المحتوى الرئيسى

ذكرى النكبة الـ63.. ليست كأي ذكرى

05/17 14:50

بقلم: صابر محمد أبو الكاس الخامس عشر من مايو من كلِّ عام، يومٌ يُحيي فيه الفلسطينيون ذكرى نكبتهم، يستذكرون ماضيهم المُر، الذي اتّسم بالقتل والتشريد والاحتلال القسري لأراضيهم، فهم لا ينسون أرضهم المغتصبة وحقوقهم المسلوبة، فلا توطين أو تعويض يمكن أن يأتي بديلاً عن حق العودة، هذا الحق الذي ورثته الأجيال ولم تفرّط فيه أو تنساه كما ظن بذلك ساسة الاحتلال وقادتهم.. وتأتي الذكرى الثالثة والستون لنكبة فلسطين، لكنها هذه المرّة تختلف عن سنوات خلت أحيا فيها الفلسطينيون نكبتهم، فهناك من العوامل والمتغيرات التي جعلت من هذه الذكرى لها خصوصية وامتيازات عدّة، وهذه العوامل تتمثل في نقاط عديدة: أولاً: المصالحة الفلسطينية: ففي الأعوام الأخيرة السابقة كان الفلسطينيون يُحيون هذه الذكرى الأليمة إلى جانب وقعة أليمة ألا وهي الانقسام الفلسطيني، فشهدنا أشكالاً مختلفة لفعاليات تُقَام هنا وهناك بشكل أحادي دون تنسيق بين الفصائل الفلسطينية؛ لكن اليوم وقد التئم الصف الفلسطيني وعاد أبناء الوطن الواحد من جديد ليعلنوا باسم واحد وتحت علم واحد وبلسان واحد عن إحياء هذه الذكرى بفعاليات ونشاطات متنوعة في جميع أرجاء الوطن وفي كلِّ أماكن وجوده.   ففلسطين توحدنا وقضيتنا مناط اهتمام كل واحد منَّا، فآمال العودة بدأت تعود من جديد بعدما ضاعت هذه الآمال سابقًا بضياع وحدتنا.   ثانيًا: الحراك العربي والإسلامي: فالشعوب العربية والإسلامية اليوم بدأت تنتفض من جديد لتكون القضية الفلسطينية، وعلى رأسها حق العودة في جوهر اهتمامها، فبالأمس القريب تخرج مسيرات مليونية في مصر لتهتف بحق العودة وتحرير فلسطين، ذاك الأمر الذي كان يعتريه سابقًا الفتور، نتيجة لسياسة التضييق والتعامل بيد من حديد التي كان يتبعها النظام السابق في تعامله مع من تساوره أية فكرة للنزول إلى الشارع هاتفًا ضد دولة الاحتلال أو حتى نُصرة للقضية الفلسطينية..مسيرات امتدت لتحاصر السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وسط مطالبات بطرد السفير الصهيوني، هذه الخطوة التي دبّت الرعب في قلوب ساسة الاحتلال؛ نظراً لنوعيتها واختلافها عن سابقاتها.   وليس بعيدًا عن مصر دول عربية شهدت زحفًا بعشرات الآلاف نحو الحدود مع فلسطين المحتلة في خطوة تُعد الأولى من نوعها، لا سيما أن الكثير ممن زحفوا قد اجتازوا هذه الحدود وكانت النتيجة أن أٌريقت دماؤهم فتخضبت أرض فلسطين المحتلة بدمائهم، الأمر الذي يبشر بقرب العودة وأنها قادمة لا محالة، فهذه الخطوة رغم رمزيتها إلا أنها تبشر بأن تحرير فلسطين بات قاب قوسين أو أدنى.   وخير شاهد على ذلك ما اتسمت به فعاليات ذكرى النكبة في هذا العام والتي بدأت بتأدية صلاة فجر مليونية في عدد من الدول العربية، هذه الخطوة الفريدة من نوعها في إحياء هذه الذكرى، تذكرنا بأن عودتنا لديارنا لن تكون إلا بعودتنا لديننا، وهنا نستذكر موقف صلاح الدين الأيوبي عندما كان يتفقد صفوف جيشه ليلاً وقد رأى خيمة بها بعض من جنوده يقيمون الليل ويدعون ويذكرون الله فعقّب قائلاً " من هنا يأتي النصر".   ثالثًا: أوروبا ونصرة فلسطين: لا يخفى على الجميع الموقف الذي تبنته سابقًا الشعوب الأوروبية، والذي كان يحابي دولة الاحتلال في حقه في الوجود وفي الدفاع عن نفسه متجاهلين حق الشعب الفلسطيني في عودته وتقرير مصيره، فلقد اختلف الواقع الآن عن سابقه، فاليوم نشهد مسيرات بعشرات الآلاف تجوب شوارع أوروبا لا سيما بريطانيا التي شهدت سفارة الاحتلال فيها حشودا كبيرة تطالب بحق العودة.   فقد اختلفت المفاهيم عن سابقتها وأدركت العقول حقيقة الأمر، ولعل مَن حمل هَمَّ إيصال الرسالة بصورتها الحقيقية هُم فلسطينيو أوروبا الذين كافحوا لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن القضية الفلسطينية، فباتت الشعوب الأوروبية في جُلها تهتف اليوم للحق الفلسطيني وحق العودة، الذي غٌيّب لسنوات طوال.   رابعًا: الإعلام وتصحيح المسار: لقد أصبح للإعلام كلمته في توجيه العقول وتصحيح الأفكار والمغالطات، وأعني هنا الإعلام المقاوم الذي يحمل همَّ القضية ويعطيها مساحة كافية من تغطياته؛ حيث نجح هذا الإعلام في زرع ثقافة المقاومة والإصرار على استعادة الحقوق، ولا أعني هنا المقاومة المسلحة فحسب، بل مقاومة الكلمة والقلم والمقاومة السلمية.   فاليوم أصبح هناك وعي لدى الشعوب العربية والغربية أيضًا، وليسوا بمنأى عن هذا الوعي أطفالنا الصغار، الذين أطاحوا بنظرية بن غوريون بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار اليوم هم من يتقدمون المسيرات والفعاليات ينادون بحقهم في العودة متحدين الاحتلال وجبروته.   وختامًا يمكن تلخيص ما سبق أن العودة إلى فلسطين باتت أقرب من أي وقت مضى، ليس تخمينًا أو استقراءً للمستقبل بل حقيقة واقعة بتنا نشهدها على الأرض بزحوف الملايين في الوطن والشتات، رافعين شعار العودة أقرب، رافضين مبدأ التوطين أو التعويض، فالكل مُجمع على هذا الحق تحذوه الإرادة والعزيمة. Saber M. Abu Elkass Support programs in the Al Aqsatv Palestine - Gaza Strip [email protected] [email protected] ---------- * إعلامي فلسطيني- قطاع غزة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل