المحتوى الرئيسى

ريشة أمام كل بيت

05/16 08:10

غضب فلاح من صديقه فقذفه بكلمة جارحة. ثم عاد إلى داره، وبعدما هدأ ندم على ما قال. فهب من فوره واعتذر لصديقه، وتقبل الصديق اعتذاره. لكن الفلاح لم يسامح نفسه، فذهب إلى حكيم القرية وقال: «أيها الحكيم، أود أن تستريح نفسى، فلست أصدق أن كلمة كتلك خرجت من فمى!» قال له الحكيم: إن أردت أن تستريح فاملأ جعبتك بريش الطير، واعبر على كل بيوت القرية، وضع ريشة أمام كل بيت. نفذ الفلاح ما قيل له، ثم عاد إلى الحكيم مستبشراً. قال له الحكيم: الآن عد واجمع الريش من أمام الأبواب. عاد الفلاح فوجد الرياح قد حملت الريش وذهبت، ولم يتبق إلا القليل من الريش، فعاد حزيناً. عندئذ قال له الحكيم: كل كلمة تنطق بها أشبه بريشة تضعها أمام بيت أخيك، ما أسهل أن تفعل هذا! ولكن ما أصعب أن ترد الكلمات إلى فمك. عليك إذن أن تمسك لسانك، أو الآن تجمع الريش كله. ثمة رجل، أصبح أشهر من شخوص الإنترنت! لكن شهرته للأسف جاءت من الظلام لا من النور. يحمل سمت السلفيين، بجلبابهم الأبيض، ولحاهم المشعثة، وزبيبة الصلاة بعرض الجبهة، وما هو بسلفى! السلفى، الذى يتمثل أخلاق السلف وسلوكهم لا يسب الناس ولا يروع الآمنين ولا يحرق دور العبادة! كيف لسلفى ألا يتمثل أخلاق الرسول فى مراقبة لسانه فى كل كلمة يتفوه بها، قد تشعل النار فى الدور الآمنة، وتحرق قلوب الناس حزناً وفرقاً؟! كيف لا يتمثل سلوك الرسول حين غاب اليهودى الذى دأب على إيذائه كل نهار، فافتقده الرسول وراح يسأل عنه، لئلا يكون مكروه قد أصابه؟ وكيف لا يحاكى أخلاق السامرى الصالح حين ساعد عدواً له؟!  لكن هذا سمح لنفسه أن يسب أقباط مصر، ورمزاً دينياً يعتز به المصريون، مسلمين ومسيحيين، كونه رأس الكرازة المرقسية بالإسكندرية، أعرق كراسى البابوية فى العالم! ثم قال بالحرف: «مانبقاش رجالة لو ما ولعنا كل كنايس إمبابة»! كان وراءه نفر يشبهونه، عمل على تعبئتهم وتهييج مشاعرهم بكلام مسموم مقزز. لكن، والحمد لله، لم يرق كلام هذا الرجل لمسلم واحد، بدليل كم الانتقادات المهول من قبل المسلمين قبل المسيحيين. هذا هو وعى الشعب المصرى الرفيع الذى نراهن عليه، والذى لن يخذلنا أبداً إن شاء الله. قال الرجل كلاماً كثيراً حول امتلاء الكنائس بالأسلحة! وتلك أحد تجليات التصريحات المريرة التى أكدها د. سليم العوا، فسببت لمصر كوارث وأحداثاً مؤسفة، ما كان أحوجنا إلى تجنبها. لكن د. العوا عاد وتراجع عن تصريحاته، لكن بعد اشتعال النيران. تماماً مثلما تراجع هذا الرجل عن وعيده وتهديداته قائلاً بالحرف: «أشيع عنى أننى أدعو لحرق الكنائس بإمبابة! كيف يقول هذا سلفى تربى على السلفية وقد نهانا النبى عن قتل نفس واحدة؟» هكذا ببساطة؟! يا عزيزى الكلمة التى تخرج من الفم لا تعود! والكذب حرام! إشعال البلدان بالفتن سهل فيما يبدو، لكن استرجاع السفه الذى يخرج من أفواهنا ليس بالسهولة التى يظنها الناس. هكذا يتراجع مشعلو الفتن عن أقوالهم فى لحظة بعدما يؤججون النيران! تماماً مثلما عاد «الشيخ» حسين يعقوب عن أقواله فى «غزوة الصناديق» قائلاً إنه كان يمزح! يا هذا ويا ذاك، مصر الآن تحاول أن تتعافى من جراحها، وليست مؤهلة، صحياً ولا نفسياً، لتحمل مثل تلك المزاحات الثقيلة والأكاذيب السخيفة. لن تسامحكم مصر، ولا التاريخ، وقبلهما، لن يسامحكم الله، القائل فى كتابه: «كبرت كلمةً تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذباً»، وأقول مع الشيخ المستنير د. أسامة القوصى: «اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا»! [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل