المحتوى الرئيسى

لم يكن رجسًا ولم يصنعه شيطان

05/16 08:45

بقلم: أميمة كمال 16 مايو 2011 08:30:58 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; لم يكن رجسًا ولم يصنعه شيطان  امتلكت هذه السيدة قدرا من الشجاعة افتقدها رجال كثيرون فى العهد البائد فقد حملت على عاتقها الكشف عن جريمة لا تقل عن الجرائم المتهم بها حاليا د.أحمد نظيف رئيس الوزراء السابق. ولعلها جريمة تتضاءل أمامها تهمة اللوحات المعدنية التى يحاكم بسببها الآن، ولكن لم يلتفت إليها أحد قبل ثورة 25 يناير. إلا أن السيدة سمية جاد أمين، والتى تعمل مهندسة فى الشركة المصرية للورش (الترسانة) بإمبابة، كانت هى الوحيدة التى اعترضت على قرار لرئيس الوزراء السابق، فى عز مجده، يقضى بمنح كل من بنكى الأهلى ومصر أراضى تبلغ مساحتها مليون متر مربع تابعة لـ36 شركة من شركات القطاع العام بدون مزاد. وذلك من أجل تسديد مديونيات الشركات العامة لهذين البنكين. أى أن رئيس الوزراء ببساطة شديدة دون أن يرجف له جفن أحب أن يجمل نظامه ويتباهى أمام الجميع بأنه تخلص من مديونيات القطاع العام فقام بإجبار بعض الشركات التى ليس عليها أية مديونية للبنوك بتقديم جانب كبير من أراضيها لصالح البنكين (الأهلى ومصر) دون أى حق. والأدهى من ذلك أن القرار اللعين الذى يحمل رقم (3149) لعام 2009 لم يعط هذه الشركات الحق فى بيع الأراضى بالمزاد العلنى كما يقضى قانون المزايدات والمناقصات. ذلك القانون الذى ينظم التصرف فى أراضى الدولة ويجعل أى تصرف فى أصل من الأصول العامة لابد أن يتم عن طريق المزاد العلنى. ولكن القرار أجبر الشركات على تسليم الأراضى للبنوك نظير المديونية. ولا أشك فى أن لعنة القرار سوف تلحق بمن أصدره، وبمن مرره، وبمن نفذه، وسوف تأتى على من صمت عليه أيضا. فلا أعرف أى ضمائر هذه التى سمحت بتمرير قرار ينص على نقل ملكية قائمة طويلة من أجود الأراضى فى بر مصر إلى البنوك بدلا من أن تكسب فيها الشركات المدينة الملايين حتى بعد تسديد المديونيات، وتحافظ الشركات غير المديونة على أراضيها دون أن تتعرض لأى أزمات من جراء البيع القسرى. ولا أعرف كيف هان على المسئولين الذين تولوا تنفيذ القرار أن يضحوا بمليون متر مربع بدون بيع بالمزاد. يعنى لو كان هان عليهم تسليم أرض شركة طنطا للزيوت فى الغربية كانوا تمهلوا عند بيع ارض بلازا بأسوان. ولو كانوا استهانوا بأراضى شركات المضارب فكانوا تريثوا عن بيع أراض تابعة لشركات الغزل والنسيج فى المحلة الكبرى. وإذا لم تعز عليهم أراضى شركة مجمعات الإسكندرية على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى، وأراضى شركة الملح والصودا فى منطقة العامرية، فكانوا أعادوا التفكير ثانية عند التضحية بتسليم اراض للبنك فى منطقة رمل الإسكندرية، أو على طريق حلوان الزراعى بالمعادى، أو شارع الهرم بدلا من بيعها بالمزاد وبالتالى الحصول على أكبر عائد. والمصيبة أن رئيس الوزراء عندما أصدر هذا القرار الجائر الذى يضيع على شركات القطاع العام مليارات الجنيهات لم يشغله كثيرا أن بعض هذه الأراضى، التى حكم عليها بالتسليم قسرا، لم تكن شاغرة بل كان عليها مبان، يعمل بداخلها بشر. ولكن ما أهمية هذه الملايين التى دفعت فى المبانى، وما جدوى البشر مع هذا الرجل وأمثاله من رموز النظام الراحل؟ فقد استخفوا بالملايين، واستهانوا بالبشر.ولكن المهندسة سمية لم تستخف، ولم تستهن لا بالملايين ولا بالبشر، لأنه عندما جاء المسئولون ببنك مصر لاستلام التركة عفوا إستلام 107 آلاف متر من أراضى الشركة التى تعمل بها وهى شركة الترسانة بإمبابة عظم عليها الأمر على خلاف رؤسائها. لأن الأرض كان عليها مبنى مكون من أربعة أدوار ويعمل بداخله 600 موظف، وهناك مسجد، وعنابر، وورش تشغيل، وجراج، ومخازن وقد تم البدء فى هدم المبنى بالفعل، والأفظع من هذا أنه تم البدء فى بناء مبنى إدارى مؤقت بدلا منه. وطبعا كل هذا من أجل تنفيذ القرار اللعين لرئيس الوزراء الملعون. وشر البلية، الذى لم يعد يضحك أحدا الآن، أن الشركة غير مديونة لأى بنك لا مصر ولا غيره، فكيف يوافق المسئولون على التضحية بهدم مبان وبناء أخرى دون أن يرفع أحد صوته بالصراخ على هذا العبث؟ولذلك لم تتوان هذه السيدة عن التقدم للنائب العام ببلاغ تتهم فيه الفاعلين عمدا والصامتين فعلا عن قول الحق فى هذه القضية الخطيرة بدءا من د. نظيف، ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، ورئيس شركة الترسانة وأعضاء مجلس الإدارة، بالعمل على تجريد شركات القطاع العام من أصولها حتى تصبح عاجزة ثم بيعها بابخس الأسعار. والحقيقة أنه يصدق تماما على هذه القضية ما قاله المستشار حمدى ياسين عكاشة، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة الذى قضى ببطلان عقد عمر أفندى، عندما وصف ما فعله المسئولون عن البيع بأنهم تعاملوا مع القطاع العام كأنه رجس من عمل الشيطان، لابد من التخلص منه. والله لم يكن رجسا، وأكيد لم يبنه شيطان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل