المحتوى الرئيسى

مضحكٌ مُبكٍ

05/17 17:43

بقلم: الأسيرة أحلام التميمي ورد في صحيفة (القدس) التي تصل إلى الأسرى الفلسطينيين في سجون المؤسسة الصهيونية المُقامة فوق أراضينا- بأعداد متأخرة غير منتظمة- عدد من الأخبار التي أضحكتني وأبكتني في آنٍ واحد حال وقع نظري على العناوين الرئيسية الخاصة بهذه الأخبار.   ومنها ما ورد في العدد الصادر بتاريخ 19/4/2011م، وفي الصفحة الثانية عشرة تحديدًا عن وزير الأسرى الفلسطيني السابق "سفيان أبو زايدة" الذي حاول بعد جهد جهيد وعناء تفكير لا أعلم المدة التي استغرقها فيه حتى وصل لهذا الحل المبدع لمشكلة زيارات أسرى قطاع غزة في السجون؛ عبر مطالبته حركة حماس باشتراط الحصول على أية معلومات عن شاليط؛ لتمكين أهالي الأسرى من زيارة ذويهم، ودعا الحركة المقاومة إلى ربط زيارات أهالي أسرى غزة المحرومين من رؤية أبنائهم منذ أكثر من خمس سنوات بنشر أية معلومات جديدة عن شاليط، موضحًا أن هذا الأمر ممكن، وفي اعتقاده أن إسرائيل لن يكون عندها مشكلة حقيقية في حال الإصرار على هذا العرض، متابعًا قوله: "أعتقد أنها ستكون الهدية لأهالي الأسرى في يوم الأسير الفلسطيني".   بعد قراءة هذا الخبر كنت أتمنى أن أستمع إلى طبيعة المعلومات المتعلقة بشاليط والتي يقترحها هذا الوزير السابق، ولماذا تزامن طلبه هذا مع ضغط منظمة الصليب الأحمر بزيارة شاليط والاطلاع على أوضاعه؟؟.   إن جهاز الأمن الصهيوني لن يعدم أية وسيلة توصله إلى مكان شاليط دون أن تكلفه ثمن إخراج مَن يعتبرهم خطيرين على أمنهم الداخلي والخارجي من الأسرى الفلسطينيين؛ لأن إخراجهم من السجون يعطيهم فرصة تكرار العمليات الجهادية ضدهم، وهذا ما تضعه المؤسسة الصهيونية بالحسبان؛ ولذلك هي ستحاول استنفاد كل السبل لإعادة شاليط بأدنى الخسائر.   ومن هنا تبحث أجهزة الأمن الصهيونية دومًا عن أية معلومات صغيرة قد تعتبر طرف خيط للوصول إلى شاليط، ما دعاها إلى دفع منظمة الصليب الأحمر تجاه الضغط على حركة حماس بأسلوبٍ فيه من المراوغة ما لا ينطلي على هذه الحركة صاحبة الحنكة للمطالبة بالزيارة، ومن المعلوم أن هذه المنظمة تدَّعي حياديتها، ولكنها في حقيقة الأمر تقدَّم الكثير من المعلومات ما يخدم المصلحة الصهيونية بالدرجة الأولى، ولربما تجارب الأسرى حديثي الأسر مع هذه المنظمة التي نقلت عبر محادثاتها معهم كل المعلومات التي لم يفلح رجل المخابرات بانتزاعها، وأيضًا من تجارب أسرى السجون ممن يجلس معهم مندوبو الصليب داخل زنازينهم في غاية لرصد الواقع الداخلي لهم واصطياد أية معلومات تفيد إدارة السجون ومخابراتها.   إن المقابل الوحيد الذي يجب أن تقايض حركة حماس عليه هو الإفراج عن عددٍ من الأسرى، فالغاية من هذه العملية إخراج الأسير نفسه، وهذا متفق عليه عند عموم الأسرى، إذ إننا نُضحِّي برؤية أهلنا إن لزم الأمر مقابل إنجاح عملية التبادل، ومقايضة حركة حماس على زيارة أهالي قطاع غزة لأبنائهم في السجون هي مقايضة تدل على غباء الفكر السياسي لدى المفاوض من هذه الحركة؛ لأن زيارات الأسرى لأهاليهم هي حق لهم، على الأسرى أنفسهم انتزاعه بطرق الضغط الخاصة، والتي أثبتت نجاحها في كل مرة.   إن أسرى قطاع غزة جزء من الكل الاعتقالي المُتَّفِق والمتفَهِم أن تبعات اختطاف شاليط ستعود عليهم بالضغط القاسي من قِبَل المؤسسة الصهيونية عبر سحب كلِّ الحقوق الحياتية وخاصةً اللعب على الوتر الحساس وهو زيارة الأهل، واتفق الأسرى بالإجماع على ضرورة استيعاب مثل هكذا الضغوطات وتحملها حتى يرى الأسير نفسه وأهله خارج السجون وليس العكس.   ويعلم آسرو شاليط أن الأسرى في سجون المؤسسة الصهيونية يملكون طاقة تحمُّل مصدرها ربَّاني، وأنهم بصدد انتزاع حقوقهم التي سحبتها مصلحة السجون الصهيونية عبر مخطط تكتيكي مرتب، بدءوا به عبر خطوات تحذيرية ستتلوها خطوات تصعيدية التجارب الماضية كفيلة بإثبات نجاحها.   ما يريده الأسرى من آسري شاليط ومن اللجنة المشرفة على عملية التفاوض من حركة حماس هو التمسك بضرورة المقايضة على الإفراج عن الأسير نفسه مقابل أية معلومة، فهذه هي الغاية الأولى والأخيرة علمًا أن المرحلة تتطلب التفاوض على تنفيذ عملية التبادل مرة واحدة وليس تقديم المعلومات في وقت باتت عائلة شاليط نفسها تريد ابنها نفسه وليس معلومات عنه، وتضغط بهذا الاتجاه حتى إنها ستشكل حزبًا سياسيًّا يكون له ثقل في الكنيست، وسيسهم في اتخاذ القرار بتنفيذ عملية التبادل حال تم اعتماد هذا الحزب، فكل المعطيات الحالية تدفع باتجاه تنفيذ عملية التبادل ككل لا تبادل المعلومات الجزئية.   أما حول اعتقاد أبو زايدة أن مثل هكذا المقايضات ستكون الهدية لأهالي الأسرى في يوم الأسير الفلسطيني فإني أتساءل، أين كانت مثل هذه الهدايا في السنوات الماضية؟؟   ألم يجدر بالمفاوض الفلسطيني الذي بدأ جلساته التفاوضية بعد استلام السلطة للحكم الذاتي، واستمرت الجلسات حتى وقتنا الحالي أن يهدي الأسرى وأهاليهم مثل هذه الأمور المميزة؟؟الآن نضغط على حركة حماس بتقديم الهدايا في يوم الأسير الفلسطيني ونتناسى سنوات العجز والفشل التفاوضي والوعود التي كان آخرها على لسان الرئيس أبي مازن في مؤتمر المصالحة عندما جدد وعوده للأسرى بأن يتم الإفراج عنهم في مرحلة الحل النهائي!! حينها ضحكت وبكيت بصدق.   وتساءلت هل ينتظر الأسرى مرحلة المفاوضات على الحل النهائي؟.   وهل سيكون الإفراج عنهم مقابل الاعتراف بيهودية إسرائيل؟!.   أم مقابل الاعتراف بأن أرضنا التي دفعنا أعمارنا خلف القضبان بهدف تحررها هي الآن أرض لدولتين؟!.   آهٍ يا أعمارنا الضائعة.. وآهٍ يا مبادئنا المسقطة.. وأي فرحة لأسير محرر سيخرج على واقع دولة يهودية تجاور أرضه.. وعلى مراكز تطبيع مع العدو تنتشر حوله.. وعلى متضامنين أوروبيين مدفوعي الأجر من قِبَل المنظمات الحقوقية؟!..   أي واقع جديد مشترك قادم، وأي غصة في القلب تقهره في الدقيقة ألف مرة؟!!.   صدقت يا "عبد الحفيظ جعوان" كاتب مقالة بعنوان "أطالب بإلغاء يوم الأسير" في صحيفة (القدس) الصادرة يوم 20/4/2011م في الصفحة العشرين تحديدًا، عندما صرخ في وجه المسئولين الذين يعتاشون على قضية الأسرى قائلاً:   "اتركوا الأسرى وشأنهم ونضالهم.. لا تعكروا صفو معركتهم النبيلة لنيل الحرية.. لا تقيموا لهم مهرجانات يكون أبطالها أنتم.. أخبروهم بالحقيقة المرة.. أخبروهم كيف ننجح في تحويل كل قضية مقدسة لنا تجارة رابحة..".   أوافقك الرأي يا أخي الفاضل.. الوعود بأن الإفراج عن الأسرى على سلم المفاوض هي تعكير لصفو معركة الأسرى النبيلة.. تأجيل الإفراج عن الأسرى إلى مرحلة الحل النهائي هو تعكير لصفو معركة الأسرى النبيلة.. والمقايضة على فتات حقوقنا كزيارة أهل أو طلب مكالمة هاتفية هي تعكير لصفو معركة الأسرى النبيلة..   والمقايضة على غير الإفراج عن الأسرى ليس تعكير صفو فقط، بل هي إلقاء لمعركة الأسرى النبيلة في مستنقع النتانة..   لم يبق إلا التأكيد أن أية معلومة ستقدم حول شاليط يجب أن يقابلها الإفراج عن الأسرى، ولو كان أسيرًا واحدًا.. هكذا يكون التكتيك التفاوضي.. وهكذا يبرز المفاوض الفلسطيني.. وهكذا سيكون الإنجاز الحقيقي الجاد. --------- * سجن الشارون

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل