المحتوى الرئيسى

«متحف السويس القومي».. يجدد شبابه لسرد تاريخ المدينة عبر العصور

05/17 13:47

تعويضا لأبناء محافظة السويس (120 كلم شمال شرقي القاهرة) عن فقدان متحفهم القديم أثناء حرب يونيو (حزيران) عام 1967، يأتي افتتاح «متحف السويس القومي» كمركز إشعاع حضاري وثقافي، بعد أن عكف على إعداده فريق من الآثاريين والمنفذين على مدى عقد كامل. بلغت تكلفة المتحف الجديد 42 مليون جنيه ويضم 1500 قطعة أثرية ويقام على مساحة 5950 مترا مربعا، ويحكي قصة مدينة السويس ابتداء من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، أي ما يقرب من سبعة آلاف عام. المتحف، الذي يفتتحه رئيس الوزراء المصري بعد أيام، تم تصميمه بشكل جديد، حيث يتكون من طابقين تفصل بينهما صالة عرض مكشوفة يراها زائر المتحف من مسافة بعيدة، وتعرض بها مجموعة من الأعمدة الأثرية التي ترجع إلى العصرين اليوناني والروماني (332 ق.م - 364م). ويأتي إنشاء المتحف كمتحف إقليمي، حيث يعتبره زاهي حواس، وزير الدولة لشؤون الآثار بمصر، تتويجا لكفاح الشعب السويسي، فهو يسرد تاريخ المدينة الواقعة عند الطرف الشمالي لخليج السويس، وهو ما ساهم في دور لها في تاريخ هذه المنطقة على مر العصور، حيث تتلاقى عندها تجارة الشرق والغرب نظرا لسهولة ويسر الاتصال المباشر بينها وبين القاهرة.. إلى جانب كونه بديلا عن المتحف القديم الذي نقلت جميع القطع الأثرية التي كانت معروضة به إلى مخازن المتحف المصري بالقاهرة. ويوضح حواس أن المتحف يتناول تاريخ المدينة عبر العصور المختلفة، وذلك بدءا من تاريخ السويس من خلال قناة «سيزوستريس» التي شيدت خلال عصر الملك «سنوسرت الثالث» (1878-1840 ق.م)، وهي القناة التي ربطت البحرين الأحمر والمتوسط عبر نهر النيل. ولارتباط هذه القناة بتاريخ السويس، فقد خصص لها المتحف قاعة مستقلة، بجانب قاعات الملاحة والتجارة والتعدين والمحمل وقناة السويس. الدكتور محمود مبروك، المسؤول عن التنسيق المتحفي داخل المتحف، يحدد سيناريو العرض في هذه القاعة بقوله: «يتم عرض قطع أثرية وتماثيل لملوك الفراعنة الذين ساهموا في إنشاء هذه القناة والحفاظ عليها وصيانتها طوال العصور، وكذلك خلال العصرين اليوناني والروماني، وصولا إلى دخول الإسلام إلى أرض مصر مع عمرو بن العاص (20هـ - 640م)، أبرزها تمثال للملك (سنوسرت الثالث) جالسا، وهو الفرعون الذي فكر في شق القناة». تبلغ مساحة الطابق الأول بالمتحف 2500 متر مربع، ويضم قاعة كبار الزوار وقاعة محاضرات تتسع لنحو مائة فرد وقاعة كبيرة للعرض المتغير، ثم الجانب الآخر وتقع فيه مكاتب الإدارة وغرفة المراقبة والمخزن وأقسام الترميم والتصوير والأمن. أما الطابق العلوي فيضم قاعات العرض الرئيسية وهي ست قاعات، فيما تضم القائمة المكشوفة بين الطابقين الأول والثاني عرضا متحفيا لمجموعة من القطع الأثرية التي ترجع إلى العصرين اليوناني والروماني. ويهدف المتحف إلى عرض العديد من القطع الأثرية التي تركز على تاريخ منطقة السويس من خلال مجموعة من الآثار المكتشفة بالمحافظة، منها رأس لتمثال الملكة «حتشبسوت» صاحبة الرحلات البحرية إلى بلاد «بونت» (الصومال حاليا)، بجانب مجموعة من الكتل الحجرية تكون نقشا فريدا للمعبود «حابي» رمز النيل، وهو النقش الذي تم الكشف عنه بمنطقة أولاد موسى، ويعتبره الآثاريون دليلا على وصول النيل إلى هذه المنطقة قديما. الزائر للمتحف سيجد قاعة للملاحة وأخرى للتجارة، يعرض فيهما أنواع المراكب المختلفة بمصر القديمة، ونقوش صخرية للمراكب، ونماذج لمراكب خشبية وتماثيل بحارة، ولوحه للملك «مرنبتاح» (1213-1203 ق.م) من ملوك الأسرة التاسعة عشرة (1295-1186 ق.م)، الذي تولى العرش بعد أبيه الملك «رمسيس الثاني» (1279-1213 ق.م)، ويظهر وهو يدافع عن السواحل المصرية ضد شعوب البحر، علاوة على مجموعة من الأواني الفخارية المحلية والمستوردة من مناطق خارج حدود مصر. كذلك يلاحظ الزائر للمتحف أن أهم قاعاته هي «قاعة المحمل»، التي تحكي تاريخ السويس باعتبارها أهم المحطات التي ينطلق منها الحجيج إلى الأراضي المقدسة، ومنها كان يخرج موكب الحجيج والمحمل الذي توضع عليه كسوة الكعبة المشرفة بعد تصنيعها في القاهرة بدار الكسوة، إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة. ويعرض بهذه القاعة ثلاث قطع من كسوة الكعبة، منها ستارة باب التوبة ونموذج للمحمل وخطابات الحجيج بقلعة عجرود، وأسقف ومشربيات من الخشب ومجموعة من الخزف والمشكاوات الزجاجية والنسيج. كما يضم المتحف قاعة للتعدين توضح الإنجازات الحضارية والصناعية التي اعتمدت على التعدين في مصر منذ عصور ما قبل الأسرات الفرعونية وحتى العصور الإسلامية، بهدف إبراز الأنشطة التعدينية المختلفة بالسويس مثل استخراج المعادن من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد، والأحجار الكريمة مثل الفيروز والزمرد والعقيق وغيرها، وهي من القاعات الفريدة في المتاحف المصرية. كما يعرض بذات القاعة نماذج لأواني صهر وصب المعادن ونماذج لأواني من البرونز وتماثيل لمعبودات مصرية قديمة من الفيانس (خزف القيشاني) والأحجار وحلي وعقود وأساور وأسلحة. وتأخذ الزائر للمتحف الدهشة بمشاهدته لروائع آثار العصرين اليوناني والروماني والحقبة المسيحية، بجانب بعض الوثائق والصور الزيتية لكل من الخديو سعيد الذي أصدر مرسوم امتياز حفر قناة السويس، والخديو إسماعيل الذي قام بافتتاحها، وميدالية عليها وجه المهندس الفرنسي «فرديناند ديليسيبس» مشرف مشروع حفر قناة السويس، والعربة الملكية الخاصة بافتتاح القناة، إضافة إلى مجموعة من الميداليات البرونزية والذهبية التي صدرت بمناسبة افتتاح القناة، ومجموعة الأوسمة والنياشين التي منحت عند الافتتاح. ويختتم الزائر جولته في المتحف بالحديقة المتحفية المفتوحة، التي تعرض أربع قطع رئيسية، أهمها نموذج حديث لمركب مماثل للمراكب التي كانت سائدة في عهد الملكة «حتشبسوت» والتي استخدمتها في التجارة عبر البحر الأحمر والوصول إلى بلاد «بونت» على الساحل الشرقي للبحر الأحمر منذ ما يقرب من 3500 سنة تقريبا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل