيضا مضاجع القادة الاسرائيليين السياسييين والعسكريين المنضوين تحت لواء اليمين واليمين والمتطرف الذي يدعو الى تطهير فلسطين من أهلها . ولعل ذلك لا يقتصر على اسرائيل ومستوطنيها ، بل ينسحب صداه على المجتمع الدولي الذي سيضطر الى الوقوف أمام مسئولياته ، لأن الله لا يسمع من ساكت ، بمعنى أن المجتمع الدولي لن يحرك ساكنا للضغط على اسرائيل ما دامت الجبهات العربية تنعم بمثل هذا الهدوء. أي حراك يمتلك الديمومة على الحدود مع فلسطين المحتلة يفيد الجهات الرسمية العربية أيضا ، ويخفف الضغط الشعبي ، ناهيك عن ان ذلك يجعلهم مرغوبين أكثر لدى المجتمع الدولي لأن أحدا لا يحب التعامل مع الضعيف الساكت عن حقه والذي يقبل أي فتات تلقى اليه ثمنا لمواقفه . مطلوب من رواد النادي العربي – الاسرائيلي الذي تم تأسيسه بداية القرن المنصرم ، وأن يتعظوا من هذا المشوار المذل ، ويعترفوا أن اسرائيل لا تصادق أو تصدق مع أحد ، ولا تحب أحدا أو تحميه . ليس مبالغة القول أن موقف العرب من اسرائيل ، شجعها على التمادي في قهر الشعب الفلسطيني ، ولولا ذلك ، لما تصرفت يوم 15 آيار بتلك الهمجية المعهودة ؟. العرب خذلوا الغرب ، الذي بدأ ينتفض ضد اسرائيل بعد أن كشف بنفسه مدى بؤس عقلية الغيتو والهولوكست ، فها هم أكاديميو بريطانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي يدعون الى مقاطعة اسرائيل أكاديميا وثقافيا اضافة الى التحركات الملحوظة لمقاطعتها اقتصاديا ، بدءا بمنتجات المستوطنات ، والأخطر من ذلك ، الدعوة لاعتقال قادة اسرائيل ومحاكمتهم ! أجزم أن سكوت العرب عن الحق الفلسطيني وانتشار رائحة العلاقات العربية – الرسمية حد زكم الأنوف هو سبب ما جرى ويجري في الوطن العربي والذي يشبه التسونامي ولن يستقر الا في جيبوتي بعد اجتياح أريتيريا . هذه المسيرات أشد حالات توريط اسرائيل لأن منفذيها مدنيون ، وليسوا عسكريين ، بمعنى أن اسرائيل وكما فعلت مؤخرا ستفقد مبرر همجيتها لأن ضحاياها سيكونون من المدنيين . هناك ملاحظة اخرى ربما اغفل المراقبون عن ذكرها وهى أن مسلمين من تركيا وفدوا للمشاركة في هذه المسيرات طمعا بنيل الشهادة ، وهذا يعني أن مسيرات العودة قد أعادت القضية الفلسطينية الى مسارها الصحيح لأن الشباب العربي والمسلم سوف يضطلع بدوره ، وسيختفي شعار " ياوحدنا ". وهذا يعني أيضا أن الدعم المادي سيتدفق من جديد لتأمين أستمرار هذا الحراك ، وليس مبالغة القول أن الابتعاد العربي والاسلامي الشعبيين عن القضية الفلسطينية جاء نتيجة لانطفاء جذوة الكفاح المسلح وانخراط الجميع في وهم السلام الذي لن يتحقق . لا يغرنكم موقف المجتمع الدولي الطري مع اسرائيل هذه الأيام ، فلو وجد انتفاضة عربية جدية ، لتحدث مع اسرائيل بلغة أخرى يفهمها قادة اسرائيل جيدا ، ويعلمون تداعياتها عليهم. عندما تحتج جهة أوروبية ما على اسرائيل يقال لها أنه ليس مطلوبا من أحد ان يكون عربيا أكثر من العرب الذي تحدوهم الرغبة جميعا في التسجيل لدى النادي العربي – الاسرائيلي ،بمعنى ان العرب يصادقون اسرائيل ويعززون علاقاتهم التجارية والاقتصادية معها ، ناهيك عن التنسيق الأمني المستمر معها ، وبالتالي وما دام العرب والحالة هذه ، حسب ما تقوله اسرائيل ، فانه لا يحق لأحد مهما كان ثقله في المجتمع الدولي أن يضغط على اسرائيل ، لأن أصحاب القضية برمتهم دخلوا النادي العربي – الاسرائيلي . نتحدث عن مسيرات عودة سلمية للحدود ، دون اقتحامها ، فما بالك لو تم غض الطرف عن الحدود ليدخل المتطوعون وينفذوا المهام المطلوبة منهم . " ليس كل ما يعرف يقال ، ولكن الحقيقة تطل برأسها ".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل