المحتوى الرئيسى

النور وثورة ينايرفي‏(‏ شمس منتصف الليل‏)‏

05/17 00:52

حضور النور وغيابه‏;‏ أو حضور النور رغم أننا لم نكن لنعثر عليه في التحديق الطويل وياللغرابة‏-..‏ هذا هو المعني الذي يقدمه لنا النص الروائي‏(‏ شمس منتصف الليل‏)‏ لأسماء الطناني‏..‏ وعلي الرغم من أننا نري هذا الوعي السردي في عديد من إبداعاتنا في الفترة الاخيرة كنص(7 أيام في التحرير) لهشام الخشن علي سبيل المثال.. فإن هذا الوعي يبدو أكثر إدراكا في هذا النص الأخير أو في هذه الشمس في منتصف الليل, القائمة الدائمة في وعينا.. والنص شمس منتصف الليل- يقدم لنا عبر البناء السردي هذه الثنائية داخل النص وخارجه, فنحن داخل النص أمام سارة التي تعيش أحداثا عاطفية حين تعيش هذه العلاقة بين المرأة والرجل لسنوات طويلة, المرأة الصادقة والرجل المراوغ; ورغم أن العلاقة يشوبها الخداع والزيف من جهة الرجل, فإن المرأة تحيا وتحاول أن تقنع نفسها لسنوات أنها تحيا هذه العلاقة العادية التي يحياها الإنسان في النور, هذه العلاقة العاطفية التي تخلص فيها طرف في وقت يكون الطرف الآخر خادعا.. ففي خلال الثلاثين عاما الأخيرة- حتي ثورة يناير- يكون علي النص تلمس عبر هذا الزمن الطويل تقنية العود إلي الوراء لتأكيد هذه العلاقة بين النور والظلام, ولتأكيد أن الظلام وإن استمر لثلاثين قرنا فإن الليل لابد وأن ينتهي, ولابد لشمس يناير2011 أن تسطع.. إنه قانون الليل والنهار.. أو الظلام والنور.. الحتمية حين تتحول إلي واقع يشهد عبر النص/الحكي والفعل/السرد ما ينتهي إليه قانون الوجود من استعادة النور.. منذ البداية نكتشف أن تعرف فتاة بالفتي تمضي عبر السرد الروائي في خطين متوازنين في قصتين متشابهتين تماما, فنحن في المعني العام أمام سارة التي ترتبط بأحمد, وتحاول أن تعيش لحظات الإنسان الصادق مع الذات في حين أن الآخر-الرجل يكون مخادعا في تعامله مع سارة, وتمضي الأحداث بنا داخل النص مع تاريخ مصر حين يرتبط الخاص بالعام حين ترتبط العلاقة بين سارة وأحمد بهذه العلاقة المخادعة من جانب الرجل, وفي حين تبدو فيه سارة مخلصه, يكون علي الآخر-الرجل- أن يكون خادعا مخادعا إلي أقصي الحدود.. السرد الروائي هو السرد العام داخل النص والسرد الرمزي هو السرد الفني داخل النص وخارجه.. إننا نستطيع أن نلمح هذه العلاقة منذ البداية حين أبلغت الطبيبة سارة- بلقائها الأول مع أحد مرضاها, وكيف دفعت بها حالته وهو المريض- إلي الإشفاق, والبدء بطيبتها المعهودة وحسن نيتها المشهورة باستعداد لمديد الشفاء لهذا المريض.. وفي الوقت الذي تبدو فيه الطبيبة نقية واعية للحالة أمامها تذكرت داخل السرد الروائي وخارجه.. تذكرت مصر لحظة التقائها بحسني مبارك, في ذلك اليوم الخريفي الرابع عشر من أكتوبر عام1981, بعدما تم اختياره بناء علي استفتاء شعبي رئيسا للجمهورية, خلفا للزعيم الراحل محمد أنور السادات الذي تم اغتياله في السادس من أكتوبر1981, إن الروائية تستعيد هذه اللحظة حين مدت يدها بالكارت إلي أم المريض, فيقوم المريض بسرقة الكارت من الأم محاولا خداع الطبيبة.. لتبدأ هذه الصدفة الغريبة بين طبيب واع ومريض ماكر.. وعلي مدي ثلاثين عاما تدور هذه العلاقة الغريبة بين الطبيبة الجميلة والمريض المراوغ.. هذه العلاقة بين الفرعون القديم والجديد يسير أفراد الشعب في ساقية تدور حول نفسها داخل دائرة مفرغة أبكت الليل والنهار, والفرعون ورجاله يسيرون في خط واحد, خط جمع المال بحورا ومحيطات..(و)..كانت سارة مخلصة لحبيبها لأقصي درجة وهو يؤكد لها أن موعد الزواج قد اقترب جدا وعيناه مازالت تلمعان لمعة الثعبان السام.. وعلي هذا النحو, كان لابد لسارة أن تكتشف لثلاثين عاما خداع أحمد لها, وكانت هذه الفترة الطويلة الخادعة كافية لتغضب الطبيبة فعصفت مصر به وقامت بترحيله من الحكم مثلما قامت سارة بإنهاء علاقتها بأحمد للأبد بلا ندم لرجل كان سيحرمها من كل شيء, من روحها وحياتها وأنوثتها وأمومتها; قالت سارة لأحمد: ارحل/ وقالت مصر لمبارك: ارحل. الرواية تعود هنا إلي تقنية الربط بين النور والظلام, بين الظاهر والباطن.. فتكشف كيف عاشت مصر بين هذا الظلام الدامس لحقبة بعيدة من الزمن تحت وهم الوعد الزائف لتغضب وتثور وتتزوج من رجلها الحقيقي( الشباب والشعب) وشهد علي عقد زواجها نهر النيل وتراب مصر الخصب, تزوجت من رجلها الجديد وساروا نحو.. مصر الجديدة الساكنة في فوهة الشمس أشرقت في منتصف النهار.. وعلي هذا النحو, يكون علينا عبر هذا النص أن نصل إلي هذا القانون الحتمي أمامنا رغم أننا كثيرا لا نراه( وهو ما يذكرنا بهذا التصور أوبحلم فتاة جون ماير و فكرة الشفقTwilight أومصاص دماء وقع في حبها ولكنه كان متعطشا لدمائها عام2005).. هذا التصور بين النور والظلام هنا, والذي قد تطول فيه ساعات الظلام حتي نحسب أنها لن تنتهي, وحتي نحسب أمام تقلب الأيام وتغاير الوجوه أن الليل لن ينتهي, فإذا بنا أمام تعدد الأحداث وتجدد التفاصيل أمام القانون الذي يجب أن نعيه دائما, وهو أن الظلام لابد وأن يعقبه النور.. أو أن مصاص الدماء لابد وأن يكتشف حين نستعيد النور وإن طال.. إن غياب النور لساعات وأزمان طويلة ليس مبررا لانعدام الأمل, فالنور يأتي دائما في نهاية أي ليل مهما طال.. بين أحداث متشابهة وشخصيات معروفة وأحداث ثقيلة لابد أن ينتهي الليل الطويل بعود الشمس أو بإعادة الوعي بوجود الشمس, إن الشمس قائمة أمامنا دائما, وحتي في منتصف الليل يمكن أن نراها, المهم أن نكون أكثر وعيا وإدراكا بقانون الكون, حضور النور دائما يكون مرهونا بوعينا نحن.. وهو ما اكتشفته سارة بعد قرابة ثلث قرن من الزمان في السرد الروائي وخارجه.. في شمس منتصف الليل

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل